قرارات الهيكلة حاسمة ما لم يتم إبطال مفعولها
بقلم/ ناجي منصور نمران
نشر منذ: 11 سنة و 3 أشهر و يومين
الإثنين 24 ديسمبر-كانون الأول 2012 05:27 م
لطالما ترددت عبارة إقالة أقارب صالح من مناصبهم بين أوساط المتطلعين للتغيير كون الثورة ما قامت إلا ضدهم، وما انتفض الشعب إلا على حكمهم، عبارة انتظر الشارع ترجمتها إلى حقيقة لما لها من أهمية في الحفاظ على أمن واستقرار البلاد وضمان انتقالها إلى مرحلة جديدة لن يتم الوصول إليها في ظل انقسام جيش الوطن، وعلى الرغم من تأخر الرئيس في الإقدام على تنفيذها إلا أنه تحرك أخيراً ليتخذ قرارات من شأنها توحيد القوات المسلحة والأمن، فهي بالفعل حزمة من القرارات المهمة التي تُحسب لهادي، تضمنت الإقالة المباشرة لنجل صالح من قيادة القوات الخاصة وابن عمه يحيى من منصب أركان حرب الأمن المركزي، وتوج ذلك بتوزيع قوات الجيش إلى أربع تشكيلات موزعة على البر والبحر والجو وحرس الحدود، وبحيث يتم توزيع القوات البرية على سبع مناطق عسكرية، مما يعني إلغاء قوات الحرس الجمهوري والفرقة الأولى مدرع وتوزيعهما على هذه التشكيلات والمناطق، ولذا يمكننا القول إنها قرارات جاءت في الوقت المناسب وأعادت ألق الثورة وتوهجها من جديد بعد أن كاد الشارع اليمني يفقد الأمل في جدية القيادة السياسية وعزمها على هيكلة الجيش كمطلب أساس لأمن البلاد وخطوة مهمة تسبق انطلاق الحوار الوطني الشامل

منذ صدور القرارات وردود الأفعال تتوالى تباعاً من قبل كل شرائح الشعب فهنالك المؤيد والصامت والمشكك، وكعادتهم فقد حاول البعض التقليل من أهمية تلك القرارات

سواءً بالقول إن ثمة حالة من الغموض تكتنفها، سيما وأنها لم تتضمن إقالة مباشرة لقائدي الحرس والفرقة، وأن إقالة أركان حرب الأمن المركزي جاءت لتمرير ذلك التحايل ومن قبيل ذر الرماد على العيون، علاوة على أن بعض القادة الجدد هم من أنصار العائلة، وهذا بحسب اعتقادنا تصور غير منطقي للأسباب التالية:   

1- قرارات الهيكلة تضمنت توزيع الجيش في إطار أربع تشكيلات، من ضمنها القوات البرية التي تم تقسيمها هي الأخرى إلى سبع مناطق، مما يعني إلغاء الحرس والفرقة، وبالتالي ضياع المناصب القيادية المرتبطة بهما بمجرد توزيع قواتهما، وكما هو معلوم فإن تلك القوات عبارة عن خليط من الألوية البرية والجوية، ولذا ستتم عملية تشتيتهما على مرحلتين، الأولى سيتم فيها عزل الألوية البرية عن الجوية التابعة لكل من الحرس والفرقة، بينما سيتم في المرحلة الثانية إلحاق الألوية الجوية بالقوات الجوية فيما، سيتم توزيع الألوية البرية على المناطق العسكرية السبع، وهذا وحده إن تحقق كافيا لتفكيك قوة كل من نجل صالح ومحسن

2- القول بأن الفرقة والحرس بعد القرارات لن يطالهما التغيير وأن الأمر لا يعدو عن كونه تغيير مسميات، تصور غير صحيح لأن الإبقاء على قواتهما بوضعها الحالي يقتضي أمرين: الأول حصرهما في منطقتين عسكريتين فقط وهذا يتناقض مع آلية الهيكلة بشكل كامل، التي تتطلب توزيع تلك القوات على المناطق المختلفة، والثاني ضرورة صدور قرارات جديدة تسمي نجل صالح ومحسن كقادة لهاتين المنطقتين، وهذا إن حصل سيجعل من الهيكلة مجرد لعبة

3- إعادة تقسيم المناطق العسكرية إلى سبع مناطق يتطلب بالضرورة تعيين قادة جدد على الأقل للمناطق العسكرية التي طالها التغيير كالشرقية والشمالية الغربية، وبذلك يكون اللواء محسن قد فقد قوته كون فرقته المدرعة سيتم توزيع قوتها البرية والجوية على المناطق المختلفة، وأما بالنسبة لبقائه كقائد للمنطقة الشمالية الغربية، وهو الموضوع الذي يثيره العديد من المتابعين، فنقول إن التدقيق في مضمون القرارات يقودنا إلى حقيقة مؤداها أن هذه المنطقة قد تم فصلها إلى منطقتين جديدتين، كماهو الحال بالنسبة للمنطقة الشرقية لتصبح عدد المناطق العسكرية سبعا بدلاً من خمس، وبالتالي يعتبر بقاء علي محسن على قيادة المنطقة الشمالية الغربية أمراً لا وجود له من ناحية منطقية وربما قانونية، وخبراء القانون أكثر دراية مني في هذه النقطة، كون عملية الفصل للمنطقة تعني إلغاء المنطقة السابقة وكل ما يتعلق بها، وعليه فإن تقسيمها إلى منطقتين يتطلب قرارات جديدة لتسمية قادة جدد لهما، وإن لم أكن محقاً في هذا فأتمنى ممن لديه دراية توضيح اسم المنطقة التي يقودها علي محسن الآن بعد القرارات.                4- القول بأن القيادات البديلة لبعض المناصب جلها جاءت من عباءة الحرس القديم أمر لانستطيع إنكاره على الأقل للبعض منهم، ولكن أليس من المنطقي القول إن التخلص من رؤوس الأفاعي وعتاولة الفساد هو الأهم مما يجعل إزاحة الصغار أمر في غاية السهولة فهم مهما كبروا سيظلون أسماكاً صغيرةً بالمقارنة مع الحيتان

بناءً على ماسبق نستطيع القول إن نجل صالح قد فقد كل قوته من خلال هذه القرارات، فقد سُحبت منه قيادة القوات الخاصة، وألوية الصواريخ بعيدة ، وأخيراً قوات الحرس الجمهوري بإعادة توزيعها بمايتوافق مع هيكل الجيش الجديد، والأمر كذلك بالنسبة أركان حرب الأمن المركزي فقد تمت إقالته، وأصبح خارج اللعبة تماماً، وأما اللواء محسن فقد سُحبت منه قوته هو الآخر إذ خسر الفرقة الأولى مدرع من خلال توزيع قوتها البرية والجوية، وخسر قيادة المنطقة الشمالية الغربية نظراً لفصلها إلى جزئين، فأين الغموض الذي يتحدث عنه البعض في تلك القرارات؟

لدي إيمان عميق أن قرارات هيكلة الجيش كانت قوية ومدروسة بعناية، ولذا فهي كفيلة بسحب البساط من تحت أقدام الجميع وإعادة الأمور إلى نصابها، شريطة أن يتم تنفيذها كما وردت وفي زمن قياسي بدون منغصات، وأن لايتم إبطال مفعولها بقرارات جديدة تقضي بتعيين كل من نجل صالح ومحسن على قيادة بعض المناطق العسكرية، وهذا هو مكمن الخطر الحقيقي، والذي إن حصل فسيجعل القرارات السابقة لاتعدو عن كونها مجرد حبر على ورق، وعندها فقط سأصدق كل من يقول عنها (ديمة وخلفنا بابها).