عبدو فشفشي
محمد السياغي
محمد السياغي

 ما أكثر من ينطبق عليهم الوصف الشعبي الشائع "عبدو فشفشي.. يعرف كل شيء"، فأينما تولون وجهكم ، ستجدون ثمة عبدو فشفشي من نوع جديد وبشكل وثوب مختلف!! أنتم فقط تابعوا معي، وتأملوا في كل هدا الكم الهائل من هدا النوع الذي جمعته لكم، قبل أن تقيسوا عليه أعدادهم المنتشرة في كل مكان!  

 مسئول من المسئولين المخدوعين في أنفسهم وما أكثرهم.. تقع على عاتقه جملة مهام ومسئوليات وصلاحيات محددة ومعروفة وفق ما تنص عليه اللوائح والأنظمة والقوانين، وبما يسهم في تنظيم وتنسيق العلاقة بين المؤسسة ومؤسسات الدولة المختلفة والمؤسسات غير الحكومية والمماثلة في الخارج، ويسعى نحو الارتقاء بعملية البناء والتحديث والتطوير وأداء المهام ويحقق الأهداف ويرتقي بمستوى العمل ويسهل الإجراءات ويواكب التطورات وييسر حياة المواطن اليومية، ويرفع من مستوى الكوادر وقدراتها ، ومع دلك تجد هدا المسئول أول من يجهل هده المهام والمسئوليات، بل وينصرف إلى غيرها مما هو ثانوي وربما هامشي وسطحي ومثير لتهكم وسخرية وتندر الآخرين!!

  ودائما ما تجد هدا المسئول، ايا كان منصبة أو درجته الوظيفية، يدعي معرفة كل شيء، بعيدا عن حدود خبراته ومؤهلاته العلمية، وما إدا كانت درجته العلمية" دكتوراه أو ثانوية قديمة وما في مستواها".. فضوله وحشريته الزائدة هما ما يقودانه إلى أن يحشر انفه فيما يعنيه وما لا يعنيه.. في الصغيرة قبل الكبيرة.. كل الصلاحيات يمسك عليها بيده وأسنانه.. يتعامل بمركزية وبيروقراطية شديدة حتى على مستوى الكلام وتنفس الهواء، ولا غرابه أن تجده يتقمص جميع الأدوار بداية من دور نائبه، مرورا بالموظف العادي، وحتى مراقب الدوام وربما السكرتيرة!!

 

 مدعي من المدعين على عالم الطب والاطباء والعدد في تزايد مستمر.. يفتح عيادة على شارعين، وربما يفتح (بفضل دعوة الوالدين وصحيانه وقت الفجر) مستوصف درجة "سياحية"، تتصدر واجهته لوحة تتضمن من تفاصيل الخبرة والشهادات العلمية، ما يجعل من الفريسة يستبعد عن دهنه أيه ظنون من شأنها التشكيك في أي منها، قبل أن يستأمنه على نفسه ويهبه روحة وجسده بالثمن الدي يحدده، يقطع فيه بسكاكينه كيفما يشاء، ظنا منه انه اقترب اخيرا من وضع نهاية حتمية لمعاناة صحية استبدت به على يد ملاك من ملائكة الرحمة، وقبل أن تتساقط كل الاقنعة، ويتكشف أنه كان مجرد جثة هامدة أو ضحية بلا رقم في عداد ضحايا الزيف التي لا تنتهي!!

  دخيل من الدخلاء على صاحبة الجلالة ومهنة الصحافة أو المحاماة وما شابهها – وهم بالمناسبة متوفرون بكميات كبيرة في الأسواق – يدعون المهنية رغم جهلهم بأبسط أدبياتها وأخلاقياتها، يكسرون كل القواعد، يشوهون كل ما هو جميل، ويسيئون لكل ما هو نزيه وشريف، قبل أن يعطلون مسيرة كل نجاح وانجاز، ويقطعون كل أمل في الاصلاح، قبل أن يستعيضوا عن النقص لديهم بكل ما يؤكد أن قمة التحدي الوطني، هو التصدي لجحافل الغزاة من الدخلاء، ممن يفسدون كل نظام تم ترسيخه عبر التراكمات، ويتمردون على كل القواعد والأسس دون رقابة غير رقابة المزاج، ليبقى من الواجب القول :أنه وكما ندفع نحن ثمن صمت الكثيرين من حولنا في اغلب الاحيان على مثل هولاء، فانه لا بد وأن يتحملوا انفجارنا بالكلام من حين لاخر!!

 متطفل من المتطفلين على أي عمل أو حرفة من الحرف الموجودة، مهندس الكترونيات، مكنيك، سباك، وسمكري ... الخ، (وعن هؤلاء حدث ولا حرج).. حيث تجد أن الغالبية العظمى من الايادي العاملة في السوق المحلية يعمل من واقع مجرد الخبرة والموهبة وربما الفهلوة، والبحث عن لقمة العيش، والخروج من دائرة البطالة الفراغ لا أكثر!!

 وحسب واقع الحال، ومن واقع الكثير من الحالات المشهودة والمعاشة، فأن المتطفل من هؤلاء، وأيا كان مجال العمل أو الحرفة التي يدعي ممارسته واتقانه لها، أول ما تقابله، سيقنعك أنه الأكفاء من غيره، والأكثر قدرة على تشخيص وتحديد مكان الخلل والمشكلة، وإصلاح العطل، قبل تدوق مع تخبطه واخطاء تشخيصه للخلل، طعم الويل اشكالا والوانا، وتتمنى لو أنك لم تقدم على ما أقدمت عليه، وقد ترك في نفسك قبل ما قصدته لاجله حرقة لا تنطفىء.

 ولا غرابة في كل الاحوال أن تجد نفسك وجهازك أو مسجلك، وسيارتك، قد تحول إلى مشروع للنصب والاحتيال، أو حقل من حقول التجارب المعرضة للتلف والخسارة نهائيا، من قبل أحد هؤلاء ممن يدعون أنفسهم "عبدو فشفشي العارف لكل شيء"، قبل أن تكتشف في النهاية "انه لا يعرف شيء"!! والسبب لا اظنه بخفي على احد في ظل غلبة القيم المادية على غيرها من قيم المصداقية والامانة، وطغيان الهمجية والعشوائية والارتجال، وتواضع مخرجات التعليم بمختلف انواعه بما فيه الفني وغياب دور الاجهزة الرقابية بمختلف اشكالها، ورفد سوق العمل بالكفاءات الجيد والقادر على تحقيق الفائدة للمجتمع !


في السبت 03 مايو 2008 11:25:40 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://video.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://video.marebpress.net/articles.php?id=3691