من هو ''أبو علي حيدر'' العقل الأمني لحزب الله الذي فشلت اسرائيل في اغتياله؟ رصد طائرات مسيرة ''مجهولة'' تحلق فوق 3 قواعد تستخدمها أميركا في بريطانيا صحفية أميركية تتوقع أن يوجه ترمب ضربات تستهدف قادة الحوثيين وتُعيد الجماعة إلى قائمة الإرهاب مستجدات حادثة العثور على حاخام يهودي ''مقتولاً'' في الإمارات اليمن تسجل أول حالة إصابة بـ ''جدري الماء''.. ماذا نعرف عن هذا المرض؟ نبات يعمل على إزالة السموم من الكبد وتعالجك من السعال والزكام في دقائق وتعتبر الحل الأمثل للروماتيزم! السعودية تفتح أبوابها لأبناء 60 دولة وتمنحهم تأشيرة دخول مجانية في المطار غوغل تطلق خدمة جديدة وطال انتظارها وتعلن تسهيل عملية نقل البيانات بين الهواتف الذكية مسيرات مجهولة تشعل الرعب في القوات الأمريكية داخل بريطانيا وتهاجم 3 قواعد جوية في بريطانيا بينها اللغة العربية.. واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص
حين يحاول البعض استبصار طريق الثورة اليمنية فانه لا ينفك عن التفكير بسيناريو وحيد وهو سيناريو الثورة المصرية والتونسية والتي يظهر فيه سرعة الحسم الثوري ومن ثم اعتقال قيادات النظام الفاسد ووضعهم خلف القضبان، وحين نحاول استنساخ هذا السيناريو في الثورة اليمنية فإننا نتناسي كثير من التباينات بين واقع الثورة اليمنية والثورتين المصرية والتونسية. ولعل أول الاختلافات هو الترتيب الزمني للثورة اليمنية وتزامن ثورة اليمن مع كل من نموذج الثورة الليبية وثورة سوريا بل ربما لو أن الثورة المصرية كانت بعد الليبية لتغير السيناريو. كما أننا نهمل الفرق الجوهري بين النظام اليمني والنظام في كل من تونس ومصر، فالنظام اليمني بعكسهما نظام بدائي أقرب للهمجية واللامؤسسية ، بل إنه لا نظام وإنما مجموعة يربط بينها تقاسم المصالح وثروات الوطن لا علي الإعتبارات المؤسسية والفنية الإدارية .
تتكون الثورة اليمنية وبشكل مختلف عن غيرها من الثورات أربع مكونات لا يمكن تجاهل أي منها وهي الشباب والقوي القبلية والقوات المسلحة المنضمة للثورة والأحزاب السياسية. وهذا التكتل لا شك يحمل معه سلبيات متباينة لكنه علي الناحية الأخرى أكسب الثورة اليمنية ميزات اختلفت بها عن الثورات الأخرى. فقد مثلت القوات المسلحة والقبائل قوة ردع ساعدت علي التوازن في القوى مع النظام واعاقت قدراته في تطبيق النموذج السوري في قمع الشباب السلمي والذي ثبت تغابى النظام لفهم معنى سلمية الثورة وتعامى عن أوضاع البلاد التي تتدهور كل يوم وأظهر أنه لا يهمه سوى البقاء حتى لو في السبعين فقط بغض النظر عن الوطن والمواطن. ولعل توازن الرعب هذا وأهميته كان جلياً في استعادة شباب الثورة لساحة الحرية في تعز ولولا ذلك لكان النظام قد بدأ في تكرار تجربته في بقية المحافظات للتخلص من ساحات الاعتصام. كما لا يمكن تجاهل دور القبيلة في تقليم أنياب النظام المتمثل في قوات الحرس الجمهوري في مناطق مختلفة من البلاد و في احراق هذه الورقة كما حدث في الحصبة عندما فشلت هذه القوات من تحقيق انتصار حقيقي على الأرض خلال أكثر من عشرة أيام وبإمكان الشخص تخيل السيناريو الذي سيسلكه النظام مع الثورة لو استطاعت هذه القوات اعتقال أولاد الأحمر بغض النظر عن اتفاقنا او اختلافنا معهم لكن الوضع سيكون بالتأكيد مختلف تماماً. في الجانب الأخر استطاعت الأحزاب المعارضة تعرية النظام واحراقه خارجياً بايقاعه في الرفض على التوقيع على المبادرة الخليجية واستطاعت ولو بالحد الأدني فتح قنوات تواصل مع الدول الإقليمية والدولية وهو عامل من الغباء تجاهله في ظل أوضاع البلاد المعيشية المتردية وحاجة البلاد لهذا الخارج بعد الثورة، كما أن هذه الأحزاب استطاعت أن تكبح جماح البعض في الثورة للتحول نحو النموذج الليبي واستخدام السلاح وهو المجال الذي كان يستطيع النظام فيه المناورة بشكل أكبر ويستفيد منه في تسويق الوضع أمام العالم بأنه نزاع مسلح للتمرد علي سلطة الدولة .
لقد استطاعت الثورة اليمنية أن تمضي في حقل شائك ملئ بالمخاطر لكنها استطاعت تتجاوز الصعوبات المتعددة و أحرقت أوراق النظام واحدة تلو الأخرى وتمكنت بالتدرج من تفكيك هذا النظام وتضييق الخناق حوله داخلياً وخارجياً بشكل متدرج وصولاً للقضاء عليه. وهاهو النظام الحاكم اليوم على الرغم أنه لم يسقط بعد لكنه يبدو مشوهاً وفاقداً لأوصاله المختلفة ولعل حادثة التفجير في مسجد الرئاسة دليل على تآكله من الداخل أو محاولة التخلص منه من حلفائه لعدم الجدوى في الرهان عليه مستقبلاً وعناده وعدم ادراكه لتغير قواعد اللعبة علي أرض الواقع .
مثلت حادثة التفجير نقطة تحول واضحة في صراع النظام مع الثورة فقد وجد النظام نفسه فجأة يخسر أهم رموزه ويقف متبلهاً غير قادر على تحديد مصدر الضربة فمن اتهام ال الأحمر الى اتهام أمريكا ثم اتهام القاعدة ثم الصمت المريب، وهو ما يطرح تساؤلات كبيرة لما لهذا الحادث ومن وراءه من أهمية في تحديد مسار الحدث السياسي القادم في اليمن، بل لقد أعطي هذا الحادث و بعده خروج الرئيس للعلاج في السعودية أعطى اللاعب الخارجي دوراً أكبر ومساحة أوسع للتحرك في رسم ملامح المشهد السياسي القادم في اليمن .
يبدو مسار الثورة اليمنية اليوم محل تجاذب بين خيارين :
الخيار الأول: عدم القبول بأي مفاوضات مع بقايا النظام وتصعيد النضال السلمي وهنا يبدو أنه لا مناص من عملية الزحف على المكاتب الحكومية وحسم الأمور لأن هذا النظام لا يأبه للعصيان المدني ولا للمظاهرات السلمية. بالتأكيد أن هذا الخيار يبرز الفعل الثوري بشكل أوضح في إحداث عملية التحول بانتزاع السلطة انتزاعاً يتم فيه اقصاء رموز الفساد ومحاكمتهم. يترتب على هذا الخيار الإستعداد للمزيد من التضحية وبشكل أكبر في عملية الحسم بل ربما عند ذلك يتم الإضطرار للحسم العسكري ودخول القبائل والقوات في عملية الحسم عندما تزيد التكلفة البشرية عن الحد المقبول. خارجياً يبدو هذا الخيار مرفوضاً وذلك لتخوف بعض الدول من اخراج المشهد بهذا الشكل الثوري والذي قد يشجع الشعوب الاخرى علي تكرار نفس التجربة ولذلك فانه في حالة هذا الخيار ستعمل هذه الدول علي تأخير عملية الحسم ربما لسنوات كما حدث في ثورة 26 سبتمبر و كذلك تضخيم الخسائر حتى يفكر كل شعب بفداحة الخسارة عند ما يفكر باختيار هذا المسار. عموماً يبدو الغرب رافضاً لهذا الخيار باعتبار درجة المخاطر وانفلات زمام الأمور لن يكون في صالحه في اليمن. عموماً فهذا الخيار سيجعل الثورة وجهاً لوجه مع الخارج الدولي والإقليمي و سيحاول فرض أجندته واستخدام أذرعه في الداخل وقوته المادية والاستخبارية لخلخلة الصفوف وإرباك الأمور بما يتناسب مع رغباته. بهذا ستحتاج الثورة لوقت أطول ولمتغيرات كبرى على الأرض حتى تحصل على الإعتراف الخارجي والتعامل معها وتبدو خطورة مواجهة الخارج أمراً صعباً في ظل وضع اقتصادي منهك لا مناص فيه من طلب المعونة الخارجية لتجاوز الوضع خلال الفترة الاولى بعد الثورة. داخلياً فان الحسم الذي سيستدعي القوة سيعطي هذه القوى التي ستلعب الدور الأكبر في الحسم حيزاً ً أكبر بعد الثورة في صناعة الواقع الجديد وهو ما يتناقض مع الدولة الحديثة التي تساوي الفرص أمام جميع أبناء الشعب .
الخيار الثاني: استمرار الإعتصامات والشباب في الميادين لحماية مسار الثورة وفي نفس الوقت فتح قنوات التواصل مع عبدربه منصور وعبر الوسطاء الخارجيين للسعي نحو انتقال السلطة بشكل سلمي الى حكومة مؤقته تمهد لإجراء انتخابات رئاسية ومن ثم نيابية خلال الفترة القادمة. يميز هذا الخيار سلمية الانتقال والشرعية الخارجية الداعمة له. المؤيدون لهذا الخيار يرون أن التغيير المطلوب لا يحدث بين ليلة وضحاها ولكنه يتطلب بعض الوقت ففي كل الحالات لن يتم ويتم ذلك في ظل ضغط شباب الثورة باعتباره متغير جديد في الساحة اليمنية. ويضعون في الإعتبار أن هذا الخيار الأقل مخاطرة وأكثر أمناً علي المدي القريب والبعيد. لكن في الناحية الأخرى فإن مخاطر هذا الخيار تكمن في إمكانية النظام أن يعيد انتاج نفسه ويعرقل عملية التحول الحقيقي نحو بناء الدولة المدنية الحديثة، ويعتمد ذلك علي قدرة الأحزاب السياسية علي التنسيق مع القوى الاخرى في الثورة (الشباب ، القبيلة، القوات المسلحة) لمزيد من التفكيك للنظام وبشكل تدريجي نحو الوصول للهدف النهائي وبناء دولة مؤسسات بشكل مرحلي. نجاح هذا الخيار سيعتمد بشكل كبير علي الخارج وضغطه علي صالح وإخراجه من المشهد السياسي نهائياً ومدى التطمينات والضغوط التي يمكن ان تمارسها الأحزاب السياسية في عملية التفاوض .
في كل الأحوال يجب علي الجميع أن يظل نصب اعينهم أن الهدف لهذه الثورة هو التغيير وميلاد اليمن الجديد وتحقيق حلم الدولة اليمنية الحديثة وحتى يتحقق الهدف لا بد من مواصلة النضال .