قبيلة أرحب ... ملحمة البطولة ومدرسة ترويض الإمامة
بقلم/ أحمد عايض
نشر منذ: 7 سنوات و 3 أشهر و 13 يوماً
الثلاثاء 13 ديسمبر-كانون الأول 2016 05:49 م

  عندما نؤرخ للإحزان تصاب أقلامنا برعشة من حزن لا يدركها إلا المكلومين , وعندما نتذكر أي مصاب جلل تنقبض القلوب ألما على فداحة الجراح , لكننا عندما نؤرخ " لمعارك الدفاع عن الكرامة " فإنه فإن فاتورة التضحية ترخص في نفوس فرسان المعركة ,نظرا لقدسية المعركة وحتمية المواجهة مع الباطل .

في هذه السطور العابرة , بعضا من أوراق المؤامرة , وأجزاء من فصول الحقد , وعناوين من مخطط الإنتقام السياسي , ضد قبيلة رفضت الإنحناء للباطل أو التصفيق له . 

تمر بنا اليوم الذكرى الثانية لإقتحام قبيلة أرحب من قبل المليشيات الحوثية , هذه القبيلة التي سجلت فصولا من البطولة وأسفارا من التضحية .

قبيلة أرحب على جبالها سٌطرت ملاحم البطولة وفي أوديتها رسمت ملامح الشموخ وعلى أرضها نحر الباطل وأطفئت مواقد الإمامة , وفي أرجائها رفرف علم الجمهورية اليمنية .

عقود من رفض الإنحناء : 

قبيلة أرحب ... ظلت طيلة عقود الجمهورية يحاكمها المخلوع بتهم الملكية والإمامة , فحرمت من خيرات الثورة الأم من مشاريع وتنمية وظلت قراها التي لا تبعد عن العاصمة صنعاء أقل من نصف ساعة تعاني ويلات الحرمان , وكأنها أرض حلت عليها لعنات الحرمان والتهميش, لا لشيء إلا أنها رفضت أن تصطف في طابور المطبلين .

بعد ثلاثة عقود من حكم المخلوع إندلعت ثورة 11 فبراير من عام 2011 م ,كاشفة معدن هذه القبيلة,وعرف اليمنيون لماذا ظلت محاربة في كل مصالحها , وسقطت تُهم الزور التي كان المخلوع يروجها ضدها .

أحقاد وتصفيات :

تصدرت قبيلة أرحب كأول قبيلة في اليمن مرغت أنوف الحرس العائلي وألحقت به الهزائم تلو الهزائم في مواجهات 2011م عندما منعت هذه القبيلة خروج أكبر ألوية الحرس الجمهوري عددا وعدة إلى جهات كانت تسعى لقمع الثورة في مهدها, فأوعز المخلوع بعد حين لمرتزقته القادمين من كهوف مران أن ينالوا من هذه القبيلة "إذلالا وإهانة " ,فتدفقت فلول الظلام من جبال صعدة ومحافظات اليمن إلى أرحب فكان ما لم يكن بالحسبان .

فكانت تدابير القدر , حيث نجحت هذه القبيلة مرة أخرى في ترويض الحوثيين المعززين بخبراء الحرس الثوري الإيراني وحزب الله , وتلقينهم دروسا بليغة من الهزائم والخسائر في سلسلة من المعارك الضارية لأسابيع طوال .

حتى ضج "وحي الدجال" من جبال مران بإن الوحي قد أوحى إليه في المنام " أن الأمام علي كرم الله وجهه" دعاه إلى عدم قتال قبيلة أرحب" وجاء هذا الإعلان من عبد الملك الحوثي" بعد أن فٌنيت كتائب الحسين وكتائب الموت التي أرسلت إلى أرحب, فأمرهم بالانسحاب " ليسجل التاريخ أن هذه القبيلة هي الوحيدة التي أذلت الحوثيين وألبستهم أردية الهزيمة وقمصان الانكسار.

هذه الضربة التي تلقها المخلوع وحلفائه , إضافة إلى عجزه عن الثأر بلابس الإمامة والسيد ,جعلت من حقده يحشد الحشود مرة أخرى ويسوق فلولها كأنه يقاتل دولة غازية , وليس مجاميع من أفراد قبيلة .

حشد المخلوع الألوية وقوات النخبة والقوات الخاصة وألبسهم ثياب الهمج الحوثيين " وقاد عمليات واسعة من التفجير والتنكيل والقتل والإبادة بحق أبناء قبيلة أرحب, التي فطنت باكرا لخبث نواياه "فأعلنت باكرا إنسحابها من ميدان المواجهة, دون أي مقاومة وحفاظا على ممتلكات القبيلة ورجالها, ونجحت أرحب مجددا في توجيه صفعة للمخلوع حرمته لذة النصر ونشوة التشفي .

رصد وتوثيق:

أكدت عمليات الرصد والتوثيق للمنظمات الدولية والمحلية أن قبيلة أرحب هي القبيلة الأكثر تضررا من حروب الحوثيين والمخلوع , حيث فاق عدد البيوت ومدارس التحفيظ والمرافق العامة التي فجرت أضعاف ما وقع في عدة محافظات يمنية أخرى.

سيظل يوم 13 ديسمبر من كل عام , محطة تتذكر فيها هذه القبيلة وكل أبناء اليمن , دموية هذه العصابات , وحقدها على الأرض والإنسان وعداوتها لكل هامات تحمل قيم الجمهورية والثورة .

بعد كل هذه المواجع مازالت قبيلة أرحب في كل يوم تقدم ضريبة العزة وثمن الحرية وفاتورة الدفاع عن الجمهورية والحرية من دماء أبنائها في كل موقع وجبهة .. منخرطين في صفوف الجيش الوطني والمقاومة الشعبية , لتستمر مسيرة الحرية والكرامة ..