يمن جديد ... موت أفضل
بقلم/ ريما الشامي
نشر منذ: 16 سنة و 5 أشهر و 21 يوماً
الجمعة 05 أكتوبر-تشرين الأول 2007 02:47 م

مأرب برس – خاص

" ستة أيام وانا أبحث عن قيمة كيس دقيق ، الموت ولا الهيانة" أخر كلمات نطقت بها العجوز تميم القباطي البالغة من العمر 71 عاما بعد أن عجزت عن توفير قيمة كيس دقيق لأفراد أسرتها ولم تجد أمامها من خيار الا " الموت أو الهيانة " هي أحد ضحايا الملايين من هذا الشعب الذين يعيشون اليمن الجديد والمستقبل الأفضل جوعا وفقرا ومرضا ، نميم القباطي باعت دجاجاتها مصدر رزقها و اس تلمت ثمنها 1700 ريال فقط ولكن هذا المبلغ لم تستطيع أن تشتري به كيس دقيق تجاوز سعره 6000 ريال اذن فماذا بقي من معنى لهذه الحياة على وجه هذ الأرض عندما يحكم على شعب بأكمله أن يموت جوعا أليس هناك من خيار غير ( الموت أو الهيانة )

سنة كاملة مضت من عمر اليمن الجديد والمستقبل الأفضل وهو برنامج الرئيس صالح الذي نال بموجبه ثقة شعبه لا كمال 36 سنة في الحكم مقابل الوفاء بالتزامات برنامجه ووعوده بتحسين مستوى معيشة الشعب ومكافحة الفساد والقضاء على الفقر والبطالة في سنتين فلماذا اذن تحول اليمن الجديد الى كذبة كبيرة و تجويع الناس و نهب للقمة عيشهم و أخيرا خداعهم بتعديلات دستورية من أجل أن تمنح الرئيس صالح فترة دورتين اضافيتين و10 سنوات جديدة تؤيده في الحكم في استساخ مكرور لتعديلات 2001.

لماذا لم تصدق معنا أيها الرئيس ؟

الأسئلة التي تطرح نفسها بعد مرور عام من الوعود ب ( يمن جديد . . مستقبل أفضل ) :

هل الجوع هو اليمن الجديد والمستقبل الأفضل ؟

وهل حقا يعيش اليمنيون اليوم يعيشون مرحلة اليمن الجديد والمستقبل الأفضل وقد تجاوز سعر الكيس الدقيق 6000 ريال ؟

أليست هناك من خيارات امام هذا الشعب الضحية للتخلص من اليمن الجديد والمستقبل الأفضل غير الموت او الهيانة ؟

اليس هناك من بارقة أمل امام اليمنيين غير الموت جوعا في وطنهم أو برصاصات العسكر الذين لا حول لهم ولا قوة او النزوح الجماعي وطلب حق اللجوء الانساني في بقية بلاد الله كما فعل أهل الجوف ؟

ليس بمقدور أحدا أن يعطي اجابات لما سبق فضلا عن تقييم لمدى جدية الرئيس صالح ومصداقيته من عدمها فيما وعد به شعبه بأنه سوف يكون هناك : ( يمن جديد . . . مستقبل أفضل ) غير سكان هذه البلاد الذين عاشوا سنة أولى من : ( يمن جديد . . . مستقبل أفضل )

لن نقول أن الجوع والحروب والفساد هما سمات ميزت السنة الأولى من عمر اليمن الجديد والمستقبل الأفضل لكن هذا الشعب الذي يعيش اليمن الجديد هو الذي يحكم ويقيم ويقرر

ولا يستطيع أحدا كذلك أن يقول بأن وعود صالح لمواطنيه بيمن جديد ومستقبل أفضل كانت أكبر كذبة في التأريخ يمكن ان يقترفها حاكم على شعب يبلغ تعداده 22 مليون نسمة غير أن ذلك تقرره ملايين هذا الشعب الذين يعيشون اليوم مرحلة اليمن الجديد ان ما كانوا يريدون مواصلة المشوار نحو المستقبل الأفضل أو العودة الى اليمن القديم وفي النهاية الرئيس صالح له القرار الفصل في مواصلة يمنه الجديد بهذه الطريقة التي يعشها شعبه اليوم أو كيفما يريد.

انما حال وطننا اليوم تجعل المرء يبكي دما الى ما صرنا اليه في ظل حكم فردي يرى أهم ضمانات بقائه في السلطة وتفرده في الحكم في تجويع شعبه وافقاره واشاعة الفوضى ونشر الفساد وشن الحروب الداخلية وتعميمها في كافة انحاء الوطن وكل ذلك لأجل ان يبقى الشعب تحت خطوط الفقر والجوع يصارع لقمة العيش وكيس القمح ويعاني الجهل والتخلف مما يوفر بيئة حاضنة للاستبداد والطغاة مشاريع توريث الحكم.

بداية الأمر دشن الرئيس صالح برنامجه ( يمن جديد . . . مستقبل أفضل ) مباشرة عقب انتخابات سبتمبر 2006 باستكمال الفصل الرابع من حرب صعدة العبثية في أقصى شمال الوطن ثم نقل ساحة الصراع الى الجنوب لمواجهة الاحتجاجات السلمية والغضب الشعبي المطالب بالحقوق بواسطة الجيش والرصاصات الحية في صدور المتظاهرين العزل الذين خرجوا يطالبون بوقف نهب ثروات الجنوب وأرضه ووضع حد للفوضى والحرب وسياستها التدميرية التي تضرب روابط الوحدة والوطنية والسلم الاجتماعي واستقرار البلد منذ 13 سنة.

الجوع والفقر هما السمتان الرئيسيتان البارزتان اللتان ميزتا السنة الأولى من عمر ( يمن جديد .. مستقبل أفضل ) تردت فيها احوال الناس المعيشية المتردية أصلا ووصلت الى حدود كارثية لا تطاق في وسط شعب يعيش أكثر من ثلثيه الى ماقبل اليمن الجديد تحت خط الفقر وبمتوسط دخل للفرد يقل عن واحد دولار وما يدعو للغرابة اكثر هو اطلاق أيدي المفسدين في النهب واعتماد الرئيس صالح المزيد من سياسات التجويع والافقار لتنفيذ برنامجه ضاربا عرض الحائط بمحتويات ووعود برنامجه الأصلي ( يمن جديد . . مستقبل أفضل ).

لقد وصل الحال بوطننا الى نهب لقمة العيش من أفواه الملايين وصار هم الإنسان اليمني في ظل اليمن الجديد ومنتهى امله أن يستطيع توفير قيمة كيس قمح وأرز وسكر لأفراد أسرته وهذه المعانة كلها فرضت قسرا لأجل ان ينشغل الشعب بلقمة عيشه ويعيش حياته يصارع الجوع والفقر بدلا عن التفكير في شئون البلد او النظر في مسألة توريث صالح لنجله واسرته للحكم فضلا عن المطالبة بالحفاظ على النظام الجمهوري بدلا عن الحكم الفردي الأسري

شراكة تجارية : مسؤلون وتجار

الشعب يعيش اليوم مجاعة جماعية عدا فئة صغية لا تتعدى ال 2% هي التي تستأثر بمقدرات البلاد وتحتكر أقوات الناس وتنهب لقمة عيشهم تسندها شراكة تجارية قائمة مع أعمدة حكم الرئيس وأركان سلطته تنظمها علاقة قائمة على أساس الشراكة في تجويع الشعب وتنفيذ سياسات الفساد واحتكار اقتصاد البلاد في أيدي القيادات العليا في الدولة ، و رغم ان الدستور يحرم الجمع بين الوظيفة العامة وممارسة التجارة الا أن هذا كلام نظري ونص دستوري مجرد لا يسنده واقع سلطة رئيسها يجمع بين يديه حسب قيادات حزبه الأموال والشركات التجارية بدلا عن مسؤولياته الدستورية وكذلك تحول مسئوليها الى تجار يستخدمون مراكزهم الوظيفية في الدولة للنهب والاثراء الحرام وحماية ممارسات الاحتكار والاتجاه للسيطرة على مختلف القطاعات الاقتصادية خاصة بعد مؤشرات نضوب النفط الذي يعتبر المورد الأساسي لتغذية مصالح الفساد .

يمن جديد . . . مستقبل أفضل : الصورة مقلوبة

لا ندري أن كان الرئيس صالح أخطأ في تحديد الاتجاه أم أن بوصلته هي التي أخطأت تحديد اتجاه تنفيذ برنامجه : ( يمن جديد ... مستقبل أفضل ) وانحرفت به بالاتجاه المعاكس لمحتوياته ووعوده ، اذن فليقلب الرئيس الخارطة ولا يراهن على أن ذاكرة شعبه ضعيفة ولا تأبه لوعوده التي قطعها سابقا أثناء حملته الانتخابية قبيل سبتمبر 2006 لأن ذاكرة الشعب هي بطنه الخاوية والمحرومة من لقمة عيش تسد جوعها ، وعلى الرئيس صالح اعادة التفكير الف مرة قبل المضي في مزيد من سياسات خاطئة ترى ان بقاء الحاكم للأبد في السلطة وتوريثها لنجله من بعده لا يتم الا عن طريق : ( جوع شعبك يتبعك ) لان الجوع كافر وتجاوزت حدوده طاقة احتمال الشعب ولم يعد في استمرار الرئيس صالح في تغذية مراكز الفساد ورعاية مصالحه من المال العام أية مصلحة يمكن ان يجنيها وما عليه الا ان يكون عندها مستعدا لتقبل مصيره أيا كان شكله في مواجهة شعب جائع منهوب لا يجد لقمة عيشه

الجوعى والمظلومين الذين خرجوا يتظاهرون ضد سياسات الإفقار والتجويع ليسوا مخربين أو حاقدين على الوطن كما يراهم صالح ولكنهم ضحايا نظام حكمه و سياساته الفاسدة التي أحالت حياة الناس الى جحيم فقر وجوع و ظلم وظغيان وكان من المفترض على صالح ان يستمع لانات الجوعى وصراخ المظلومين بدلا عن ان يواجههم بالقوة والبطش والرصاصات الحية وكان سيرى أن سقف مطالبهم تتلخص في إعادة اليمن القديم فقط ومعه اعادة رغيف الخبز الى حجمه الطبيعي وسعره المقدور عليه وليس من قبيل رفض توريث الحكم أو حتى ليس المطالبة بيمن جديد ومستقبل أفضل كما جاء في النسخة الأصلية للبرنامج .

يمن جديد بدلا عن المناورات وصناعة الازمات

ليس أمام صالح من خيار غير اعادة قراءة سطور برنامجه ( يمن جديد . . مستقبل أفضل ) وتنفيذه كما هو وليس بصورة عكسية لان حبل الكذب قصير جدا ونتائجه كارثية وسنة اولى من عمر اليمن الجديد كشفت الأكاذيب وعرت زيف الوعود ولا يجدر الاستمرار بالكذب على الشعب الى مالا نهاية لان الجوع كافر ومعاناة الناس لم تعد في حدود الاحتمال والقمع واستخدام الجيش ليس حلا لمواجهة ضحايا سياسات الفساد ولان الرصاصات الحية في بطون الجوعى لاتشبعهم والمعتقلات وتعذيب النوبة وباعوم وقادة النضال السلمي لن يثني الناس عن مطالبهم الحقة في حياة حرة كريمة بدون تسلط وفساد ونهب واستبداد .

ولم يعد مجديا هروب الرئيس صالح من تنفيذ برنامجه (يمن جديد . . . مستقبل أفضل ) والتنصل من استحقاقاته للشعب باللجوء الى صناعة ازمات جديدة أو الفرار الى تكتيكات عقيمة مكروروة ومناورات منتهية الصلاحية كالمبادرة التي اعلنها لتمديد فترة حكمه دورتين اضافيتيت فالشعب لم يعد يحتمل كذبا اضافيا لان الحياة تساوت لديه مع الموت جوعا وفقرا أو قتلا برصاصات العسكر ولم يعد هناك من خيار غير ما اعلنته العجوز تميم ( الموت ولا الهيانة ).

اللجوء الى المعسكرات وتحريض الجيش ضد الشعب كذلك لم يعد مجديا ولن ينجح في اقحام القوات المسلحة في خندق الدفاع عن سياسات الفساد والاستبداد التي أوصلت الوطن الى الهاوية لأن هذا الأسلوب قديما مكرورا أيضا يلجأ الرئيس اليه كلما ساءت أحوال الناس بهدف توجيه رسالة تلويح للشعب باستخدام القوة والبطش لقمع مطالبه العادلة في عيش كريم ، والجيش معاناته من معاناة أهله، ولقمة العيش المنهوبة من افواه هذا الشعب المطحون يشترك فيها الجيش والشعب معا وأسلوب انزال الجيش الى الشوارع لمواجهة وقمع اخوانهم المتظاهرين المظلومين والجوعى لم يعطي أية نتائج ايجابية سوى التأكيدعلى دموية حكم فردي يعيش النزع الأخير من حياته .

اسلوب التفريخ والاستنساخات للاحزاب ومنظمات المجتمع المدني أسلوب فاشل بامتياز ومع ذلك تم استخدامه من أجل التقليل من شان المعاناة الشعبية الناجمة عن استفحال سياسات الفساد والتجويع ، ولم تلق المظاهرات الديكورية المفرخة لمنع حمل السلاح أي أثر في الشارع الذي يغلي رفضا للفساد والاستبداد ولان كذلك عبد القادر باجمال أمين عام الحزب الحاكم وعد بحرب أهلية قادمة بواسطة ميليشيات حزبية سيعيد تسليحها من الأسلحة المجمعة من حملة منع السلاح . . . . واللهم لا شماته
 

 

مؤخرا عاد الرئيس لتكتيكاته المعتادة ولعبة مفضلة لديه لتضليل الناس والهاء القوى السياسية عن القضايا الحقيقية في البلد ومعاناة الناس وقدم مناورته القديمة – الجدية المسماة ( الحوار ) الذي حوله الى مجرد لعبة وبعدها اطلق مبادرته الجديدة لتعديلات دستورية يطالب فيها بحكم رئاسي هو قائم اصلا منذ 30 عاما بينما الهدف الجوهري من وراء التعديلات هو اعتماد دورتين رئاسيتين جديدتين ب 10 سنوات تبدأن من تأريخ اقرارالتعديلات في استنساخ مكرورو لسيناريو تعديلات 2001 ، غير أن أوضاع البلاد وما وصلت اليه الحياة العامة من فوضى ونهب وتفشي الفساد ويأس لدى الناس وفقدان أمل بحياة منهوبة منها لقمة العيش تجعل المرء يفضل الموت عن حياة مهانة لم تعد تحتمل السياسات التي ظل يستخدمها صالح طوال 30 عاما من صناعة ازمات وتكتيكات عقيمة لأن كل هذه الأساليب المتخلفة مكشوفة ولا يلقي لها الشعب بالا ويجدر بالرئيس صالح ان يكف عن كل هذه السياسات الفاشلة يتركها جانبا وأن يلتفت الى حال مواطنيه ومعاناة شعبه خاصة وأن لديه برنامج ملتزما به لشعبه قانونا واخلاق بتنفيذه بدلا عن الكذب .

فهل يا ترى ( يمن جديد . . . مستقبل أفضل ) سيرى النور ؟ ام ان هذا هو اليمن الجديد ؟