قصيدة انا الشعبُ زلزلةٌ عاتية
د.عبدالمنعم الشيباني
د.عبدالمنعم الشيباني
اهداء هذه الحلقة الى صديقي من قرية (الحضارم /قريشة/الحُجرية) هشام السقاف

من أمتع الجلسات الثقافية النادرة التي أحببتها وعشتها كانت في عام 2006 في صنعاء لمدة أربعة ايام –تخزينة قات- مع راوية الشعر الشعبي في الحُجرية تعز هشام السقاف -ابن عم البروفيسور الراحل عبد العزيز السقاف – الحضارم القريشة ، اتحفني هشام السقاف وادهشني بثقافته الشعرية الشعبية وعبقريته النادرة في حفظ اشعار شعراء القريشة والحضارم العمالقة سلطان الصريمي والقرشي عبد الرحيم سلام وشاعر الريف والمدينة عملاق الشعر الشعبي مقبل علي وآخرين نسيت اسماءهم..

يجبرك هشام السقاف-وهو ليس بشخص أكاديمي ولا بمتعلم كبير- ان تستمع اليه وهو يسرد روائع ماكتبه شعراء هذه المنطقة النوابغ وأكثرهم من قرية (( "حالزة " بالقريشة) الذين برزوا وتألقوا في عدن وغنى لهم المطربون كمحمد مرشد ناجي وآخرين في عدن..

يتميز هشام السقاف بالقدرة الخارقة على الحفظ والعبقرية النادرة في السرد ممزوجة بطرافة شعبية ولطائف تغرقك بالضحك والإمتاع.. قال لي هشام السقاف من سؤ حظ القريشة والحضارم هذه النوابغ التي قتلتها السلطة والأنظمة المتعاقبة على حكم اليمن في صنعاء فمنهم من قتلتهم ومنهم من رمتهم في طي النسيان حتى درجة الجنون كما حدث للشاعر حسن السقاف بعد أن احتضنتهم عدن واحبتهم وقدمتهم كعباقرة ثم سألني هل تعلم من هو صاحب قصيدة ((انا الشعبُ زلزلةٌ عاتية))؟ فأجاب: انه حسن السقاف من قرية الحضارم القريشة ..

كانت الأنشودة هذه تتردد دائماً على مسامعي وانا صغير في عدن وكنت ولم ازل احفظها بلحن واداء محمد مرشد ناجي (المرشدي)، تبثها دائماً إذاعة عدن/ جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية بالإضافة الى باقة أخرى من روائع الشعر الحماسي والغناء الوطني المبدع بأصوات فناني عدن مثل ((بلادي الى المجد هيا اسلمي )) اداء اسطورة الفن العدني محمد صالح عزاني..، وهذا زاد من حماسة تفاعلي مع هشام الراوية..

لم تتوفر لدي حتى الآن معلومات وافية عن تاريخ قصيدة ((انا الشعب زلزلزلةٌ عاتية)) ولا عن شاعرها سوى ان القصيدة كتبت على الأرجح في بداية عام 1961 متزامنة مع لهيب حماسة ثورتي سبتمبر واكتوبر – حسب ترجيحي وظني انا...

الأهم في القصيدة هذه العبقرية الشعرية التي لم تتوفر لشاعر قط سوى حسن السقاف وملامح عبقرية القصيدة هو ما يجعلك تعيش الغضب الشعبي بركاناً هادراً وغضباً لا يقف عند حد ((عاصفةٌ طاغية))، عبقرية القصيدة تأتي من الأفعال لا الكلمات، الشعب يتفجر زلزلةً وغضباً في حدود المكان الأرضي، غضبةً تخمد نيران الطغاة وصيحةً تخرس اصواتهم..هذا الجزء الأول من القصيدة...

أما الجزء الثاني، تهدأ العاصفة قليلاً ثم تبرد لتتأمل في حدود الزمان وأقانيمه (الماضي والحاضر والمستقبل) بلفتة كونية انسانية تصل الشعب (او ذات الشاعر انا) بأقانيم الكون الزمانية ليتعرف الشاعر او الشعب من جديد على ذاته في الماضي ووجوده في الحاضر ثم المستقبل الزاحف لهذه (الذات)...

بعبارة أخرى، يعرِّف الشاعر نفسه في حدود الزمان والمكان كذات فردية ثم ينطلق من الفردية الإنسانية الى المجموع الشعبي (انا الشعب) يتحرك في حدود المكان(الأرض) وفي حدود الزمان (الماضي والحاضر والمستقبل)

 

في الماضي (يرى مصرع آلامه) وفي الحاضر ( يعيش الحُلم، حُلم الحاضر الجديد) ثم يزحف بحلمه هذا نحو المستقبل يضمه حركة الكون والأرض (المكان) ..ويصل كل هذه الأقانيم بناموس كوني الهي ازلي (انا الشعبُ قضاءُ الله)..

قبل الأخير:

أنا الشعبُ زلزلة ٌعاتية

ستخمد نيرانَهمْ غضبتي

ستخرس أصواتهمْ صيحتي

أنا الشعبُ عاصفةٌ طاغية

***

أنا الشعبُ قضاءُ اللهِ في أرضي

  أنا الشعب

على قبضةِ إصراري

سيفنى كلُّ جباري

ولن يقهر تياري

أنا النصرُ لأحراري

غداة الحشرِ في أرضي

أنا الشعب

***

أنا الماضي ... تيقظتُ أرى مصرع آلامي

أنا الحاضر، أحلامي على مفرق أيامي

أنا المستقبلُ الزاحفُ في أرضي

  أنا الشعب

***

شاعر وناقد ادبي

a.monim@gmail.com


في الأربعاء 23 مارس - آذار 2011 08:26:33 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://video.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://video.marebpress.net/articles.php?id=9599