عُمان تزاحم موانئ دبي وتقدم للسعودية بديلا أفضل من الإمارات

الأحد 28 نوفمبر-تشرين الثاني 2021 الساعة 04 مساءً / مأرب برس-متابعات
عدد القراءات 5549

قال موقع “المونيتور” إن سلطنة عمان تطمح أن تكون بوابة الخليج وتحدي هيمنة الإمارات في مجال الخدمات اللوجستية حيث تنقل شركة موانئ دبي العالمية 1 من كل 10 حاويات في العالم. وتدير الشركة الإماراتية موانئ ومحطات ومناطق حرة ومراكز لوجستية عبر 6 قارات، بما في ذلك ميناء “جبل علي” في دبي والذي يساهم بحوالي ربع الناتج المحلي الإجمالي للإمارة.

وأكد الموقع في تقرير لسيباستيان كاستيلير أنه يمكن لسلطنة عمان أن تحول المنافسة الاقتصادية الناشئة بين السعودية والإمارات إلى فرصة، وأنه “بالنسبة للسعودية، تعتبر عُمان بديلا للإمارات من حيث الموانئ والخدمات اللوجستية”.

وأشار الموقع أنه مع تراجع ​​احتياطيات النفط الخام العماني (من المتوقع نفادها خلال 25 إلى 30 عامًا إذا ظلت مستويات الإنتاج السنوية مماثلة لعام 2019) تستهدف السلطنة 5 قطاعات، بما في ذلك الخدمات اللوجستية، لإعادة تنشيط اقتصادها وتنويع مصادر الناتج المحلي الذي تمثل عائدات النفط 40% منه حاليًا.

ويمكن أن توفر الخدمات اللوجستية 300 ألف وظيفة في عمان بحلول عام 2040 حيث تعزز السلطنة موقعها في مركز طرق الشحن العالمية لتظهر كبوابة للخليج.

وعلى مدى قرون، حكمت عمان إمبراطورية تجارية بحرية واسعة تشمل معظم غرب المحيط الهندي. واليوم، تعد إحدى المزايا الإستراتيجية لسلطنة عمان هي موقعها خارج مضيق هرمز.

ويربط مضيق هرمز الاستراتيجي الإمارات، القوة اللوجستية الحالية في الخليج، ببقية العالم. وقد استولى الحرس الثوري الإيراني على سفن في المضيق وقال إنه قد يغلقه، ما رفع أقساط التأمين على السفن.

وفي أعقاب الهجوم الذي تعرضت له ناقلات بتروكيماويات قبالة سواحل الإمارات في يونيو/حزيران 2019، قفزت أسعار التأمين على الناقلات 10 أضعاف.

وقال “رايان بول”، محلل الشرق الأوسط في مركز “ستراتفور”: “مع التوترات المتكررة في الخليج قد يتجه بعض الشاحنين للاستفادة بشكل أكبر من موانئ عمان المحايدة”.

وفي الواقع، تحافظ عمان على علاقات ودية مع إيران التي تشترك معها في مضيق هرمز.

وقال “محمود الوهيبي”، خبير التخطيط الحضري الذي كان مشاركًا في خطة التنمية العمانية “رؤية 2040”: “تستطيع عمان أن تصبح منصة الخدمات اللوجيستية الرئيسية في المنطقة”. وأضاف: “الاتفاقات مع دول الجوار ضرورية لتحقيق ذلك، لكن دول الخليج الأخرى لا تريد أن تسيطر عمان على سوق الخدمات اللوجستية في المنطقة”.

وقال الرئيس التنفيذي لمجموعة “أسياد” اللوجيستية العمانية “عبد الرحمن حاتمي” إن “عمان في وضع جيد فيما يتعلق بموقعها”. وأضاف: “إننا نتحدث مع نظرائنا اللوجستيين في دول مجلس التعاون الخليجي حول كيفية الاستفادة من ذلك”، داعياً دول مجلس التعاون الخليجي الست إلى “العمل معًا” على تحسين الممرات اللوجستية.

وعلى سبيل المثال للتحديات المقبلة، على بعد 400 كيلومتر (250 ميلاً) بالسيارة من العاصمة العمانية مسقط، نجد أن الطريق الوحيد الذي يربط السلطنة بالسعودية ينتهي فجأة عند الحدود. وقال ضابط شرطة عماني لموقع “المونيتور”: “معبر رملة خيلة الحدودي جاهز من جانبنا، لكننا لا نعرف متى سيتم فتح باب الدخول إلى السعودية رسميًا”.

وقد ظهر انعدام الثقة بين دول الخليج بشكل كامل من عام 2017 إلى أوائل عام 2021 عندما فرضت السعودية والإمارات والبحرين حصارًا بريا وبحريا وجويا على قطر. وكرد فعل، وسّعت الدوحة من قدرتها على مناولة الحاويات والصناعات الزراعية، ما قلل الحاجة إلى الاعتماد على موانئ دول الخليج الأخرى.

ورغم ذلك، يعتقد “الوهيبي” أن هناك أملا حيث قال: “السكك الحديدية الخليجية (شبكة سكك حديدية إقليمية لم تتحقق بعد) هي مشروع محوري سيكون نقطة تحول بالنسبة للموانئ العمانية. ومن شأنه أن يغير ديناميكيات الخدمات اللوجستية في المنطقة ويعزز الثقة المتبادلة”.

وإلى جانب الفوائد الاقتصادية وتسهيل التنقل بين دول الخليج، ستعمل شبكة السكك الحديدية أيضًا على خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 70 إلى 80% مقارنة بالشاحنات، وفقًا لتقديرات شركة “الاتحاد” للقطارات.

وقد تعهدت الإمارات والسعودية والبحرين بالتخلي عن الكربون بحلول عام 2050 و 2060 على التوالي.

لكن طموحات عمان في أن تكون بوابة الخليج تتحدى هيمنة الإمارات في مجال الخدمات اللوجستية حيث تنقل شركة موانئ دبي العالمية 1 من كل 10 حاويات في العالم. وتدير الشركة الإماراتية موانئ ومحطات ومناطق حرة ومراكز لوجستية عبر 6 قارات، بما في ذلك ميناء “جبل علي” في دبي والذي يساهم بحوالي ربع الناتج المحلي الإجمالي للإمارة.

ويمكن لسلطنة عمان أن تحول المنافسة الاقتصادية الناشئة بين السعودية والإمارات إلى فرصة. وقال “الوهيبي”: “بالنسبة للسعودية، تعتبر عُمان بديلا للإمارات من حيث الموانئ والخدمات اللوجستية”.

وعدلت السعودية قواعد الاستيراد الخاصة بها في يوليو/تموز 2021 لاستبعاد بضائع المناطق الحرة الخليجية – وهي محرك رئيسي لاقتصاد الإمارات – من الإعفاءات الجمركية. وبعد شهر، زار وفد سعودي برئاسة وزير الاستثمار “خالد الفالح” عمان لاستكشاف فرص الاستثمار وأعرب عن اهتمامه بتوسيع العلاقات الاقتصادية.

واعتبرت صحيفة “لويدز ليست” أن هذا التحدي ليس الوحيد بالنسبة لدبي، حيث يواجه أكبر ميناء في الشرق الأوسط منافسة شديدة داخل الإمارات نفسها مع صعود ميناء أبوظبي.

ومنذ أن خلف السلطان “هيثم” ابن عمه الذي حكم البلاد لنحو نصف قرن، ركز السلطان “هيثم” بشكل أساسي على الداخل لاحتواء العجز المتصاعد في الميزانية في محاولة للحفاظ على سياسة عمان الخارجية المستقلة والمحايدة. وفرضت عُمان ضريبة القيمة المضافة (التي تم تأجيلها بشكل متكرر) بنسبة 5% في منتصف أبريل/نيسان 2021 وبدأت في إعادة تنظيم الشركات الحكومية.

لكن تكثيف الضغط على المالية العامة قد يدفع السلطنة للاستفادة بشكل أكبر من شبكة علاقاتها الدبلوماسية للترويج للموانئ العمانية كبوابة تنافسية محايدة إلى الخليج، لكن هذه الطموحات تصطدم بحقيقة أن موانئ دولة الإمارات أكثر تطوراً وتصل إلى السوق الداخلية الكبيرة لدولة الإمارات نفسها. وقال “بول”: “سيستمر بعض الشاحنين في المخاطرة باحتمال حدوث اضطرابات”.

وتعتبر عمان موطنا لثلاثة موانئ رئيسية: صلالة والدقم وصحار. وأطلق ميناء صحار خدمة تزويد السفن بالوقود (وهي الخدمة التي يهيمن عليها جبل علي في دبي) فضلا عن تقديم زيت الوقود منخفض الكبريت وزيت الغاز البحري، ويتوسع أيضًا ليكون بمثابة مستودع أغذية ومواد كيميائية لمنطقة الخليج.

ويعمل ميناء صلالة في المقام الأول كمحور لإعادة الشحن لخدمة الأسواق الإقليمية بما في ذلك شرق إفريقيا واليمن. وتعمل محطات إعادة الشحن كموصلات، حيث تنقل الحاويات من خطوط المسافات الطويلة إلى خطوط المسافات القصيرة التي تتجه نحو الوجهة النهائية للبضائع.

ويعد أكبر مساهم في ميناء صلالة هو “إيه بي إم تيرمينالز” المملوكة لشركة “مارسك” (وهي واحدة من أكبر مشغلي الموانئ والمحطات في العالم) وتعتبر الشركة الميناء الجنوبي لسلطنة عمان جزءًا مهمًا من شبكتها في الشرق الأوسط. وقال متحدث باسم الشركة لـ”المونيتور”: “نتوقع أن تزداد هذه الأهمية أكثر في المستقبل”، مشيرًا إلى “الكفاءة العالمية” للمحطة.

وفي عام 2020، صنف مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية موانئ عمان في المرتبة الأولى من حيث سرعة تداول الحاويات، وهي أسرع قليلاً من الموانئ الإماراتية.

وعلى بعد حوالي 550 كيلومترا شمال صلالة، كان من المتوقع أن تصبح مدينة الدقم الساحلية محطة خارج مضيق هرمز لتصدير نفط الخليج إلى الأسواق الدولية. لكن “الوهيبي” قال إن التعاون الإقليمي فشل في تحقيق هذه الغاية.

وقال “الحاتمي” إن الدقم في وضع جيد لخدمة الصناعات العمانية مثل النفط والغاز والثروة السمكية والمعادن. وقال: “نتحدث عن مليارات الأطنان من الاحتياطيات، لذا يمكن استخدام الدقم للتصدير إلى دول سريعة الحركة مثل الهند والصين”.

وقد أشارت إدارة التجارة الدولية التابعة لوزارة التجارة الأمريكية إلى أن الموارد المعدنية في عمان لا تزال غير مستغلة نسبيًا، مع وجود رواسب كبيرة من المعادن في انتظار الاستخراج.

واجتذب الميناء البحري العميق أيضًا اهتمامًا عسكريًا لتسهيل عمليات الانتشار في المحيط الهندي، بما في ذلك السفن الهندية والأمريكية. ورست حاملة الطائرات البريطانية “الملكة إليزابيث” في ميناء الدقم في نوفمبر/تشرين الثاني 2021 لإجراء مناورات مشتركة. وكشفت برقية نشرتها “ويكيليكس” أن وكيل وزارة الموانئ والشؤون البحرية العمانية قال في عام 2009 إن الدقم سيكون “ميناء أساسيًا للمركبات البحرية”.

ومع ذلك، تكافح عُمان لجذب أصحاب الأعمال الذين لا يزالون ينظرون إلى “جبل علي” باعتباره محورا رئيسيا للتواصل مع العالم. وبالرغم من الأهداف الطموحة، لا يزال القطاع اللوجستي في عمان في مهده.

وبينما يحتل ميناء “جبل علي” المرتبة 11 على مستوى العالم حيث قام بمناولة 13.5 مليون حاوية (20 قدما) في عام 2020، فقد سجل أكبر ميناء في عمان، صلالة، حجمًا أقل بثلاثة أضعاف واحتل المرتبة 43.