التدوير أول ثمار التغيير
د. محمد حسين النظاري
د. محمد حسين النظاري

• كل ما عشناه خلال الفترة الماضية وتحديداً خلال الـ12 شهراً الفائتة مرده الأساسي سوء الإدارة في بعض المرافق الحكومية التي لم شهد تغييراً سواءً في قادتها أو طريقة أدائها أو حتى تقبلها للنقد البناء، وهو ما جعلها تتقوقع في مستنقع من الفساد المالي والإداري.

• وبما أن تلك المرافق كانت جسر التواصل بين الدولة والمواطن، فإن اختلالها في المؤسسات الخدمية والتنموية والاستهلاكية والايرادية والتعليمية وحتى العسكرية - المتعلقة بتعاملها مع المواطنين- قاد إلى عدم ثقة المواطن بالدولة من خلال سلوكيات القائمين عليها- مع وجود مؤسسات ناجحة أيضاً - ، والذي استطاعوا أن يصورا الدولة وكأنها غول سيلتهم المواطنين، وهو ما ولد نقمة عارمة لديهم جعلتهم يخرجون إلى الشوارع مطالبين بالإصلاح الإداري، قبل أن تتحول الاحتجاجات إلى ما وصلنا إليه الآن.

• كل تلك الاختلالات كان قانون التدوير الوظيفي رقم 31 لسنة 2009م الذي صدر في عهد الدكتور على مجور كفيلاً بحلها، ولكن تأخر تطبيقه كل هذه الفترة وضع أكثر من علامة استفهام حول المستفيدين من عدم تطبيقه؟ وجعله حبيس الادراج طوال هذه المدة.

• إن الحديث مجدداً عن تطبيق قانون التدوير الوظيفي فتح باب الأمل من جديد، وبعث في النفوس المحبطة اشعاعة ضوء في النفق المظلم الذي ولجنا إليه، ولن يعود إلى ادراجه ثانية بفعل ما أحدثه الشباب من تغيير نتج عنه استجابة القيادة السياسية بشكل سلمي وديمقراطي.

• من حقنا أن نقول وداعاً للتوريث الوظيفي، وداعاً لامتلاك الوظيفة العامة، وداعاً للاستقواء على الضعفاء من خلال المنصب، وداعاً لشراء الذمم وبيع العهود ونقض المواثيق من خلال الترهيب الوظيفي تارة باسم العقاب وأخرى بالنقل التعسفي وثالثة بالفصل النهائي.

• عندما يدخل القانون حيز التنفيذ سيصبح موظفو الدولة سواسية، لا فرق بينهم إلا بالاجتهاد والإبداع والتفاني والإخلاص، فسيف المدير المتسلط سيرجعه القانون إلى غمده، بل سيكون المدير نفسه هذه المرة من سيسلط عليه سيف التدوير الوظيفي، والذي سيردعه ألف مرة عن ظلم مرؤوسيه، لأنه يعرف انه لن يُخلّد كما كان سابقاً فوق كرسيه.

• وحتى يكون للقانون تأثيره الملموس ينبغي أولاً تطبيق التدوير من ساعته وتاريخه على الجميع، طالت أو قصرت مدته في الوظيفة سابقاً، لكي يشعر الناس بحجم التغيير الذي أحدثه القانون الذي جاء مواكباً مع التغيير، أما إذا أبقينا نفس الأشخاص في أماكنهم ثم بدئنا بحساب الفترة لهم، فهذا ما لا يقبله عاقل، كما انه لا يجوز تدوير الفاسدين، ولا غير المؤهلين، ولا من اقتربوا من احد الأجلين ولو حتى بسنة واحدة على الأقل من وقت تنفيذ القانون، وان كانوا معينين بقرارات جمهورية.

• هيبة الدولة وقدرتها على التعاطي مع متطلبات التغيير الحقيقي سوف يلمسها المواطن البسيط من خلال تفعيل هذا القانون، فنحن نعرف رؤساء مؤسسات ومدراء عموم وما في مستواهم أو دونهم، ماكثين في أماكنهم لأكثر من عقدين من الزمن، وخلالها عقّدوا الأمور وصعبوها، وعقدوا العزم على ألا يزيحهم إلا ملك الموت، أو قريب يخلفهم في مناصبهم.

• تشبيب الوظيفة العامة ضروري، لأن العقلية التي كانت تُدار بها من قبل من عملوا مع الاستعمار والإمام ثم بعد ذلك في الشطرين بعد قيام الجمهورية، ثم في دولة الوحدة، هؤلاء يجب أن نكرمهم، وتكريمهم هو الاستراحة في منازلهم للاستغراق في التوبة والاستغفار عن مظالم الناس، والتائب من الذنب كم لا ذنب له أو كما قال صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، هذا فيما يخص ما بينه وبين ربه، أما مظالم العباد فلا ينفع إلا ردها أو مسامحة أصحابها، أو مداومة الاستغفار لهم .

• يا حكومة الوفاق لا نريد سماع أن من تم إنهاء فترته مجبراً من محافظة معينة باسم التدوير، تصاب به محافظة أخرى عن طريق النقل، فالتجريب في المجرب لا ينفع بل هو الخطأ بعينه، ومن ثبت فساده لا يُنَقّى ولو بمساحيق غسيل العالم كلها، فاقلها أريحوا الناس منه ودوروه نحو بيته، فهو أحق به بعد أن قضى فوق كرسيه أكثر من سريره.

• التدوير لا يعني أيضاً أن نأتي بالشباب لمجرد أنهم شباب، فالمؤهل والاختصاص جداً مهمين ولا يستغنى عنهما بصغر السن، ولا يجوز أن نقضي على وضع مختل بوضع أخر اشد منه اختلالاً، فننتهي من مجاملة الشيوخ لنبدأ بمجاملة الشباب.

• إن تحديد فترة التدوير بأربع سنوات ينبغي ألا تقف حائلاً أمام إزالة رواسب أي مدير لم يصلح في مهام وظيفته، فلا ننتظره أربع سنوات أخرى ليستشري الخطأ من جديد في المرفق بأكمله، إنما بعد أول تقييم شامل وسريع يجب تغييره بمن هو أفضل منه.

• التدوير يحتم على منفذيه ألا يقفوا عند حدود الداخل فقط، فالبعثات الدبلوماسية بحاجة ماسة إلى أن يطالها طيب الذكر، فلا تجديد ولا تمديد لأحد كمبدأ عام، في حين انه ينبغي سحب الذين يمثلون باليمن ولا يمثلونها.

• من خلال تطبيق هذا القانون تكون اليمن قد وضعت فعلا قدميها وليست قدماً واحدة في العهد الجديد، ويكون الذين خرجوا بالتغيير والإصلاح السلمي قد نالوا ما أرادوا، لما فيه مصلحة اليمن الذي لا يتسع مجدداً لفاسد مهما كان حزبه أو قبيلته أو سلالته أو منطقته، وإذا ما شعر الناس بأنهم متساوون في وطن واحد فعندها نكون قد بلغنا التغيير الحقيقي.

تغيير المفاهيم الدينية

• اليمن كبلد إسلامي يعتنق هذه الديانة السواد الأعظم من سكانه، يُستغرب أن تخرج من أفواه البعض فيه ما يسيء إلى الدين، والغريب أننا سمعنا مؤخراً بأن الأخت توكل كرمان الحائزة على جائزة نوبل عن عملها الحقوقي، تنكر كون الدين الإسلامي مصدر تشريع، وتقول وهي غير متخصصة في الإفتاء أنه مصدر الهام، إذاً فكل من نام وألهمه شيطانه في حلمه أو يقتضه شيئاً فينبغي عليه تطبيقه، لأن الإسلام بنظرها لم يعد مصدر تشريع، وعلى هذا القياس فدستور اليمن باطل لأنه يستند للإسلام كمصدر وحيد للتشريع وليس للإلهام.

• من جانبها خرجت علينا الأخت بشرى المقطري وهي كاتبة وأديبة بما يسيء لوجود الله الذي لا يحويه مكان ولا زمان ولا تصفه هيئة أو مثال، كما أنكر الأخ إسماعيل عبد الحافظ وهو مخرج تلفزيوني الناسخ والمنسوخ والمتشابه والمحكم في القرآن الكريم، وأنكر ما فسره الأولون في الكتاب المجيد، بل واصدر كتاباً سماه البراءة من تفاسير القرآن، وهم يهم بكتابه الجديد الكامل في التفسير.

• إن ما يجمع هؤلاء كما يقولون: أنهم قادة ما يسمى بالربيع العربي، أي قادة تغيير في هذا المجال ولا اعتراض، ولكن السؤال كيف بهم يغيرون اتجاههم لتغيير المفاهيم الدينية التي اتفق المسلمون عليها؟، ثم كيف بهم يفعلون هذا وهو بعيدين في التخصص كل البعد عن الإفتاء في الدين؟.


في السبت 28 يناير-كانون الثاني 2012 08:13:34 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://video.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://video.marebpress.net/articles.php?id=13488