"هيئة الزكاة".. "يد حوثية قذرة" لابتزاز المواطنين و"مؤسسة ظل" لنهب التجار (تقرير)

الجمعة 07 أكتوبر-تشرين الأول 2022 الساعة 09 مساءً / مأرب برس - وحدة التقارير
عدد القراءات 3209

إلى جانب نمط الاقتصاد الموازي أو غير الرسمي، أنشأت جماعة الحوثي الانقلابية روافد أخرى، و"مؤسسات ظل" تشكل اقتصاد أمراء الحرب أو اقتصاد الميليشيا، ورافدا ماليا كبيرا مقصور على قياداتها، ويزيدهم ثراء على حساب المواطنين.

ومن "مؤسسات الظل" التي أنشأها الحوثيون، ما يسمى بهيئة الزكاة، حيث أصدروا في مايو 2018 قراراً بتغيير اسم الإدارة العامة للواجبات الزكوية وتشكيل ”الهيئة العامة للزكاة“ وألحقوها بشكل مباشر بسلطة رئاسة المجلس السياسي الأعلى، وهي أعلى سلطة تابعة للحوثيين.

واعتبرت مصادر في وزارة الأوقاف التابعة للحكومة الشرعية، انشاء الميليشيا لهيئة الزكاة، "إجراء غير قانوني، وتطوراً مخيفاً في إطار بحث الميليشيات عن ذرائع جديدة لجباية الأموال، واستخدامها في حربها العبثية بحق اليمنيين".

وزير الأوقاف اليمني أحمد عطية، إن هيئة الزكاة التي أنشأها الحوثيون "باطلة وأنشئت من أجل فتح باب جديد لنهب أموال الناس". وقال: "إذا كان الانقلاب باطلاً، فأي هيئات أو جمعيات ينشئها هي أيضاً باطلة".

عمليات نهب ووسيلة ابتزاز

وفي الوقت الذي كثف فيه الحوثيون من عمليات نهب واسعة لأموال اليمنيين وتحت أسماء ومزاعم عدة، يتسائل اليمنيون عن مصير كل تلك الأموال التي تجبيها الميليشيات بشكل مستمر؟

ويرجح مراقبون أن جزءاً كبيراً من الأموال يذهب إلى جيوب وحسابات وخزائن قيادات الصف الأول والثاني، وقليل من الصف الثالث للميليشيات، فيما يذهب الجزء الآخر من المبالغ المنهوبة توزعه الجماعة ما بين دعم لجبهاتها واستقطاب مقاتلين جدد، وإقامة فعاليات وأنشطة طائفية، وجزء آخر يصرف على بعض أسر قتلاها.

وكانت الزكاة تُوزع ضمن موازنات السلطات المحلية على مستوى المحافظات والمديريات كمصدر رئيسي لتمويل مشاريع البنية التحتية، وهو ما حرم السلطات المحلية من مورد أساسي، ومكّن الحوثيين من السيطرة على هذا المورد بشكل مباشر.

رئيس مركز البلاد للدراسات والاعلام، حسين الصوفي، قال لـ"مأرب برس"، ان هيئة الزكاة التي استحدثها الحوثيون، هي "واحدة من مؤسسات الظل التي أنشأتها سلطات الانقلاب الحوثية، واستبدلتها بمؤسسات الدولة الرئيسية".

وقال: "في كل الدول، تعتبر الزكاة واحدة من أهم موارد الدولة الرئيسية، وتستخدم عائداتها في انشاء المشاريع، ودفع رواتب الموظفين، وتصرف في مصارفها الصحيحة".

واستدرك الصوفي، قائلا: "لكن مليشيا الحوثي حولتها الى واحدة من أهم وسائل ثراء قادتها، وتمويل حروبها وفعالياتها، واستخدمتها عبر هيئة الزكاة التي استحدثتها الى وسيلة لابتزاز المواطنين".

مصادر حكومية، قالت لـ"مأرب برس" ان "مبالغ الزكاة التي تجمع كانت تصرف بشكل دوري كرواتب (ضمان اجتماعي) بواقع 9 آلاف أو 12 ألفاً لكل أسرة فقيرة، حسب تصنيف حالتها محلياً".

وأشارت إلى استمرار توقف صرف حالات الضمان الاجتماعي بشكل كامل منذ الانقلاب الحوثي، رغم استمرار جباية الأموال من الأفراد والجماعات والمؤسسات والقطاعات بشكل سنوي، من قبل العصابة الحوثية.

وعبرت المصادر عن استهجانها من إعلان الهيئة الحوثية كل مرة تدشين مشروعات وصف بعضها بالوهمية، وأخرى قال "إنها لا تكاد ترقى حتى إلى مستوى مشاريع صغيرة، ولا توفر للفقراء أدنى شيء من سبل المعيشة، كالمأكل والمشرب والملبس والمأوى والدواء وغيرها".

واتهمت المصادر الانقلابيين بمواصلة استغلالهم أموال الزكاة وتسخيرها لصالح إقامة أعراس جماعية ومشاريع أخرى تخص أتباعهم من الجرحى وأسر القتلى، وفي سبيل تدشين وإقامة مختلف الفعاليات الطائفية والتعبوية. 

نهب بالقوة

وقالت مصادر مطلعة في العاصمة صنعاء، ان الهيئة الحوثية للزكاة نهبت مليارات الريالات من التجار بالقوة وفرضت شروطا قاسية وصارمة على التجار ومنعتهم من التصرف بأموالهم التي كانوا يقدمونها زكاة الفطر.

وفي بداية شهر رمضان المبارك، خلال العام 2021، دشن الحوثيون حملة ميدانية واسعة على كافة التجار والشركات ومؤسسات القطاع الخاص، والمحلات التجارية، حيث نشرت جماعة الحوثي 6 آلاف و200 لجنة مجتمعية في صنعاء وكافة المناطق الخاضعة لسيطرتها، لجمع الزكاة من التجار ومنعتهم من التصرف بها أو توزيعها بشكل فردي، كما هو معتاد عند البعض الذي يفضل توزيعها بشكل شخصي.

وإلى جانب ذلك، رفعت سلطات الحوثيين زكاة الفرد، أو ما تسمى دينياً باسم زكاة الفطرة، بمقدار 550 بالمائة، وذلك من 100 إلى 550 ريالاً يمنياً، فيما رفعت قائمة كبار المكلفين من التجار إلى نحو 25 ألف ريال بعد أن كانت القائمة 1300 ريال فقط، وفق تقرير صادر عن مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي.

وعطلت المليشيا وظيفة "مصلحة الواجبات"، لصالح هيئة الزكاة التي استفردت بجباية أموال الزكاة لصالحها، حيث أكد مسؤول مالي مطلع، فضل عدم الكشف عن هويته لـ"مأرب برس"، إن "موارد الزكاة ليست مبالغ بسيطة؛ بل إيراداتها تصل سنوياً إلى مبالغ طائلة، الأمر الذي دفع الحوثيين للاستحواذ عليها".

وبين أن إيرادات الزكاة بلغت العام الماضي أكثر من 14.9 مليار ريال يمني، وقال إن حجمها الحقيقي يقدّر بـ115 مليار ريال سنوياً، إذ يذهب الفارق إلى جيوب قيادات المليشيا.

ضوء اخضر لنهب التجار

ولاعطاء الهيئة الحوثية الضوء الأخضر لتضييق الخناق على التجار، اتهم زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي وفي كلمة له، أواخر مارس/ آذار من العام المنصرم، كبار المكلفين من التجار بأنهم "الأكثر سرقة للزكاة وبُخلا بها"، رغم أنها تساهم في تخفيف معاناة الفقراء والمحتاجين، حسب تعبيره.

وترجمت سلطات الانقلاب الحوثية وهيئة الزكاة المستحدثة، تصريحات زعيم الجماعة بإطلاق ما وصفته بـ"تحديث بيانات المستفيدين من الزكاة"، والذي يهدف في مرحلته الأولى إلى "حصر وتصحيح وضع اللجان المجتمعية وأرقام الفقراء والمساكين"، وفي المرحلة الثانية "إيجاد قاعدة بيانات صحيحة تشمل فقط الحالات التي تنطبق عليها معايير استحقاق الزكاة وفقا للمصارف الشرعية المحددة في القرآن الكريم".

وخلافا للتشريعات التي أدرجتها على القانون اليمني، والذي أجاز لها الحصول على 20 بالمائة من ثروات اليمنيين تحت مسمى زكاة الخُمس، رفعت السلطات الحوثية زكاة الفرد بمقدار 550 بالمائة، وذلك من 100 إلى 550 ريالاً يمنياً (نحو دولار)، فيما رفعت قائمة كبار المكلفين من التجار إلى نحو 25 ألف ريال بعد أن كانت القائمة 1300 ريال فقط، وفقا لمصدر حكومي.

وقال تجار في مناطق سيطرة الحوثيين، إن الإجراءات الحوثية الجديدة هدفها الاستيلاء على أموالهم تحت غطاء الزكاة، حيث طُلبت منهم قواعد بياناتهم التجارية وأرباحهم السنوية بهدف تحديد مقدار الزكاة.

جرائم سرق وفساد

وقبل أشهر عدة، كشفت تقارير اعلامية، عن سلسلة طويلة من جرائم السرقة والفساد الحوثي المنظم الذي ما يزال يمارس داخل هيئة الزكاة المستحدثة من قبل الجماعة.

وقالت التقارير نقلا عن مصادر مطلعة، إن قادة في الميليشيات رفعوا شكاوى إلى مكتب زعيم الانقلابيين عبد الملك الحوثي يتهمون فيها قادة آخرين بارتكاب جرائم فساد مهولة.

وتضمنت إحدى الشكاوى المرفوعة لزعيم الميليشيات - بحسب المصادر - جريمة صرف رئيس الهيئة الحوثية مبالغ مالية ضخمة كمساعدات وهِبات لقيادات في الهيئة تكن الولاء والطاعة له.

في حين تطرقت شكوى أخرى – طبقاً للمصادر في الهيئة الحوثية - إلى قيام رئيس الهيئة بإصدار توجيهاته بشراء 12 سيارة حديثة ومنحها لمسؤولين مقربين منه داخل الهيئة ولقيادات حوثية بارزة من خارجها، بهدف إسناده ودعمه في البقاء بمنصبه.