رسائل مجهولة المصدر بآلاف الدولارات تسيل لعاب المشتركين

الأربعاء 01 أكتوبر-تشرين الأول 2008 الساعة 08 مساءً / مأرب برس - عامر الدميني
عدد القراءات 12513

كانت مفاجأة سعاد أكبر مما تتوقع عندما تلقت رسالة على تلفونها الجوال تؤكد بأنها حصلت على عشرة آلاف دولار كجائزة مقدمة من MBC TV وعليها أن تتصل بالرقم الموجود بالرسالة إن أرادت أن يصل إليها المبلغ.

ولأن الرسالة وصلتها عندما تسلمت مبلغ الإكرامية الرمضانية من إحدى الشركات التي تعمل بها فقد سارعت على الفور واشترت كرت اتصال دولي واتصلت بالرقم المرسل إليها ثم استخدمت كرتا آخر وثالث ورابع حتى بلغ عدد الكروت التي اشترتها سبعة كروت دون أي فائدة لتكتشف في نهاية المطاف أن الشخص الذي يجيب عليها هو كمبيوتر آلي وليس مجموعة MBCTV كما وصلتها الرسالة.

لكن سعاد ليست وحدها من خدعت ووصلتها هذه الرسالة فقد تلقى عشرات بل مئات المشتركين في شركات الـ جي إس إم ويمن موبايل رسائل مماثلة ومن جهات عدة تنبههم بحصولهم على مبالغ مالية يصل بعضها إلى مائة ألف يورو بعضها من MBC TV وأخرى من BRAVA وبعضها مجهول المصدر من الرقم 121 كما في مشتركي يمن موبايل.

بلال محمد قاسم (23) عاما تلقى الرسالة بداية شهر رمضان ولأنه لا زال حديث التخرج من الجامعة وقادم على الزواج فقد اعتبر ذلك بمثابة انفراج وحسن طالع فمبلغ العشرة آلاف دولار كما جاء في الرسالة سيحل له الكثير من المشاكل المالية وسيجنبه همّ الدين وبقاء سنوات طويلة في تجميع كلفة الزواج.

لكن حكاية عبدالله الظفاري -موظف- تبدو في غاية الطرافة فقد أخفى الرسالة التي وصلته وبعد عشرة أيام جمع كل أفراد عائلته وأعلن فيها عن توزيع مائة يورو لكل فرد بمجرد استلام المبلغ معتبرا ذلك نوعا من رد الجميل لهم ولم يدرك بأنها خدعة إلا بعد الاتصال بشركة الاتصالات التي أكدت له ذلك.

أما علي المنصوب فبمجرد أن وصلته الرسالة كتمها عن أصحابه واتصل بالرقم الدولي المرفق فيها بأكثر من كرت دون أن يرد عليه أحد.

أما أحمد عبده سالم 36 عاما فقد مثلت له الرسالة حسب تعبيره دعوة أم خاصة أنها وصلته وهو خارج من الجامع بعد أن صلى صلاة الفجر جماعة... يقول:

"مجرد أن رأيت الرسالة تبادر إلى ذهني المثل القائل "دعوة أم وصلاة فجر"، فحمدت الله ولم أخبر أحدا حتى أحصل على المال وأقدمه مفاجأة لأهلي وعندما اتصلت بالرقم لأكثر من ثلاث مرات ولم أتلقى ردا ذهبت إلى شركة الاتصالات المشترك فيها وهناك كانت المفاجأة بل المقلب... لقد أكدوا لي أن الرسالة ليست سوى وسيلة من وسائل الخداع والغش والاستغلال فحمدت الله مرة أخرى أني لم أخبر أحدا.

اما قاسم احمد حسين فكان على موعد مع مقلب من نوع خاص فقد وصلت الرسالة إليه وهو مع زملاء له في جلسة قات فاحتال على زملائه مؤكدا لهم انها رسالة تهنئة بمناسبة رمضان واشترى كرت اتصال دولي واتصل بالرقم وخاب أمله حين عرف انها مجرد خدعة وابتزاز.

رسائل ملغومة

ما سبق أمثلة وشهادات لأشخاص وقعوا ضحايا الرسائل الملغومة القادمة من المجهول مستغلة الجهل والأمية والفقر في اليمن وكذا حلول شهر رمضان الذي تنشط فيه المسابقات سواء في الصحف أو في الفضائيات وتعمد هؤلاء المرسلون استغلال أسماء بعض الفضائيات الشهيرة بالمسابقات كمجموعة T.v MBC وشركة اتصالات كـ BRAVA أو إرسال رسائل من جهات مجهولة والهدف الأساسي هو دفع من يتلقون الرسائل إلى الاتصال بالأرقام الدولية المرفقة بغرض الحصول على عوائد مالية مقابل الاتصالات الواردة إلى تلك الأرقام.

تلك الرسائل أثارت في المجتمع لغطا كبيرا وتحولت إلى ظاهرة ذائعة الصيت إذ أن واحدا من كل ثلاثين مشترك تقريبا تلقى واحدة من تلك الرسائل، وبقدر ما ولدت العديد من علامات الاستفهام عن كيفية حصول المشترك على المبالغ المالية بقدر ما تحولت إلى مقالب تعرض لها البعض وسقطوا ضحايا بعد أن كانوا يرون فيها مطمعا ومكسبا سريعا.

جريمة الكترونية

لما كانت الرسائل تصل إلى كثير من المشتركين في سبأفون و MTN فقد كان من اللازم معرفة آراء تلك الشركات وموقفها.. يقول عبدالله العواضي مدير العلاقات العامة بسبأفون: إن مثل هذه الرسائل ليس لها تاريخ معين للظهور ولها أشكال كثيرة سواء عن طريق البريد الالكتروني أو خدمة تحويل الرصيد لكنها أصبحت أكثر ظهورا وحضورا في شهر رمضان الحالي وتعد إحدى جرائم النصب والاحتيال والجرائم الالكترونية والتي تظهر في الدول الأكثر فقرا وترتفع فيها نسبة الأمية والجهل حيث يعمل من يقفون خلفها على إرسال أرقام دولية تطلب من المشترك الاتصال بها بهدف الحصول على أرباح وعوائد مالية للجهة المتصل فيها... فكلما كثرت الاتصالات عليها كلما زادت أرباحها من خلال ما يسمى بالرسوم المشتركة مستغلين بذلك أسماء بعض الفضائيات المشهورة بالمسابقات لكن الأرقام ليست أرقام الفضائيات وإنما أرقام تتبع شركات أخرى تمارس النصب والاحتيال كما يؤكد العواضي.

ويفيد بأنهم تلقوا الكثير من شكاوى المشتركين الذين يتلقون تلك الرسائل حيث تم اتخاذ عدة إجراءات لحمايتهم كمنع الاتصال بتلك الأرقام وإرسال رسائل للمشتركين تحذرهم من التجاهل وعدم الرد عليها والتبليغ عنها إضافة إلى تواصل شركة سبأفون عبر القسم الدولي التابع لها مع الشركات الراعية لتلك الأرقام وإبلاغهم بعمليات النصب والاحتيال التي تتم عن طريقها، ويضيف: كلما وصلنا رقم جديد كلما اتخذنا إجراءات تمنع الاتصال به.. ولسنا مستفيدين من عملية الاتصال بتلك الأرقام كما يفهم البعض مطلقا فبعض المشتركين يقول بأن سبأفون مستفيدة عندما يتم الاتصال بتلك الأرقام لكننا لسنا المزود لخدمة الاتصال الدولي ومعروف أن تيليمن هي من يحتكرها وتحصل على الأرباح عند الاتصال الدولي.

البسطاء ضحايا

أما علي الشاحذي مدير العلاقات العامة في شركة MTN فيقول إن مثل هذه الرسائل بدأت على شكل طريقة المزاح أو المقالب التي يعملها بعض الأشخاص لأصدقائهم عن طريق المواقع الالكترونية لكنها تطورت وتحولت إلى وسيلة قذرة يتضرر منها الكثير ويسقط البسطاء ضحايا لها.

 

ويؤكد الشاحذي أن هناك محتالين ولصوص يمارسون مثل هذه الأعمال مما استدعى الشركة إلى إبلاغ الجهات الأمنية بأرقامهم وفصل الخدمة عنهم، معتبرا أن هناك أشخاص في الداخل يلجأون لهذا الأسلوب مثلما هناك جهات خارجية تنتهج نفس النهج حيث دفعت أموال لحسابات أشخاص قاموا بعملية النصب على أشخاص بسطاء.

 

ويقول الشاحذي إن الجهات الخارجية تعتمد على المواقع الالكترونية في تضليل المشتركين وإسالة لعابهم عندما تخبرهم بفوزهم بالجوائز، ويتفق مع العواضي بأن شهر رمضان يشكل موسما رسميا لمثل هذه الأعمال.

 

وعن حماية المشتركين يوضح الشاحذي بأنهم قاموا بتحذير مشتركيهم من التواصل مع تلك الأرقام مؤكدا أن تيليمن هي المستفيد الوحيد من الاتصال.

نفي

هائل محمد إبراهيم -مدير التسويق في تيليمن نفى في حديثه للناس أن يكون لتيليمن أي علاقة بهذا الأمر ويقول: لا نستطيع أن نتحكم بأي مكالمة دولية وشركات الهاتف النقال معنية بحماية مشتركيها وتوعيتهم ونحن عبارة عن منفذ للاتصالات فقط وليست لنا أي علاقة بالرسائل لكن في حالة ما إذا تلقينا شكاوى من أرقام دولية معينة فنحن على استعداد للتعاون والتواصل وحماية المواطنين من عملية النصب والاحتيال.

الوعي مسألة مهمة

أياً كانت الأسباب والدوافع فإن هذه الرسائل قد كشفت عن مدى تعمق الأمية والجهل في حياة اليمنيين وسهولة تمرير أي خدع أو احتيال عليهم خصوصا في الهاتف النقال الذي لا يتعدى عمر وجوده في اليمن ثمان سنوات.

ويبقى اليمنيون مرشحون لأي خدع أخرى ما لم ترتفع درجة الوعي وتنخفض معدلات الجهل والأمية.

 

إقراء أيضاً
اكثر خبر قراءة علوم