استقالة...
عبد الرزاق الجمل
عبد الرزاق الجمل

أعلم أننا بعيدون عن الواقع وأن الواقع بعيدٌ عنا .. نحن قريبون من أنفسنا أكثر من اللازم .. لقد (رَكَزْنا) لنا وهمًـا لنـحاربـه, وعليه بنينا استراتيجيات وخططًا ومشاريع تغييرية.

الفساد أعمق من أن يُقتلع بالسطحيات, بل وأعمق من أن نتعرف عليه .. كل شيء غامض وكل شيء لا يصلح, وكل الطرق تؤدي إلى كل الاتجاهات عدا اتجاه التغيير الفعلي .. التغيير الفعلي بحاجة إلى أشياء نفتقدها.

رغم أن الواقع يفتقد إلى كل مقومات الحياة إلا أنه يمتلك ما لا نمتلكه .. يمتلك القدرة على التغيير .. لهذا يغيرنا ولا نغيره .. هذا ما ألحظه .. أرباب التغيير لا يتفقون عليه بقدر اتفاقهم على مهاجمة بعضهم .. التغيير مغنم لا مغرم إذن.

حينما يتحول الواقع الفاسد إلى ساحة لممارسة فساد التغيير ـ كما هو حاصل ـ سيكون عليَّ أن أهتم بواقعي الشخصي, ولواقع الناس رب يحميه .. لستُ عبد المطلب والحكومة ليستْ (أبرهة) لكني لن أحرثَ في البحر.

نتوسلُ إلى الحاكم ليمنحنا ترخيصَ حزبٍ أو حركة هدفها محاربة الفساد الذي تربى في عزه .. ونطلب منه أن يمنحنا الدعم لنستقوي به عليه وعلى فساده .. والحاكمُ لا يقصِّر .. يبدو أنه ملَّ فساده فتعاطف مع هدفنا النبيل.

لجنة شؤون الأحزاب مؤسسة في حكومة الفساد, الفساد الذي نسعى إلى اقتلاعه من جذوره .. شرعيتنا وشرعية نشاطنا السياسي تمر عبر هذه المؤسسة .. الفساد يعيد إنتاج نفسه على هيئة نزيهة من خلالنا.

سنتوجه بالشكر العميق إلى فخامة الرئيس في كل افتتاحية لمهرجان ما أو لمؤتمر تأسيسي حتى نُثبت للقيادة السياسية أن نوايانا سليمة تجاهها.. ربما نلمِّح بالارتهان إن راوغتْ الحكومة وتأخرتْ عن دعمنا ..

سددنا فراغ الحاجة إلى التغيير بأوهام اسمها (نحن) .. ثم ربطنا مصير الشعب المستقبلي بانتظارنا للدعم الحكومي .. لماذا لا ندعو الرئيس إلى تأسيس حركة يترأسها هو .. حركة لمحاربة الفساد ..؟!!

سيقودني إيماني بالتغيير إليه عندما أؤمن به فعلا .. لا أؤمن به حاليًا ولا أؤمن بالنرجسيات التي تدعي القدرة على تغيير واقع يغص بكل المتناقضات بينما ليس بمقدورها تغيير واقع في داخلها (السلوك الشخصي).

أما بعد : الأخ الأستاذ / أحمد الشرعبي .. لأسباب أوردتها في مقدمتي هذه أقدم إليكم استقالتي من عضوية الحركة الديمقراطية للتغيير والبناء,آملا أن تتقبلوها .. ولكم جزيل شكري.. مع تمنياتي لكم بالتغيير والنجاح.


في الثلاثاء 27 يناير-كانون الثاني 2009 05:50:38 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://video.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://video.marebpress.net/articles.php?id=4792