آخر الاخبار

رئيس مقاومة صنعاء الشيخ منصور الحنق يوجه مطالب عاجلة للمجلس الرئاسي بخصوص جرحى الجيش الوطني .. والمقاومة تكرم 500 جريح تفاصيل يوم دامي على الحوثيين في الضالع وجثث قتلاهم لاتزال مرمية.. مصادر تروي ما حدث في باب غلق بمنطقة العود اليمن تبتعث ثلاثة من الحفاظ لتمثيل اليمن في المسابقة الدولية لحفظ القرآن الكريم وتلاوته بجيبوتي قصة موت جديدة تخرج من سجون الحوثيين.. مختطف في ذمار يموت تحت التعذيب ومنظمة حقوقية تنشر التفاصيل واحصائية صادمة حملة إلكترونية لإحياء أربعينية مدير دائرة التصنيع الحربي اللواء مهندس حسن بن جلال تعطل كافة أنظمة السداد الالكتروني شركة الاتصالات اليمنية تليمن ويمن نت.. تفاصيل الاسباب قائد الأسطول الأمريكي يتحدث عن السبب الذي يجعل موعد انجاز مهمة القضاء على خطر الحوثيين بالبحر الأحمر غير معروفا حتى الآن؟ القيادي الحوثي يوسف المداني يعترف : كل عمليات التفجير لمنازل خصوم المسيرة تتم بتوجيهات عبدالملك الحوثي وهو من يحدد موعد التفجير- فيديو بخسارته من الإمارات 3-0.. هل تضاءلت فرص المنتخب اليمني في المنافسة؟ الحكومة تعد لمشروع لائحة جديدة تنظم أوزان نقل البضائع على الشاحنات

رُبَّ جرعةٍ نافعة!
بقلم/ نبيل سبيع
نشر منذ: 9 سنوات و 6 أشهر و 25 يوماً
الإثنين 01 سبتمبر-أيلول 2014 04:51 م

لا غبار على ما يقوله عبدالملك الحوثي، الغبار كله على ما يفعله.

كل ما يقوله بشأن الرئيس والحكومة والقوى السياسية في صنعاء صحيح، وأبصم على كلامه بالعشر وبراحة يدي أيضاً: إنها منظومة حكم فاسدة وفاشلة تستهدف إفقار الشعب اليمني ولا تراعي فيه شيئاً، نتفق معه في هذا. والحوثيون جزء من الشعب اليمني فعلاً كما يقول، ومن حقهم أن يعتصموا ويثوروا ضد سياسات الجُرَع والافقار بطرق سلمية ومشروعة، نتفق معه في هذا. ونتفق معه أيضاً على أن من حقهم تبني قضايا الشعب والفقراء والمستضعفين، فهذا ما يفترض بالقوى السياسية أن تفعله. وحين لم تفعله القوى السياسية وفعلته جماعة الحوثي، كان موقفاً يحسب لها ولا تدان عليه. لكنْ، كيف أدارتْ جماعته قضية إسقاط الجرعة حتى الآن؟

هذا ما لا نتفق مع الحوثي فيه.

لن ندخل في بحر التفاصيل..

رُبَّ جرعةٍ نافعة، ربما يقول لسان حال الحوثي هذه الأيام. فقد حقق جملة من المكاسب السياسية حتى الآن من وراء تبنيه لقضية الشعب اليمني المتمثلة في إسقاط الجرعة:

مثلاً، ارتفع سقف الشراكة التي يطالب بها من عدة مقاعد في الحكومة الى الشراكة في القرار السياسي. وهذا ارتفاع غير مسبوق في سقف مطالب الحركة الدينية المسلحة التي تبسط نفوذها على عدد من المحافظات الشمالية وتقاتل في البقية من أجل توسيع نفوذها اليها. وهو في الوقت ذاته يقوض "النكتة" القائلة إن الحوثي انحاز للشعب وتبنى قضية اسقاط الجرعة لوجه الله والشعب.

لكنْ، وماذا فيها؟! قد يقول أحدهم..

أوكي، مش مشكلة، لنقل إن من حقهم ذلك رغم ملاحظاتنا الكثيرة على "الشراكة في القرار السياسي" والطريقة التي ستتحقق بها وتجري من خلالها هذه الشراكة. لكنْ، لا يحق للحوثي الاستمرار في القول إن جماعته لا تسعى لتحقيق أي مكاسب "خاصة" بها، ولا يحق لأنصاره الاستمرار في تقديم جماعتهم كـ"جماعة خيرية"!

إنها جماعة تسعى للسلطة، وتستخدم أي قضية من أجل تحقيق هذا الهدف، وهذا أمر قد يراه البعض "طموحاً مشروعاً"، وهو كذلك في نظري طالما التزمت الجماعة بالطرق والوسائل "المشروعة". غير أن خارطة "اعتصاماتها" تقول لنا أمراً آخر:

رتّب الحوثي خارطة اعتصاماته المطالبة بإسقاط الجرعة والحكومة داخل وخارج صنعاء كخارطة عسكرية بحتة لا تقول لك إنك أمام سيناريو "إسقاط جرعة" أو حتى "إسقاط حكومة" بل أمام سيناريو "إسقاط دولة" بالكامل مع عاصمتها.

داخل العاصمة، أختار طريق المطار وأقام اعتصامه الرئيسي هناك أمام وزارتي الداخلية والكهرباء ومصالح حكومية أخرى. هل يعتزم إسقاط هذه الوزارات؟ أياً تكن الإجابة، فهذا ليس المهم. المهم هو المطار وقاعدة الديلمي العسكرية، هذا هو الهدف الاستراتيجي "المزعج" لاختيار شارع المطار كما يبدو لأبسط تفكير، ولا أحد يدري شيئاً عن طبيعة الخطوات "الأكثر إزعاجاً" التي لوح عبدالملك الحوثي باتخاذها في المرحلة الثالثة؟ هل الاستيلاء على المطار مثلاً من بينها؟ أستيعد مثل هذا السيناريو، لكنْ إنْ اندلعت مواجهات واسعة فلن يعود هذا السيناريو مستبعداً.

وكيف نستبعده بينما لم تكترث جماعة الحوثي بتقديم نفسها كتهديد للعاصمة صنعاء نفسها؟ فقد حشدتْ مقاتليها ومناصريها من رجال القبائل المسلحين في مخيمات بمداخل العاصمة أحيت ذاكرة "حصار صنعاء" قبل نصف قرن.

عبدالملك الحوثي تحدث أمس عن سكان مناطق محيطة بصنعاء يعتصمون "بشكل سلمي" في مداخل المدينة! لكنّ هذا ليس صحيحاً بالمرة، ومن الاستغفال قول مثل هذا الكلام. فالحضور التنظيمي لجماعة الحوثي في هذه الاعتصامات واضح وجليّ ولا يمكن نكرانه. وإشراف "القائد العسكري" للجماعة أبوعلي الحاكم على هذه "الإعتصامات" منذ البداية، هذا الإشراف بحد ذاته كافٍ لإطلاعنا على طبيعة "السلمية" التي يحدثنا عنها الحوثي وأنصاره.

كما أن الجدال بأن هذه الاعتصامات "سلمية"، وأن "الكلاشينكوف" مجرد سلاح عادي اعتاد رجال القبائل حمله معهم، غير صحيح أيضاً. فحتى لو افترضنا أنه ليس في تلك "الاعتصامات" سوى السلاح الخفيف (الكلاشينكوف)، فإن الاستمرار في القول إنها "اعتصامات سلمية" يغفل أن السلاح الأساسي الذي أعتمد عليه الحوثي منذ بدأت حروبه هو الكلاشينكوف: يخوض به حروبه وخلال القتال يسطو على أسلحة الجيش المتوسطة والثقيلة، هكذا حارب ويحارب الحوثي.

ومع هذا، انسوا أمر اعتصامات مداخل صنعاء! انسوا أمر السلاح الموجود فيها، وانسوا أمر الإشراف الدائم والمباشر عليها من أعلى قيادة عسكرية داخل الجماعة! ولنقلْ بعد الحوثي: نعم، "إعتصاماتكم" في مداخل العاصمة "سلمية"، ويقيمها سكان المناطق المحيطة بصنعاء، ولا غبار على "سلميتها" ولا "نواياها". لكنْ، ماذا عن نقاط التفتيش التي أقمتموها في مداخل العاصمة؟ هل هي نقاط تفتيش سلمية؟ هل أقامها سكان المناطق المحيطة بصنعاء؟

اختيار الحوثي لمواقع "اعتصاماته" في مداخل العاصمة يقول لك إن صنعاء واقعة تحت "الحصار" أو على الأقل مهددة بـ"حصار". ولكنْ، حتى إذا كان حصار الحوثي للعاصمة ما يزال أمراً "مشكوكاً فيه" باعتباره لم يتحول بعد الى "حصار" بمعنى الكلمة (حيث يمنع المحاصرون خروج ودخول الناس وأي شيء من وإلى المدينة)، فهل يعني هذا أن الحوثي لن يجرؤ على تحويله في أية لحظة الى حصار؟

الحوثي جرؤ حتى الآن على ما يمكن اعتباره أخطر من الحصار: أقام نقاط تفتيش أمنية تابعة له على مداخل صنعاء، وبعضها يوحي لك بأنها دائمة، وهي عموماً تفصح عن سيطرته على مداخل العاصمة.

من ارتفاع سقف مطالبه الى الشراكة في القرار السياسي، الى عدم اكتراثه بما قد تبعثه في الذاكرة "إعتصاماته المسلحة" حول صنعاء، الى بسط نفوذه على مداخل العاصمة، الى اختيار مقر اعتصامه الرئيسي داخلها جوار المطار وقاعدة الديلمي العسكرية، هذه وغيرها أمورٌ تفصح عن أن الحوثي قد يقدم على فعل أي شيء.

"إسقاط الجرعة" و"إسقاط الحكومة الفاسدة" هما مطلبا حق لاشك، لكنّ الحوثي تبناهما ورفعهما حتى الآن بطريقة تشير الى أن الهدف من ورائهما إسقاط "الدولة" و"عاصمتها". لقد بدا كما لو أنه كان يتحين فرصة الوصول الى صنعاء ومحاصرتها ومن ثم اسقاطها مع "الدولة"، وكما لو كان لسان حاله يقول:

رُبَّ جرعةٍ خيرٌ من ألف ميعاد!