الجمعة الأخيرة من رمضان .. جمعة القسم
بقلم/ ابو الحسنين محسن معيض
نشر منذ: 13 سنة و 3 أشهر و 25 يوماً
الإثنين 22 أغسطس-آب 2011 09:20 م

رمضان شهر الخير والعطاء شارف على الرحيل ..اسمه يناقض رسمه .. رمضان من الرمضاء .. ولكنه السكينة والرخاء .. النسمة الباردة على النفس , أتانا وقد كست نفوسنا الأدران واكتنفت قلوبنا الأحزان مما نشاهده في عالمنا من حروب ودمار وفتن وشرور ومن تسلط الظالمين على نفوس المساكين ومما نعانيه من مغريات ودعوات للانحراف والضلال .. فخلال العام نعيش نقاوم وربما حانت منا لحظة ضعف فحدنا قليلا عن الطريق أو ألمت بنا ساعة انهيار فتكاسلنا عن سفر الطاعات وربما أتبعنا الهوى والنفس الأمارة بالسوء .. ولكن ومن فضل الله وقبل السقوط الكبير ها أنت قد أتيتنا لتعيدنا إلى طريق الصواب .. أتيتنا لتشحن قلوبنا بطاقة الإيمان ولتقوي نفوسنا بنور القرآن فلله درك من شهر كريم .. وفي هذه العشر المباركة أكرمنا الله بسقوط طاغية ليبيا مدحورا مذموما ليعيد هذا السقوط اليقين إلى نفوسنا التي ربما بدأت تضعف بسبب اهتزاز الثقة في صواب قرارات قيادات المعارضة وما يدور بينهم من تفاوت وتفتت وتعارض وجدال في وقت يجمع الحاكم فلوله ليضرب بها شباب الثورة وخيرة أبنائها .. ولا أريد أن أسترسل في تقييم المجلس الوطني وارتجالية تأسيسه وعشوائية تكوينه والذي مات بحبله السري قبل أن يصرخ صرخة الحياة ..

وفي خضم هذا التخبط والتشوش جاء سقوط طاغية ليبيا ليمنحنا قوة وثقة في سقوط طاغية اليمن وسوريا والقائمة لن تنتهي على كل من يتاجر بشعبه أو بأمته ليبقى متوجا على عرش مهزوز .. ونحن نستقبل الجمعة الأخيرة من رمضان أتمنى على قيادات الميدان أن يكون أسمها جمعة القسم .. فإذا لم ترتفع البنادق والمدافع لتدك الطغيان وتدحر الظلم وإذا لم تهفو القلوب بعد لريح الجنان فلا يلحق ذلك تهاون في الدعاء وتخاذل في القسم على الله أن ينصرنا .. فلترتفع الأيادي ولتحلق القلوب وترنو النفوس ولتلهج الألسن إلى الله العزيز الجبار الرحمن الرحيم أن يهلك الظالمين ويقصم ظهور المعتدين وأن يرحم عباده المساكين الذين يعيشون حياة التشتت والترقب بين شقي رحى النظام والمعارضة .. فلا برا طحنوه ولا دقيقا عجنوه !!! ولنتذكر في هذا المقام الحديث الشريف : عن أبي هريرة – رضي الله عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( رب أشعث أغبر مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره )) رواه مسلم (( , فهل يعقل أن لا يكون في هذه الأمة وفي شباب ورجال الثورة في الساحات والمنازل من ينطبق عليه وصف النبي ( صلى الله عليه وسلم )) أشعث أغبر لا يؤبه له .. ليس من قيادات الصف الأول الذين يهتمون بالخطاب السياسي وتنميقه أكثر من الخطاب الرباني وتحقيقه .. هلا رفع الشباب أياديهم جميعا فحتما فيهم هذا الرجل .. فليرفع يديه إلى الله ويقول بقلب متيقن من الإجابة : اللهم أني اقسم عليك في هذا اليوم المبارك وهذه الليلة الشريفة أن تهلك طاغية اليمن وتجنبنا شره وشر أولاده وزبانيته وكل من سعى لدمار اليمن وهلاك أهله وأبناءه .. وأن تبدلنا خبرا منه ممن يخاف الله ويعدل بين العباد .. فيوم الجمعة القادمة هو يوم السادس والعشرين من رمضان ومساءه هو ليلة السابع والعشرين من رمضان .. فلنجعلها جمعة الدعاء والقسم .. لا ننشغل بشيء غير ذلك .. جمعة الانزواء واللجوء إلى الله في كل الساحات والميادين والغرف والزنازين بصوت قوي واحد : اللهم نصرك الذي وعدت إنك لا تخلف الميعاد .. لقد بلغ بنا الظلم مبلغه والقهر مداه فخرجنا أخذين بالأسباب لنتحرر من طغيان فاق فرعون في زمانه ومن فساد تجاوز قارون في ديوانه ومن قتل وعدوان تعدى صاحب الأخدود في نجرانه ..

فاللهم إنك تعلم حالنا وغاية خروجنا فسدد على الخير خطانا وانتقم لنا ممن ظلمنا وسفك دمنا .. اللهم إننا نقسم عليك ألا نصرتنا في هذه الليالي وفرجت عنا وأهلكت عدوك وعدونا يا ذا الجلال والإكرام .. يا رمضان بأي عبارات نحييك وبأي موشحات نكرمك وبأي معلقات نودعك .. أنت فوق كل ذلك فقد ذكرك الله في كتابه بأعظم الصفات وأجل الآيات .. (( شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان )) يا رمضان لو كان البكاء سيبقيك لأسقينا صحراءنا دموعا حتى ترتوي .. ولو كان الدعاء سيقيدك بيننا لظللنا سجدا ندعو الله حتى تبقى معنا .. ولكنها سنة الله التي لا تتبدل ولا تتحول .. سلام عليك يا رمضان يا شهر النصر والتمكين .. فلا أقول وداعا ولكن إلى لقاء في عامنا القادم في دولة الحق والعدل والإيمان بمشيئة الله ورحمته والحمد لله رب العالمين