مرفوضة ، مرفوضة ، مرفوضة
طارق عثمان
طارق عثمان
 

أصبح البعض متلهفا للتوقيع على المبادرة الخليجية لماذا ؟ فقط لأن مناورات صالح أظهرته وكأنه لا يريد التوقيع ، وأنه يتهرب منه.

ولذا فهذا البعض يعتقد أن توقيع صالح يعتبر خضوعا منه واستسلام وانه قد أُسقط في يده ولم يبق له حيلة ، وكأن الثورة ستنتصر بتوقيع صالح ..

أنا شخصيا أرى التوقيع انتكاسة وأتمنى من الله أن يرفضها صالح ويستمر في رفضها برغم أن البعض يرى أنها المخرج من هذه الحالة التي يعيش فيها البلد ...

هذه المبادرة مرفوضة تماما وللأسباب التي سأسردها أولا : أنها لم تلب أي مطلب من مطالب الشباب وهي

1- مطلب إسقاط النظام : فما سيحدث هو بقاء نظام صالح حتى لو رحل هو شخصيا فسيبقى الحزب الحاكم ممسكا بنصف مقاعد الحكومة القادمة بنفس آلياته وفساده ومصالحه الضيقة وحزبيته المقيته ، ونحن نعرف أن ثورتي مصر وتونس ما زالتا تعانيان بسبب وجود بعض الشخصيات من الصف الثاني والثالث للنظام السابق فما بالك حين يبقى رموز النظام في 50 % من مجلس الوزراء وفي كل مفاصل الدولة التي تغلغل فيها خلال عشرات السنين ..

2- المبادرة أسقطت الرحيل الفوري لصالح وهذا سيعني جولات جديدة من المراوغة قد تستمر لأشهر تحت بند الاختلاف على آليات التنفيذ ...

3- المبادرة أسقطت مطلب محاكمة صالح على جرائمه : فالمبادرة وحتى لو سارت كما خطط لها فهي تعني إعفاء صالح من تبعات ما أقدم عليه خلال حكمه وهذا يسقط واحد من مطالب شباب الثورة ..

ثانيا : المبادرة وبعد توقيعها ستمثل إعلان عن قيام الثورة المضادة فلا أحد يستطيع أن يضمن أن صالح بمجرد توقيعه على الاتفاقية سيبدأ بتجهيز شنطة السفر ، بل سيشرع في حياكة المؤامرات لنقض ما تم التوقيع عليه وهناك عشرات الوسائل التي ستمكنه من فعل ذلك في سبيل محاولات إجهاض ووأد الثورة وبالتالي فالتوقيع لن يعني نهاية المسالة بل بداية مشوار جديد يعطي لصالح وقتا مفتوحا للمراوغة ...

ثالثا : على افتراض أن صالح قد سلم بمصيره وقرر مغادرة السلطة ومغادرة اليمن كلها ، فإن حزبه الحاكم سيشل حركة البلد عن عمد ليقوم بتحميل أحزاب المعارضة وزر الحالة المتردية التي ستصل إليها اليمن وستتوزع مطالب الثوار بين القبائل ، فالحزب الحاكم سيعمد إلى تحميل شركائه الجدد كل المسؤولية عن سوء الحالة الاقتصادية والأمنية التي ستعقب الرحيل ، وحينها سيكون على الثوار الخروج للشوارع مرة أخرى ضد حكومة الائتلاف الوطني ..

إذا فعن أي ثورة نتحدث ، وحزب الفساد سيستمر في الحكومة القادمة ودون أي مسؤوليات أخلاقية أو قانونية عما سيؤول إليه البلد بفعله هو وأعوانه من نهب للأموال العامة وتردي للحالة الأمنية وعبث وفوضى عارمة ودون وجود أي مرجعية لسلطة قوية قادرة على كبح جماح الحزب كما هو الحال في مصر في وجود مرجعية المجلس العسكري ...

ما الذي سيكون بيد أحزاب المعارضة من سلطة لتنفيذ برنامج الثورة في التغيير نحو المستقبل المنشود ، لا شيء سوى صكوك وأوراق وقعها صالح بحضور الزياني ، لكن على الأرض كل السلطة والنفوذ والقوة هي في يد أتباع صالح ورجاله وزبانيته ...

المبادرة مؤامرة على الثورة والتوقيع عليها خيانة وستدفع البلد ثمن التوقيع أضعاف مضاعفة عن الثمن الذي ستدفعه لو استمر الفعل الثوري حتى إسقاط النظام ، مع فارق أنه في الحالة الأولى سندفع الثمن دون مقابل ...

فالحاكم سيلجأ إلى تقويض الحلول التي قد تنهي القضية الجنوبية ليبقيها ملفا مفتوحا وساخنا وربما متفجرا أكثر مما كان عليه . الفساد المالي والإداري سيصل إلى ذروته ، تصفية الحسابات مع شباب الثورة ستبدأ في كل المواقع ، وسيجعلون الشعب يتمنى عودة صالح ، ويلعن اليوم الذي تسلمت فيه المعارضة زمام السلطة ...

سيقول البعض أن الحزب الحاكم سينتهي بمجرد رحيل صالح فهو لا يعدو عن كونه تجمعا لأصحاب المصالح والنفوذ ، وهؤلاء سينتهون كما انتهى الحزب الوطني في مصر والتجمع الدستوري في تونس ..

وهذا قياس فاسد ، فحزب المؤتمر في اليمن سيبقى على عكس سابقيه متماسكا ، فانهيار سابقيه جاء بسبب سقوط النظام كله وانتزاع السلطة من يد الحزب أما في الحالة اليمنية فهي ستعطيه شرعية البقاء والحكم والسيطرة وتعطيه حرية الحركة وتعطيه مقومات القوة والسيطرة ، وهو ما سيدفع رجالاته إلى التماسك أكثر من أي وقت مضى للحصول على أفضل المكاسب ... وبكرت سوا أو موبايلي سيتمكن صالح من إدارة الحكومة من منفاه حتى عودته المظفرة ...

احزاب اللقاء المشترك بكهولها يبدو أنها غير مهيئة لاستلام السلطة فلذلك فهي تجد في المبادرة مخرجا لورطتها هي ايضا، وهنا تكمن الكارثة إن صح هذا ..

أو أنها كما يبرر لها البعض تريد ان تعري صالح أمام الاشقاء الخليجين ، وهذا تبرير واهي بعد كل حركات صالح البهلوانية التي تكشف سوءته أمام الجميع ولكن الخليجين قد كرم الله وجوههم فلم يروها بعد ، وسيستمرون لا يرونها حتى تصل المبادرة الى نسختها الأخيرة مبادرة خليجي 21 ..


في السبت 21 مايو 2011 10:48:45 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://video.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://video.marebpress.net/articles.php?id=10334