آخر الاخبار

هذه هي الحسابات هي التي ستقود إلى حل الأزمة الخليجية مع قطر وهذه هي أسرار تقارب الدوحة مع الرياض

الأربعاء 04 ديسمبر-كانون الأول 2019 الساعة 07 مساءً / مارب برس - مارب
عدد القراءات 5256

 

قال الباحث في جامعة قطر جاستين غيغلر إن الحسابات المالية وليس إيران هي ما ستقود إلى حل الأزمة الخليجية.

وجاء ذلك بمقاله الذي نشره موقع “المونيتور”. وأضاف أن قرار السعودية والإمارات المفاجئ للمشاركة في بطولة خليجي 24 المنعقدة الآن في الدوحة أحيا الآمال بقرب حل الأزمة الخليجية التي بدأت بحصار فرض على قطر من دول الجوار لعزلها وإجبارها على تطبيق مطالب الدول المحاصرة.

وأرفق حالة الحصار بحملة إعلامية دولية لمهاجمة قطر وزرع الفتنة في البلاد وقتل دولة الرفاه فيها. ولكن الجهود ارتدت عكسا على ما يبدو حيث دفعت قطر للبحث عن حلفاء أمنيين وتجاريين جدد وقوّت من اصطفاف القطريين حول قيادتهم.

وذات التصدعات الاقتصادية تظهر ليس في قطر ولكن في دول الجوار. وهذا يساعد على فهم اللفتات التصالحية التي بدأت تظهر من الجيران بما في ذلك قرار المشاركة بدوري خليجي 24 والتعليقات الإماراتية والسعودية التي تقترح استعدادا لحل النزاع. ويقول الكاتب إن التحليل المتعلق بالخلاف ركز في معظمه على الأمور الجيوسياسية الإقليمية، خاصة الخوف المشترك من إيران، في ظل نشاطاتها الداعية للحرب وتردد الولايات المتحدة بالتدخل.

ولاحظ المراقبون أن الخوف من إيران كان العامل المهم وراء إنشاء مجلس التعاون الخليجي عام 1981 والذي لم يعد له دور بعد أزمة 2017. ويرى الكاتب أن بعدا آخر لم يتم النظر إليه ويفسر محاولة التقارب الأخيرة من قطر وهو الاقتصاد.

فمنذ عام 2014 وبعد انهيار سعر برميل النفط من 100 دولار إلى أقل من 30 دولارا بدأت دول الخليج الباحثة عن مواجهة العجز بميزانياتها بالنظر في خياراتها وإعادة تشكيل اقتصادها بعيدا عن النفط. واقتضت الجهود إدخال أمور لم يكن أحد يفكر بها مثل الضريبة وتخفيض نفقات الدولة على الرفاه الاجتماعي وتقليل الدعم على المواد الأساسية. وتمثل سياسات التقشف خطرا على الدول الخليجية غير الديمقراطية التي تعود سكانها على سخاء الدولة ورعايتها مقابل ولائهم.

وأدت المعارضة الشعبية لتأخير أو التراجع عن بعض السياسات بما في ذلك تخفيض رواتب القطاع العام في السعودية والعمل بضريبة القيمة المضافة بدول مجلس التعاون قبل عام 2016. وذهبت دول الحصار بعيدا في فرض إصلاحات غير شعبية، فيما أخرت الكويت وعمان وقطر فرض ضريبة القيمة المضافة وإصلاحات بنيوية أخرى. واستخدمت قطر وضع الحصار لتأجيل أي أجندة تقشف وحماية الدولة للمواطنين من أية آثار متوقعة من الحصار كانت السبب وراء الدعم الشعبي للقيادة. ومن هنا ظهرت في مرحلة ما بعد 2017 ثنائية في دول مجلس التعاون الخليجي تقوم على ما يمكن وصفها بالشرطي الطيب والشرير. ففي الوقت الذي أجبر فيه سكان دول الحصار على تقديم تضحيات يتمتع سكان الدول الأخرى بالمنافع الاقتصادية السابقة.

وكان التنسيق في خطط الإصلاح المالي بعد انهيار سعر النفط عام 2014 يهدف لتجنب ظهور حرمان داخل الدول التي تبنت سياسات تنويع، إلا أن هذا هو بالضبط ما حدث بعد الحصار. وحالها كدولة أقل سخاء قد لا يكون كافيا لأن يقلق قادة دول الخليج المعادية لقطر. وبعد كل هذا، فهدف الإصلاح هو الحفاظ على استدامة طويلة الأمد في مجتمعات الخليج بعد نضوب النفط والغاز. وعادة ما يجد المرضى الدواء مرا. لكن المشكلة الحقيقية لدول الحصار هي أنها تطلب من سكانها التضحية اقتصاديا في الوقت الذي تواصل فيه الإنفاق الكبير بدون حسيب أو رقيب.

ومنذ عام 2011 دعمت دول الخليج أحزابا سياسية في معظم الشرق الأوسط وأرسلت مليارات الدولارات في استثمارات بالقرن الإفريقي. وفي الحرب الكارثية باليمن أنفقت الإمارات والسعودية المليارات شهريا إلى جانب صفقات السلاح. وأدت أزمة الخليج إلى نفقات أعلى ليس على المعدات العسكرية ولكن لشراء التأثير السياسي وغيره في الولايات المتحدة.

ولم يؤد الدخل من الاستثمارات والخصخصة لوقف الخسائر أو زيادة الثقة بإدارة جيدة للاقتصاد. وعلى خلاف الصناديق السيادية الأخرى في الخليج، فإن هيئة الاستثمارات العامة في السعودية ذات الميزانية 300 مليار دولار أو أكثر استثمرت في مشاريع فيها مخاطرة كبيرة.

ولم يتم تلقي خطة اكتتاب أرامكو الذي يتم الحديث عنها بشكل متواصل بحفاوة من المستثمرين الدوليين. ويرى الكاتب أن برودة التعامل الدولي مع اكتتاب أرامكو يكشف عن الثمن النهائي لحصار قطر. فبعد عام 2017 واجهت شركات ضغوطا لوقف تعاملها مع الدوحة أو خسارة الأسواق في الإمارات والسعودية. وتبع ذلك عدد من الكوارث في مجال العلاقات العامة مثل قتل وتقطيع الصحافي المقيم في أمريكا جمال خاشقجي. وعلى خلاف قطر تعتمد دول الحصار على المال الخارجي لتغذية سياسات التنويع والحفاظ على مستويات المعيشة. وحتى في الإمارات التي أدى فيها تراجع سوق العقارات الذي يعد الأكبر منذ عام 2009 إلى توتر داخل النخب الحاكمة. وتحدث حاكم دبي في آب (أغسطس) 2019 بطريقة مبطنة عن التدخل الخارجي لبلاده “المخزي” و”تضييع المصادر”.

ويعتقد الكاتب أن الحصار الذي هو سبب مشاكل الدول الذي تقف وراءه ربما كان طريقا لمخرج يحفظ ماء الوجه. ومن أجل هذا على قطر التعبير عن التزامها بمجلس تعاون للجميع، والقيام في مرحلة ما بتطبيق السياسة التي اتفقت عليها الدولة وهي فرض ضريبة قيمة مضافة بنسبة 5%. وقد تكون هذه سياسة جديدة تحقق دخلا وليس استسلاما.

وبالنسبة للسعودية والبحرين والإمارات فنهاية كهذه قد لا ترضي مطالبها الأولى عام 2017 بما فيها وقف قناة “الجزيرة” وإغلاق القاعدة العسكرية التركية ودفع مبلغ غير محدد عن الأضرار. وقد يتوصل حكام الخليج الذين يراقبون الأحداث في لبنان وتشيلي والعراق وإيران بسبب الأوضاع الاقتصادية إلى أن الخطر ليس نابعا من الجارة قطر ولكن معارضة داخلية تحتج على تضييع مصادر الدولة التي تقوم بها النخب الحاكمة، فيما يدفع الناس العاديون الثمن.