حبا في منهج السلف.. وبغضا في الحوار المتمدن
صخر عبد الله الغزالي
صخر عبد الله الغزالي
كلنا مسلمون.. ولم يُعرف مسمى (السلفي) إلا عندما بدأت جماعات من الناس في الانحراف عن منهج النبوة وهدي السلف الصالح المشهود لهم بالخير , وكل من خرج من هؤلاء الطوائف يدعي انه هو صاحب المنهج القويم والأقرب إلى اتباع النبي صلى الله علية وسلم , وحتى لا يختلط المنهج النبوي الذي عاش عليه الرسول صلى الله علية وسلم واصحابه في القرون الفاضلة الثلاثة على الناس عموما العوام خصوصا , اصطلحوا على ان يسموا انفسهم بـ( السلف او اهل الحديث او اهل الأثر والفرد منهم سلفي والجماعة منهم سلفيون ) وهم ليسوا حزبا او جماعة جديدة او منهج مستحدث بل اسما اضطروا إليه بين ركام من المسميات التي قد كثرت امام كثير من العوام وإلا فالجميع مسلمون في الأصل ولا فرق بين مسلم ومسلم إلا بالتقوى , وهؤلاء هم السلف (ما كان عليه النبي صلى الله علية وسلم وأصحابه عقيدة ومنهجا وسلوكا) فمن سار على هديهم وعقيدتهم ونحلتهم فهو السلفي حتى يلقى الله.

وهذا المنهج القويم عبر التاريخ مر بكثير من الابتلاءات والامتحانات ولم تزده هذه المحن إلا قوة وعظمة إلى عظمته لأنه منهج قويم ويستند إلى ركن ركين ركن الوحي المنزل الذي ( ..لا يأتيه الباطل من بين يدية ولا من خلفه ).

وبالتالي فإن خصوم هذا المنهج كثيرون , ومن يريد ان يشوه المنهج السلفي قديما وحديثا كثير , لكن الله يأبى إلا ان ينبري لهؤلاء من يعلم الناس ويرشدهم لتبقى حجة الله باقية وماثله إلى ان يرث الله الأرض ومن عليها .

والعداوة قديما بين اصحاب المناهج المختلفة والفكر السلفي تكاد تكون محصورة في جانب العقيدة الصحيحة حيث كان بدء الانحراف والخروج عن فهم السلف كان في العقيدة كالقدرية والجهمية والخوارج. فانبرى لهم من يزيل تلك الشبهات ويرد على تلك التساؤلات , إيمانا من أن الإسلام يرد على كل شبهة وفيه الرد على كل تساؤل مهما كان فعاد من عاد وكابر من كابر على ضلاله , لذلك لزم تبيين اهل الحق وفصلهم عن من يضادهم ويخالفهم .

ومن هنا يتبين ان العقيدة السلفية هي ما يميز السلف والسلفيين , أما الفقه فمجال الاختلاف فيه واسع وابواب الاجتهاد يسع فيها الأخذ والرد , وإن حدث إنكار فيكون في ابواب الفقه فإنكار محدود لمعلوم من الدين بالضرورة وخروج على اجماع الأمة بغير ضرورة معتبرة عند الشارع الحكيم .

ولكن خصوم اليوم للمنهج السلفي اشد ضراوة من خصوم الأمس , فخصوم الأمس رغم حذاقة شبهاتهم وقوة بيانهم وسعة علم الكثير منهم , إلا انك تجد انك امام اناس لا يفهمون حتى الشبهة التي يطرحونها فلا يهرفون بما لا يعرفون ولا ينقلون ما يجهلون , وامام خصوم الفكر السلفي اليوم من ( الحداثيين والليبراليين و اليساريين بكل اطيافهم والعلمانيين ..الخ ) والذين يشكلون تيارا يساريا كبيرا تعددت اشكاله وأطيافه خصومتهم للمنهج السلفي تقوم على اسس النقض الكامل والتام للأسس التي يقوم عليها المنهج السلفي (القرآن والسنة, الإجماع) وهي عين التشريع الإسلامي وبعبارة اوضح نقض الإسلام كدين.

لذلك تفننوا في طرح الشبه في كل ابواب الإسلام لتشكيك الناس بدينهم , والمقصد عند اليساريين في هذا الطرح هو تشكيك الأمة بجدوى الإسلام والذي له مكانه قوية في قلوبهم لا تتزحزح .

تعدت الخصومة عند الاتجاه اليساري لتتطاول اكثر فتعدت المنهج السلفي واركانه لتصل إلى ما هو اقدس من ذلك وهو ( الذات الإلهية ) ولقد شاهد الكثير العديد من هؤلاء يتبنون الإلحاد صراحة وسب الذات الإلهية جهارا من امثال ( وفاء سلطان وعبد الله ابو شرخ والقائمة كثيرة ) ممن يدونون في ما يسمى ( بالحوار المتمدن ) .

وفي ظل تراجع الإقبال على العلم الشرعي عقيدة وفقه وسيرة وفهما وتنزيلا وأصولا , فإن هؤلاء يجدون فرائسهم سهلة في الشباب المتعطش للمدنية الهارب من البطالة وشظف العيش والفراغ الفكري والذي لا يحمل في حياته أي معرفة , فأمام الشعارات البراقة والكلمات المعسولة يجد الشاب نفسه امام أقلام قد برعت في الطرح بسبب تمرسها وفكر متقن في الحبك بسبب جهل المتلقي لهذا الفكر وفراغ قلبه من ان يرد على أي شبه فتكون نتائج ذلك مؤسفة عند كثير من الشباب في اتباع هؤلاء ومنهجهم يصل كثيرا منها إلى الإلحاد .

لقد تحاورت مع كثير من هؤلاء من الذين يسمون انفسهم بـ( الحوار المتمدن ) فتراهم يحشدون الأدلة والنصوص من كل مكان مصادرهم كتب المستشرقين و المفكرين اليهود و الشيوعيين العرب وغيرهم من دعاة التنصير , وكل ما طرحوا من فكرة وشبه جاء الر عليها بإذن الله شافيا كافيا , لكن من يحمل الرد قليل ومن يفهم الرد هم اقل ,وبين من يقول دعهم يصرخون وتفرغ لغيرهم وبين من يرى نتائج فكرهم على المدى البعيد في تزايد ونحن لا نشعر .

الكل مسؤول امام اتاحة الفرصة لهؤلاء في ان يعيثوا في الأرض الفساد بفكرهم المنحرف وتنكيسهم للمعتقدات والمحرمات تحت مسميات التمدن والحداثة , والمسؤولية توجه ايضا إلى العلماء والشيوخ – إلا من رحم الله - في حصر انفسهم في شبهات قديمة قد حفظها الطلاب وعرفوها والفوها ولم يتعدوا إلى شبهات الإلحاد والاستشراق والحداثة المعاصرة وذلك بالاطلاع على ما لدى القوم من فكر ثم الرد عليهم بالفكر والحوار والكلمة القوية المؤيدة بالوحي المعصوم , فوجد هؤلاء لأنفسهم بابا مفتوحا فدخلوا إلى قلوب وعقول فارغ من العلم والخير والإيمان فأحدثوا فيها الشك بكل ثابت وغيروا فيها بغير بصيرة والله المستعان .

إن تاريخ الحداثيين والليبراليين واليساريين يقوم على اساس جلب الحياة الغربية بكل ما فيها من انحراف إلى عالمنا العربي , ومحاولة استنساخ الحياة الغربية ( فكريا وروحيا وسلوكا ) دون مراعاة لتلك الخصوصية التي يعيشها العرب وتعيشها الأمة كلها ولأن هذه المناهج الفكرية هي صناعات بشرية يعتريها النقص والقصور فمن البديهي ان تكون هذه التركيبة فاشله لأنها لم تراعي تلك الخصوصية وذلك الواقع المختلف تماما .

لقد ظل اليساريون سنين طويلة يحاولون نشر فكرهم ونش معتقداتهم ونقل الحيات في الشرق والغرب إلى بلاد العرب حتى سقطت قلاع الحداثة واليسار سواء في الاتحاد السوفيتي او غيره وفي هذا ابلغ درس لهم لو كانوا يعقلون إذ كيفي تنقل تجربة عجزت عن انقاذ من صنعوها ومن يحاولون تصديرها لإنقاذ الأخرين ؟؟!!

الإسلام ابدا لم يكن ضد الحوار , او ضد النقاش البناء او مع مناقشة الأفكار الم يطلب منا الله ان نجادل اهل الكتاب بالتي هي احسن ؟؟ الم ينقل الله لنا شبهة اليهود في قولهم عن الله (يد الله مغلولة) كل هذا دليل على ان الإسلام لا يمنع الحوار مهما كان ولكنه يشترط ان يكون الحوار مبني على أسس العلم والتعلم بمعنى وحب المعرفة.

سيظل المنهج السلفي قائم بقوته وكبريائه لأنه منهج الله في الأرض حتى يرث الله الأرض ومن عليها وهو منهج الرسول والأنبياء الكرام , فقد تعرض الإسلام لأكثر من هذه الحملة الشرسة من العلمانيين والملاحدة والليبراليين وضل صامدا رغم كل ذلك ورغم خذلان المقصرين من ابنائه والغارقين في جزئيات اخذت كل وقتهم وحياتهم وتفكيرهم لا علاقة لها في معتقد السلف ولا اصل اصيل في العقيدة او مصير الأمة.

لتستيقظوا شباب الأمة اليوم لتعلموا ان هناك من لا ينام لتفكيرة وكيده للإسلام وأهله ومشروعة التنموي والنهضوي للبشرية كلها الم يقل رسولكم صلى الله عليه وسلم (.. وألا يسلط عليهم عدواً من سوى أنفسهم..) فهؤلاء من ابناء جنسنا ويتكلمون بلغتنا ولكن قلوبهم صنعت وتشريت في عالم تعرفونه.


في الجمعة 15 يوليو-تموز 2011 11:21:11 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://video.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://video.marebpress.net/articles.php?id=11031