آخر الاخبار

بعد التوترات في البحر الأحمر.. سفن حربية روسية تدخل على الخط معارك شرسة في غزة ليلاً... والضربات الإسرائيلية تسقط 66 قتيلاً بعد 6 مجازر خلال 24 الساعة الماضية .. غزة تكشف عن حصيلة جديدة للقتلى والجرحى نتيجة القصف الإسرائيلي رئيس مقاومة صنعاء الشيخ منصور الحنق يوجه مطالب عاجلة للمجلس الرئاسي بخصوص جرحى الجيش الوطني .. والمقاومة تكرم 500 جريح تفاصيل يوم دامي على الحوثيين في الضالع وجثث قتلاهم لاتزال مرمية.. مصادر تروي ما حدث في باب غلق بمنطقة العود اليمن تبتعث ثلاثة من الحفاظ لتمثيل اليمن في المسابقة الدولية لحفظ القرآن الكريم وتلاوته بجيبوتي قصة موت جديدة تخرج من سجون الحوثيين.. مختطف في ذمار يموت تحت التعذيب ومنظمة حقوقية تنشر التفاصيل واحصائية صادمة حملة إلكترونية لإحياء أربعينية مدير دائرة التصنيع الحربي اللواء مهندس حسن بن جلال تعطل كافة أنظمة السداد الالكتروني شركة الاتصالات اليمنية تليمن ويمن نت.. تفاصيل الاسباب قائد الأسطول الأمريكي يتحدث عن السبب الذي يجعل موعد انجاز مهمة القضاء على خطر الحوثيين بالبحر الأحمر غير معروفا حتى الآن؟

أبعاد خمينية في الحركة الحوثية..دعونا نمسك بالخيط من بدايته
بقلم/ د. محمد جميح
نشر منذ: 14 سنة و 6 أشهر و 12 يوماً
الأحد 13 سبتمبر-أيلول 2009 09:15 م

كان في اليمن قبل عام 1962م نظام إمامي يقوم على أساس أن الإمامة لا ينبغي أن تكون إلا لرجل من نسل السبطين، وقد امتد هذا الشكل من أشكال الحكم قرابة ألف عام قتل فيها بعض الأئمة إخوتهم وأعمامهم وأقاربهم في سبيل الوصول إلى كرسي الإمامة في تأريخ معروف لدى اليمنيين، وكان آخرهم الإمام أحمد حميد الدين الذي قتل اثنين من إخوانه بحد السيف عام 1948م. وقد وظفت الإمامة بذكاء كبير مقولات المذهب الزيدي (وهو مذهب جدير بالاحترام لما قدمه من قامات سامقة في الاجتهاد الفقهي) لخدمة أهدافها السياسية. ولكنها مصيبة الدين عندما تمتطيه السياسة لأغراضها فإنها تحوله إلى مذهب ومن ثم فإن المذهب يأخذ عندئذ شكل الكرسي الذي يجلس عليه أمير المؤمنين.

انهزم النظام الإمامي في شكله السياسي والعسكري بعد قيام الثورة اليمنية عام 1962م ولكن الإمامة كفكرة لم تنهزم، بل تلونت بألوان مختلفة حسب معطيات الزمان والمكان.

في عام 1967م حصلت المصالحة اليمنية بين أنصار الإمامة ومؤيدي النظام الجمهوري فاستعدت القيادات الإمامية وقتها لأن تلبس الزي الجمهوري الذي غطى بالطبع الفكرة الإمامية إلى حدٍ ما. خلال فترة السبعينيات نشط التيار الإمامي في شكله الثقافي والفكري إلى أن توج هذا النشاط بتأسيس "اتحاد الشباب" على يد السيد العلامة صلاح فليته عام 1982 الذي أصبح الواجهة التنظيمية لهذا التيار الذي سوف نرى كيف تحول إلى حركة متطرفة ذات أبعاد خارجية.

ولكن أين الأبعاد الخمينية في كل ذلك؟

نعم. كان أعضاء هذا التنظيم "اتحاد الشباب" يدرسون ضمن المقررات الدراسية مادة عن الثورة الإيرانية التي كان يدرسها محمد بدرالدين الحوثي الأخ الأكبر لحسين الحوثي الذي بدأ قيادة التمرد الحوثي في اليمن.

في عام 1990م تحققت الوحدة اليمنية وأتيحت الفرصة للعمل السياسي العلني وتشكيل الأحزاب السياسية فخرج إلى النور التيار الفكري الإمامي في شكل حزب سياسي جمع قطاعاً كبيراً من التيارات والبيوتات الإمامية في اليمن تحت مسمى "حزب الحق". خاض حزب الحق الانتخابات البرلمانية عام 1993م وحصل على مقعدين فقط مما يزيد على 300 مقعداً في البرلمان اليمني، كان أحد المقعدين من نصيب حسين الحوثي الذي قاد حركة "الشباب المؤمن" عام 1994م نحو الحرب مع الجيش اليمني.

بعد تأسيس حزب الحق أدرك الحوثي أن هذا التنظيم سوف لن يكون له حظ وافر في الحياة السياسية اليمنية وخاصة بعد أن انحسرت الانتخابات عن الحجم الحقيقي لهذا التيار. حصلت خلاقات منها ما هو تنظيمي ومنها ما يعتقد أنه على زعامة هذا الحزب بين تيارين داخل حزب الحق: تيار يمثله العلامة مجدالدين المؤيدي المتحدر من أسرة هاشمية زيدية والذي يعد المرجع الزيدي الأبرز في اليمن، وتيار يمثله بدرالدين الحوثي والد حسين الحوثي قائد "الشباب المؤمن" والذي يتحدر بدوره من السلالة نفسها. التيار الأول لا يرى غضاضة من تولي غير العلوي للحكم (وهو رأي الإمام زيد في جواز تولي المفضول مع وجود الأفضل)، كما أن هذا التيار كان يمثل التوجه الزيدي في أبعاده الوطنية اليمنية. في الوقت نفسه رأى التيار الثاني في التيار الأول زيدية تقليدية جامدة لا تمثل طموحات الشباب وتوجهاتهم التنظيمية مما جعله يستلهم فلسفة الثورة الإسلامية في إيران في أبعادها الثورية العالمية. وهذا التيار هو الذي انبثقت منه الحوثية كحركة فكرية قبل أن تتحول إلى عمل مسلح.

هل أقول أننا الآن أمام زيدية ذات بعد وطني وزيدية أخرى ذات بعد عالمي كما يتصور الحوثيون؟ أو أننا أمام تقابل زيدي اثني عشري كما يرى خصوم الحوثيين من الوسط الزيدي نفسه؟

هل كان لرحلات العلامة بدرالدين الحوثي إلى إيران وإقامته فترات متباعدة في كل من طهران وقم أثر في تأسيس ما بات يعرف بـ " الشباب المؤمن" الذي تزعمه حسين الحوثي قائد التمرد السابق ونجل العلامة الحوثي، هذا التنظيم الذي سبق إلى قيادته الباحث محمد يحيى عزان عام 1992 والذي كان يعارض طروحات حسين الحوثي في توجهاته السياسية التي أفضت فيما بعد إلى المواجهة المسلحة مع الجيش اليمني.

أياً كانت الأسباب في تشكل هذا الفكر وهذا التنظيم، فقد تشكل التنظيم الذي آلت زعامته أخيراً إلى السادة من بيت بدرالدين الحوثي الذين يعتقد أنهم في غالبيتهم فارقوا المذهب الزيدي على رأي البعض أو الزيدية التقليدية على رأيهم ليصبحوا أكثر قرباً من الخمينية في طرحها الثوري العالمي.

ثم ماذا؟

غمرت اليمن موجة من الأشقاء العراقيين الذين جاؤوا للعمل في اليمن بعد حرب الخليج الثانية خلال فترة التسعينيات، وقد عملوا في مجالات مختلفة من أبرزها التعليم والصحة وقد كانت لهم جهود طيبة في هذا الشأن. غير أن قلة منهم تحركت تنظيمياً بالتنسيق مع السفارة الإيرانية في صنعاء في محاولات حثيثة للترويج للأفكار الخمينية في الوسط الزيدي. وقد كان من بين أساتذة جامعة صنعاء في الفترة المذكورة من كان رائداً في هذا المجال، كما أن بعضهم قد تم ترحيلهم من قبل أجهزة الأمن اليمنية بعد أن اتضحت أدوارهم في دعم التمرد الحوثي في دورته الأولى. وعند عودة بعض هؤلاء العراقيين إلى العراق شغلوا مناصب عليا في الحكومة العراقية الحالية المدعومة إيرانياً وهذا مؤشر آخر.

ولمزيد من تسليط الضوء على طبيعة العلاقة الحوثية الخمينية نسوق بعض أقوال حسين الحوثي التي تعطي البعد الخميني للحوثية نكهته المميزة. يقول الحوثي:

" الإمام الخميني (رحمة الله عليه) ذلك الرجل العظيم الذي استطاع بإيمانه وشجاعته وقوة نفسه أن يكون على هذا النحو الذي خلق تجديداً في العالم، وخلق صحوة إسلامية وأرعب أعداء الله". وفي ذلك أكثر من إشارة.

وإذا أضفنا إلى ذلك أن المسؤولين اليمنيين قد ذكروا صراحة أن إيران وحزب الله يتدخلون صراحة في الشأن اليمني (على تفاوت في التدخل)، تتضح لنا طبيعة العلاقة بين الجانبين من جهة والحوثيين من جهة أخرى. لقد ثبت لدى الأجهزة المعنية اليمنية أن عددا من الحوثيين يذهبون إلى سوريا ثم من هناك تعطى لهم تراخيص سفر إلى إيران حيث يلتحقون بمعسكرات للتدريب في إيران ثم يعودون إلى سوريا ومنها إلى اليمن دون أن يكون هناك شك في سفرهم إلى إيران.

ثم ماذا؟

تسمية الحركة باسم "الشباب المؤمن" تعكس للدارس أن التسمية لم تكن اعتباطاً. ذلك أن الخمينية تفرق أصلاً بين المسلمين والمؤمنين على أساس أن المسلمين هم العامة الذين تنطبق عليهم الآية الكريمة: "قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولمَّا يدخل الإيمان في قلوبكم" بينما "المؤمنون" هم أولئك الذين آمنوا أن الولاية لا تكون إلا في أمير المؤمنين علي عليه السلام وذريته. (المتتبع للخطاب السياسي والديني للمجاميع المرتبطة بهذا التوجه (الخمينية) يلحظ تعمد التفريق بين المصطلحين بصورة واضحة)

ثم إن شعار الشباب المؤمن هو عينه شعار الثورة الإسلامية "الموت لأمريكا الموت لإسرائيل". ذلك الشعار الذي رفعته إيران شعاراً لثورتها، ولكنها عندما جاءت إلى تطبيقه، طبقته في بلاد الرافدين بقتلها ما يقارب المليون عراقي خلال حربها مع العراق بين عامي 1980م و 1988م، ثم اشتراكها عن طريق مليشياتها في العراق بقتل وتشريد ملايين العراقيين بعد عام 2003م. وإذا كانت إيران قد رفعت الشعار على النحو: "الموت لأمريكا الموت لإسرائيل" فإنها طب فإنها قبقته رفعت شعار "الموت لإسرائيليشياتها في العراق بقتل وتشؤيد ملايين العراقيين بعد عام 2003م ما يقارب المليون عراقي خلالقته على النحو: "الموت للعراق الموت للبنان". أما الحركة الحوثية فإنها وإن رفعت الشعار نفسه إلا أنها كذلك عندما جاءت للتطبيق، طبقته على النحو: " الموت لصعدة... الموت لليمن" في إصرار عجيب على السير وراء الطروحات الخمينية التي تعتنق: الموت لأمريكا الموت لإسرائيل شعاراً وتمارس: الموت للعراق، الموت للبنان واليمن تطبيقا.

ثم ماذا؟

ليس بعد ذلك من ماذا أو كيف. يمكننا أن نقرر ونحن مطمئنون أن الحوثية في اليمن ما هي إلا وجه من الأوجه العديدة التي تتشكل بها الخمينية حسب معطيات الزمان والمكان.