|
بحلة جديدة يستقبل اليمنيون 22 مايو وبوجه جديد يطل عليهم وبنكهة وطنية غير مسبوقة , نعانق اليوم تاريخا , صنعنا رقمه , ونسجنا خيوطه , رغم المحن واختلاق الأزمات , رغم المآسي والجراح , رغم الغدر , رغم الدماء والأشلاء , النشيد الوطني الذي كان محصوراً بافتتاحية القنوات الرسمية ها هو اليوم نسيم يستنشقه اليمنيون , ونغمة يترنمون بها في الحل والترحال
كان المخلوع وعائلته وحزبه يحتكرون الوطنية لأنفسهم ويوزعونها على الناس بالقطَّارة واليوم ثبت أن اليمنين كلهم وطنيون مع مرتبة الشرف ،كما أن اليمن واليمنيون مرحلة عاشوا كساد فكري وسياسي واقتصادي لـ33 سنة نظراً لعشعشة النظام العائلة وسماسرته على المراكز الحيوية في البلاد فلم تكن هناك فرصة للإزهار أو التطور أو البناء .. ولأن القائد والمدير والمشرف والموجه والقاضي والمحامي والبنَّاء, والعامل, والمقاول , والتاجر , والنقابي , والمتعلم ,كانوا يهتفون بقصد أو بغير قصد , بالحلو أو بالمر , بالرضى أو بالصميل ..ما لنا غير علي, بيمنا علي الذي يهتفون باسمه لا يجيد القراءة ولا الكتابة , فكان الفشل الذريع في عدم بناء دولة مدنية مؤسسية منظمة يتعاقب الرجال على قيادتها , فنصنع , ونبني , وننتج , وننافس , لنكون ضمن الركب.
جاء مايو ولكن بدون على صالح وخطاباته المرتجلة عن المشاريع الوهمية والمنجزات الكاذبة والمعجزات والكرامات التي سئم من تكرارها وتريدها اليمنيون والتي لم تسعف الحالمة بشربة ماء عذبه , أو تكمل شق طرقات معتمدة من وقت الإمامة
جاء مايو بلا تسبيح ولا تقديس ولا تمجيد بالأسماء الحسنى للزعيم , القائد , الرمز , المغوار, في وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية.
جاء مايو, مسدلا الستار عن ركام من وزراء السحت , ومنعدمي القيم , ومنسلخي الحياء , الذين اتخذوا مواقعهم ومناصبهم مراكز للتسوق و التجارة , بالمناصفة والتهكير.
جاء مايو ليشهد تحرر الصحف الرسمية من اضاءة فارس العرب التي كانت علامة سوداء في وجه الصحافة الرسمية التي أثبتت تخليها عن الوطن بنهجها الأمي وولائها الضيق للفرد الجاهل.
جاء مايو بدون مشاريع وهمية كاذبة خاطئة تُفرش اليوم الأول , وتُطوى في اليوم الثاني لتصبح في خبر كان.
جاء مايو ليشهد التغيير الذي لم يشهده مايو السابق وسابقيه منذ أن نكبت اليمن بتيس الضباط الذي لم يدع مجالا للتغيير .ولما حُرِمه اليمن واليمنيون من التعريف العالمي بهم وبثقافتهم وحضارتهم العريقة و بأبنائهم النجباء والعباقرة و بتراثهم الأصيل لأكثر من ثلاثة عقود الى أن جاءت ثورة التغيير فأجلت الغبار وأزاحت الصدأ , فظهر الكنز الثمين , وبان المعدن النفيس لأبناء الإيمان والحكمة , فشهد لهم القاصي والداني , واعترف بثورتهم العالم , بل وكرمت بنت اليمن بجائزة نوبل للسلام , وهو اعتراف عالمي باليمن كما هو تسويق لأعظم ثورة شهدها العالم بالنبل والأخلاق الحكمة.
ولنا أن نقول إن 22 مايو جاء مع رد الاعتبار لليمنيين بإزاحة أسوأ كابوس على تطور اليمن ونهضته كما هو رد اعتبار خاص لأبناء الجنوب بانتخاب عبدربه منصور هادي رئيسا لليمن .
جاء مايو بحلته الجديدة ليثبت للعالم أنه من صنع الشعب وليس من صنع الزعيم ولهذا بقي الشعب ورحل أشعب .
جاء مايو ليعلن انتهاء المنتج المزور والمزيف للمدعي بصنع الوحدة اليمنية وبناءها وإثبات أن الصانع الحقيقي هو الشعب ,ولهذا ذهب المدعي وبقي صاحب الحق , كما جاء يؤكد على أن الوحدة مشروع شعبي جماعي لا يقوم به شخص بمفرده
جاء مايو بدون مكياج أو تزوير بل بوجهٍ حقيقي خال من الشخصنة وحب الذات ليستقبله شعب خالٍ من الفرد
جاء مايو من وحدة شعبٍ, تجمع بعد فراق , وترابط بعد انفكاك, ليعانق الشعب نفسه الذي صنع ذلك اليوم , و يهنئه بنجاح ثورته الطاهرة التي أعادت له هيبته
جاء مايو ليشهد عبث البغال الأنذال بحظيرة المجتمع الطاهر, وتمرد الفنادم الأطفال على رب الأسرة العاقل .
جاء مايو ليوصل رسالة للرئيس هادي أن الثوار احترموه أكثر من احترام علي صالح له طيلة حكمة وعليه أن يبادلهم نفس الشعور العملي لوضع ثقتهم به
جاء مايو ليشهد استقبالا شعبياً غير مسبوق وحضوراً جماهيرياً غير معهود , إقبالُ بشري يحتشد كأمواج السيل الهادر, يحمل معه شرائح المجتمع بكل توجهاتها الفكرية والسياسية والثقافية
جاء مايو ليشهد اليمن الجديد , الذي طالما نشده اليمنيون , وبحث عنه الوطنيون وضحى من أجله شعب الحكمة بخيرة أبناءه
جاء مايو ليشهد جيلا من طراز فريد , تربطه باليمن الحضارة والتاريخ والإنسانية والحكمة
ولذا لن تفلح المحاولات اليائسة في وقف عجلة التغيير لهذا الجيل الذي انطلق في فبراير2011م بثورته الشعبية السلمية الحكيمة وانتصر في 21 فبراير 2012م لإرادته الوطنية بإنجاح الانتخابات الرئاسية التوافقية العاقلة, وانتصر كذلك للجهد الإقليمي والدولي المساند لثورته وتوافقه الوطني
في الأربعاء 23 مايو 2012 05:08:13 م