الحديدة بداية أم نهاية المعركة.. وشرفاء المؤتمر
بقلم/ عبدالفتاح الحكيمي
نشر منذ: سنتين و 4 أشهر و يوم واحد
الخميس 25 نوفمبر-تشرين الثاني 2021 06:23 م
 

السؤال السياسي الكبير اليوم الذي يدور في طول اليمن وعرضها هل يمكن لمعركة ومواجهات الحديدة والساحل الغربي الدائرة الآن أن تعيد النظر بتوازن القوى على الأرض بين المناهضين للانقلاب وأدوات المشروع الإيراني في صنعاء ولصالح قوى تحالف دعم الشرعية, أم لا تعدو المعركة التي تخوضها القوات المشتركة من المقاومة التهامية والعمالقة وحراس الجمهورية مجرد تكتيك لمكاسب جغرافية وعسكرية محدودة ومؤقتة منها تخفيف ضغط الانقلابيين على مأرب ورسم حدود فقط لوجود ونفوذ القوات المشتركة والحوثيين في الحديدة تعز..؟.

هناك من يشكك بأهمية وامتداد المعركة الحالية وفي مقدمتهم الانقلابيون الذين يرون فيها رسالة عابرة فقط من طارق صالح للمشككين بانسحاب قواته المفاجئ من مدينة الحديدة وبأن بمقدوره صناعة معادلة عسكرية وتفوق أفضل مؤقتاً لقواته بوجه خاص, سوف تنتهي باستعادة مديريتين بالحديدة على الأكثر وتأمين التماس فقط مع تعز,إب ,ريمة, ذمار ولا تتجاوز أبعد من ذلك ..؟؟.

هذه الرؤية تنطوي على حسابات ساذجة جداً كون الحوثيين لن يسكتون على خنقهم في تماسات المناطق المذكورة بكل ما يعنيه ما بعدها, فالتمركز على تخوم ذمار ويريم وأب أقرب ما يكون إلى صنعاء!!.

أما الغموض الكبير الذي تركه توقف القوات المشتركة المفاجئ عن مواصلة المعركة في مديرية الجرّاحي فيرجع إلى كثافة حقول وفخاخ الألغام التي زرعتها مليشيات الانقلاب بحسب معلومات متفائلة بأن المعركة لم تتوقف حتى يظهر العكس بعد فترة زمنية كافية !!

* مكر وخداع *

وعلى ذلك فالمعركة الحقيقية بين القوات المشتركة والانقلابيين لم تبدأ حتى الآن , فبحسب منهجية امتصاصهم للانتكاسات السابقة المؤقتة وأسلوب تعاملهم مع الصدمات المشابهة يهيئ الانقلابيون ويحشدون كل الإمكانيات البشرية والقتالية بصمت وسرية كاملة لهجومات معاكسة مفاجئة أشرس ستحول كل مجريات معركة الطرفين وثقلها إلى الحديدة وحدود بوابتها في أب, ذمار,ريمة, صنعاء.

وليس أمام قيادات القوات المشتركة والمقاومة الشعبية طارق صالح وغيره خيارات التراجع عن ما بدأوه لأن ذلك يعني نهاية الجميع ,فالانقلابيون لن يكتفون بمحاولة استعادة مديرية حيس وبعض الجراحي وطرق الإمدادات والمواقع الحاكمة بل سيغريهم أي تخاذل أو تراجع باحتلال باقي مناطق تموضع القوات المشتركة في المخا وباب المندب وباقي تعز.

فيستميت الانقلابيون الآن في مديرية الجراحي-الحديدة وكذلك مقبنة-تعز.. فلا يزالون عند حالة الصدمة الأولى أمام خيارات قاسية شديدة المرارة على غرورهم, فأما يتململون ويتراجعون بشأن ما أسموه هدف احتلال مأرب بتشتيت قواهم العسكرية مؤقتاً, وإما يتراخون في معركة الحديدة الأخطر عليهم من دخول قوات الشرعية من بني ضبيان-صنعاء, فأبواب الحديدة تبدو أكبر خطورة على العاصمة المغتصبة والمشروع الإيراني الغاشم في اليمن والجزيرة العربية.

      * إلى أين ؟ *

تقدم معركة الحديدة المفتوحة بدائل استراتيجية كثيرة لقوى تحالف دعم الشرعية بشرط أن لا يكون تخفيف الضغط الكبير على مأرب هو الهدف اليتيم بل تكتيكاً لاجتياح صنعاء من الحديدة ومأرب معاً, بحيث تعوض معارك الحديدة-تعز والساحل المستمرة لاحقاً ما ليس في الحسبان في مأرب ..؟

وكما قال طارق بن زياد: ألعدو من أمامكم والبحر من خلفكم)

وأي تراجع في معركة كهذه من طرف من خطط لها وبدأها من سابع المستحيلات لأنه سيكون بمثابة انتحار ذاتي للقوى الوطنية والشرعية وتسليم كل شيء مجاناً لأدوات إيران الشريرة في اليمن على طبق من ذهب.

ولعل وقوع ما تبقى من الحديدة لا سمح الله بأيدي الانقلابيين أخطر مما لو حدث لمأرب العصية على أذناب إيران الخميني.

ومن شأن ذلك تمكين المشروع الانقلابي من رقبة أبناء تهامة وتصفيتهم والتمثيل بجثثهم وسحلهم دون رحمة كما حدث في حيس الأسبوع الماضي وقبل يومين, ولا بد أن تكون كلمة مسموعة لأبناء الأرض نفسها تخرس مناشدات الأمم المتحدة التي لم تستنكر جرائم الحوثيين البشعة الأخيرة في الحديدة وغيرها.

ولعل التهاميين يدفعون اليوم ثمن ثأر كهنوت الأمامة مع أجدادهم وآبائهم بطرق أكثر بشاعة من احفاد حاقدين سَفَلَة.

والخطر الداهم على الانقلابيين أن استمرار هذه المعركة(الحديدة-تعز) سيكون مصدر تهديد داخلي قوي لوجودهم في مناطق طاردة, ليس لهم فيها حاضنة شعبية ويرفض الناس التعايش مع عقليات ومشروع الانقلاب والكهانة والجباية والاستباحة والظلم..

وما يجري في مديرية العدين-أِب من حالة تحفز وترقب لانطلاقة ثورة أبنائها الكبرى ضد مليشيات حسن أيرلو الخميني يضع مصداقية هذه المعركة ورهان القوى الوطنية عليها محل اختبار الآن وبعد ذلك, لأن أي تراجع أو ميوعة وتذبذب في المواقف سوف يطفئ جذوة الالتفاف الشعبي واللحظة المواتية التي انتظرها الناس طويلاً.

المكاسب المعنوية في معركة الحديدة حتى الآن أكبر بكثير من حصيلة الإنجازات العسكرية المحدودة, إذ أعادت هذه المعركة توحيد بوصلة القوى المناهضة للانقلاب ضد العدو المشترك وأسقطت رهانه على بقاء تفككها كمصدر لاستقوائه وليس قوته الوهمية.

ويمكن ملاحظة تقاربات القوى الوطنية في لهجة خطاب الإعلام المعتدل في وسائل وقنوات اتصالات وأخبار كل فصيل على أنه شريك للآخر في المغرم قبل المغنم.. عدا أصوات نشاز لا يؤخذ بها.

وما فتئ الحوثيون يجاهدون في خطابات وأخبار الدس والنميمة للوقيعة بين أصحاب المصير المشترك ومحاولة النيل من التماسك الذي حطَّم معنويات قادة الانقلاب في ميادين المعارك وفضاء الإعلام أكثر من ساحات القتال التقليدية حتى إن حسين العزي دويدار يهذي كعادته بتفاهمات وهمية مع قيادات حزب الإصلاح للتشكيك بمصداقية تفاهمات المناهضين لهم الجديدة في الميدان. 

* جدية التحالف *

وفي الظاهر تبدو تحركات تحالف دعم الشرعية ضد الانقلابيين الحوثيين أكثر جدية ومنسقة حيث تتزامن معركة الحديدة-تعز مع تعزيزات معداتية عسكرية كبيرة سعودية إلى مأرب وتواصل الضربات الجوية الموجعة على أوكار قيادات أذناب إيران في صنعاء لثلاثة أيام متواصلة تذكرنا ببداية حماسة الأشقاء لإسقاط الانقلاب وإعادة تموضع قوات التحالف, بتزامن مع سباق دولي عسكري محموم قرب المياه الإقليمية اليمنية إلى بحر عمان بما له دلالاته بشيء ما يراد له في اليمن والمنطقة, فهذه الفرصة الأخيرة المواتية كما يبدو ازاء خيار حسم خطر التغلغل الإيراني في المنطقة !!.

 

الأسباب الاستراتيجية نفسها التي دفعت قيادة القوات المشتركة إلى المبادأة بإعادة التموضع والانسحاب من نطاق مدينة الحديدة إلى التخوم متمثلة بخشية التحالف العربي من تمكن الانقلابيين من مأرب ووقوع باقي الجبهات لاحقاً على الطريق تباعاً هي نفسها لا تزال بدرجة الخطر السابق, مع حساب أن التراجع عن هذه المعركة المصيرية سوف يُقَوِّض التماسك والتلاحم النسبي الذي ظهرت عليه مؤخراً قوى دعم الشرعية بما يخدم رهان الانقلابيين التقليدي على تفكك جبهة خصومهم كمصدر لقوة المشروع الإيراني التوسعي في اليمن.

وهنا سيكون الحق لمزاعم الذين شككوا بنوايا انسحاب قوات طارق صالح من مدينة الحديدة في البداية إذا ما فكر بالانسحاب هذه المرة من صليل وسعير المعركة الفصل.

وإذا كانت الألغام في مديرية الجرّاحي ذريعة معقولة في جزء منها ستخبرنا المناطق حول أب وفي تعز بباقي الحكاية وطبيعة إن المعركة الكبرى انتهت أو أن اشتعالها قد بدأ للتو واللحظة.. وكأن حرب اليمن ضد المشروع الإيراني الكهنوتي تبدأ الآن فقط.

* في فمي ماء *

ألمدعو فهد الشرفي في مداخلة أخيرة له بقناة (اليمن اليوم) قبل يومين شَطح ورَغَى أكثر من اللازم ورَمى نائب رئيس الجمهورية باتهامات باطلة وتحميل من يدافعون عن شرف الشرفي مسؤولية نتائج الحرب والمعارك..!!.

وأمام انتشائه المريض نسي صاحبنا فهد التذكير بمن أدخل الحوثيين صنعاء إلى غرف نوم المتواطئين معهم, ومنهم بعض أعضاء لجنة دائمة مثله قالوا (إن الحوثي أرحم لنا من الإخوان).. وعليه سَلَّموهم الجَمل بما حمل, العدة والعتاد والمال والرجال فوقع ما نتجرعه إلى اللحظة.

من أين نبدأ التحقيق, مع الذين خانوا وباعوا ولم يتوبوا إلى اللحظة أم مع الوطنيين الشرفاء المدافعين عن شرف فهد الشرفي وأمثاله ممن لا يزالون يحنون لسياط جلادهم المقدس سيدهم (عبدالملك الحوثي)بدليل ما يقدمونه للانقلابيين في مثل الطروحات المبتذلة.

لا ننسى التذكير بتضحيات كبيرة لمنتسبي ورجال المؤتمر الشعبي العام الشرفاء الحقيقيين من مأرب إلى الحديدة وغيرها.. أما للذين ليس لهم من أسمائهم نصيب فلا عزاء لهم ولو توضأوا بماء زمزم.