أسرار خاصة لا تعرفها النساء عن هذه الحبوب

الأربعاء 05 سبتمبر-أيلول 2018 الساعة 08 مساءً / مأرب برس - BBC
عدد القراءات 5496

 

تحتوي حبوب منع الحمل على 9 هرمونات مختلفة، بعضها قد يؤدي لترك آثار "ذكورية" دقيقة على النساء؛ ولكن متى يصبح ذلك الأثر مدعاة للقلق؟

وعن بداية نشأة الحبوب واستخدامها، سعى أحد خبراء الكيمياء في بنسلفانيا، في عام 1942، لإيجاد مصدر رخيص للبروجيستيرون للاستخدامات العديدة لهذا الهرمون آنذاك، ومنها منع سقط الأجنة وعلاج النساء خلال فترة انقطاع الطمث.

كان ذاك الخبير، وهو "راسل ماركر"، قد وجد سبيلا لتخليق البروجيستيرون من مادة كيميائية ببعض النباتات، ومنها جذور "اليام" الياباني البرية.

وبتوافر مصدر مناسب للبروجيستيرون تحول الباحثون لاستخدامه كأداة لمنع الحمل، وشهدت الأسواق حبوبا لمنع الحمل بعد أقل من عقد من ذاك الحين.

ولكن منذ اللحظة الأولى أخفت تلك الحبوب سرا. ففي السنوات الأخيرة، بدأ العلماء يدركون أن أدمغة النساء بدت مختلفة بشكل أساسي مع تعاطي تلك الحبوب، فمقارنة بمن لم يتعاطين تلك الهرمونات، بدت أجزاء من الدماغ أشبه ما تكون بدماغ الرجل.

ولا يقف الأمر عند هذا الحد، بل توصل العلماء إلى أن النساء اللواتي يتعاطين أنواعا معينة من حبوب منع الحمل لا تحضرهن الكلمات بسهولة - وهو الأمر الذي عادة ما تتفوق فيه المرأة على الرجل.

وكثيرا ما يقال إن حبوب منع الحمل تحتوي على الإيستروجين والبروجيستيرون، ولكن في الحقيقة لا تحتوي الحبوب على أي منهما، لأن هذين الهرمونين سرعان ما يتحللان بمجرد تعاطيهما عن طريق الفم فلا يصبح لهما أثر، ومن ثم تحوي الحبوب نسخا مخلّقة من هرمونات أكثر ثباتا جرى تعديلها لتشبه هذين الهرمونين.

وحول الأثر، وجدت دراسة أجريت عام 2012 أن 83% من الأمريكيات اللاتي يتناولن تلك الحبوب يأخذن نوعا يحوي البروجيستين المخلق من هرمونات ذكورية، وهو النوع الداخل في علامات تجارية معروفة منها أورثو ترايسايكلين.

والهرمون الذكري الذي تستخدمه تلك الحبوب يقارب التستوستيرون، ويسمى الناندرولون، وهو من الهرمونات الذكرية القوية التي تلعب دورا رئيسيا في نمو الجهاز التناسلي لدى الرجل وقد يؤدي أيضا لظهور السمات الذكورية.

وتقول "بليندا بليتسر"، عالمة الأعصاب بجامعة سالزبورغ بالنمسا، إن هذا الهرمون "يستخدم أحيانا في المنشطات التي يتناولها الرياضيون" إذ يساعد على بناء العضلات، ويشتهر بين الرباعين والملاكمين.

إضافة لذلك، هناك واحدة تقريبا من كل 5 طفلات ولدن لأمهات تعاطين النوريثيندرون ظهرت على أعضائهن التناسلية علامات ذكورية، مما تطلب أحيانا تدخلا جراحيا.

واليوم تستخدم أنواع من البروجستين أخف كثيرا وبجرعات أقل في الحبوب، ويضاف إليها الإيستروجين المخلق لتحييد كثير من الآثار الذكرية على أجساد النساء.

لكن الأمر لا يخلو من آثار جانبية. وتقول "ريجين سيتركوير"، خبيرة الغدد التناسلية الصماء بالمعهد السكاني بنيويورك، إن "تلك البروجيستينات، رغم تقليل جرعتها عبر السنين، مازالت قريبة من التركيب الكيميائي للتستوستيرون...".

وعلى مدار السنين، طور العلماء أجيالا متلاحقة من البروجيستينات، وبينما الأنواع الأقدم كلها تقريبا ذكورية فقد ابتكر العلماء أنواعا حديثة تعتمد بدلا من ذلك على البروجيستيرون المصطنع.

وتعد هذه المادة مضادة الأثر للذكورة، ويصفها الأطباء لعلاج حب الشباب ونمو الشعر المفرط لما لآثارها "الأنثوية"، (ومع ذلك لها هي أيضا آثار جانبية لاختلال الهرمونات)؛ ومن أنواعها عقار اليازمين والأوسيلا.

وعموما فإن الأنواع الأقدم والأرخص من حبوب منع الحمل تحتوي على هرمونات ذكورية، بينما الأنواع الأحدث تحتوي على الهرمونات المضادة للذكورة، ولكنها أغلى ثمنا، ولذا وربما لهذا السبب، فإن نسبة النساء اللاتي يتناولن حبوب الهرمونات المضادة للذكورة لا تتعدى 17%، ممن يتناولن الحبوب المركبة في الولايات المتحدة.

كما اتضح أن النساء اللائي يتعاطين حبوب البروجيستينات الذكورية أقل طلاقة لفظية (بمعنى القدرة على استحضار كلمات جديدة)، وأكثر قدرة على لف الأشياء، بينما الرجال عموما أقل طلاقة وأكثر قدرة على التعامل اليدوي.

كما توصلت دراسات أخرى إلى أن النساء اللاتي يتعاطين حبوب منع الحمل يسترجعن المواقف العاطفية أشبه بالرجال بالتركيز على الفحوى أكثر من التفاصيل، وأنهن، مثل الرجال، أقل قدرة على التقاط مشاعر الآخرين، وأقل إدراكا لمشاعر الغضب والحزن والاشمئزاز، وكأن حبوبا جعلت أدمغتهن "أشبه بالرجال".

وربما جاء الدليل الأوضح في دراسة نشرت نتائجها عام 2015 قارنت أدمغة النساء المتعاطيات لنوعين من الحبوب بغير المتعاطيات، ووجدت أن عدة أجزاء من الدماغ كانت أكبر في النساء اللاتي تعاطين الحبوب الأحدث المحتوية على البروجيستينات المضادة للذكورة.

والأهم أنه بدا أن تلك التغيرات انعكست على سلوكهن أيضا.

وتوصلت الدراسة أيضا إلى وجود منطقتين دماغيتين متضخمتين: منطقة الوجه المغزلية، وحجمها حجم حبة الحمص ومسؤولة عن التعامل مع المعلومات المتعلقة بالوجوه (كوجوه الأصدقاء في الصور ورسوم الكارتون)، ومنطقة المكان للتلفيف المجاور للحصين، الهامة لإدراك الأماكن. وكانت تلك النساء أفضل في التعرف على الوجوه.

وعادة ما تكون النساء أمهر في التعرف على الوجوه - وهي سمة تميزهن منذ الطفولة - وبالتالي تتفق النتيجة مع افتراض تأثير حبوب منع الحمل على الدماغ، ولكن في هذه الحالة جاء تأثير الحبوب المضادة للذكورة بتأثير "أنثوي" أكثر.

وكما في الدراسة السابقة جاءت عدة أجزاء مخية أكبر في النساء المتعاطيات للحبوب المحتوية على الهرمونات الذكورية وهي الأجزاء الأكبر عند الرجال. وكلما طال أمد تعاطي المرأة للحبوب كلما كانت تلك المنطقة المخية أكبر.

وما يزيد الأمور تعقيدا أن كافة الحبوب المركبة تحتوي على الإيستروجين المخلق، ذي الأثر الأنثوي. أي أن نفس المرأة قد تختبر آثارا "أنثوية" و"ذكورية" على المخ في ذات الوقت.

المصدر/ بي بي سي