آخر الاخبار

مطار إسطنبول يحقق انجازا دوليا جديدا ويتصدر قائمة مطارات أوروبا عاجل : الإمارات تحذر من منخفض جوي ..  وعاصفة شديدة خلال الايام القادمة مصر تكشف عن خسائر مالية مهولة لإيرادات أهم مضيق بالعالم بسبب توترات البحر الأحمر اجتماع عربي إسلامي بالرياض يطالب بعقوبات فاعلة على إسرائيل ووقف تصدير السلاح إليها الشيخ  محمد بن راشد يعلن بناء أكبر مطار في العالم بكلفة 35 مليار دولار العليمي: ''ندعم جهود اطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن لكن الوصول حاليا الى سلام صعب'' جريمة ''بئر الماء'' في مقبنة تعز وأسماء الفتيات الضحايا.. بيان حقوقي يطالب بردع الحوثيين والتعامل معهم بحزم هيئة كبار العلماء السعودية تنبه إلى ''حالة لا يجوز فيها الحج بل ويأثم فاعله''! أمطار غزيزة في الأثناء مصحوبة بعواصف.. بدء تأثيرات الحالة المدارية التي تضرب محافظات شرق اليمن رغم التطورات في البحر الأحمر.. واردات الوقود والغذاء الواصلة الى ميناء الحديدة الخاضع للحوثيين ترتفع بنحو 30%

عن صمم الرافعي وتجاوزه الإعاقة وروعة كتاباته
بقلم/ محمد مصطفى العمراني
نشر منذ: شهرين و 20 يوماً
الأربعاء 07 فبراير-شباط 2024 05:10 م
 

لم أعد أسمع بأذني اليسرى ، ضعف السمع فيها تدريجيا حتى لم أعد أسمع فيها شيئا ، ففط طنين خافت ، قبل أكثر من عام أصبت بطنين حاد في الأذنين ولم ينته الا بعد أسابيع من التعب واستخدام العلاج ، وفوق هذا لطف الله وفضله ، لقد أرهقني ذلك الطنين ونغص حياتي بشكل مخيف. 

بإذن الله أذهب للطبيب وأبذل جهدي في العلاج حتى لا أفقد سمعي بشكل كامل ، مع أنني سأنعم بجو هادئ يناسبني للقراءة والتركيز ، لكنني في الوقت نفسه سأخسر كثيرا ، سأخسر الأصوات الجميلة للمقرئين والمنشدين، الحوارات الجادة من البودكاست ، أحاديث أمي ، الفيديوهات الرائعة وغيرها الكثير . 

من المؤكد أن السكري العامل الأبرز لما يحدث ، وكلما حاولت التعايش معه ومصادقته كلما فاجئني بضربة مؤلمة وغير متوقعة .! 

كان الأديب الكبير الذي كتب " وحي القلم " و " تحت راية القرآن " وغيرها من الروائع قد أصيب بالصمم وعاش طيلة عمره يسعى للعلاج ، يومها لم يكن الطب بهذا التطور ، ولم تكن السماعات الحديثة قد ظهرت بهذا الشكل المتقدم ، لقد كان يراسل الكثير من أصدقائه ومحبيه في أوربا وغيرها كلما سمع عن ظهور سماعات جديدة لتقوية السمع ، ومع هذا تجاوز هذه الإعاقة ، وعاش حياته كأي إنسان طبيعي وكتب وأبدع وقدم للأمة الكثير من المؤلفات الرائعة ، والكتابات النافعة ، والإبداع المدهش .

 

قرأت الكثير من الكتب فلم أجد مثل لغة الرافعي المتفردة الراقية المحلقة في أفق من الجمال والروعة التي لا مثيل لها ، كيف لا وقد أقتبسها من القرآن فهو من عاش " تحت راية القرآن " ومن كتب وأبدع وأجاد وأفاد في الحديث عن بلاغة القرآن فقد بدأ الرافعي حياته مع القرآن الكريم، فقد ختمها أيضا معه، حيث كان القرآن الكريم آخر عهد له بالقراءة التي هي شغفه الأول والأخير، كما كان آخر عهد له أيضا بالحياة التي عاش فيها مسافرا على أجنحة الإبداع، أو متبتلا تحت ظلال وحي القلم . 

ومما يؤثر في دفاعه عن لغة القرآن قوله عن نفسه "إنّه يُخيل إليّ دائما أنّي رسول لغوي بُعثت للدفاع عن القرآن ولغته وبيانه، فأنا أبدا في موقف الجيش تحت السلاح".

 

كم أدهشني ذلك العمق الذي في كلمات ذلك الأصم الناطق ، وكم أطربني أسلوبه الساحر المتدفق مثل نهر من العسل المصفى ، وكم بهرني أسلوبه وهو يغوص في أعماق النفس البشرية ورغم ما أودع الرجل في كتابه من تاريخ وعمق تحليلي وقراءة واعية للتراث العربي بمختلف مجالاته الثقافية والأدبية والدينية، فإنه كان بالنسبة له أقل من المرغوب ودون ما كان يروم، إذ يقول "لا أقول إنّي أتيت منه على آخر الإرادة، ولا أعزم أنّي أوفيتُ الإفادة . 

في وحي القلم يحدثك الرافعي بمناجاة بديعة وشعور صادق عن خبايا النفس وخفايا القلب وتقلبات العواطف وأسبابها ويفلسفها ويفككها ويكشف لك أسرارها ويخرج لك أخبارها وكأنه قد أصطلي بنارها فكتب كتابة من عانى وكابد الأشواق وأحب وسهر الليالي وجرب الهيام وأصابه الشغف وأشرف على التلف .!

 

والرافعي يكتب بقلب يتذوق الجمال ويستشفه في كل ما يكتب ، وإذا كتب عن الجمال في المرأة فإنه يكتب عن أرقى معنى له ذلك الذي يتجاوز اثارة الغريزة الجسدية أو النظرة بعين مراهق لا يرى الجمال إلا في شهوته وما يثيرها ولكنه يرى هذا الجمال كجزء من كتاب الكون الكبير المفتوح والذي يدعوك كل ما فيه من جمال وعظمة إلى الإيمان بالله الخالق المبدع تبارك الله أحسن الخالقين ..

لقد استطردت كثيرا في حديثي عن الرافعي وأدبه حتى خرجت عن موضوعي ، وهو استطراد مفيد على كل حال .

وعد السيد سعيد فلسطين حرة عربية
وعد السيد سعيد
مشاهدة المزيد