رسالة أمل إلى ..ياسين سعيد نعمان
بقلم/ سام عبدالله الغباري
نشر منذ: 13 سنة و 6 أشهر و 24 يوماً
الأحد 01 مايو 2011 03:45 م

بعد التحية ..

يبحث المرء كثيراً في ثنايا الحديث ، و التصريح و التلميح .. يفتش في أحاديثك الصحفية ، فيكتشف إصراراً على إسقاط نظام نتفق على رداءته و قبحه و فساده المُـكّـون لآفات الفوضى و حمق الغياب . و فداحة الفقر و أسبابه . نبحث عن وطن بلا فاسد . فلا نجد !! ، نستعير المدينة الفاضلة من جمهورية أفلاطون و نتقمص مفرداتها بسحر من حدثونا قبلها عن برامج و آيات الوعود و مقاصد الحرص . فلا فاضل يكون ، و لا حديث يُـصدق ، و لا برنامج يُـطبق ، و لا وعد يُـنفذ.

بعضنا يريد منك تحديد المسار ، و أنت حاضر مُـغيب . رئيس مع وقف التنفيذ ، معارض يستأذن جنرال "صعدة" الدامي ، بجوارك قادة أحزاب أكلهم الدهر و شرب . ثم تجشأ عنهم بعيداً .. أخلاقك الطيبة تُـثمر في القلوب سعادة عن مئآل من يقود معارضة تدعو لحرمان الفساد من حكم سلطان تربع على العرش ، و تنازل عن سؤال فاعليه . أو كما نعرف أنه مانح الأراضي . و المال . و سيارات الزهو غير المستحق ، يشاركنا ما لا نشاركه ، و يصرف ما لا يصلنا خيره ، و قد أباحنا لمسئولين من (قش) أحرقوا حظائر عهدهم به ، و أفاقوا على روعات الدماء الساخنة في ساحة التغيير ، و احتفلوا – و أنت معهم – على وقع أقدام جنرال أهدر دماء شمال الشمال حامياً لمكان الاعتصام . و تعرف أنهم ليسوا رفاق حزبك و لا يساريون مفرطون في قراءة مؤلفات "ماركس" و عذاب نظريات "لينين" ، لأنهم على نقيض سماءك ، و أنت ما أعرف !! ، و من المضحك أن أراك تعرف و أقحم نفسي بتأدية دور الفضولي المثقف و المحلل السطحي ، إلا أني أرى ما أراه و أعرف يقيناً أن فرصتكم في ثباتكم ، و إسقاط النظام و رحيل رموزه حاجة التغيير الذي تُـفاوض السلطة على جعله تغييراً آمناً من وحشة السجون ، و شماتة الخصوم .!!

ربما يصل الإيمان عندك حد اليقين بمراوغات الرئيس و ألعابه السياسية التي تحطمكم ، و تنسف آمال عهودكم السياسية و تاريخكم الحزبي الطويل .. تريدون حُـكماً و سلطاناً و جاهاً على مواد قانون و أبواب دستور ، تطمحون لحلم يراود قادة الأحزاب في نظريات أحزابها و برامج أفرادها ، لكنها أضغاث أحلام تفيق على وجوه من يناصبكم عداء التاريخ ، و تناقضية الهدف ، و استحالة المبدأ المشترك .

لما لا تبغون التنازل ؟! ألأنه يُـقّوض شعار الإسقاط ، فيأتي رجلٌ من مجلسكم يحث الزاحفين من عقيدة مشائخ من أباحوا دماء "الحوثيين" على احتلال سيادة الوزارات ، و هي بر سيادة سوى رياء وزراءها اللاحاكمين !! ، يأتي (الحسن) و هو يتغابى عن مجازر (الحسين) في "حُـوث" و دماء من سفكهم بشدة ، و أخذ بمقابلهم مال العاهل المجاور ، و عدّ ما لا يُـحصى من خضراء (الكتاب الأخضر) !!.

أيها الرئيس المعارض :

ليتك عارضت المعارضين إلى جوارك ، و أعقلت شيخ لقاءكم الملتحي .. ليس حباً في الرئيس و نظام أفقر أهله و دهس كرامتهم ، إنما ولاءً لولائكم المعهود ، لعقل جميل تحملون صفاته و أركانه .. و لا أريده أن يُـشوّه بصمت جرير على الفرزدق .!! ، ليتك صرخت في وجه النظام الساكت عن محرقة "خميس مشيط" ، كما بكيت في جمعة الكرامة الحزينة .. ليتك نفيت عنك اتهام "جفري الرابطة" توقيعك على خطاب انفصال "البيض" في حرب صيف 94م .

دعنا من تاريخ يظن المرء ساعته برسوخ قناعاته ، و ما يأتي بعده من أيام و أحداث تزلزل ثبات المواقف و تصنع رأياً و خطاباً يمنح أعداء الأمس صفة الحلفاء الذين لا تدوم عهودهم ، و لا يستقيم لقاؤهم . دعنا من حديث يظن من يتيح للظن إثم بعضه أو استغراق عمومه .. و نبدأ في تمني تنازلكم لأجل الوطن .. فليس في تخفيف شعار السقوط الآني إلى هبوط مؤجل و معمد بإمضاء فرقاء العمل السياسي و بضمانة جيران الخليج و شُـرطة العالم الأميركي و الأوروبي غضاضة أو شبهة اتهام بتدبير ليل خيب آمال الغاضبين بنكهة الثورة الإسلامية المحضة ، و قد لا تقبل اشتراكية الرجل اليساري المحبوب ، و ليبرالية المتحرر من بطائق الانتماء العقائدي الصلب .

يا : ياسين : تنازل فليس فيما أدعوك إليه سوء يشوه عورة النفوس ، فقد يكون التنازل أولى سلالم الصعود لكرسي الحكم الذي أتساءل عن مساحة ما سيصلكم منه بعد انهيار سلطة انهارت مكوناتها ، و تمسك الرئيس بخرقها البالية منعاً لتاريخه ، و حفاظاً على إرثه و أعوام سُـلطته المتفاوتة بالإنجاز و الإخفاق .

أتساءل عن موقفك مما يجري .. من فائض الجنون المهلك في إرغام الأمن على سفك دماء ضحايا تدفعونهم لأخدود التغيير ، و متاهة المستقبل التي لا تودي بتائهها إلى النجاة بل إلى غرقً في وحول الضغينة و حمامات الدم و المنافي الإجبارية المتكررة .

يا: ياسين .. إنك لمن المعارضين ، على لقاء نقيض ، فلا تنقض رئاستك بصلاحيات لا تملكها ، و يديرها اغتصابا من يناصب النظام العداء ، و هو إبنها المتمرد ، و آكل خيرها ، و ناهب أرضها و منزل رئيس الجنوب البعيد ..!!.

لماذا تصر على تحريك يديك بإرادة اللاعب الرئيسي ، و تتقمص دور الممثل مدفوع الأجر و النوايا ، تضغط على مشاهديك باصطناع البطولة في ملحمة من صنع مخرج أفلام الرعب !!، تبكي فيبكون (!!) و تدفعهم إلى الصدمة في نهاية الفيلم القاسي ثم تترك ذهول الانطباع بأنك ممثل بارع ، لكن آرائك و قناعاتك و أسلوب حياتك تحكي سيرة رجل من لحم و دم .. لا يملك في واقعه كل البطولة الخارقة التي شدهتنا . لكننا نريد أن تستمر في نشر المحبة و القيم الفاضلة ، و الأخلاق التي لا تقبل القسمة على الشر الكامن في النفوس .. نريدك أم تكون مخرجاً لأفلام السلام ، و صانعاً لملاحم التاريخ ، و أن تنتقل من أمام الكاميرا إلى خلفها لقيادة مشاهد النهاية ، و ترك انطباع أكثر إذهالاً و إدهاشاً يؤكد أم صُـناع الحياة ليس بالضرورة أن يكونوا حُـكاماً .. فكثير منهم عاقبهم التاريخ على انتفاء حكمتهم و شهوة كراسيهم (!!) و بأن الله تعالى قد يهيئ لهذا الوطن مستقبلاً لا يحدده رؤسائه الحاكمين ، و إنما يصيغ محدداته و أهدافه رؤساء معارضين !! ، فهناك فروق واضحة بين الممثل و المخرج ، و هناك دائماً أملٌ و ضوء في نهاية النفق .. أتمنى ألا يخيب أملي فيك يا عم (ياسين) ، و لا أعفيك أن تنسى رسالتي كما نسيت أشياءً كثيرة في ما مضى ،،، و السلام ختام .

(((إنتهـــــــى )))

عودة إلى كتابات
الأكثر قراءة منذ أسبوع
الأكثر قراءة منذ 3 أيام
  أحمد الجعيدي
حرب المسيّرات.. التكنولوجيا التي أعادت تشكيل وجه النزاعات العسكرية
أحمد الجعيدي
الأكثر قراءة منذ 24 ساعة
  أحمد الجعيدي
الحروب الباردة الجديدة بين التكنولوجيا والاقتصاد..
أحمد الجعيدي
كتابات
د. عبدالعزيز حسين الصويغعملية انقلابية
د. عبدالعزيز حسين الصويغ
عبدالله النهيديهوامش على مقتل .. بن لادن
عبدالله النهيدي
حسين علي عبدربة القاضيصحوة ضمير من أجل كرامة أمه
حسين علي عبدربة القاضي
مشاهدة المزيد