آخر الاخبار

تصريحات مفاجئة لرئيس الأركان الأمريكي: هناك قدرات لا نرغب في تقديمها لإسرائيل! تصريحات مفاجئة لرئيس الأركان الأمريكي: هناك قدرات لا نرغب في تقديمها لإسرائيل! تصريحات مفاجئة لرئيس الأركان الأمريكي: هناك قدرات لا نرغب في تقديمها لإسرائيل! مجلس الوزراء يُغرق وزارة الدفاع بالثناء اللفظي ويتجاهل صرف رواتب الجيش واستحقاقات وزارة الدفاع المالية صناعة القرارات الرئاسية في زمن رئيس مجلس القيادة الرئاسي.. قرارات تعيين رغم اعتراض غالبية الرئاسي وقرات يتم تهريبها بسرية .. تفاصيل لجنة المناصرة والتأثير بمحافظة مأرب تعقد ورشة عمل ناقشت دور السلطة المحلية والأحزاب والمنظمات في مناصرة قضايا المرأة رسالة من أمهات وزوجات المختطفين لقيادات جماعة الحوثي : ''نأمل أن نجد آذانا صاغية'' في اجتماع بقصر معاشيق.. قرارات وموجهات جديدة للحكومة اليمنية خلال رمضان فقط.. رابع حادثة وفاة لمختطفين في سجون الإنقلاب الحوثي قضاة محكمة العدل الدولية بالإجماع يوجهون امرا لإسرائيل .. تفاصيل

قصّة حب غريبة جداً.. تصنع الغرائب

الخميس 03 مايو 2018 الساعة 04 صباحاً / مأرب برس -عربي بوست
عدد القراءات 3277

 

  

قصة قد تبدو غريبة بين زوجين ألمانيين، فكلاهما له مزاحة السياسي الخاص وله ميولها الخاصة أيضاً، لكن الأغرب أن يكون الزوجان بين أقصى اليسار وأقصى اليمين.

صحيفة New York Times الأميركية، ذكرت الثلاثاء 1 مايو/أيار 2018، قصة كلا الزوجين المختلفين في كل شيء فهو يتّهمها بنسيان التاريخ، وهي تتهمه بالاستبداد بفكرة التاريخ. هو يصفها بـ"العنصرية"، وهي تُسمّيه "مواطناً قومياً".

قصة الزوجين

إنهما هيلموت ليثن، اليساري البالغ من العمر 79 عاماً، وكارولين سومرفلد، اليمينية البالغة من العمر 42 عاماً، وهما كاتبان. إنهما يمثّلان جيلين ومُعسكرين فكريين في ألمانيا المنقسمة أكثر من أي وقت مضى. إنهما عدوان سياسيان.

وهما أيضاً زوجان.

إن زواجهما استثنائي، إنه حتّى غير مفهوم، ولكنه أيضاً بمثابة ساحة اختبار للتسامح، ونافذة نادرة على كيفية تفكير الطرف الآخر. وبطريقة حميمية ويومية؛ يُجريان محادثة لا يُجريها بلدهم.

إنها قصّة حب ألمانية للغاية -على الرغم من أن الزوجين يعيشان في النمسا، التي يقوم فيها الزوج بالتدريس- وأحدهما مرتبط بقوة بالذكرى الخمسين لحركة الثقافة المضادة التي لا تزال لحظة حاسمة في تاريخ ما بعد الحرب العالمية، ومُرتبط كذلك بصعود الحركة المناهضة لتلك الثقافة المضادة اليوم.

كان مايو/أيار 1968– الذي شهد احتجاجات واسعة- هاماً في أوروبا، مثلما كان في الولايات المتحدة، إذ كان مُفعَماً بزخم الشباب، والتحرر الجنسي، والاشمئزاز من حرب فيتنام، والاستياء العام من المؤسسة السياسية لذاك العصر.

 

وقد تمخض عن نفس المسار بالنسبة للجيل كثير الإنجاب في أعقاب الحرب العالمية الثانية، من الثوار الطلائعيين اليافعين إلى النُخب الليبرالية المتعثّرة.

وألمانيا لم تكن استثناءً، كما لم يكن ليثن استثناءً أيضاً.

ليثن، الذي كان ناشطاً طلابياً آنذاك، عبث بالشيوعية، وتمرّد على رموز النخبة الألمانية في مرحلة ما بعد الحرب التي يصفها بأنها "كانت لا تزال مُعبأة بعَفَن النازيين"، فقط ليصبح جزءاً من التيار الثقافي السائد في البلاد.

أما كارولين سومرفيلد، وهي فيلسوفة في تيارها اليميني، فقد كانت مُنخرطة في حركة رفض ثقافية أخرى؛ وفي صيف 2015، عندما وصل مئات الآلاف من اللاجئين إلى ألمانيا، اكتشفت "اليمين الجديد" الذي يُعَد رأس الحربة الفكرية لحركة قومية تعتبر الإسلام والعولمة تهديدات وجودية.

وبينما احتفى زوجها باللاجئين، إذ يقول "أعتقد أن هذه كانت أول مرّة نُرحب فيها بالأجانب بهذه الطريقة في تاريخنا الثقافي"، كانت كارولين آنذاك تشعر "بالقلق"، و"التمرّد".

واليوم؛ تأمل أن تستفيد حركتها الهامشية من روح العصر المتغيرة التي تتردد أصداؤها في ألمانيا وخارجها، مثلما فعل تيار زوجها من قبل في وقته.

وتقول "نحن بمثابة مكبّر الصوت للأغلبية الصامتة".

أما هيلموت ليثن، فيرفض التشبيه.

حيث يقول "لقد كان حافزنا هو التوق إلى العالم، لقد نظرنا إلى المستقبل"، وأضاف "حافزهم هو التوق للعودة إلى رحم تقاليد قبائل التيوتون الأوائل. إنه حنين لماض لم يكن موجوداً أبداً"، بحسب الصحيفة الأميركية.

الاختلافات بين الزوجين

وبحسب الصحيفة الأميركية فإن اختلافات كارولين وهيلموت الأيديولوجية بعيدة المدى لدرجة أنها تبدو مستحيلة التوفيق مع علاقة قائمة على الرومانسية التي بدأت منذ أن كانت كارولين طالبة بالجامعة، وكتبت أطروحة بعنوان "كيف تكون أخلاقياً". وحينها جذبت أنظار ليثن في حلقته الدراسية، وأصبحا مسحورين بعقل بعضهما البعض.  

وبعد الزواج لمدّة عِقدين من الزمان، والاهتمام بالفيلسوف الألماني الشهير كانط، والاعتناء بالمزروعات، وتربية أولادهما الثلاثة.. مازالا يتحدّثان.

فهي تقول إن "الألفة مع الجانب الآخر جيدة"

وهو يقول إن "الحديث أفضل من عدمه".

وهذا كثير من بين ما يتفقان عليه.

وفي غرفة المعيشة بشقتهما الخاصة التي تتسم بطابع القرن التاسع عشر في فيينا؛ يتشارك الكاتب غوته، والمؤلف النازي غوبلز رف كتب مشترك. وفي المطبخ، تُحاط صورة زفافهما بعبارة "الحب لن ينتهي أبداً".

ومع ذلك، هناك الكثير أيضاً مما يوافق كلاهما على الاختلاف عليه مع الطرف الآخر.

ففي إحدى الأمسيات مؤخراً، اتصل ليثن بزوجته وأصدقائها اليمينين المتطرفين الذين يصفهم بـ"المغفّلين".

ورد على هجومهم على الديمقراطية الليبرالية بأنه ممكن فقط بسبب الديمقراطية الليبرالية. وقال إن الانغماس في أحلام يقظة بشأن نظام استبدادي مثل النظام في المجر يشبه "قطع فرع الشجرة الذي تجلس عليه"، بحسب الصحيفة الأميركية.

 

أما كارولين، فقد ردّت بأن الإجماع اللبيرالي السائد هو نفسه استبدادي، وهو حتّى لا يدرك استبداديته، وقالت "أنت تدعو إلى الانفتاح"، "لكنّك لست منفتحاً على الآراء التي لا تعجبك".

 

وتساءلت كارولين قائلة: ماذا عن المسلمين الذين لا يحترمون حقوق المرأة أو الديمقراطية في حد ذاتها، أليس إدخالهم إلى البلاد يُعد "قطعاً لفرع الشجرة الذي تجلس عليه؟".

 

وشاركت كارولين سومرفلد -التي احتفلت بفوز الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الانتخابات بالشامبانيا- في تأليف كتاب بعنوان "الحياة مع اليسار"، أو كما يُسمّيه ليثن: "الحياة مع ليثن".

 

وتصف كارولين الكتاب بأنه كتاب للمساعدة الذاتية بالنسبة لليمين المتطرّف، حيث تقدّم المشورة للقرّاء حول كيفية الرد على حجج اليساريين، وكيفية استفزازهم (على سبيل المثال، من خلال مقارنة الـ20 مليون الذين قُتِلوا على يد ستالين بالـ 6 ملايين يهودي الذين قُتِلوا على يد النازيين)، بحسب الصحيفة الأميركية.

 

أما بالنسبة لأحدث إصدارات ليثن من الكُتب، وهو مُجلّد نال إشادة النقاد بشأن النخبة الثقافية في عهد النازيين، ويُمكن قراءته أيضاً كخطاب إلى اليمين المتطرف الفكري. ومن بين إهداءات الكتاب؛ يوجد شكرٌ لكارولين سومرفيلد التي "حفّزت هذا الكتاب بقوّة".

 

ويتحدّث كتاب ليثن عن أربعة ألمان لامعين؛ قائد أوكسترا، وممثل، وجرّاح، وأستاذ في القانون، وهم على عكس الكثيرين غيرهم، قرروا البقاء في ألمانيا النازية، وساعدوا في إضفاء الشرعية على النظام.

 

وكان ذلك مُزعجاً دائماً له، إذ يقول ليثن "كيف يمكن أن يحدث تحالف بين ثقافة رفيعة المستوى وذلك البلد السفّاح؟".

 

وانضم والد ليثن إلى حزب هتلر النازي في عام 1928، وكان متحمّساً له. وبعد الحرب، لم يتحدّث عن هذا أبداً.

 

وخلال تسع سنوات في المدارس الثانوية في الخمسينيات، يقول ليثن أنه لم يتطرّق درس تاريخ إلى الهولوكوست. فقد تعلّم عن معسكرات الاعتقال من السينما، التي شاهد فيها الفيلم الوثائقي الفرنسي Night and Fog في عام 1957، بحسب الصحيفة الأميركية.

 

ويحمل ليثن تلك الذكرى "مثل حجرٍ في صَدرِه".

 

ويقول إن الحركة الطلابية في الستينيات كانت تدور حول "فتح الأرشيف الصامت لآبائنا".

كيف جمع الحب بينهما؟

 

وبحسب الصحيفة الأميركية، أصبح هيلموت ليثن عضواً في مجموعة منشقّة عن الحزب الشيوعي، وكانت واحدة من بين العديد من المنظمات الشيوعية الصغيرة التي برز قادتها في وقت لاحق في الأوساط الأكاديمية وأوساط المعلّمين والسياسيين من يسار الوسط.

 

وبعد التدريس في إحدى الجامعات الهولندية لمدّة 18 عاماً، عاد ليثن إلى ألمانيا ليُدرّس في جامعة روستوك في ألمانيا الشرقية سابقاً. والتقى بكارولين سومرفيلد في إحدى حلقاته الدراسية.

 

وكان والد كارولين أيضاً من جيل انتفاضة مايو 1968، وتتذكّر عندما كان يعقد والداها اجتماعات سياسية في غرفة المعيشة، وتتذكر كيف أنه لم يُسمح أبداً لزوج جدّتها، وهو نازي سابق، بدخول منزلهم.

 

وتقول "لقد شُكِّلت بالكامل على يد جيل 68″، وأضافت "لقد كانوا آبائي، مُعلّميّ، أساتذتي الجامعيين. لقد كان كل شيء قرأته في المدرسة مُلوّناً بأفكارهم".

 

وهذا يتضمن تجربة التمرّد على الجيل الأكبر سنّاً والتيار الثقافي السائد.

 

حتّى الطرق التي استعان بها اليمين الجديد بكثافة في عام 1968؛ الاستفزاز باللغة، وتنظيم الاعتصامات، واختراق معارض الكتب مع دور النشر اليمينية المتطرّفة، وكسر المحظورات مثل إلقاء البرقع على تمثال الإمبراطورة ماريا تيريزا في فيينا، والانتفاع بشكل كبير من الغضب، ورد فعل الجانب الآخر.

 

هذا ما تُطلق عليه كارولين سومرفيلد "إضفاء طابعٍ ثوري على التصوّرات".

 

وأوّل مرّة تشاجر فيها كارولين وليثن حقاً كانت في عام 2016، بعدما أهان أحد السياسيين من اليمين المتطرّف لاعب كرة القدم الألماني جيروم بواتينغ، وهو ذو بشرة سوداء.

 

حيث قال ألكسندر غاولاند، من حزب البديل من أجل ألمانيا، آنذاك "الناس يعتبرون بواتينغ لاعباً جيداً، ولكنهم لا يريدونه جاراً لهم".

أكبر نزاع بينهما

 

وقالت كارولين إنها لا تريد أن يكون جارها أيضاً، فانفجر زوجها غضباً ووصفها بـ"العنصرية".

 

وكانت هذه لحظة مهمّة في علاقتهما، إذ يقول "لقد كان ذلك أكبر نزاع بيننا".

 

وذات مرّة، كان ليثن غاضباً لدرجة أنه كتب خمسة شروط كأسس للمناقشة بينهما، ثلاثة منها تتعلق بالاعتراف بالهولوكوست وجرائم الألمان خلال الحرب العالمية الثانية، بحسب الصحيفة الأميركية.

 

إلا أنها رفضت كل الشروط. ليس لأنها تنكر الهولوكوست، بل لأنها ترفض فكرة أن هذا ينبغي أن يحدد الهويّة الألمانية الحديثة- بحسب قولها.

 

إنها تريد أن تتخطّى ما تصفه بـ"هذا الهوس المرضي الجماعي المتطرّف بالمحرقة، والذي يقول الكثير بشأن الخطاب الأخلاقي الكامل لجيل 68″.

 

وأضافت "إذا كان قلقاً جداً بحق بشأن معاداة السامية، فربما يرغب في النظر للاجئين من سوريا الذين يتم تعليمهم في المدارس أن الهولوكوست لم يحدث أبداً".

 

وتابعت "أريد أن أقول: أعزّائي اليساريين، هذا الهوس بتلك السنوات الـ12 لكم. يمكنكم أن تنغمسوا فيه ولكنه ليس شيئاً نريد التعامل معه في كل دقيقة من اليوم".

 

وتتساءل كارولين "لماذا لا نُركّز على الأشياء الإيجابية في تاريخنا؟".

 

أما زوجها فيصر أنه "شيء إيجابي أن نتعامل بأمانة مع التاريخ".

المشتركات بينهما

 

ومنذ ذلك الحين، جردا الأرضية المشتركة من جوهرها؛ وهو افتراض حسن النيّة والعقلانية، وانخرطا في التركيز على الأشياء التي يتشاركانها؛ كرفاه أبنائهما الثلاثة في المقام الأول. ولديهما قاعدة: لا يُسمح لأي من الوالدين بأخذ الأبناء في المسيرات السياسية.

وفي أحيان نادرة.. يتعلّم أحد الأطراف من الآخر.

إذ يقول ليثن إن الليبراليين مثله رُبما كانوا ساذجين في بعض الأحيان.

ويتذكّر ليثن الماضي قائلاً "في عام 1968، فجّر حبّنا دائرة مجتمع النخبة، كان يُمكن وصفنا بثوّار فيت كونغ، وكنّا نستمع إلى طبول التأهب الإفريقية، ورحّبنا بالثقافات الأخرى كإثراء لنا".

وأضاف قائلاً "لم يخطر ببالنا أبداً أن ينقلب هؤلاء المحبّون الأجانب علينا أو أن تكون لديهم قيم معيّنة لا تتفق مع قيمنا، مثل فصل الكنيسة عن الدولة".

وتقول كارولين إنها تشعر بالفزع من آراء بعض المتحدثين من اليمين المتطرف "الذين يبدو أنهم يريدون تطهير أي شخص لديه وجهات نظر يسارية".

وأضافت قائلة "إنه حقاً تعصّب بشع من جانب اليمين".

وتابعت قائلة: حيثما يوجد اليمين، توجد ثمة حاجة لليسار.

وقالت بينما كانت ترشف الشاي العشبي الذي أعدّه زوجها لتخفيف ألم الحلق الذي تعانيه: "نحن في رباط مع بعضنا البعض، إلى الأفضل أو إلى الأسوأ".

 

ولم يكن واضحاً ما إذا كانت تتحدّث عن زوجها أم عن بلدها، أو عن كليهما.