ثلاث سيناريوهات أمام العراق بعد تواصل الاحتجاجات والمظاهرات التي تقابل برد دموي

الأحد 06 أكتوبر-تشرين الأول 2019 الساعة 06 مساءً / مأرب برس -عربي 21
عدد القراءات 2044

 

تفاقمت الاحتجاجات الشعبية التي انطلقت الثلاثاء الماضي، في مناطق مختلفة بالعاصمة العراقية بغداد ومحافظات أخرى، واكتست عليها الصبغة الحمراء، بعد مقتل العشرات وإصابة الآلاف بينهم متظاهرون ورجال أمن، بحسب ما أعلنته مفوضية حقوق الإنسان العراقية.

ورغم تزايد مطالبات الأحزاب والتحالفات السياسية للحكومة العراقية برئاسة عادل عبد المهدي بالاستقالة، وضرورة إجراء انتخابات مبكرة، إلا أن الحكومة تتحدث عن أنها بدأت بالتفاوض مع ممثلي المتظاهرين لبحث مطالبهم، في مسعى لنزع فتيل الاحتجاجات العنيفة.

وأمام هذه المظاهرات المتواصلة منذ خمسة أيام، تحدثت "عربي21" مع محللين عراقيين لقراءة السيناريوهات المتوقعة، وإلى أي مدى يمكن أن تصل موجة الغضب الحالية؟ وما الذي يمكن أن تحققه من المطالب التي وصلت لحد الإطاحة بالحكومة والبرلمان معا؟

3 سيناريوهات

المحلل السياسي العراقي وسام الكبيسي طرح ثلاثة سيناريوهات لهذه المظاهرات، بدأها بالسيناريو الأول والمتمثل باستخدام الحكومة أعلى درجات القمع في حال رفض المتظاهرون إيقاف تحركهم، أو رفض جزء منهم ذلك.

وأشار الكبيسي في حديث لـ"عربي21" إلى أن الحكومة العراقية بدأت تتحرك باتجاه التواصل مع بعض الأشخاص المؤثرين داخل هذه التظاهرات، لمحاولة استمالتهم بالجلوس على طاولة التفاوض، وعقب هذه اللقاءات ستعلن عن وعود، وتعتبر الجهات الباقية بالمظاهرات متمردة وتتبع جهات خارجية ولا تمثل المتظاهرين.

أما السيناريو الثاني بحسب الكبيسي، فيتمثل في قدرة الشباب على استعادة زمام المبادرة واستباق الأمر ببيانات تؤكد أن "من يجلس مع الحكومة العراقية لا يمثلهم، ولا يعبر عنهم"، مضيفا أنهم "إذا نجحوا في إعادة الزخم خلال الأيام القادمة، فإن الحكومة ستفشل في هذه المرحلة".

وتابع: "في حال نجح السيناريو الثاني، فإن الحكومة العراقية أيضا ستذهب نحو التصعيد، لأنه لا بديل لها، في ظل الضغوط الخارجية التي تمارس بأذرع داخل الدولة العراقية، لإنهاء ما يسمونه حالة التمرد، نظرا لتأثيرها على حساباتهم وامتيازاتهم التي حصلوا عليها خلال السنوات الماضية نتيجة هشاشة الدولة العراقية".

   اللجوء إلى التلويح بورقة "داعش"

وذكر الكبيسي أن السيناريو الثالث هو خيار أخير ونهائي للحكومة العراقية، من خلال اللجوء إلى التلويح بورقة "داعش"، موضحا أن "ذلك يحصل باختراقات لعمليات يقوم بها بعض أفراد داعش، أو حدوث عمليات تنسب لداعش، لكي يتم خلط الأوراق".

وحول إمكانية استقالة الحكومة لامتصاص غضب التظاهرات، قال الكبيسي إنه "الخيار الأخير الذي يمكن أن تتجه إليه الجهات المتنفذة في العراق، ويتمثل في التضحية ببعض الوزراء أو تغيير الحكومة العراقية ورئاستها واستبدالها بحكومة جديدة، استجابة للضغوط التي تأتي من الشارع والشباب العراقي المنتفض".

ولفت إلى أن المتظاهرين يتحدثون عن أن "النقطة الأساسية والجوهرية، تكمن في شعورهم بفقدان الوطن، ورغبتهم في استعادته، في ظل التدهور الكامل لكل مقومات الدولة الوطن"، منوها إلى أن "هناك اختراقا لسيادة العراق وتلاعبا به من الخارج".

مطالب الشارع

وبشأن قدرة الشارع على تحقيق كافة مطالبه، رأى الكبيسي أن "التظاهر يحتاج إلى سبب وهدف، وإذا كان الشباب يرسمون أهدافهم بطريقة صحيحة، ويبنون عملهم على استراتيجيات طويلة الأمد، فربما يصلون إلى أهدافهم".

واستدرك بقوله: "إذا كانوا لا يملكون هذا النفس وعندهم ضبابية في أهدافهم، فربما تستطيع الجهات العراقية المتنفذة السيطرة على هذه التظاهرات كما فعلت في مرات سابقة"، مشيرا إلى أنه "تم تفكيك موجات غضب سابقة مع مرور الوقت، وهذه مراهنة الحكومة على الوقت أكثر من الشباب الذي بطبعه يتجه نحو السرعة والثورة التي لا تطول كثيرا".

وشدد الكبيسي على أنه "ما لم يتم الضغط من الشارع بشكل أكبر، وبقدر من الصمود والإصرار الذي لا تستطيع الحكومة العراقية معالجته في الأيام القادمة، فإننا لن نصل بسهولة لخيار إسقاط الحكومة، رغم المطالبات المتزايدة من الكتل السياسية بذلك".

وفي السياق ذاته، توقع المحلل السياسي العراقي علي أغوان أن تستمر التظاهرات رغم التعتيم الإعلامي، سواء بعملية قطع الإنترنت أو منع التجول، مستدركا بقوله: "استمرار الحراك مرهون بسلوك الحكومة".

ورجح أغوان في حديثه لـ"عربي21" أن تذهب الأمور باتجاه "التعقيد"، مرجئا ذلك إلى أن "الحكومة عاجزة عن مواجهة هذه التظاهرات، التي لم تشهدها حكومات سابقة (..)، حيث كانت التظاهرات في السابق ترتكز في مناطق سنية غرب وشمال العراق".

   المظاهرات الحالية تتميز عن السابقة، بأنها دون قيادات واضحة

وأردف قائلا: "كان من السهل على الحكومة أن تقول إن هذه التظاهرات هي للبعثيين والمجاميع الإرهابية، والشارع يصدق ذلك"، مضيفا أن "الحكومة كانت قادرة على إضافة اللباس الطائفي في المناطق على التظاهرات السابقة".

ولفت أغوان إلى أن "هناك نوعا آخر من التظاهرات السابقة، كانت تقوم بها بعض التيارات السياسية مثل تظاهرات التيار الصدري، وتيار الحكمة، وكانت مؤثرة على الحكومة، لكن الأخيرة لديها منافذ للتعامل معها، من خلال التواصل مع محركيها، لتتم تسوية الأمور سياسيا وحل الموضوع".

وأكد أن المظاهرات الحالية تتميز عن السابقة، بأنها دون قيادات واضحة، إلى جانب أن أغلب المناطق الشيعية في العراق، هي التي ظهرت فيها، وبالتالي فإن الحكومة ذات الأغلبية الشيعية تعجز عن مواجهتها، منوها إلى أن "السلطة تواجهها حتى الآن بقمع وقتل وضرب للمتظاهرين، بمساندة مجاميع مسلحة تعمل مع الحكومة".

النظام عاجز

واستبعد أغوان أن تكون هناك أياد خفية تحرك التظاهرات، معتقدا أن "القوى السياسية عاجزة عن إيجاد حل عملي، والنظام عاجز عن إصلاح نفسه من أجل مواكبة متطلبات الشارع".

وذكر أن "هناك دولة أخرى لا تشاهدونها تحكم العراق، بل إن هناك عصابة تدير كل شيء، ولديها صلاحيات لفعل كل شيء، وليس عليها أي مسؤوليات بحيث يمكن حسابها"، مبينا أن "حكومة الظل وحكومة المكاتب القذرة والكيانات الموازية والرديفة والأذرع ما فوق السياسية والأمنية والعسكرية، هي التي تدير العراق".

ووفق تقدير أغوان، فإن استقالة عبد المهدي إن حدثت لن تغير إلا 2 بالمئة فقط من الوضع العام، لأن النظام عاجز ولا يستطيع العمل وتحديث نفسه، والحل صعب جدا في العراق الذي يُبتلع من عام 2014، كما تبتلع الثقوب السوداء النجوم في المجرات"، على حد وصفه.