الحراك والإصلاح وفكرة اتحاد الكره الأوربي
بقلم/ عبدالقوي الشامي
نشر منذ: 12 سنة و شهر و 13 يوماً
الإثنين 13 فبراير-شباط 2012 09:17 ص

قبل سنوات خلت قرأت لم اعد اتذكر اين, قرأت بأن أعضاء الاتحاد الأوروبي لكرة القدم تداولوا إمكانية منح صفر للفريقين المتعادلين في المبارة, بدلآ من نقطة لكل منهما كما هو معمول, اي كانت نتيجة المباراة 0/0 او 1/1 او حتى 7/7 على اعتبار ان الخسارة قد لحقت بالفريقين بتعادلهما, الفكرة أهملت ولم يؤخذ بها, لأسباب متعلقه بالحسابات النهائية, بعد ان تحولت كرة القدم إلى صناعة ملياردية.

لو تم إسقاط الفكرة على ما حدث في المعلا والمكلا وكريتر خلال الأيام القليلة الماضية لاتضح أن نشطاء الحراك الجنوبي السلمي والنشطاء الجنوبيين للإصلاح قد خسروا كفريقين نيجة المباراة بينهما وذهبت النتيجة لصالح فرق اخرى في دوري كأس الرئيس المحتدم في الجنوب اكثر من احتدامه الشمال!

الأمر الفادح إننا كجنوبيين درجنا في احايين كثيرة الانشغال ببعضنا, البعض تصنيف وتوصيف وتخوين, هذا من جماعة فلان, وذاك من المنطقة الفلانية او المحافظة العلانية, والامر الأكثر فداحة اننا وعلى نحو دائم نتعمد النبش في تاريخنا المشترك ونهديه للأخر, سلاحآ لضرب بعضنا الأخر, ومن اجل إثبات حسن النية نجتهد في البحث والتنقيب عن النقاط السوداء والمعتمة في ماضينا القريب والبعيد, لنقدمه عربون محبة, نتوسمها في هذا الأخر, واقرب محطة يتعمد البعض استدعاءها هي محطة 13 يناير 1986م, للتدليل على عدم أهليتنا في تحمل مسئولية أنفسنا, وأننا بحاجة إلى وصاية الآخرين حتى لا نكررها, على الرغم من ان المجرى الجنوبي قد جرت فيه منذ ذلك التاريخ, الكثير من المياه التي لا تقل تلوثآ عن مياه ذاك اليوم الأسود, كما وان المياه التي تتدفق اليوم في مجاري الجنوب السياسية لا تختلف كثيرآ عن المياه التي تتدفق في شبكة مجاري الصرف الصحي.

بالأمس ألبسنا خلافاتنا ثوب القومية العربية, ومن تعز رفع الزعيم الراحل جمال عبدالناصر شعار "على بريطانيا أن تأخذ عصاها من الجنوب العربي المحتل وترحل" فتناحر القومي مع التحريري, ثم تماشيآ مع موضة التوجه الاشتراكي في سبعينات القرن الماضي قاد الرئيس عبدالفتاح اسماعيل ما اسماها "مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية" وكانت النتيجة ان الساسة اكلوا حصرم الحكم والجنوبيين كانوا يضرسون!

 واليوم يلتزم نشطاء إصلاح الجنوب موقف جماعة الاخوان المسلمين داخل التجمع, القائم على السعي للإبقاء على الوحدة اليمنية بأي ثمن طالما وإنها تأتي في الطريق نحو إعادة إحياء الخلافة الإسلامية .. وعلى قاعد العبارة الشهيرة للمرشد العام السابق لجماعة الأخوان المسلمين في مصر الشيخ محمد مهدي عاكف, العبارة التي وردت في حديث صحفي نشرته صحيفة روز اليوسف في ابريل 2006م عندما قال: (طز في مصر .. وابو مصر .. واللي في مصر) بالأستناد الى هذه المقولة التي اثار ضجة كبيرة حينها في الشارع المصري تحاول قيادة حزب الإصلاح مصادرة حق الجنوبيين في التعبير عن انفسهم. 

وقد تعودنا في الجنوب انه, ايآ كان ثوب الخلاف سرعان ما نكتشف اننا جميعآ ضحايا شطحات ايديلوجية, ووقود لشطط افكار مستوردة اكانت شرقية او غربية شمالية او جنوبية, يتعامل أصحابها معنا كأدوات لا كشركاء, ولا نلبث أن نجد اننا نعير الشموع لبعضنا البعض دون نسأل عن اي كتاب يمكن قراءته على ضوء تلك الشموع بعد ان يكونوا قد دمروا بقذائفهم نور مدينتنا, كما وهي عادتنا اننا نتعاون في حفر أبار المياه الأقل ملوحة من مياه البحر لأرواء العروق, دون ان نسال ان كان الشارب ملتح او حليق الذقن, فالظمأ قد ارادوه وسيلة لأركاع مدينتنا الساحلية وبلادنا الجنوب, حينها نكتشف ان مدينتنا وجنوبنا هما الأبقى لنا من كل الأيديلوجيات العابرة للقلوب والقارت, ولكن بعضنا لا يتعض عندما يصر ان يكون اداة بيد الحزب اي كان اسمه اشتراكي إصلاح مؤتمر رابطة, فالحزب وان عظم شأنه او علت مكانته فهو متحول اما الوطن فهو الثابت الوحيد في هذه المعمعة.

وفي حضرة الإصلاح ما زلت اتذكرة ابتسامة المرحوم عمر الجاوي (لا يختلف اثنان على وحدويته) وهو يحاول في لقاء تلفزيوني بث قبل الإستفاء بأيام, يحاول إقناع القطب الإصلاحي عبدالله صعتر بأن يقول نعم لدستور الجمهورية اليمنية دون جدوى .. فالشيخ الذي ابى واستكبر على الدستور كان جاهزاً بكل الأدلة والبراهين (قصاصات صحف) وأمور كثيره سوقها بأحتراف سياسي كدليل ادانه للدستور وكتأكيد بان جذر دولة الوحدة علماني, لذا صوت الإصلاحيون بلا للدستور, نعم صوت الإصلاحيون برفض دستور دولة الوحدة في 15 و16 مايو 1991م, وان كانوا يومها قد احتفظوا بحقهم في قلب الطاولة متى شاءوا الذود عن دولة الوحدة وتحديداً إذا ما تبين بان فيها مصلحة لهم .. فهل آن أوان ذالك الحق؟

فعودة على بدء نقول إن العادة درجت على ان السياسة والمنطق لا يتفقان دائمآ في الظروف العادية فما بالنا بالظروف الاستثنائية فنحن اليوم في الجنوب نعيش في زمن استثنائي ومفاتيحه لا بد أن تكون استثنائية .. فأي كان الانتماء السياسي فإذا خلا احدنا لجنوبيته سيكتشف بأننا جميعا نئن من موقع المعتدى عليه, وإذا ما ابتعد قليلا عن زاوية نظر الحزب او الجماعة، سيكتشف بأن الشعب الذي انتفض العام 2007م, ضد الذل في زمن السبات, كفيل في أن يرى مصلحته فهل تكفون عن إحراق الخيام فالثمن هو القضية والوطن.