آخر الاخبار
شرف الثورة على قارعة الطريق.
بقلم/ خليفة المفلحي
نشر منذ: 12 سنة و 5 أشهر و 19 يوماً
الأحد 03 يونيو-حزيران 2012 06:27 م

الصدمة أكبر من الوعي، والدم المسفوح لن تجففه الكلمات، والشرف المهدور لن تلملمه الحكمة بعد أن بعثرته أيادي الشياطين في الشوارع.

فائض الحكمة جبن، وفائض العقلانية غباء، وفائض التسامح جرم.

انتفض المجتمع المصري عندما تعرت أجزاء من جسد فتاة وهي تُضرب، ولم ينتفض الضمير اليمني حينما أُهدر شرف طفلة في الـ 13 من العمر وتم اغتصابها بوحشية من قبل 7 ذئاب بشرية معروفين بالأسماء ومن ثم وفاتها.

دولة بكاملها وقفت عاجزة أمام 5 متنفذين صغار في أبشع صور الذلّ والخنوع.

لم تكن ردة فعل السلطات مخيبة للآمال بقدر ما كان صمت شباب الساحات صادماً بموقفهم السلبي تجاه قضية فتاة عصر.

هاهو الماضي يتجلى مرة أخرى في صورة أشنع مما الفناه، في مجتمع يتباهى بأنه محافظ لم يستطع الحفاظ على حياة وكرامة طفلة فقيرة فأصبح مطعون في شرفه وكرامته، ويبدو أنه يجيد الحفاظ على الموروث السيئ فقط من أوثانه ورموزه السيئة وثقافته المتخلفة ونظامه العفن.

إن علي صالح لم يرحل فمازال موجود في كل وزارة وفي كل مؤسسة ومكتب، وفي كل إشارة مرور عسكري يتسلبط هو علي صالح ونظامه، وموجود في الشوارع والأزقة يفترس بنات البسطاء ويلقي بهنّ على الأرصفة.

هذه الجريمة تؤكد بأن الحكمة اليمانية ليست سوى شعار نرفعه كلما احتجنا إليه لمداراة سوءاتنا والاختباء خلفه للهروب من المواجهة واستدعاء هذه الحكمة لتغييب الممارسة التي تؤدي إلى الفضيلة.

فالثورة غليان والغليان رد فعل حينما تستعر سياط الجلادين على ظهور البسطاء فلقد كان لدى التونسييين سبباً للانتفاضة واجتثاث الظلم والطغيان وأرسوا قواعد دولة العدل والمساواة، وهاقد تهيأ لنا سببٌ أقوى من حرق البوعزيزي لحرق عروش الطغيان بدلاً من تقليد الثورات.

حينما تتوافق رغبات الشعب المختلفة نحو التغيير وتتفق الأهداف تصبح الثورة ضرورة وتتوجه جميع الأهداف في مسار واحد، لكنها تفقد مضمونها عندما يفصّل كل فرد منا ثورته على مقاسه ويضع تصوره لها حسب موقعه الشخصي دون أن نضع اعتبارات للجماعة والمحيط مما يؤدي إلى تباين الأهداف كلاً حسب رؤيته وحسب ما تحقق من أهدافه الشخصية، فنجد كل فرد لديه مرحلة معينة ينتهي عندها الفعل الثوري، لذلك نرى البعض قد بدأ يرتب أغراضه للرحيل ويلملم أوراقه لطي صفحة الثورة والبدء في عملية البناء وكأن الماضي قد انتهى إلى غير رجعة بينما البعض الآخر يرى أن الثورة في مبتداها وأن التحديات تخلق من جديد وتستدعي إزاحة رموز الماضي بما يؤدي إلى إزاحة الماضي نفسه بمن فيهم من تصدروا المشهد الثوري وتقمصوا شخصياته.

إذا كانت الثورة قد قامت لتكريس الظلم والبطش بشرف ا لفقراء وسحق الضعفاء فلتذهب إلى الجحيم.

إذا كانت الثورة قد قامت لتسقط طاغية وتنصب طواغيت فنحنن نكفر بها.

هل نزفت دماء الشهداء والجرحى من أجل هذا ؟ إذا لم يكن للثورات قيمة نفعية وتغيير حقيقي يؤدي إلى تغيير حالة الشعوب من الشقاء والبؤس إلى السعادة فإنها تتحول إلى وبال على الأفراد.

ما زال أمام الثوار من الوقت ما يكفي لمحو هذا العار من على جبين الثورة بانتفاضة حقيقية تسحق الباغين، ولتكن هذه الجريمة منطلقاً لتصحيح مسارا لثورة وبداية حقيقية لها، فلينتقل الثوار إلى ساحة الجريمة وتأسيس ساحة جديدة حتى يتم إزالة كل مخلفات صالح العفنة.

** عندما كان الفرنسيون محتلين جزيرة صقلية قام جنود بخطف فتاة إيطالية في يوم زفافها واغتصابها فهبت جماعات من شباب الجزيرة لغسل شرفهم وطاردوا الفرنسيين وبدأوا في الانتقام منهم حتى حرروها وكان شعارهم:

) Morta Alla Francia Italia Anala )

أي موت الفرنسيين هي صرخة إيطاليا وكونوا منظمتهم من خلال الحرف الأول لكل كلمة وهي ما نعرفها جميعاً اليوم باسم (المافيا) أقوى عصابة في العالم تخشى منها الحكومات.

** قال أبو القاسم الشابي حينما رأى شعبه خاضعاً منكسراً :

أيها الشعب ليتني كنت حطاباً فأهوي على الجذوع بفأسي.