امتهان القوارير.. إلى متى؟!
بقلم/ جمال حُميد
نشر منذ: 14 سنة و 10 أشهر و 27 يوماً
الخميس 03 ديسمبر-كانون الأول 2009 06:38 م

انتشار العنف ضد النساء بين أوساط المجتمعات التي نشأت كمجتمعات ذكورية ولدت لدى المجتمعات الأخرى نظرة عامة عن مدى معاناة المرأة من فقدان حقوقها مع أن الأديان والمذاهب الإنسانية أكدت وجوب الرحمة والرأفة بالمرأة التي تعتبر نصف المجتمع.

فالعنف ضد المرأة حذر منه الرسول الكريم حيث قال صلى الله عليه وسلم مخاطبا الحادي صاحب الصوت الحسن: رفقاً بالقوارير.

العنف ضد المرأة يفقدها إنسانيتها التي وهبها الله عزوجل كجزء من البشرية على الأرض والتي تُفقدها أي دور بنّاءٍ لها في حركة الحياة والمجتمع الذي تعيش فيه من خلال العنف.

ومع التطورات التي نشهدها يوميا من خلال تكاثر الجمعيات المناصرة للمرأة في العالم والمطالبة بإعطائها حقوقها إلا أن الكثير من دول العالم وخصوصاً المجتمعات التي تطغى فيها الذكورية على الأنوثة ما زال العنف ضد المرأة يلطخ جبين الإنسانية ويبرز كوصمة عار تظل تلاحق مرتكبيها طوال حياته وتذكره بأفعاله اللامسئولة تجاه نصفه الآخر ونصف المجتمع.

ورغم أن المرأة الآن أصبحت الرئيسة والوزيرة والطبيبة والمعلمة وووو....إلخ إلى أن النظرة الذكورية في اليمن ما زالت موجودة من خلال إخضاع المرأة للنظرة القاصرة القائمة على هويتها الجنسية أو الأصل العرقي والطائفي أو حتى الانتماء الفكري والحزبي لتحقيق الأغراض الفردية أو الجماعية أو الشخصية التي يقوم بها مجموعة من الذكور لتحقيق أهداف يرمون من خلالها تحقيق مصالح شخصية أو سياسية.

ففي دراسة أكدت أن مظاهر العنف ضد المرأة تتمحور في العنف المادي والمعنوي والعنف الجسدي والنفسي والجنسي من خلال الضرب والقتل والاغتصاب والحرمان من الحق المالي أو المصلحي، ومن المظاهر المعنوية للعنف إفقاد المرأة حقها في الأمن والطمأنينة والحط من الكرامة والاعتبار والإقصاء عن الدور والوظيفة والإخلال بالتوازن والتكافؤ وتُستخدم كافة الوسائل المتاحة لتحقيق ذلك من الشتم والإهانة والتحقير والإساءة والحرمان والتهديد والتسلّط والإيذاء والتصفية الجسدية.

ولقد تطرقت هذه الدراسة إلى جميع الجوانب التي تتلذذ من خلالها المجتمعات الذكورية في تحقيق رغباتهم عبر العنف ضد المرأة وعدم انصياعهم لكل المتغيرات والتداعيات التي تؤكد وجوب احترام المرأة وإعطائها حقوقها حتى لا يتولد لديها حالة عدم الثقة بالنفس وعدم الاتزان النفسي والعاطفي الذي بدوره يؤثر على محدثات كثيرة منها التفكك الأسري وضياع لوحدة الأسرة وكثيرة تلك المحدثات التي لا يتسع المقام لذكرها.

فالتخلف الثقافي وضعف المرأة والنظرة الخاطئة تعتبر من أهم الأسباب التي أدت إلى اضطهاد المرأة والانتقاص من قيمتها المكفولة في جميع الأديان والمذاهب التي نادت وتنادي بوجوب إعطاء المرأة مكانتها وحقوقها .

هناك البعض من الذكور يعتبرون العنف ضد المرأة مظهراً من مظاهر إبراز الشخصية وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على مدى التخلف العلمي والثقافي الذي يعانيه البعض في تعاملهم مع المرأة.

وهنا يأتي أهمية وجود الأنظمة التشريعية والقانونية والقضائية والاجتماعية في محاربة العنف من خلال التوعية التثقيفية والفكرية والتربوية في إطار تنمية المكتسبات النوعية التي تكتسبها المرأة في ميادين الحياة.

ولا ننسى أيضاً الأهمية الكبيرة التي يجب أن تضطلع بها النخب الدينية والفكرية السياسية لما تمثله من اتصال مباشر مع عامة الشعب والعمل على التنديد العلني بما تتعرض له النساء ووضع المعالجات والحلول المناسبة التي تساند المرأة حتى تنال حقوقها إضافة إلى ضرورة نبذ ورفض الأفكار والتقاليد التي تحط من شأن المرأة وتنتقص من آدميتها ودورها ووظيفتها.

كما هي دعوة للإعلام من أجل العمل على صناعة الثقافة المتطورة ومخاطبة المجتمعات من خلال الوسائل الإعلامية المختلفة وانتهاج سياسة عملية للرفع من مكانة المرأة ونبذ ثقافة العنف والابتعاد عن الصورة النمطية والبرامج التي تتعامل محتوياتها مع مفردات العنف والقسوة والقوة التي تتخذها بعض الوسائل الإعلامية.

أخيراً

يجب علينا كمجتمع متقدم ديمقراطياً وتنموياً العمل على مكافحة العنف ضد المرأة ونشر التوعية الثقافية والنسائية عبر كافة الوسائل المتاحة للتعريف بأهمية دور المرأة وعملها التربوي والسياسي والإنساني في شتى مجالات الحياة اليومية.

gammalko@hotmail.com