|
في ظل ما نسمع من منغصات أخرت انطلاق مؤتمر الحوار الوطني، وما رافقها من عدم التصويت على قانون العدالة الانتقالية، وما صاحبها من ردود انفعالية بين شركاء العمل السياسي، الذين يمثلون حكومة الوفاق الوطني.. أصيب الشعب اليمني بخيبة أمل بعد ان منى نفسه ان ينطلق الحوار، ليطوي صفحة من الخلافات التي كادت ان تهوي باليمن الى ما لا يحمد عقباه.
لكن البسطاء من أبناء شعب اليمني دائماً ما يكونون سباقين لخطوات الخير، أكثر من الأحزاب السياسية التي تتسبب دوماً في تأزيم الوضع، كونها تبحث عن مكاسب سياسية.. ولعل ما يثبت ذلك دعوات التصالح والتسامح التي جرت في مدينة عدن يوم 13 يناير الجاري، ليبدل إخوتنا في الجنوب شؤم ذلك اليوم، ليكون النقيض التفاف واصطفاف، على أجمل دعوة، كيف لا، والتسامح والتصالح هدفين ساميين، لا يسعى إليهما سوى النبلاء فقط.
نحن بحاجة إلى نقل تلك التجربة الجميلة من عدن لتعم كافة أرجاء الوطن، ولان الخطوة جديرة بالاحترام.. فقد دعا إليها الأخ عبد ربه منصور هادي –رئيس الجمهورية- أثناء لقاءه الموسع بأعضاء مجلسي النواب والوزراء، صباح الأربعاء 16 يناير 2013م، حين خاطبهم قائلا: \"التصالح و التسامح صفة رائعة وإنسانية وأخلاقية حميدة واليمن كله دخل في مشاكل منذ الخمسين السنة الماضية من صراع إلى صراع والتصالح والتسامح مطلوب من المهرة وحتى صعده \".
فدعونا نمضي مع الرئيس هادي ليعم التسامح كافة أرجاء الوطن، ولكي لا نصبغ عليه، الحزبية أو المناطقية أو المذهبية.. فالمشاركون في مهرجانات التصالح و التسامح، جاءوا ليقينهم أنها المخرج الوحيد، لتخرج البلاد من محنتها قوية بترابط وتعاضد أبناءها.
لهذا على الأخوة في مجلس النواب -كما أكد الأخ الرئيس- أن يستشعروا أنهم في مواقعهم تحت ظروف استثنائية، ولا داعي أبدا لان يكونوا قسمين حاكم و معارضة، فهم جميعاً من أجل مهمة وطنية واحدة، ووجودهم يمثل الوحدة الوطنية ويجسدها بكل معانيها.
ولعل ابرز ما تطرق إليه الأخ الرئيس في لقاءه بالهيئتين التشريعية والتنفيذية، إشارته الى: أن رئيس مجلس الأمن الدولي، وجميع أعضاء المجلس سوف يزورون اليمن، ويعقدون جلسة استثنائية.. وهي رسالة دولية و أممية كبيره تؤكد دعم العالم للتسوية السياسية في اليمن.. فما علينا نحن –كما دعا الرئيس هادي- إلا أن نغلق صفحة الماضي بكل ما لها وعليها، ونفتتح صفحة جديدة ناصعة البياض ونكتب عليها مستقبل اليمن الجديد وعدم الإنشداد إلى الماضي بكل صوره.
اليمن بحاجة لكل أبناءه، بما فيهم الرئيس السابق علي عبد الله صالح –الذي ساهم بايجابية في ان نصل الى ما نحن فيه اليوم- وشركاءه في العمل السياسي من الأحزاب الأخرى، فلا هو يستطيع إبعادهم، ولا هم يقدرون استبعاده.. فعلى الجميع ان يعي ان الوطن يتسع للجميع، شريطة ان يغلبوا مصلحة البلاد.. فالحاضر هو مبني على الماضي، والمستقبل لن يتشكل بصورة جميلة، إلا اذا بذلنا الغالي والنفيس، وتنازلنا عن أنانيتنا الشخصية، لننطلق من خلال ذلك التنازل -الشجاع- إلى يمن فيه كل اليمنيين شركاء في بناءه، وليس السياسيون فقط .
في السبت 19 يناير-كانون الثاني 2013 04:48:09 م