انفجار شعبي وتظاهرات لم تشهدها العراق من قبل .. تقرير بآخر المستجدات وصور من الميدان

الخميس 03 أكتوبر-تشرين الأول 2019 الساعة 03 مساءً / مأرب برس-تغطيات خاصة
عدد القراءات 3820

أطلقت قوات مكافحة الشغب العراقية الرصاص الحي في الهواء مجدداً، الخميس، لتفريق عشرات المتظاهرين الذين أشعلوا إطارات في ساحة التحرير بوسط بغداد، رغم حظر التجول الذي دخل حيز التنفيذ فجراً، بحسب ما أفادت به وكالة "فرانس برس".

وصدت القوات الأمنية المحتجين باتجاه شوارع فرعية متاخمة لمكان التجمع الأساسي، في اليوم الثالث من التظاهرات الدامية التي أسفرت عن مقتل 12 شخصاً بينهم شرطي، في العاصمة ومدن جنوبية عدة، وفق مسؤولين.

ويسعى المحتجون للتوجه إلى ساحة التحرير في وسط العاصمة التي تعتبر نقطة انطلاق تقليدية للتظاهرات في المدينة، ويفصلها عن المنطقة الخضراء جسر الجمهورية حيث ضربت القوات الأمنية طوقاً مشدداً منذ الثلاثاء.

وتوسعت التظاهرات، التي انطلقت في العراق، إلى مدن عدة في الجنوب لتشمل 9 محافظات مع العاصمة، التي شهدت انتشار الاحتجاجات إلى 5 أحياء في بغداد نفسها، منها حي الزعفرانية جنوب العاصمة، حيث أقدم المتظاهرون على حرق الإطارات والتحرك بمجاميع منظمة في مناطق عدة لمحاولة الوصول إلى ساحة التحرير وسط بغداد، إلا أن القوات الأمنية حاولت منعهم من الوصول بتفريقهم بالقوة المفرطة.

*تظاهرات غير مسبوقة

هذه التظاهرات غير المسبوقة هي الأولى في العراق التي تخرج من دون الدعوة لها من قبل الأحزاب والكتل السياسية، كما في دعوات التيار الصدري في التظاهرات المليونية. وقد جمعت الشباب الغاضبين المحتجين على غياب الخدمات العامة والبطالة وزيادة النفوذ الإيراني في العراق.

كما أن هذه التظاهرات هي الأولى من نوعها منذ استلام حكومة عادل عبد المهدي السلطة قبل عام تقريباً، حيث يطالب المحتجون بمحاسبة الفاسدين ومكافحة البطالة.

وبحسب ناشطين، دعت صفحات التواصل الاجتماعي لتظاهرات شبابية مليونية رفضاً للوضع البائس الذي يعيشه العراقيون.

تظاهرات وطن

*من جانبه، قال أحد ناشطي الاحتجاجات في العراق، أحمد الوشاح، إن "هذه التظاهرات عفوية شبابية غير مدعومة من أحد وليست مسيرة من حزب أو رجل دين. هي تظاهرات وطن".

وتابع الوشاح: "خططنا أن نذهب إلى ساحة التحرير ونبعث مطالبنا لرئيس الحكومة ونعتصم هناك إلى أن يتم تلبيتها، إلا أننا فوجئنا بالقوة المفرطة والرد العنيف من الحكومة علينا. فهؤلاء الشباب العزل، الذين يحملون حب العراق في قلوبهم وعلمه بأيديهم، يريدون إصلاح الوطن الذي خربه الفساد وأنهكته الطائفية السياسية".

كذلك أكد أن المطالب هي إصلاح نظام التعليم والصحة، وقانون الانتخابات، وتوفير فرص العمل، والقضاء على الفساد، وتدخل الأحزاب السياسية في عمل الحكومة والعدالة الاجتماعية، وإنهاء التدخلات الخارجية في عمل الدولة العراقية، وضبط الحدود، في إشارة إلى "الحدود مع إيران ومنها تهريب المخدرات".

*وقت التغيير الجذري

من جهته، قال صفوان عاصم، وهو رئيس نقابة العمال في العراق، وأحد ناشطي التظاهرات، لـ"العربية.نت": "الآن لا توجد لدينا مطالب لأنها انتهت في عامي 2015 و2018. التظاهرات الحالية أحرقت جميع المطالب والآن ليس وقت الإصلاح بل وقت التغيير الجذري لمنظومة 9 نيسان، والتي تعني النظام الذي أتى في 9 نيسان 2003 بعد سقوط نظام صدام حسين".

كما أشار صفوان إلى أن "الجماهير العراقية والشباب العراقي رفضوا هذه الأحزاب السياسية وهذه السياسة التي تُسير البلد بالميليشيات والأحزاب المرتبطة بإيران وأعلنوها صراحة أنهم يريدون التغيير الجذري لهذه المنظومة تماماً".

*تهمة جاهزة للمتظاهرين

وأكد: "تتهمنا إيران ورجالها في العراق بأننا متظاهرون مسيسون ومدعومون من السفارة الأميركية. ونحن نقول لهم إن المتظاهرين لا يملكون أجور نقل لحضورهم إلى ساحات التظاهر في مختلف المدن العراقية. نحن فقراء لا نملك خبزاً لعائلاتنا وأطفالنا".

إلى ذلك أضاف: "نحن نطالب بحكومة انتقالية وهناك اتفاق بين اللجان الشعبية والتنسيقيات بين المحافظات لإزاحة منظومة التاسع من نيسان 2003. الشباب هم أكثر من عانى، وهذه المعاناة هي من جعلتهم يخرجون لثورة عارمة تطالب بالتغيير الشامل".

وشدد قائلاً: "العنف المفرط سيقابل من قبل الشباب بالإصرار على إدامة التظاهر. نحن نتظاهر سلمياً وضد من يكون ضد القوات الأمنية، لأنهم إخواننا وأبناؤنا. نحن خرجنا لنؤمّن حياة كريمة لأبنائهم وعوائلهم ولسنا ضدهم".

*وجوه جديدة

بدوره، قال أحد ناشطي التظاهرات، علي الزبيدي،، إن هذه الاحتجاجات هي نتيجة تراكمية لتظاهرات سابقة من قبل مهندسين وحملة شهادات عليا، عندما تم التعامل معهم بقسوة وعنف مفرط. وتم الاتفاق على اليوم الأول من الشهر العاشر كموعد للانطلاق في تظاهرات شبابية عفوية غير مسيسة أو مدعومة من أحد".

وأشار الزبيدي إلى أن "هؤلاء الشباب هم وجوه جديدة على التظاهر، وصغار همهم العراق أولا وآخراً".

كما أضاف أن "إيران وأذرعها يتهموننا بأننا مسيرين من السفارة الأميركية وهي من تدعمنا، لكننا نؤكد أننا لم ولن ندعم من أحد، بل نحن شباب همنا بلادنا ونحن عراقيون حد النخاع".

من جانب آخر، قال الكاتب والصحافي، عمر الجنابي، لـ"العربية.نت"، إن "أكثر الشباب هم من العاطلين عن العمل وممن سئموا الوضع العام في البلاد"، مؤكداً أنه "لا توجد جهة مسؤولة عنهم أو موجهة لهم بل هم شباب ذاقوا الأمرين وعانوا طوال سنين من الحرمان".

كذلك لفت الجنابي إلى أنه تابع التحشيد لهذه التظاهرات وكان يخشى فشلها لأنها تزامنت مع تظاهرات عدة فشلت سابقاً وانتهت بالقمع مثل تظاهرة الكفاءات من حملة الشهادات العليا وغيرها.

وتابع: "هذه التظاهرات بدأت بحشود بسيطة في ساحة التحرير وسط بغداد، لكن البث المباشر على مواقع التواصل والهتافات الوطنية شجعت الآلاف على الالتحاق بها، خصوصاً بعد استخدام العنف تجاه المحتجين ومحاولة تفريقهم بالقوة المفرطة، ما شجع شباب بغداد والمحافظات على التحرك، مشدداً: "دعونا لا ننسى أن جهات سياسية، مثل دولة القانون والتيار الصدري، أعلنوا عشية التظاهرات أنهم لن يدعموها".

*الانفجار الشعبي

كما أضاف الجنابي: "الانفجار الشعبي له أسبابه وهي معروفة لدى الطبقة السياسية، وأنا على يقين أنهم كانوا يخشون هذا اليوم. الشارع العراقي تعب من الوعود الكاذبة بالإصلاح ومحاربة الفساد وإيجاد فرص عمل والارتقاء بالمستوى المعيشي للفرد"، مستدركاً: "هذه الحكومة تشكلت بكذبة البوابة الإلكترونية والتكنوقراط المزعوم وانتهت بوزراء حزبيين تابعين لجهات فاسدة، تتحكم بهم كتلهم السياسية".

وختم قائلاً: "هذه التظاهرات بداية صدام بين الشعب والطبقة السياسية الحاكمة والحل الوحيد للوضع الراهن تشكيل حكومة طوارئ، فأي قرار سيصدر من اجتماع الرئاسات الثلاث مع قادة الكتل السياسية لن يكون بطموح الشارع العازم على تغيير الوضع الحالي".

ويعاني العراق، الذي أنهكته الحروب، انقطاعاً مزمناً للتيار الكهربائي ومياه الشرب منذ سنوات، ويحتل المرتبة الـ12 على لائحة الدول الأكثر فساداً في العالم، بحسب منظمة الشفافية الدولية.

وبحسب تقارير رسمية، فمنذ سقوط نظام صدام حسين في العام 2003، اختفى نحو 450 مليار دولار من الأموال العامة، أي أربعة أضعاف ميزانية الدولة، وأكثر من ضعف الناتج المحلي الإجمالي للعراق.

*ارتفاع عدد القتلى

لكن مفوضية حقوق الإنسان أعلنت أن عدد قتلى الاحتجاجات ارتفع إلى 15 قتيلاً في تظاهرات المدن العراقية بينهم شرطي.

وأضافت المصادر أن 7 محتجين وشرطيا قتلوا في الناصرية خلال اشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن بينما لقي 4 مصرعهم في مدينة العمارة.

*حظر تجوال حتى إشعار آخر

وسقط صاروخ بالقرب من السفارة التركية داخل المنطقة، بينما سقط صاروخ ثانٍ في جسر الحارثية بمحيط المنطقة الخضراء شديدة التحصين. وقبيل ذلك، أعلن رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي حظر التجول في بغداد اعتبارا من الخامسة من صباح اليوم الخميس حتى إشعار آخر.

إلى ذلك جاء في بيان عقب اجتماع الرئاسات الثلاث، أنه تقرر إطلاق حوار وطني شامل وتشكيل لجنة رسمية للتعامل مع مطالب المتظاهرين.

وتحدث البيان أيضا عن تواصل بين الحكومة وممثلين للمتظاهرين والشروع في تنفيذ قانون الضمان الاجتماعي.