يا صالح .....إلا الطائفية
بكر احمد
بكر احمد

مأرب برس – خاص

يخال للمرء كثيراً ، بأن الرئيس صالح صار مقتنعاً تماما بأنه يمتلك الأدوات الضرورية التي تمكنه من فعل أي شيء وفي أي وقت دون التوجس من أي ردة فعل شعبية ، أما عني شخصيا ، فأنا أعتقد أن صالح لا يعلم إطلاقا أنه هنالك شعب يحكمهُ ، بدلالة الصدود الدائم عن مطالبة الملحة والطبيعية ، وأنا لا أريد أن أخوض كثيرا في تحليل شخصية زعيمنا المبجل الذي وعدنا بيمن جديد مختلف عن اليمن الذي هو ذاته كان يحكمه منذ ثلاثون عاما مضت ، فالتحاليل هذه هي أداة احترافية لا يمتلك المقدرة عليها إلا من أوتي من العلم كثيرا.

كما أني وبالمناسبة هذه أول مرة أكتب بها في الوضع المحلي والداخلي بعد خروج نتيجة الانتخابات الرئاسية الماضية وفوز صالحنا بمدة مستحقة أخرى قادمة ، وكنت أحسب وأنا في صومعتي البليدة بأن الشعب اليمني يحتاج إلى مائة عام أخرى حتى يستفيق ويعلم بأن المعارضة لا تريد إلا وطنا للجميع ، ولكني ارتديت عن نفسي الأمارة بالسوء وهبطت من علو الكبرياء والتخندق خلف الستائر الكاذبة ، لأعلن لنفسي أولا وأخيرا بأني أنا الآخر مجرد مواطن يمني يحلم بحقه العادي بالعيش في رتوع السعيدة ، وأن السكوت عن ما يحدث هو مجرد بيع الروح للشيطان وللشر وأيضا وهذا هو الأهم علي بأن لا أستخف بشعبي اليمني العظيم الذي خلق أروع الحضارات في وقت كانت البشرية تعيش في مجد تخلفها .

ماذا يحدث الآن في اليمن ،ولماذا قدر لنا بأن نظل ندور في حلقة الحروب والمفاسد بينما الزعيم الأوحد صاحب المجد الأعظم يسرق اللحظة من بين أضلعنا وزماننا ويتلاعب بها كيفما شاء .

 بعد الانتخابات مباشرة ، حدثت حالات تعذيب واغتصاب لنساء يمنيات في السجون أسوة بما قامت به حكومة العملاء الصفوية في العراق ، ولكننا في اليمن لا نعيش حالة احتلال من الآخر ، بل نعيش حالة حكم مستديم من الداخل ، تصارخ شرفاء اليمن لأجل كرامة السجين عامة وكرامة اليمنية خاصة ، متناسين بذات الوقت بأن قضية الطفلة سوسن مازلت تراوح مكانها ، وبأن قضية الحامدي قتيل سنحان مازالت توارى خلف دهاليز القبيلة والطبقية .

في كل الأحوال وأن أنتفض صالح نحو إعادة آل سالم لأنهم يهود إلى مناطقهم وذلك لحسابات دولية يفقهها هو جيدا، نجده وفي المقابل يغض الطرف عن ما حدث لأهالي الصفة ورعاش من قبل شيخ مملكة الجعاشن برغم أن هؤلاء وحتى الساعة مازالوا يرفعون صورته البهية على أمل تحريك ولو ذرة شهامة في داخله حتى ينصفهم مما حدث لهم ، ورغم أنهم أيضا منحوه صوتهم في الانتخابات التي كرسته حاكما علينا هم في قرارة أنفسهم لا يعلمون بأن هذا الصالح لم يبالي بهم يوما أو بغيرهم .

نحن معتادون على هذه الظروف المريرة التي يسوقها لنا صالح بين الحين والآخر ، لذا لم نكن معارضين صدفة ، ولم ننحاز للنقد الدائم لشهوة النقد وحسب ، بل لأن الأمر تجاوز كل مدى وصار الوضع مثيرا للجنون ، ومع ذلك نعتقد _ توهما _ بأن صوتنا سيجد ذات يوما صدى لدى العاقلين من الشعب اليمني ، وخاصة أن الأمور تتطور لتتجه نحو الطائفية التي يسوق لها صالح وعمائمه التي تخرج من المنابر بهذا الشكل الهستيري ، و هو أمر فوق أن يحتمل أو يُسكت عنه ، وإذ كان المخطط القادم مع المشروع الأمريكي والذي سن قوانينه بول بليمر في العراق والذي ينص على تقسيم المنطقة على أسس مذهبية وعرقية ، فهذا لا يعني إطلاقا بأن يستغل صالح هذه الموجه لتصفية جزء من الشعب اليمني يحق له أن يعتنق ما يريد وأن ينادي بما يريد ، بحجة أنهم شيعة اثني عشرية .

لأن ما نراه الآن من حملة إعلامية سلفية مريرة على هذا المذهب ، كمذهب ديني يتجاوز ويفوق الخلاف السياسي والعسكري ويقع ضمن أجندة لا يجب أن تقع بها اليمن كدولة اعتادت على التعايش السلمي بين مختلف الطوائف الدينية واكتفت بالقاسم الوطني والذي هو بطبيعة الحال قاسم العروبة المشترك ، عليه أن يعرف بأن اليمن تمتاز بتنوع ديني ومذهبي متميز وأن اللعب عن هذا الوتر الطائفي وبهذا الشكل المتهور قد يدخلنا في متاهة نخشى أننا قد لا نخرج منها إطلاقا ، ناهيك بأن هذا التخوف ليس قائما على التوجس من حرب مذهبية قد تحدث ، بقدر ما هو احترام للمذاهب الأخرى وحق ممارسة شعائرها ضمن ما سمح به الدستور اليمني ، كما أنه على الجميع أن يفهم بأن الخلاف لا يجب أن يكون بما يعتنقه هذا المذهب ، بقدر ما يكون بما تريده هذه الجماعة من مصالح سياسية وما هي الطرق والأدوات والسبل التي تستخدمها لتحقيق أهدافها .

ليس من صالح أحد أن يستند إلى مذهب ديني لتصفية مذهب آخر وأن يستخدم هذا التنافر المذهبي من أجل غايات سياسية وعسكرية ، فحالة التكفير والتضليل السائدة الآن لن تفيد إلا من يريد فعلا أن يجعل من العرب طوائف ومذاهب وشراذم رعناء تحتسي الماضي وتثمل على دماء التاريخ كما يحدث في العراق العظيم ، وأنا لا أفهم ألي أي حد مستعد صالح أن يمضي بالوطن ويعرضه للتهلكة مقابل كرسيه وحكمه ، بل أني لا أفهم أكثر كيف يفكر صالح ومن هم مستشاريه الذي يعطونه مثل هذه الأفكار الرعناء .

المذهب الشيعي الأنثى العشري أن وجد في اليمن ، هو مذهب ديني مثله مثل باقي المذاهب اليمنية ، وأسوء ما فيه هو توظيفه سياسيا مثلما هو السوء في توظيف السلفية الحالية سياسيا ، ولن يجني أحد من هذه الحماقات إلا صالح ألذي يجيد فن الهروب من واجباته المستحقة نحو مواطنيه ، والذي وجدا أخيرا منفذا لصرف المعونات التي قد تأتي من مؤتمر المانحين من لندن بشراء الأسلحة ونيل الصفقات الضخمة والعمولات الهائلة له ولأفراد عائلته ، وعلى الشعب أن يصبر على هذه الحالة حتى يتم التخلص من الحوثيين الأنثى عشريين وأن يربط الحزام على بطنه وأن لا يحلم أبدا بيمن جديد كالذي سوقه لنا صالح ، ومن ثمة نقفز من هذه القضية إلى قضية أخرى وقد تكون الإنفصالين الأوغاد أو الإصلاحيين الإرهابيين أو الأمامية الظلامية ...وهكذا دواليك ، لكن من السخف أن نعتقد بأن نار الطائفية يمكن تجاوزها بمجرد القفز إلى قضــية أخرى ......ألا هل بلغت اللهم فاشهد.

benziyazan@hotmail.com


في الخميس 15 فبراير-شباط 2007 09:42:56 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://video.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://video.marebpress.net/articles.php?id=1153