سقط الرئيس العطاس في أول جولة من المعركة السياسية
بقلم/ أنيس قاسم ألمفلحي
نشر منذ: 12 سنة و أسبوع
الثلاثاء 20 مارس - آذار 2012 04:45 م

تعد المعارك السياسية المستعصية في الغالب من يقودها صفوة من الرجال اللذين يتسمون بدرجة عالية من التأثير ومن حملت الفكر والمهارات والخبرة السياسية الطويلة ومن ذوي الإمكانيات المميزة والثقة في صناعة السياسات والقرارات الإستراتيجية الوطنية المصيرية بعيدة المدى , ودائماً ما تكون من أولويات مهام السياسيين في أي حوار تحديد شروط عموميات نقاط الحوار وفقاً للوائح والبنود والمعاير التي تم تحديدها من قبل غالبية النخب التي منحت ممثلهم شرعية الحوار مع إطراف الحوار الأخرى ومن يمثلها , كما لا ينبغي حسب معرفتي من السياسي المخضرم الخلط بين مشاعر العاطفة والغايات السياسية , على أي حال حاولنا تسليط الضوء ولو بشكل مقتضب وسريع ما نعرفه عن الدور المهم الذي يلعبُه السياسيين في مثل تلك القضايا , وبالتالي لو نظرنا بتعمق لتاريخ السياسيين الجنوبيين لوجدنا هنا بشكل تلقائي تبرز إحدى الشخصيات السياسية الجنوبية التي ربما كانت عليها شبه إجماع في مرحلة من مراحل سجلاتها التاريخية الحافلة بالقيادة والخبرة السياسية , هذه الشخصية تتجسد بالرئيس حيدر العطاس وفي تقديري العطاس يعتبر من الشخصيات السياسية ذات طابع مميز ومخضرم لا غبار عليها , ولا ينبغي أن نقلل من منزلته ومكانته السياسية لمجرد وجهات النظر المختلفة نتيجة لبعض التناقضات والمواقف المتباينة أو على قرار خلافتنا الداخلية التي نستطيع أن نتعالى عليها متى شئنا

 لكن في الحقيقية إذا كانت تلك الاعتبارات والصفة الجيدة التي يتمتع بها السياسي المخضرم الرئيس العطاس ستكون سبباً أساسياً في تعجيل سقوطه سياسياً , فهذا الأمر يثير القلق والدهشة ويدعو لمعالجته بالشفافية والوضوح بعيد عن الملق و المحابه وبالذات عندما يتعلق الأمر بتصرفاته الغامضة والغير مفهومة بعد أن غابت حنكته السياسية بمجرد استمالته للحوار المفتوح الغير مشروط , وربما رهان الرئيس العطاس كان خاطئ عن مفهومة حول حرية التصرف بالرأي السياسي دو قيد ولا يجوز التعامل تحت تأثير الافتراضات والنوايا الحسنه , ويبدو أن الرئيس العطاس لم يدرك جيداً بخطورة المأزق السياسي الذي وضع نفسه ومن شارك معه من مندوبين ومن بينهم مندوب الرئيس علي ناصر محمد , في كيفية مواجهة المتناقضات السياسية الغير مبررة ضد كل ما أفضى إليه مشروع ومخرجات رؤية القاهرة ولعل الحد الأدنى بالفدرالية بين إقليميين و خيار التصعيد في حال رفض مشروع الفدرالية الذي تم صياغته في مشروع الرئيس العطاس كحل أدنى للقضية الجنوبية قد سقطت من حساباته بعد دخول جنابة في غرفة مغلقة للحوار مع الطرف الشمالي في لقاء المانيا ولا شك أن المساومة في القضية الجنوبية من خلال التحولات الغريبة التي ظهرت مؤخراً في تصرفات ومبدأ العطاس تبقى في دائرة الشك ومثيرة للقلق إلا في حال إثبات عكس ذلك بتوضيح تفصيلي من الرئيس العطاس بشخصه عن موقفة تجاه ما سنشرح من استنتاجات عن إبعاد محاور الحوار في بعض النقاط التي تم الاتفاق حولها في لقاء المانيا بحيث يكون توضيح بمعانية السياسية الواسعة بعيده عن الطلاسم وكلام الزور , وبالتالي الأمر يبقى قبل توضيح العطاس جداً خطير ويستحيل السكوت عنه وغير مقبول تجاهله أو ذر الرماد على عيوننا ولأن المثل يقول لكل حصان كبوة , فكبوة الرئيس العطاس غير مقبولة لأنها تجاوزت حدود السيطرة وجعلته بصراحة ضحية وفريسة سهلة الابتلاع للمحاورين والحوار الذي نعتبره مجرد ورقة ضغط تتعاطا مع عملية الإصلاحات والتسوية السياسية الشاملة في اليمن على حساب القضية الجنوبية

ومن هنا أود تذكير الرئيس المهندس العطاس عن ثورة شعبنا في الجنوب من أنها ثورة تحريرية كانت في بداياتها أكثر تماسك وقوة منذُ نهوض المارد الجنوبي ولا زالت متماسكة بأهدافها النبيلة رغم المؤامرات التي لا تنتهي لكن هذه الثورة السلمية بالفعل أضاءت وأشعلت ثورات الربيع العربي وهذا بحد ذاته شرف وعزة أولاً لشعبنا الحر ومن ثم نياشين فخر تضعوها على صدوركم , ولذلك من الطبيعي أن تكون ثورة ومطالب الجنوبيين واقعاً مريراً بالنسبة لإستراتيجية الأشقاء في الشمال ولذلك جميعهم يجتهد اشد الاجتهادات لتغير مسار ثورة شعبنا وتحجيم أهدفها وزعزعة أفكارها وسلوكياتها لكنها اجتهادات بآت بالفشل اصطدمت إمام جدار وخيار صمود شعبنا العظيم , ولعل إرادة شعبنا في الجنوب القوية والصلبة بغض النظر عن المواقف الدولية الآنية كفيلة في إعادة حسابات المهندس العطاس وغيره من السياسيين لرسم خارطة طريق مستقبلية بصيغة مشتركة مع كافة شركاء القضية بعيد عن الأنانية أو كما يتوهم البعض بدوننا لن تكون هناك قضية , علينا ان نبتعد عن الشطحات الانتهازية وردت فعل الضدية , بالمناسبة ربما تولدت عند البعض نوع من التعاطف في فترة من الفترات مع مقترحات ورؤية ومخرجات لقاء القاهرة التي للأسف وبدون خجل لم يفلح العطاس في تسويقها وتفعيلها إثناء حواره مع الارياني والأنسي وصاحب ( بنت الصحن ) , مع أن رؤية مشروع لقاء القاهرة لم تجد قبولاً جنوبياً واسعاً بل جاءت مخيبة لأمال شعبنا في الجنوب الذي يناضل من اجل فك الارتباط , كما أنها حسب تقديري وتلمسي للواقع أصبحت لا تواكب إيقاع ثورة شعبنا السريع على الإطلاق بالإضافة من أنها رؤية في الحقيقية قد أهدرت إلى حداً ما مكانة الرئيس العطاس الكبيرة في قلوب شعبنا الجنوبي حسب نتائج استطلاع آراء الشارع الجنوبي في الداخل والخارج

ولذلك دعونا نستعرض ابرز النقاط الرئيسية لنص وثيقة لقاء المانيا التي لابُد من التركيز عليها , وننتظر التفسير الواضح لكل نقاط اللقاء من قبل الرئيس العطاس والتي سأذكر البعض منها , وهي على النحو التالي .

العناصر الأساسية التي يتضمن منها الإطار المرجعي في النقاط الثلاث , وطني وإقليمي ودولي , فمسالة المرجعية الوطنية تعطي رسالة واضحة مفادها أن القضية الجنوبية , عبارة عن أزمة مركبها من قبل نظام صالح مثلها مثل قضية الحوثيين وبالتالي سيكون حلها على أساس حوار وطني , بمعنى إسقاط تطبيق معاير التفاوض الشراكة بين الطرف الشمالي المغّتصب والطرف الجنوبي المحتل , وهذا يشير إلى إسقاط الاعتراف بالقضية الجنوبية سياسياً من قبل الطرف الشمال , على الرغم من كتابة نص عبارات الأهداف العامة للحراك الجنوبية في الصيغة , لكن لم يكن هناك أي تفسير وتوضيح عن أي أهداف عامة يتحدثون عنها, بالإضافة إلى عدم ذكر جهة مشاركة بعينها من الحراك التي من خلالها سيتم تفصيل وتحديد ألأهداف العامة للثورة الجنوبية في الحوار , بمعنى هل ستكون إطراف الحراك من قيادات الداخل أو الخارج وهذا أمر في غاية الخطورة يهدف إلى إضعاف الاتجاه العام لمطالب الشارع في الجنوبي , وفي تصوري دخول أي حوار دون استفتاء شعب الجنوب بشكل مباشر وبإشراف دولي , يبقى الحوار شكلي لا تتعدى حلوله المبادرة الخليجية التي تنص بنودها على الإصلاحات الشاملة, وبذلك مطلوب التوضيح من قبل الرئيس العطاس فيما يتعلق بالنقطة الأولى وما تلها من النقاط .

المرجعية الإقليمية التي تشير إلى المبادرة الخليجية وبنودها التي لم تتطرق بشأن القضية الجنوبية لا من بعيد ولا من قريب , لكنها أكدت المبادرة على سحب كافة المظاهرة المسلحة من المدن وبالذات العاصمة اليمنية صنعاء , وتجاهلت كل الاستحداثات والحصار العسكري الضخم في المحافظات الجنوبية , الأمر الذي يثير الشعور بالاشمئزاز واقل ما يقال على المبادرة الخليجية من أنها تآمرية ومخجله ووصمة عار .

قراري مجلس الأمن الدولي (924) و (931) يبقى هذين القرارين غير فاعلين في حال إصرار الطرف الشمالي إدارة الحوار مع الطرف الجنوبي من خلال فرض بنود قرار مجلس الأمن الحديث رقم ( 2014) الذي يعزز من تفعيل وانجاز نصوص المبادرة الخليجية , بمعنى إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية تحت الهيمنة الشمالية ,وبالتالي بقاء الحال في الجنوب المحتل على وضعه السابق تحت غطاء المبادرة الخليجية , الأمر الذي ترفضه مخرجات مشروع فدرالية الرئيس العطاس حسب اطلاعنا عليها, ونظراً لخصوصية المرحلة وظروف حرب94م التي استصدر مجلس الأمن الدولي آنذاك قراريه اليوم القضية الجنوبية بحاجة التي تعزيز القرارين بقرار أممي ودولي أخر يدعم حق شعبنا الجنوب في حق تقرير مصيره واستعادة دولته .

في النقطة الأخيرة التي تقول أن المسارات والآليات المختلفة للحوار الوطني ستكون هي أساس بناء نظام الحكم الجديد في اليمن , هذه النقطة بحد ذاتها تبين ما لا يدع مجالاً للشك من أن مشروع القاهرة الذي تبناه الرئيسان لم يكون محور نقاش لقاء المانيا , بمعنى انه قد تم رسم الخارطة السياسية المقبلة لليمن من ساسات الشمال , وبالتالي مسألة مشاركة أي طرف جنوبي في الحوار يبقى تحصيل حاصل , وقد ربما سيتكرم علينا الأشقاء في الشمال بالاعتذار المجاني على كل ما اقترفه النظام السابق في حق الجنوبيين شعبنا وتاريخاً وثقافتا وهويتناُ وأرضاً بخطاب ( حنان رنان ) , وربما يتم أيضاً منح الجنوبيين بعض من الصلاحيات المحلية على مستوى المحافظات الجنوبية , بالإضافة إلى رد اعتبار بعض من تم تسريحهم قسراً من وظائفهم .

لكن السؤال الذي يطرح نفسه ونوجهه للرئيس العطاس ولمن شاركه في لقاء المانيا بحوار لا يعبر بأي شكل من الإشكال عن إرادة شعب الجنوب, عن مدى مسؤوليتهم الوطنية لكل نتائج الحوار التي تعكس مواقفهم السلبية ولم يحُسب لعواقبها وإضرارها بمستقبل استحقاقات القضية الجنوبية من ناحية , ومن ناحية أخرى يتجدد السؤال للمهندس العطاس حول الرئيس في اليمن اليوم وهو من الجنوب عبدالربه منصور هادي الذي تم تنصيبه بفضل قوة الحراك الجنوبي التحريري , ولكن ماذا عن غداً بعد أن تنتهي الولاية الرئاسية الشكلية للرئيس عبدربه ما هي الصولات والجولات التي سيقوم بإجرائها الرئيس العطاس إثناء الانتخابات اليمنية التنافسية الديمقراطية القادمة المحكومة أساساً بواقع الكثافة السكانية في الشمال التي بكل تأكيد لن تمكن الجنوبيين من خوض المنافسة الانتخابية المعروفة نتائجها سلفاً , وبالتالي إقصاء شراكة الجنوبيين في السلطة لن يكون عمداً , لكن في تصوري ربما الرئيس العطاس سيطعن في نتائجها , أو ربما سيكون بحاجة إلى حراك شعبي جنوبي أخر لإبراز وتنصيب رئيس جنوبي أخر ؟؟؟؟

أخيراً محتوى المقالة لا تعني بالضرورة الإساءة إلى شخص الرئيس العطاس , كما ليس لدينا أي حسابات نصفيها مع شخصه , لكن نعتبرها نصائح عامة من مواطن جنوبي تهمة قضيته , ونرجو أن تؤخذ بعين الاعتبار لكل الاستفسارات وننتظر إجابات شافية بدون مكابرة .