تعددت ثورات اليمن والمتآمرون واحد
بقلم/ صلاح محمد العمودي
نشر منذ: 13 سنة و شهرين و 13 يوماً
الأحد 11 سبتمبر-أيلول 2011 03:52 م

انتهى مشهد الجولة الأولى من معركة القضاء على الثورة في اليمن على نحو متوقع بعد إن نجح النظام (سلطة ومعارضة) وتحت مظلة السعودية من خلط الأوراق ليسدل الستار على الفعل الثوري وتعود الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل إعلان حرب قلع العداد مع اختلاف بسيط أضيف لمشهد أزمتهم السياسية وهي ورقة الساحات والميادين التي سحبتها المعارضة من تحت بساط الثورة الشبابية لتستغلها في مشوارها التفاوضي مع السلطة لعلها تنتزع ما لم تستطع انتزاعه في حواراتها المطولة في ماضي السنوات بل وتلعب بها على طاولة رفع سقف المطالب التي وصلت إلى تنحية الرئيس وهو أمر كان حتى الأمس لا يمكن مجرد الهمس به في أروقة اجتماعاتهم لولا ثورة الشباب.

لكن اليمن مازال أملها بعد الله في شباب الثورة المستقل الحر وأؤلئك الذين يرون أن مصلحة الوطن فوق أحزابهم وهؤلاء يدركون جيدا انه لا الرئيس صالح ولا المعارضة بتشكيلتها القديمة وتحالفاتها الجديدة يعترفون بسلطة الشعب وشرعيته الثورية بدليل أن الرئيس عندما شعر بفقدان السيطرة وان حكمه سينهار تحت الضربات المتلاحقة للثوار الأحرار وخاصة مع بداية انطلاقة الثورة لم يتجاهل شعبه فقط وإنما تركه يواجه الموت بينما لجأ هو إلى السعودية صاحبة الشرعية حسب نصوص دستور 17يوليو 1978طالبا التدخل وتقديم الدعم وتجديد الثقة أو استلام العهدة وإنهاء خدماته وتعيين أخر ومازالت السعودية حتى الآن تدرس كل الخيارات المرهونة بتطورات الصراع ,أما المعارضة وأخواتها فبدلا من أن تبارك بمصداقية قيادة الشعب لثورته أنكرت عليه ذلك وراحت تنفذ الأوامر التي جاءتها على شكل مبادرة خليجية ظاهرها يخفي شبهة التآمر وباطنها المؤامرة بعينيها وخلاصتها كبح جماح الثورة وتحويلها إلى أزمة والسيطرة على قيادتها السياسية والثورية ومن ثم الإجهاز عليها ودفنها في مقبرة خزيمة بجوار قبر المرحومة سبتمبر.

منذ وقت طويل لم تعد هناك لا واردة ولا شاردة عن ثوار ساحة التغيير في صنعاء حتى تسجلها تطورات الأحداث بعد إن سيطر عليها المشترك وأصبحت في عهدته, بل تشهد الأحداث وتؤكد يوما اثر أخر أن السعودية والرئيس صالح وعائلته وأنصاره , والمعارضة بمسمياتها القديمة وتحالفاتها الجديدة , هم الآن دون غيرهم اللاعبون الرئيسيون على الساحة اليمنية وهؤلاء مختلفون فقط على إجراءات الحلحلة السياسية وترتيباتها التي تبحث عن صفقة ما , فيها من الضمانات ومراعاة المصالح ما يتناسب والمتغيرات الجديدة على الأرض ,لتنتهي في الأخير ثورة الشباب مثلما انتهت قبلها ثورة 26سبتمبر 62 فهناك اتفاق من حيث المبدأ بين الأطراف الثلاثة وأعوانهم على أن لا يترك الشعب أن يذهب بثورته إلى النهاية نحو الحسم وتحقيق أهدافها ,فالتغيير الجذري في بنية المجتمع اليمني الذي تنادي به الثورة وإنشاء الدولة المدنية التي يسودها العدل والقانون والمواطنة المتساوية يتعارض تماما مع المشروع السعودي الذي نجح في تأسيس دولة يمنية متخلفة غالبيتها من المتسولين والفقراء ورموزها ومسئوليها على اختلاف أطيافهم مرتشون إلا من رحم ربي وهؤلاء متى ما حرروا أنفسهم من الريال السعودي سيكون لهم شأن في تحرير شعبهم ولهذا صدق حكماؤنا حينما قالوا قديما لا يمكن لليمن أن يكون سعيدا وسعوديا في آن واحد.

تعددت ثورات اليمن والمتآمرون عليها واحد, ففي مشروعهم التآمري الآن على ثورة الشباب قطعوا شوطا لا بأس به واستطاعوا عبر منظومة توزيع الأدوار أن يكسبوا الجولة الأولى في معركتهم منذ إن دشنت السعودية بمبادرتها, سياسة حرب استنزاف الوقت فالرئيس صالح كان له نصيب الأسد وزيادة في تعاطيه باستخفاف مع مبادرة الخليج حتى استنسخ منها الكثير للمماطلة ليس إلا ,ومع هذا لم تتشرف بتوقيعه حتى الآن ,أما المعارضة فقد أدت الدور الأخطر حينما سمحت لنفسها أن تلعب بأوراق الفعل السياسي على طاولة الأزمة وليس الثورة فسيطر وهم الأزمة على فعل الثورة حتى خيل لهم أنهم نجحوا في مسعاهم وأن الناس أكلوا طعمهم وتقبلوا تحت ضغط الوقت فكرة أن ما يدور في اليمن ليس ثورة وإنما أزمة وباتوا يرون أنهم في طريق حسمهم النهائي للقضاء على الثورة لا يشغلهم غير سؤال وحيد ,هو كم يحتاجوا من الوقت حتى يتهيأ الشعب ويتقبل صفقة الأزمة التي قد تكون جاهزة تحت عنوان (كلين يصلح سيارته) فقط منتظرين لحظة إعلان تذمر الشعب من حالة الركود ,لكن الجواب لدى شباب الثورة الأحرار واسر الشهداء والجرحى .

amodisalah@yahoo.com