|
يشهد الشارع السياسي ترقب حذر من السيناريوهات المخبأة بدهاليز الوصاية السعو- أمريكية خاصة بعد فشل المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة و الآمال الكبيرة التي علقت عليها لتطبيع الأوضاع بالعاصمة صنعاء ، العيب كما يجمع على ذلك كل المهتمين يقع على البيئة السياسية اليمنية الرثة والقوى التقليدية المهيمنة عليها ، بينما يتفق المراقبون المهتمون بالشأن العام أن الرئيس هادي أسم على مسمى ، أحترف العسكرية مبكراً حيث درسها على أسس منهجية علمية مطلع الستينات من القرن الماضي في الدولة المستعمرة - حينها – بريطانيا التي ربما شكلت حجر الزاوية في أول اتصال له بالغرب ، واصل روتينيا دراسته الأكاديمية العسكرية بعد الاستقلال الأول 30 نوفمبر 67م في روسيا حليف الجنوب أبان الحرب الباردة ، سيرة ذاتية يرويها كل المتابعين للحياة الشخصية والمهنية للرئيس الجديد والتي لا يعتريها أي غموض يتطلب البحث للكشف عنه ، ما يستوقف أبناء الجنوب وأبين خاصة في حياة الرجل العملية عندما كان ظلا للرئيس المخلوع صالح أنه كان عراب أول تكتل جنوبي في العاصمة اليمنية صنعاء (ملتقى أبناء المحافظات الجنوبية والشرقية) ، الشيء الآخر الذي يحسب للرجل رغم انه كان منزوع الصلاحيات رفضه المطلق للتعامل السياسي أو الشخصي مع شيوخ الجماعات الجهادية التي بدأ بذلك الوقت تعدها أجنحة النظام لمهام مستقبلية كشفت عنها احداث أبين الحالية .
الوقفات الحداثية في مواقفه السياسية انعكست ايجابيا أثناء الانتخابات اليمنية الرئاسية المبكرة ، رغم إجماع الجنوبيين على رفضها كونها تشرعن للاحتلال مع ذلك احتفظ بموقف الاحترام لشخص المرشح (الفلتة) بالسباق الرئاسي منفرداً ، الملمح الآخر المميز للمشهد السياسي ما بعد ملحمة 21فبراير الماضي التي عمقت الوحدة الوطنية الجنوبية أنها أفرزت ثقافة جديدة تحترم حق الآخر بالاختلاف ، حالة انعكست ايجابيا في التعامل الجنوبي – الجنوبي تجسيدا عمليا لقيم ومبادئ التصالح والتسامح بعد ترسخ وعي جمعي أن الوطن يتسع لكل الطيف الجنوبي بتعدد ألوان لوحته الجميلة .
في الاتجاه المعاكس رغم ان المبادرة الخليجية واليتها التنفيذية شكلت حبل انقاذ لطرفي الصراع بالعاصمة صنعاء مكنتها من شنق الثورة ووئد حلم التغيير عند الشباب , بلادة وعقم المومياء المتخشبة في حزب المؤتمر الشعبي ووجهه الأخر أحزاب اللقاء المشترك أضاع فرصة الاستجابة لمتطلبات التحول المدني , تلك البيئة المجتمعية السياسية المتخلفة تتناقض مع ثقافته والتزاماته السياسية التي جاءت به رئيسا توافقيا , المضحك المبكي ان بقايا تحالف اللقاء المشترك و المؤتمر الشعبي باسم الوطنية الزائفة تحرض قواعدها من الغوغاء المتعصبة لها قبليا و مناطقيا بعدم التعاطي الجاد معه , غرائزها العقلية المتعطلة أعمت بصيرتها أموال البترو-دولار فلم ترى غضاضة قبل ذلك من تعامل شيوخهم و علمائهم كمقاولي أنفار عند (اليانكي) اثناء الحرب ضد الروس في افغانستان .
واقع مرير جعل الرئيس هادي يواجه لحظة الحقيقة للخروج من مأزق سندان التزاماته للغرب ومطرقة الواقع اليمني الرافض له عنصريا , بعد ان استنفذ كل السبل لم تعد أمامه غير نافذة الموقف من القضية الجنوبية كأحد الملفات المطروحة بين يديه ان لم يكن أبرزها , بداية قبل أي استطراد نذكر ان الجنوب يمر بمرحلة تحرر وطني بمعنى انه لا زال هنالك فسحة للجميع لركوب قطار الحراك , قضية تعيها القوى المتصارعة بالعاصمة اليمنية صنعاء التي تختلف حول اتفه القضايا لكن عند تعلق الأمر بالجنوب يتناسون خلافاتهم , بالمقابل خارجيا مع مرور الوقت سيكتشف الغرب انه قد كشف عن رجله المخلص وقدمه الى بيئة منغلقة مشهودا لها تاريخيا انها طاردة للأجنبي –ايضا- في التوقيت الخطأ.
جنوبا لم يفت الأوان بعد أمام الرئيس هادي ورفاقه ان ارادوا من (الحراك) احتضانهم كأبطال قوميين لوطنهم بشرط مقدرتهم على لعب دور (حوشي) جنوبي في صنعاء , الذاكرة الوطنية الجمعية لا زالت تتذكر تسلل (حوشي) للحركة الوطنية الجنوبية منذ نشئوها منتصف الخمسينات من القرن الماضي وان جاء ميلادها متأخرا , بصمات (حوشي) واضحة في كل صراعاتنا الماضوية قومية – تحرير , يمين – يسار و يسار انتهازي , أحداث 13 يناير 86م , مقتل ضمير الثورة الشهيد فيصل عبداللطيف الشعبي , الرئيس الشهيد سالم ربيع علي( سالمين) و ليس بآخرهم الشهداء محمد صالح عنتر ولقي , مطيع و علي احمد ناصر عنتر .. الخ.
فان كانت (حوشي) قد ذهبت بالجنوب شمالا الآمال الان معلقة أكثر من أي وقت مضى على الرئيس هادي و رفاقه في إعادة (الجنوب) من صنعاء الى العاصمة (عدن), امر يستقيم مع أجندة امن وسلامة وحرية الملاحة بخليج عدن و مضيق باب المندب محور مهمة الرئيس هادي الرئاسية .
*منسق ملتقى ابين للتصالح والتسامح والتضامن*
في السبت 14 إبريل-نيسان 2012 05:54:07 م