أبعاد التوسع الحوثي نحو تعز والجنوب
بقلم/ علي بن ياسين البيضاني
نشر منذ: 9 سنوات و 3 أشهر و 11 يوماً
الإثنين 15 ديسمبر-كانون الأول 2014 09:10 ص

استكمالاً للمخطط الإيراني بالسيطرة على اليمن ، كبديل استراتيجي ، يمكن أن يكون أكثر قوة ومكانة من سوريا والعراق ، وهو ضربة معلّم لتحقيق طموحات المشروع الفارسي البعيد العميق فى المنطقة الأكثر تأثيرًا فى العالم .
إن سيطرة الحوثيين على شمال الشمال ، وبقائهم دون التوسع باتجاه مأرب والجوف ، وكذلك باتجاه الجنوب وتعز معناه في نظر السياسة الإيرانية الفارسية أنهم سيكونون بين لحظة وأخرى تحت رحمة الكماشة السنيّة في المناطق التي لم يسيطروا عليها ، بالإضافة إلى أن المناطق المحادة للسعودية ( مأرب ، الجوف ) ستكون مدعومة من السعودية عسكريًا ولوجستيًا بكل وسائل الدعم الممكن ، وقبله العقيدة الدينية التي يحارب فيها المقاتلون السنة ضد الشيعة . وأما فى الجنوب وتعز فتلك المناطق الموجودة فيها تسيطر على أغلب الممرات المائية والمنافذ الدولية الإستراتيجية العالمية ، البحر العربي والبحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن بالإضافة إلى جزيرة سقطرى ، ومعنى ذلك أن إيران سيؤول اليها التحكم بالممرات المائية الدولية ، وستكون أمريكا والدولة الغربية ومصر تحت رحمة إيران لا محالة ..
ولذلك نجد أن تفكير الحوثيين للحكم فى المناطق التي يسيطرون عليها حاليًا ، لا تؤهلهم لذلك ، حيـث لا يوجد فى المناطق التي يحكمونها أي مصادر استراتيجية للدخل ( نفط ، غاز موانئ استراتيجية ) ، ومعنى ذلك أنهم سيظلون تحت رحمة الدعم الخارجي ، وبالتأكيد فإيران تدعم العصابات المسلحة للتخريب فقط ، ولن تموّل دولة وشعب فقير ، وشعبها ربما لا يقل فقرًا من الشعب اليمني المطحون .. وهذا ما جعل الحوثيون يبتعدون عن المشاركة فى الوزارة كي لا يتحملوا أي مسؤولية ، وليس ذلك زهدًا منهم أو تورعًا ، ومع ذلك فهم يحتفظون بالسيطرة على القرار ، وأي إرجاف أو انهيار للإقتصاد أو فشل للحكومة لن يحسب عليهم البتة ، وإن حصل أي تقدم اقتصادي - وهذا مستحيل فى الوقت الحالي - سينسبون هذا التقدم لهم باعتبار ذلك أثرًا من آثار ثورة 21 سبتمبر المزعومة ...
إذن مقومات الدولة ( الحوثية ) فى اليمن لن تحقق أي نجاح قوي لها ، ما لم يكن لها توسعًا نحو المناطق المحادة للسعودية ، لتحقق هدف التمويل للدولة المنشودة من آبار النفط والغاز ، وبذلك تستطيع أن تضمن التأييد الشعبي على بقاء دولتها ، ومن ثم تستطيع أن تحقق حلم إيران في أن يكون تواجدها في تلك المناطق شوكة أو قنبلة موقوتة ضد السعودية العدو الإستراتيجي لها ، فتكون تحت رحمتها ، وربما لاحقًا تستكمل مشروعها الفارسي فى السيطرة على مكة والمدينة ، يضاف إلى ذلك السيطرة على الثروات النفطية العملاقة التي تحويها أراضي المملكة .
أما موقف السعودية من رغبة الحوثيين بالتمدد والسيطرة على مأرب والجوف فالذي يظهر أنها لن تقبل لهما بالسقوط ، وإن سمحت بسقوط صنعاء لهدف إسقاط الإصلاح فلأنه - من وجهة نظرها - لن يوقعها فى الضرر المباشر - أما في مأرب والجوف فسقوطهما يعتبر الخطر الأكبر والمباشر ، ولذلك فلا أظنها تسمح بسقوطهما ، وبقائها تحت رحمة إيران ، وستسعى بكل ما أوتيت من قوة لمنع ذلك ، بل وسيدفعها كذلك بالتعاون مع أي طرف آخر للإطاحة بالرئيس هادي إن لم يمنع تنفيذ مثل هذا المخطط ، أما أمريكا فلا يهمها سقوط هاتين المحافظتين لأن ذلك سيحقق لها هدف إبقاء السعودية تحت رحمتها ..
أما التمدد نحو تعز وعدن فحلم كبير للدولة الإيرانية الفارسية ، والسيطرة عليهما كارثة محققة للتواجد الدولي والإقليمي فى المنطقة برمتها فهي تستطيع أن تحقق كل استراتيجيتها الخارجية ، وما أظن العالم سيسمح لها بالتقدم ، وإن حصل من الحوثيين أي مجازفة فمعنى ذلك دخول المنطقة في حرب كبيرة لا يعلم عواقبها إلا الله ..
ولذلك نقول أن التوسعات التي حصلت فى المناطق التي يسيطرون عليها بين الفترة والأخرى ما كان لها أن تتم لولا الخيانات الكبيرة من القيادات العسكرية وأفراد الألوية التي كانت خاضعة لسلطة علي صالح ، واستخدامهم الرشاوى الكثيرة لتحقيق مثل هذه الأهداف ، بالإضافة إلى تراخي الدولة في معالجة الأمور ، وهذا أوجد لدى الجيش ضعفًا وانكسارًا من أي مقاومة باعتبار أن السلامة والتسليم هي سيدة الموقف في كل معركة تتم .. كذلك نستطيع القول أن الرئيس هادي ، لن يسمح بقيام الحوثيين بالتمدد نحو الجنوب وتعز ، باعتبار أن ذلك سيؤدي الى سقوط معقله وموطنه الأصلي ( ملاذه الأخير ) في حال عدم استقرار الشمال له ، وكذلك لن يرضى الإضرار بالدول الداعمة له ( أمريكا والغرب ) .
السؤال الهام : هل يفي القائد الهمام اللواء / محمود الصبيحي – وزير الدفاع بوعده بحماية تعز وعدن وغيرها من مناطق اليمن ، يلحظ ، ويلحظ جميع أبناء اليمن أن الصبيحي – حفظه الله من كل مكروه - رجل عسكري من طراز رفيع يحب وطنه ، ويتعامل مع الأمور العسكرية فى البلاد بمهنية ، قل أن تجد في عسكري مثله ، وكل المواقف تثبت صدق مسعاه في حماية البلاد ، فهل يفي القادة العسكريون المنضوين فى الألوية القتالية التابعة للمنطقة العسكرية الرابعة ؟ ، وهل يمكن لهم الوفاء مع قائدهم في تنفيذ وعد الحماية ؟ وهل يمكن أن يتخلى عنه القيادات العسكرية وسلطة الدولة مثلما تخلت عن القشيبي ، وعن كل القيادات الوطنية ؟ السؤال مطروح للقائد الهمام ، ويجب عليه أن يتأكد من ذلك ، وعليه أن يفضح أي خيانة ، ويحاسب أي متواطئ ويقدمه للمحاكمة العسكرية ، خصوصًا والحوثيون لم يزالوا في عملية التوسع وينوون البدء بالسيطرة على مطار تعز ثم تعز ، وبقائهم كل هذه الفترة وعدم استطاعتهم دخولها ، وكذا عدم توسعهم باتجاه لحج وعدن ، يعود بعد الله إلى جهود القائد الهمام ، والذي حذر حينها قيادات الألوية المنضوية تحت المنطقة الرابعة التي كان يقودها من أي تفريط في مسؤوليتها ، لكن من سيقف إلى جواره في ذلك ، فالأصل أن الدولة ممثلة بالرئيس هادي ، ثم السلطة المحلية في كل من تعز ولحج وعدن ، وبقية اللجان الشعبية والأحزاب السياسية وغيرها ، لأن الرجل ممن يستحق الدعم الشعبي .