|
أثار إعلان سلطات مطاري دبي و "إيست ميدلاندز" شمال لندن احباطهما لطردين مفخخين كانوا في طريقهما لأمريكا آتية من اليمن في العواصم الغربية موجة من التشكيك بمصداقية صنعاء في حربهما على الإرهاب ضد تنظيم القاعدة في جزيرة العرب،وضاعفت التصريحات النارية للسلطات الأمريكية وفي مقدمتهم الرئيس اوباما من تركيز وسائل الإعلام الدولية،ومهما كانت حاجة اوباما لإثارة الرعب لدى الناخب الأمريكي على غرار سلفه بوش،بات اليمن على بعد ضربة جوية قاسية،ليس لضلوعها في رحلة الطرود،لكن ضريبة للعبها بورقة الإرهاب منذ البداية،واذا لم يشفع لها تعاونها السابق مع امريكا بهذا الشأن،فالديمقراطيين بحاجة لحروب استعراضية لحصد أصوات الامركيين،لاسيما بعد أظهار نتائج قياس الرأي لتدني حظوظ الرئيس الأسود بالعودة مجددا الى البيت الأبيض.
ومهما حاول نظام الرئيس صالح بدفع تهم التقصير في أغلاق ملف القاعدة،وفتحت حروب مع خلاياها في جنوب وشرق البلاد،فالوضع مكشوف،والمعركة خارج الكنترول،ولعل ابلاغ السعودية لحليفتها التأريخية امريكا بعملية الطرود تؤكد تغلل أجهزة استخبارتية في العمق اليمني بأبدق تفاصيله،وبالتأكيد الجازم اليمن خيارات محرجة وصعبة للغاية،ربما لما قد تفرزه طبيعة التحالفات الجديدة في المنطقة العربية،وانعكاساته على ما تبقى من سيادة،والأنكى من هذا أن اليمن بحاجة ماسة لأخماد جبهات مختلفة بمساعدة محيطها وحلفائها،والدخول في موجهات أثبات حسن نوياها مع الغرب لن يمر دون خسائر فادحة على الأصعدة السياسية والاقتصادية والحياتية لليمنيين.
ورغم انتشار الحديث عن "ابتزاز يمني للغرب" بورقة القاعدة،واضحى هذا لدى البعض حقائق،وربما مسلمات جازمة بوجود سياسية معينة بقضم تفاحة حكومة "سام"،وبقية حلفاء "النيتو"،فالشائعات لو صدقت ستكون قاتلة،ولو عدنا الى تاريخ طرودة وحصانها الذي جلب عليها الهزيمة،فالطرود البريدية ستجلب على اليمن في حال تصاعدت أنعدمت تقة الامريكيين بصعناء في حربهما ضد عدوهما المشترك في جزيرة العرب...!
هلع غير مبرر وشكوك بمصداقية اليمن
ثارت حالة من الهلع في معظم الدول الغربية بعد إحباط طردين مفخخين في مطاري دبي ولندن،ومن الوهلة الأولى لإكتشاف الطرود سارعت قيادات غربية للتشكيك بطيعة التعاون اليمني الغربي في الحرب على الإرهاب،وبالذات على ما بات يعرف "تنظيم جزيرة العرب" الذي تعتبره الحكومات الغربية عدوها الأول في المنطقة.
ويأتي في مقدمة المشككين الولايات المتحدة الأمريكية، فالبيت البيضاوي طلب من اليمن تعاونًا وثيقًا ضد الإرهاب بعد اكتشاف الطردين الجمعة الماضية في لندن ودبي كانوا في طريقهما الى كنس يهودي في شيكاغو.
وفي إتصال هاتفي بين كبير مستشاري الرئيس أوباما مع الرئيس صالح،شدد جون برينان على ضرورة التعاون الوثيق بين بلده واليمن،مؤكدا على إستعداد حلفائهم في المنطقة للمساعدة في بناء يمن مستقر ومزدهر لمنع تنامي نفوذ القاعدة على حساب حكومة صالح،في حين أبدى إستعداد أدارة أوباما دعم اليمن في مواجهة عدوه المشترك في جزيرة العرب.
وعقب أنتشار خبر الطردين في وسائل الاعلام الغربي بعد إنحسار نشاط القاعدة في أورباء وأمريكا،وإطلاق أمريكا لإنذار دولي يحذر من خطورة عمليات الشحن القادم من اليمن،أعلنت الإدارة العامة للطيران المدني الفرنسي السبت الماضي تعلّيق عمليات الشحن الجوي مع اليمن،وطلبت من الشركات الجوية تعليق عملياتها،كما أشارت الى اتخاذ تدابير وقائية في المطارات الفرنسية،ودعت وزارت النقل الأوربية " لإجراء تقييم مشترك للوضع وتكييف الإجراءات " في القارة الأوربية.
وأعلن في المملكة المتحدة الجمعة أنها "تدرس بشكل عاجل الإجراءات الأمنية" الواجب اتخاذها بالنسبة إلى طائرات الشحن الآتية من اليمن، إثر العثور على طرد مشبوه في طائرة شحن في مطار إيست ميدلاندز بلندن.
وعلى خليفة الطرود ذكر مصادر رسمية في لندن وواشنطن أن "أمن الشعبين البريطاني والأميركي هو أولوية مطلقة"،ووفقا للرئاسة الأمريكية أن اوباما أبلغ رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون بأن الطرود "مؤامرة إرهابية".
وسبق أن أكد الرئيس الأميركي باراك أوباما تصميمه على "تدمير" تنظيم القاعدة في اليمن، الذي تقول أدارته بأنها أصبحت في طليعة أهداف الولايات المتحدة بعد محاولة النيجيري عمر عبدالمطلب تفجير طائرة أمريكية بين امسترادام و ديترويت في عيد الميلاد الماضي.
احباط طرد في دبي،وأخر بلدن ..واكتشاف 26 في صنعاء
بعد تلقيها لمعلومات عن طريق الاتصال الدولي تفيد بإحتمال وجود "مواد متفجرة مخفية" في طرود بريدية آتية من اليمن إلى مطار دبي الدولي،أعلنت شرطة دبي في عن ضبطت طردا بريديا بمطار دبي على متن طائرة تابعة لشركة فيدرال إكسيبرس الأميركية للشحن الجوي "فيديكس" آتيًة من اليمن،وقام خبرائها بإبطال مفعول العبوة، بينت التحقيقات أنها "طابعة كمبيوتر تحتوي على مواد متفجرة من (بيتن، ايزايد الرصاص)وضعت في الحبر الخاص بالطابعة".
وأضاف بيان صادر عن شرطة دبي السبت الماضي بأن الطرد أعد بطريقة احترافية،ويعمل من خلال "دائرة كهربائية تتصل بشريحة هاتف النقال أخفيت داخل الطابعة"،ولفت البيان أن أسلوب الاستهداف "يحمل خصائص مشابهة لأساليب سابقة نفذتها تنظيمات إرهابية كتنظيم القاعدة"، وأشارت شرطة دبي بأنها تلقت معلومات عن طريق الاتصال الدولي "تفيد باحتمال وجود مواد متفجرة مخفية في بعض الطرود البريدية الآتية من اليمن عبر شركة فيدكس إلى مطار دبي الدولي"،وفي تصريح لوكالة الانباء الفرنسية رجح قائد شرطة دبي بإمكانية أنفجار العبوة في الطائرة.
أعلنت السلطات الأمنية في بريطانيا أنها عثرت على محبرة حولت إلى متفجرة داخل مركز فرز تابع لمطار "إيست ميدلاندز" على بعد 260 كم2 من لندن،مشيرة الى أن الطرد كان على متن طائرة شحن تابعة لشركة UPS قدمت من اليمن توقفت للتزود بالوقود لمتابعة رحلتها الى شيكاغو بأمريكا لإستهداف معبد يهودي.
وبدورها أعلنت وزيرة الداخلية البريطانية "تيريسا ماي" أن الطرد المفخخ كان يحتوي أيضًا على "مواد متفجرة" وهو "معد للتفجير، وكان يمكن أن ينفجر.
وعلى صعيد متصل أعلن في صنعاء ليل السبت الماضي عن ضبط السلطات 26 طردًا مشبوهًا آخر،وأيقاف موظفين في شركات النقل جوي ،وأخرين في قسم الشحن في مطار صنعاء،نتيجة للطغوط الغربية عليها وأعلنت السلطات اليمنية أن "اليمن سيواصل جهوده في مجال مكافحة الإرهاب والتعاون مع المجتمع الدولي".
تشكيك في الطرود ،وحديث عن ثغرات في الأمن الجوي!
تحدث وزير الداخلية البريطاني السابق جون ريد عن "خطر الإرهاب الهائل والمتواصل"، داعيا إلى "الحذر والحيطة"، مضيفا لإذاعة BBC "علينا الإقلاع عن فكرة إننا إذا عرفنا فترة خالية من هذا النوع من الأحداث، فهذا يجيز لنا خفض درجة اليقظة والأمن في المطارات" مستدركا بالتشكيك في مدى خطورة الطردين"لم يثبت بوضوح أن الطردين المشبوهين كانا بمثابة اختبار لأمن طائرات الشحن"، وزاد بالقول "لن يكون من الحكمة أن نعتقد أننا إذا رصدنا هذين الطردين، فهذا يعني أنه ليس هناك طرود أخرى سواهما"،وفي المقابل أوضحت وزيرة الداخلية الأمريكية لقناة سي بأن الطردين المشبوهين لا يزالان يخضعان لـ"تحاليل"،ما يعني أنهما ليسوا من الخطورة بمكان،مقارنة بمدى الذعر والهلع الذي بثته الاستخبارات الغربية .
وفي تعليق له نشر السبت المنصرم في صحيفة "دايلي تلغراف" اللندنية، أرجع الخبير في مجلة جاينز ديفنس المتخصصة في المسائل الدفاعية "كريس ياتس" نقطة ضعف الأمن الجوي أن الى ضعف الوسائل التكنولوجية المستخدمة في المطارات الغربية،وهذا مايزيد من صعوبة التدقيق بشكل معمق في الحاويات الضخمة .
من جانبه ذكر "لفت ديفيد ليرماونت" خبير المسائل الأمنية في مجلة "فلايت غلوبال" إلى أن حركة الشحن "لطالما اعتبرت هدفًا محتملاً لأعمال إرهابية"، وابدى أستغرابه من عدم انتباه الامن الغربي لهذه الثغرة ،وارخي هذا التراخي لغياب تركيز الجمعات الارهابية على طائرات الشحن مقارنة بتركيز هجماتهعلىم طائرات الركاب.
واذا كان الدول الغربية بقدراتها وبإمكانياتها الضخمة تلك لم تتنبه أجهزتها الأمنية والإستخبارتية لثغرات الشحن الجوي لأسباب مذكورة سلفا،فكيف بإستطاعة بلد مثل اليمن بالتنبه لها؟ ولماذا كل هذه الضغوط على حلفيهم في صنعاء بهذا الشكل؟ ...اسئلة تبحث عن إجابات!.
في السبت 06 نوفمبر-تشرين الثاني 2010 07:24:37 م