شبام
د/محمد القاضي
د/محمد القاضي

مأرب برس – الرياض - محمد القاضي

من "شبام" حضرموت إلى "شبام" الغراس.. التأريخ مرّ من هنا!

 تتشابه أسماء المناطق والمدن في عموم اليمن، على الرغم من أن تاريخ بعض تلك المناطق يعود إلى ما قبل الإسلام، وبعضها الآخر إلى ما بعد الإسلام، حيث هناك العديد من المناطق تتفق في أسمائها على الرغم من تباعد أماكنها مثل ظفار داوود في منطقة حاشد وظفار يحصب عاصمة التبابعة في يريم وظفار الحبوضي على ساحل البحر العربي بين حضرموت وعمان.

ومن بين الأسماء المشهورة يأتي اسم شبام، والذي تشترك في حمله عدة مواضع ومناطق في اليمن مثل: شبام حراز، شبام كوكبان، شبام الغراس وغيرها، لكن شبام حضرموت تعد من أشهر المناطق التي تحمل هذا الاسم، التي تقع في نطاق وادي حضرموت، إلى الشرق من صنعاء وقد ذكرت هذه المنطقة في نقوش المسند ب "شبم" ضمن مملكة حضرموت، ويعود تاريخ تلك المدينة التي تعد من أهم مدن وادي حضرموت إلى القرن الرابع بعد الميلاد.

وفيما المدن الأخرى التي تحمل اسم شبام قامت في أعالي قمم الجبال لتتحصن بصخورها وحصونها، نجد شبام حضرموت أنها نشأت على الساحل حيث بنيت فيها أقدم ناطحات السحاب في العالم، لتكون مركزاً دفاعياً لمدينة حصينة، إذ ترتفع بيوت شبام المبنية من اللبن - بشكل مثير للإعجاب ب مسافة تصل بين 30- 40متراً، ويتراوح عدد أدوارها بين 5- 16طابقاً.

ويحيط بمدينة شبام حضرموت سور كبير، وهو مبني على الطراز القديم، وشوارعها ضيقة ملتوية، ويتراوح سمك جدران الدور الأرضي لمنازل المدينة بين متر ونصف المتر ومترين، لكن هذا السمك يتناقص كلما صعدت إلى الأعلى، باتجاه الحافة العليا للبيت، كما أن معظم جدران البيوت مبنية بالطين، إلا أن المنطقة العليا منها تطلى بطبقة كبيرة من الجير الأبيض.

وهناك من المؤرخين من يشير إلى أن شبام حضرموت، والتي بها أكثرمن 30مسجداً سميت "شبام" نسبة لأهل شبوة، "وكان الأصل في ذلك شباه، فأبدلت الميم بالهاء".وك انت منظمة اليونسكو قد أدخلت مدينة شبام حضرموت، العام 1986ضمن التراث العالمي، بهدف حماية المدينة، وتم خلال سنوات سابقة تنفيذ العديد من المشاريع الخاصة بحمايتها.

ومن بين المناطق التي تشترك باسم شبام تأتي منطقة شبام الغراس والواقعة إلى الغرب من صنعاء، وهي عبارة عن جبل وحصن يطلان على مدينة مناخة ،إلى الغرب من العاصمة صنعاء، وكان يطلق عليها قديماً "شبام اليعابر"، وتشير المصادر التاريخية والأثرية إلى أن شبام حراز "شبام اليعابر" اتخذ منها الملك علي بن محمد الصليحي خلال الفترة "439- 459ه" وأنشأ داراً في قمة جبل شبام، واتخذها الأتراك بعد إستيلائهم عليها في العام 1871كأحد أمنع معاقلهم في اليمن.

 

 

أما شبام كوكبان فقد جاء تسميتها "شبام يعفر" نسبة إلى ملوك آل يعفر خلال فترة "225- 393ه"، الذي سكنوها وأقاموا بها التحصينات والأسوار، والقصور، والمنازل، والأسواق، وشبام كوكبان التي تقع إلى الشمال الغربي من العاصمة صنعاء تقع على سفح جبل كوكبان الشاهق، وقد ذكرت شبام كوكبان في نقوش المسند منذ فترة مملكة سبأ، كما عرفت قديما باسم "شبام أقيان".

ويعود بناء الجامع الكبير الواقع بمدينة شبام كوكبان "شبام أقيان" إلى الدولة اليعفرية قبل العام 300ه، ويقال إن من بناه هو الأمير أسعد بن يعفر، ومحمد بن يعفر، وأن عملية التجديد والتعمير لهذا الجامع تواصلت حتى نهاية الدولة اليعفرية، ثم تعرض الجامع للتلف والخراب حتى أعيد تجديده في العصر العثماني، وتمت زخرفة سقف الجامع على غرار سقف الجامع الكبير بصنعاء، وفيه أعمدة رخام قديمة ونقوش مسند حجرية لاتزال قائمة حتى الآن. كما تميزت شبام كوكبان بطابعها الخاص وأسواقها الشعبية على جبل كوكبان "ذخار"، الواقع خلف شبام، حيث يوجد الكثير من الكهوف المنحوتة في الخور، وكانت تستخدم قبل الإسلام كمقابر للأفراد شأنها في ذلك شأن شبام الغراس.

ومثلما نجد التتشابه في الأوضاع في شبام حراز "شبام اليعابر"، وشبام كوكبان "شبام أقيان"، باعتبار أنهما أنشئتا أعلى قمم الجبال، وكانتا من الحصون المعنية والقوية، إلا أن شبام أقيان تنفرد عن الأولى بأنها تتميز بإتخاذها عاصمة لممالك ملوك الدولة اليعفرية.

وهناك منطقة رابعة في اليمن تحمل نفس التسمية، وهي شبام الغراس والواقعة على بعد نحو ( 25كيلو متراً إلى الشمال الشرقي من مدينة صنعاء)، وهي الأخرى نشأت على قمة جبل وحصن ذي مرمر، وعرفت أيضاً في نقوش المسند أيضاً، ولكن باسم "هجرت شبمم" و"ذشبمم" و"شبمم"، وقد أثبتت المصادر التاريخية والأثرية أن هناك عدة تسميات لمدينة شبام الغراس، مثل: "شبام سخيم" نسبة إلى بني سخيم الذين سكنوها قديماً، و"شبام الجصة" نسبة إلى مادة الجص التي اشتهرت بصناعته المنطقة قديما،بالإضافة إلى "شبام ذي مرمر" نسبة إلى جبل ذي مرمر، وترجح تلك المصادر القول إن مدينة شبام الغراس "شبام سخيم" قد برزت وازدهرت قبل القرن الثالث قبل الميلاد.وأ كتسب موقع شبام الغراس "شبام سخيم" أهميته التاريخية لعدة عوامل من أبرزها وقوعها عند الطرف الشرقي لمدخل وادي السر الذي يمر منه الطريق الرئيس الذي يربط المناطق المنخفضة الشرقية بمأرب وصروح ومناطق المرتفعات.


في الأربعاء 28 فبراير-شباط 2007 07:20:47 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://video.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://video.marebpress.net/articles.php?id=1233