اللبنانيون ينقضون على مكاتب حزب الله وحركة أمل والحكومة تلغي جلستها

الجمعة 18 أكتوبر-تشرين الأول 2019 الساعة 05 مساءً / مأرب برس - وكالات
عدد القراءات 4197

 

 

لليوم الثاني على التوالي، بقي لبنان مهتزاً وتواصلت “الثورة” التي ظلت من دون قيادة، مع تسجيل دعوات للعصيان المدني، وبدت التسوية الرئاسية التي أوصلت العماد ميشال عون الى رئاسة الجمهورية والرئيس سعد الحريري الى رئاسة الحكومة بموافقة من حزب الله أكثر ترنّحاً من أي وقت آخر، تحت ضربات الغضب الشعبي الذي رفع شعار “كلهم يعني كلهم” حيث لم يسلم أي طرف سياسي من أي لون طائفي من غضب المحتجين، وارتفعت الأصوات المطالبة باستقالة ليس فقط الحكومة، بل باستقالة رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس الوزراء، وكل الطبقة السياسية وإجراء انتخابات نيابية مبكّرة توصل وجوهاً جديدة.

وفي منطقة جبيل حطّم متظاهرون واجهة مكتب النائب في كتلة الرئيس بري علي بزي ، بعدما عمد متظاهرون في النبطية ليلاً الى محاولة اقتحام منازل لنواب كتلة التحرير والتنمية، بينهم منزل النائب ياسين جابر، إضافة إلى محاولة اقتحام مكتب النائب هاني قبيسي، وكذلك مكتب رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد.

وتواصلت لليوم الاحتجاجات على الأوضاع المعيشية الصعبة وإقرار الضرائب في العاصمة بيروت وعدد من المناطق في لبنان.

ووصف المحتجون الطبقة السياسية بالفاسدة وطالبوا بسقوط الحكومة واستقالة رئيس الجمهورية.

وأغلق محتجون في أنحاء لبنان الطرق مستخدمين إطارات مشتعلة اليوم، ونظموا مسيرة في بيروت.

وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع على بعض المحتجين بينما وقعت اشتباكات في الساعات المبكرة من صباح اليوم.

وتصاعد الدخان من الحرائق التي كانت مشتعلة في شوارع وسط بيروت، وتناثرت قطع من الزجاج على الأرصفة بعد تهشم عدة واجهات متاجر ومُزقت اللوحات الإعلانية.

وفي ظل معلومات عن احتمال إعلان حالة طوارئ، بقيت الطرقات لليوم الثاني على التوالي مقطوعة في معظم المناطق اللبنانية مسلمة كانت أم مسيحية، في غياب أي رايات حزبية نتيجة توجّه الحكومة الى فرض ضرائب جديدة. وتصاعدت أعمدة الدخان الأسود من حرق دواليب السيارات، وبلغت الهتافات ضد المسؤولين حد مطالبة البعض بتسلّم قائد الجيش العماد جوزيف عون الحكم، والتفتيش عن فندق “ريتز” لبناني وزجّ غالبية الطبقة السياسية التي أثرت وجمعت ثرواتها على حساب الشعب جراء الصفقات والفساد في السجون واستعادة الأموال المنهوبة.

وطارت جلسة مجلس الوزراء التي كان الرئيس عون طلب من الرئيس الحريري عقدها في قصر بعبدا بدلاً من السراي الحكومي، وجاء إلغاء الجلسة بعد اتصال الحريري بعون، حيث عرضا الإجراءات الواجب اتخاذها للحفاظ على الممتلكات العامة وبقاء التظاهرات في اطارها السلمي. وأفيد أن الحريري بصدد توجيه رسالة الى اللبنانيين لم يُعرَف مضمونها.

وكانت وزيرة الداخلية ريّا الحسن رأت أنّ “لا استقالة للرئيس سعد الحريري في الوقت الراهن فالاستقالة لا تحقق اي هدف”، وأكدت على حق التظاهر من دون التعرض للممتلكات، مشيرة إلى أن “لدى قوى الأمن تعليمات بعدم التصادم مع المتظاهرين”، وكانت الحسن دعت “جميع الفرقاء في الحكومة إلى التوحّد خلف خطوات التقشف، وتجنيب المواطن اللبناني الانهيار”.

وبعد المواقف التي حاولت تحميل رئيس الحكومة وحده مسؤولية الأزمة، صدر عن الرؤساء نجيب ميقاتي، فؤاد السنيورة وتمام سلام بيان جاء فيه: “دخل لبنان منعطفاً دقيقاً في ظل أزمة سياسية تلوح في الأفق بالتزامن مع غضب شعبي نتفهمه نتيجة الأزمة الاقتصادية والمعيشية الخانقة التي يعيشها الوطن واللبنانيون. وكان لافتاً أن ما يجري سبقته مواقف تصعيدية لأفرقاء كانوا ولا يزالون مشاركين أساسيين في السلطة منذ وقت طويل، هؤلاء هم من رفع سقف المواجهة بالتحريض المباشر على قلب الطاولة على الجميع”.

وتابع البيان: “في هذه الأجواء بات واضحاً أن هناك محاولات من قبل البعض للتنصّل من مسؤولية ما آلت إليه الاوضاع والبحث عن حلول للازمات الراهنة، ووضع المسألة كلها على عاتق رئيس الحكومة. وهذا التوجه يتزامن مع نهج متكرر لفرض تجاوزات دستورية تستهدف بالدرجة الاولى مقام رئاسة الحكومة ودور رئيس الحكومة ومجلس الوزراء مجتمعاً”.

وأوضح الرؤساء الثلاثة في بيانهم: “إننا من موقعنا الوطني والسياسي كرؤساء سابقين للحكومة نعلن الآتي: أولاً: التفهم المطلق للتحرك الشعبي الذي يعبّر عن صرخة وجع من الأزمات الخانقة التي يشهدها لبنان، ودعوة جميع المواطنين الى الحفاظ على سلمية التحرك وعدم الانجرار في انفعالات تسيء الى الشعارات النبيلة التي يعبّرون عنها.

ثانياً: مناشدة جميع القيادات السياسية بوعي دقة الوضع وعدم إطلاق المواقف التصعيدية والانفعالية التي لا طائل منها، والتعاون على كلمة سواء لمعالجة الازمات الراهنة وملاقاة المواطنين الموجوعين بمعيشتهم وحياتهم وقوتهم.

ثالثاً: التضامن الكامل مع دولة رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري في هذه المحنة، والوقوف الى جانبه في ما يقرره للخروج من الازمة الراهنة، ورفض اي محاولة للاستفراد به، عبر تحميله مسؤولية الأزمات كلها وعدم ايجاد الحلول لها”.

وأضاف بيان رؤساء الحكومات السابقين: “صحيح أن دولة رئيس مجلس الوزراء هو رئيس السلطة التنفيذية، إلا أن مشاركة غالبية الأطراف في الحكومة، تفرض عليها ادبياً وسياسياً ووطنياً المشاركة في البحث عن حل. كما يجب العودة الى احكام الدستور لجهة الصلاحيات والمهام، وعدم القفز فوقها لفرض نهج وأحجام سياسية لا تتلاءم مع الدستور وروحيته، وتشكل تعدياً صارخاً عليها”.

من جهته، وجّه رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع ما سمّاها “دعوة صادقة إلى رئيس الحكومة سعد الحريري لاستقالة هذه الحكومة نظراً لفشلها الذريع في وقف تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في البلاد مما أوصلنا إلى الحالة التي نحن فيها “.

وقال: “أنا أعلم مدى الجهود التي بذلها الرئيس الحريري في سبيل استدراك الوضع، ولكن الأكثرية الوزارية، ويا للأسف، كانت في مكان آخر. إن أفضل ما يمكن أن يقدّمه الرئيس الحريري في هذه اللحظات الحرجة والعصيبة هو تقديم استقالة هذه الحكومة تمهيداً لتشكيل حكومة أخرى مختلفة تماماً وجديدة تماماً تستطيع قيادة عملية النهوض الاقتصادي المطلوبة في البلد”.

اما تجاه الأصوات التي تطالب برحيل رئيس الجمهورية، وآخرها دعوة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط إلى التحرك الهادئ ضد العهد الذي خرب كل شيء، ردّ قصر بعبدا متسائلا: “أين أساء الرئيس عون للناس وماذا فعل ليضرّ بهم؟ لا بل على العكس هو يصرّ على الإصلاحات “، في وقت اتخذت الاحتياطات الأمنية في محيط قصر بعبدا.

وتناغماً مع موقف بعبدا، أكد التيار الوطني الحر أن “الوضع في البلاد بلغ حداً مأساوياً نتيجة صمّ الآذان وإدارة الوجه عن الكثير من الأزمات التي يعاني منها المواطنون والتي قابلها أهل السلطة بفوقية مقيتة وتعالٍ مزرٍ”.

وقال التيار في بيان إن “معالجة الوضع وإيقاف الهدر والفساد والصفقات التي شهدنا عليها في ظلّ هذه الحكومة البائسة التي لم تجلب لشعبها إلا الفقر والعوز والاضطراب المالي والاقتصادي لدرجة الوصول الى اللعب بلقمة العيش، وعليه فإن ابسط الأمور إشاحة السواد عن وجه الوطن باستقالة هذه الحكومة وتشكيل حكومة إنقاذ وطني تأخذ على كاهلها إنقاذ لبنان والعهد وإعادة الثقة بالوضع الاقتصادي والاجتماعي وتعيد ثقة اللبنانيين بوطنهم. فالأوطان تحفظ في القلوب ولا تحمل في الجيوب”.

وكان المتظاهرون في اليوم الأول ردّدوا هتافات ضد السلطة ودعوات الى إسقاط الحكومة والنظام. وفي بنت

وكان رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط قال في سلسلة تصريحات: “أنا لن أترك سعد الحريري… هو حاول ويحاول لكن هناك من يفرض إرادته عليه، وهناك غيره من يجب أن يتحمّل المسؤولية فليتفضل وليحكم لوحده أرحم من هذه الازدواجية”، مشدداً رداً على سؤال على أنّ “الاشتراكي” لن يشارك في أي حكومة جديدة إذا ما استقالت هذه الحكومة”.

وذكرت الوكالة الوطنية للإعلام أن محتجين أغلقوا الطرق في الشمال والجنوب ووادي البقاع ومناطق أخرى. وأغلقت المدارس بموجب تعليمات من الحكومة.

وقال محتج في بلدة جعيتا: “نحن شعب واحد متحد ضد الحكومة ونريد إسقاطها”.

كانت المظاهرات الاحتجاجية قد بدأت مساء الخميس في وسط بيروت عقب قرار اتخذته الحكومة بفرض ضريبة على تطبيق “واتس آب“، وسرعان ما انتقلت المظاهرات لتعم كافة المناطق اللبنانية، وقام المتظاهرون بإقفال الطرقات بالإطارات المشتعلة في كافة المناطق اللبنانية في العاصمة بيروت، في جبل لبنان، وشماله وجنوبه وشرقه.

وأعلن وزير الاتصالات محمد شقير مساء أمس التراجع عن مسألة فرض ضريبة على “واتس آب”، ولكن المظاهرات استمرت في مختلف المناطق اللبنانية واستمر إقفال الطرقات.

يذكر أن الاقتصاد اللبناني يعاني من أزمات حيث بلغ العجز في الميزان التجاري للبلاد 65ر16 مليار دولار عام 2018، مقابل 87ر15 مليار دولار عام 2017. إضافةً إلى تراجع في حجم التدفقات المالية من الخارج، وزيادة صعوبة تمويل الدولة بالعملات الأجنبية، وارتفاع مطرد في حجم الدين العام الذي تجاوزت نسبته 150 في المئة من إجمالي الناتج المحلي.