آخر الاخبار
رفض الجنوبيين للحوار. ما هو البديل ؟
بقلم/ بكر احمد
نشر منذ: 11 سنة و 9 أشهر و 10 أيام
السبت 16 يونيو-حزيران 2012 04:20 م

كتب الأستاذ أحمد عمر بن فريد مقالة مهمة مؤخرا مستعرضا بها عدة أسباب تقف مانعا أمام مشاركة الجنوبيين في الحوار الوطني الذي يُعد له كأحد أهم مقتضيات بنود المبادرة الخليجية، ولعل أهم تلك الأسباب المانعة  التي عرضها هي وضع سقف لذلك الحوار وهو سقف الوحدة اليمنية، بمعنى أن أي قرار سيتمخض عنه هذا الحوار يجب أن لا يتجاوز هذا السقف، بمعنى آخر بأنه قد وضعت نتائج الحوار الذي لم يبدأ بعد في حده الأعلى والأدنى ضمن رؤية مسبقة لطرف واحد فقط.

الحوار لا يكون بين أشخاص وتيارات متفقة، بل هو بين جهات متنازعة ومتنافرة في مواقفها، لذا فأن وضع شروط قبل البدء فيه يكون القصد منه ضرب الحوار وإنهائه قبل أن يبدأ أو على الأقل محاولة بائسة لفرض أمر واقع بطرق ملتوية.

هذا الأسلوب غير مجدي، فقد تمت محاولته في المجلس الوطني الذي اقامة اللقاء المشترك أثناء الأحداث الصاخبة التي جرت في العام الماضي والذي تعامل مع الجنوبيين كأفراد بينما كان الزخم الشمالي والقبلي تحديدا طاغيا عليه، مما أعتبر عمل غير حصيف وتنقصه الكثير من الكياسة، لذا تهاوى ذلك المجلس بسرعة كبيرة، وأن محاولة تكرار ذات الأسلوب في الحوار الوطني لن يفضي إلا بنتيجة مماثلة لسابقه في المجلس الوطني.

الحوار أمر يوفر الكثير من العناء متى ما توفرت النية الصادقة في الخروج بالحلول التي ترضي الجميع وبأقل الخسائر، والحوار هو أمر لا بد منه أن شئنا أن ننهي مشاكلنا، لكن متى ما كان هذا الحوار نوع من الابتزاز وفرض مزيد من الوصاية فهو هنا لن يكون إلا حالة مكررة لعقل نمطي لا يستوعب التغيرات أبدا.

الأمر المثير للدهشة هو إصرار الطرف الشمالي على تجاهل الواقع الجنوبي المتغير جذريا، فهم لا يريدون أن يرون الزخم والمزاج الشعبي، فهم لا يستوعبون مثلا لماذا خرجت كل تلك الجماهير للقاء باعوم في مطار عدن، وهم لا يفهمون أيضا بأن عدم الرغبة في النظر إلى شيء لا يعني إطلاقا بأنه غير موجود، فالوهم الذي يعيشه أصحاب اللقاء المشترك الوريث الجيني لنظام علي صالح يعزلهم عن فهم الأمور كما هي ويجعلهم يرددون خطابات وشعارات ويستخدمون لغة لا أحد يفهمها سواهم.

لذا أن أراد الطرف الشمالي فتح حوار حقيقي، عليه أن يحترم الطرف الآخر ويقدر حجمه الفعلي ثم يضع نصب عينيه انه يرغب فعلا بفتح حوار يخرج بنتائج يتم تنفيذها وإقرارها، ودون ذلك فكل ما سيحدث لن يؤتي بأية نتائج، بل لن يلتفت إليهم أحد أو إلى دعواتهم.

من جهة أخرى، واضح أن المزاج الجنوبي وحتى اللحظة يرفض المشاركة في الحوار الوطني، فحسب ما تردنا من أخبار بشأن المراسلات الدائرة بين مكتب علي سالم البيض والأرياني، فهنالك شد وجذب بينهم ومحاولات استفزازية يقوم بها الأرياني في وقت يرى الجميع أنهم في غني عن مثل هذه الأعمال وخاصة مع تيار يعتقد أنه يمتلك المقدرة على تحريك الشارع الجنوبي ويتبنى تطلعاتهم.

رغم أنه لم يصدر وحتى اللحظة بيان رسمي من أية جهة جنوبية برفض الدخول إلى الحوار الوطني، إلا أن البوادر تشي بأنه هنالك تردد كبير في دخول هذه العملية، إذ أنها ترى بأنه اعتراف بتبعيتهم كجزء لا يتجزأ من الدولة في صنعاء، وهي رؤية ولا شك لها موضوعيتها إلا أنها وفي نفس الوقت لا تطرح في حال رفضها الدخول في الحوار أي بديل عنه، وهنا تكمن المشكلة الفعلية والمأزق الذي قد يقع به الجنوبيين، كما علينا أن نتذكر بأنه هنالك عدم اتفاق ما بين قادة الجنوب أنفسهم، وربما عملية الاستفزاز التي يقوم بها الأرياني تجاه علي سالم البيض القصد منه إقصاء بعض الجهات على حساب جهات أخرى تتبنى رؤية تتفق مع تطلعات الشماليين الذين يسعون كأقصى حد منح المحافظات الجنوبية حكم ذاتي والتعامل مع القضية الجنوبية كحالة يمكن تفتيتها وليست كقضية متكاملة وغير قابلة للتجزئة.

في رأيي أنه بات من المهم جدا أن يتحاور الجنوبيون أولا ويتم الاتفاق على مستقبل البلاد، لأن دخولهم وهم بهذا الشكل لن يساهم إلا في إضعاف موقفهم، خاصة أن الشماليين متفقين تجاه الوضع في الجنوب بينما الجنوبيين وللأسف الشديد مختلفين تجاه قضيتهم.

وأن لم يتم الاجتماع والاتفاق، فعلى من يرفض الحوار أن يطرح بديله كحل مرحلي للقضية الجنوبية وأن يكون هذا الحل مقنع وذي جدوى بعيدا عن المظاهرات ورفع الشعارات بينما مازال الوضع كما هو عليه ولن يغير شيء أبدا.

-السيد علي سالم البيض:

أنت شخصيا وفي هذه المرحلة بالذات تتحمل جزء مهم وتاريخي في القضية الجنوبية، وعليك أن تذعن للأطراف الجنوبية الأخرى وتفتح بابك للتحاور، لأن حالة الجمود والتصلب هذه لن تفضي إلى شيء سوى المزيد من الفرقة والشتات، وهذا ليس في مصلحة أحد.