قناة تركية بلغة الضاد من اسطنبول وعواصم عربية

الخميس 31 ديسمبر-كانون الأول 2009 الساعة 04 مساءً / مأرب برس - طاهر حزام
عدد القراءات 22997

«تي آر تي» التركية بلغة الضاد من اسطنبول وعواصم عربية .. طوران: الخطوة متأخرة وليست نتيجة لتطور العلاقات السياسية

عندما انشأت «الهيئة العليا للإذاعة والتلفزيون» الرسمية في تركيا محطة « TRT-6 » الناطقة باللغة الكردية، كانت تتوجه الى جمهور محلي بالدرجة الأولى. وذلك في اطار سياسات الانفتاح الداخلية على المواطنين من اصل كردي، التي شملت اعترافا جزئيا بالهوية الكردية، والسماح بإنشاء محطات خاصة باللغة الكردية، وإعادة الأسماء الأصلية الكردية لأماكن اطلقت عليها اسماء باللغة التركية.

كانت محطة « TRT-6 » أداة للوصول الى جمهور «معاد» لجذبه. وقد أتت الخطوة ضمن خطة استراتيجية واسعة، كما بفعل حسابات محلية ضيقة.

لكنّ في نية الحكومة التركية انشاء محطة تلفزيونية ناطقة باللغة العربية، أمر مختلف تماما.

فالجمهور الذي تتوجه اليه المحطة لا يقع في الداخل التركي (عدد عرب تركيا بالكاد يصل الى نصف مليون وليست لهم أية مطالب). وليس على المحطة السعي وراء جذب هذا الجمهور ومودته. فهو «جاهز» لتلقي الحدث.

تأتي المحطة الجديدة، التي لم يشأ القيمون عليها ان يعلنوا عن اسمها، فيما «اللوغو» هو نفسه الخاص بقنوات « TRT » الرسمية، لتلحق بالجمهور لا العكس. وهذا ما يجعل المحطة في وضع صعب لأنها ستتوجه الى جمهور تفوق متطلباته قدرات محطة جديدة، خصوصا أنها المحطة التركية الأولى التي تتوجه الى جمهور خارج نطاق الجمهورية التركية. وهي في ذلك ستكون شبيهة بمحطات ناطقة بالعربية مثل «الحرة» و«بي بي سي» و«روسيا اليوم» وما الى ذلك. لكن اذا كانت هذه المحطات لم تعرف نجاحا يذكر، فلا يمكن الجزم، منذ اليوم، في ما اذا كان مصير القناة التركية سيكون مماثلا. لا سيما أن الفضاء الثقافي الذي تتحرك فيه المحطة الجديدة، مختلف ويلتقي مع حضارة وثقافة الجمهور العربي الذي تتوجه اليه. وهو ما يفترض أن يشكّل أرضية ثابتة تنطلق منها، لإحراز نجاح من حيث المبدأ.

سيربط كثيرون بين تحسن العلاقات العربية التركية وبين انشاء هذه المحطة. بل بين وقفة اردوغان في دافوس وبين هذا الحدث. وهل أفضل من الاعلام للترويج عن سياسات تركيا الجديدة، خصوصا انها تعرف نجاحا منقطع النظير في الساحة العربية والاسلامية؟

يكفي أن يرفع مسلسل مثل «نور» عدد السيّاح الخليجيين الى تركيا عشرات الآلاف، لندرك ما يمكن ان تحدثه المحطة الجديدة من دفع وتفاعل بين العرب والأتراك.

سفر طوران هو مدير المحطة الجديدة. وهو شاب يجيد العربية اجادة أهلها واكثر. كما هو ابن البيئة العربية ـ حيث امضى عشر سنوات في مصر والدول العربية حيث تلقى دروسه الثانوية ليلتحق بمعهد الأزهر وجامعته. وقد جال طوران في العالم العربي وكتب عنه ثلاثة كتب، اثنان منها عن القدس وثالث عن مشاهداته.

امتهن الإعلام منذ كان في مصر. ثم تولى إدارة القسم العربي في «القناة السابعة» التي كانت اول محطة تركية «اسلامية» قريبة جدا من حزب «الرفاه»، ايام قيادة نجم الدين اربكان، وكانت حينها منبرا شبه وحيد لكل القيادات الحالية لـ«حزب العدالة والتنمية».

وقد قٌدم عبرها برامج تعالج قضايا المشرق والعالم العربي. وهو من المدافعين عن القضية الفلسطينية والمقاومة... كما تولى قسم الأخبار الدولية فيها. وهذا قبل ان تختاره «الهيئة العليا للإذاعة والتلفزيون» التركية ليتولى الاشراف على انطلاقة المحطة الجديدة الناطقة باللغة العربية.

ينفي سفر طوران، في حديث لـ«السفير»، ان تكون فكرة انشاء المحطة بالعربية جديدة نتيجة للتطورات في العلاقات العربية التركية. معتبراً انه «من الطبيعي جدا ان تكون لتركيا مثل هذه المبادرة مع الدول العربية التي ترتبط معها بتاريخ وثقافة وجغرافيا مشتركة». لا بل تأتي الخطوة متأخرة بالنسبة له «اذا تذكرنا انه، منذ سنوات، تم إنشاء محطات تلفزيونية ناطقة بالعربية لدول لا ترتبط بأية خصوصية مشتركة مع العالم العربي».

يلفت طوران الى ان «الهدف الأساسي من انشاء المحطة توثيق العلاقات العربية ـ التركية. وفي الوقت نفسه عرض الأحداث المهمة في المنطقة والعالم عبر نشرات اخبارية وبرامج حوارية سياسية. علماً أنها لن تكون محطة إخبارية بل محطة «عائلية».

وفي ما يشبه الانذار للمحطات العربية الواقعة في عشق المسلسلات التركية المدبلجة، يؤكد مدير المحطة على بثّها مسلسلات وأفلام تركية، تعرّف عن تركيا إلى جانب برامج تعكس الثقافة والعادات والتقاليد التركية كما أوجه الحياة الاقتصادية.

ولن يقتصر انتاج وبث البرامج من الداخل التركي بل إن عدداً منها سينطلق من دول عربية. كما سيكون للمحطة مراسلون في العديد من العواصم العربية ولا سيما بيروت والقاهرة ودمشق. وسوف يرى المشاهد العربي نفسه ايضا في برامج المحطة الجديدة، حين تتم مناقشة قضايا مشتركة بين الشعبين، والكلام لطوران.

وفي الشق الترفيهي، تخصص المحطة برنامجاً فنياً مشتركاً سيجمع فنانين عربا وأتراكا على مسرح واحد حيث يتبادلون الاغاني.

كذلك، يشير طوران، إلى أن البرامج التي ستنتج من العالم العربي لحساب المحطة سوف تدبلج الى التركية ويتم عرضها على محطات التلفزيون التركية الرسمية الأخرى في تعريف للمشاهد التركي على الثقافة العربية «اي ان دور المحطة سيكون مزدوجا في تفاعل الشعبين».

يذكر أن القناة الجديدة ستبث من اسطنبول على القمرين الاصطناعيين «عربسات» و«نايلسات» على امتداد 24 ساعة. امّا «ساعة الصفر» فسيشهدها منتصف كانون الثاني المقبل، على أن يفتتح المحطة رئيس الحكومة التركية رجب طيب اردوغان، على ان تسبقها فترة بث تجريبي لأسبوعين تبدأ مطلع العام الجديد