سخرية في سخرية
بقلم/ طارق فؤاد البنا
نشر منذ: 12 سنة و 3 أشهر و 23 يوماً
الأحد 25 ديسمبر-كانون الأول 2011 10:34 م

tarekal.banna@yahoo.com

بين أبو(ذر) و(الذر) أبوه !

صدق الله عزوجل إذ يقول : يخرج الحي من الميت ، وإذا تأملنا بإمعان في هذه الآية نجدها تنطبق وبشدة على عبده الجندي وولده أبا ذر ، فمن يعرف الولد أبا ذر لا يكاد يصدق أنه خرج من صُلب ذاك المدعو عبده الجندي ، ومن يرى ويسمع عبده الجندي بكل إفكه وكذبه وزوره وبهتانة لا يشك للحظة واحدة أن هذا الرجل سيكون له ولد مثل أبا ذر ، وأن هذا الرجل الذي صنع الكثير من (جراحات) اليمنيين سيكون له ولد نجيب يضمد كل تلك الجراح ، فهو بطبه يطيب الجروح ، وبأخلاقه يطيب القلب العليل !

الثورة جعلت من أبا ذر (عملاقاًُ) لا يُضاهى في كل المجالات ، بينما جعلت من والده (قزماً) تطأه حتى أقدام الصغار ، جعلت الجندي الأب في موضع (الذر) ، الجميع يدوس عليها ، ولا يلتفت إليها أحد ، والفرق بين الجندي و(الذر) أن الذر تنتشر عندما تأتي في مكان كان فيه شيء ذا مذاق جميل ، كالعسل مثلاً ، إلا أن الجندي تجده حينما تحضر الدماء التي يعتبرها أصباغ ، وتجده حينما تحضر الجثث التي قال إنها جثث جاهزة ، في كل شيء قبيح تجد عبده الجندي ، فسبحان من جعل من (الذر) بشراً ، وسبحان من أخرج من ذلك البشر الذي إن تفاءلنا به سنقول أنه من صنف (أرباع) الرجال رجلاً بما تعنيه كلمة الرجولة من معنى !.

يا عابد (النهدين) لو أبصرتنا !

وصل الطغيان بكثير من طغاة العرب إلى حد التأله ، فأطلقوا على أنفسهم كل صفات المجد والكمال التي لا ينبغي أن تكون لسوى الله ، وأمعن الكثير من أتباع هؤلاء و(عُبَّادهم) في التوغل في منحدر العبادة للإله الحاكم ، ووصل الأمر بهؤلاء إلى مستويات متقدمة من الخنوع والخنوع الآخر !.

وفي اليمن يمم الكثيرين من عُبَّاد صالح وجوههم شطر (النهدين) بدلاً من (الحرمين) ، وصار كل فرد منهم يسجد ناحية (النهدين) في كل يوم وليلة ، وأقاموا الصلوات لأجل عيون الزعيم ، ومرغوا وجوههم بتربة القصور الفارهة ، وخلعوا على صالح كل صفات الألوهية والربوبية!

فيا عابد النهدين ، ما الذي دهاك وأصابك حتى خلعت عقلك وجعلت بدلاً منه قدميك وحذاءك ، ما الذي يجبركم على كل هذا التزلف المصطنع الذي يصل إلى حد الشرك بالله ، يا عابد الحرمين لو أبصرتنا...لعلمت أنك بكرامتك وبشرفك تلعبُ !.

معاكم (فيزا) سلف !

بعد الحديث عن مغادرة علي صالح إلى أمريكا ، والحديث عن مغادرة أحمد علي ومن بعده عمار محمد عبدالله صالح إلى إحدى الدول الأوربية في زيارات خاصة ، وبعد الأنباء عن فرار نجل صالح مدين إلى أمريكا وتحويل الكثير من الأموال باسمه ، كل هذه الأحاديث التي تأتي في غضون بضعة أيام تؤكد أن هناك نوايا حقيقية من قبل العائلة الحاكمة المخلوعة لمغادرة البلاد ، خاصة إذا قارنت ما آلت إليه بما أصبح عليه حال أسرة الطرابلسي وأسرة القذافي وأسرة مبارك! 

وبالإمكان هنا تخيل علي صالح ومعه أفراد أسرته وهم على أبواب السفارات يبحثون عن (فيزا) تمكنهم من مغادرة البلد ، حينها سيعرف علي صالح معنى الإذلال الذي يتعرض له اليمني أمام أبواب السفارات طمعاً في الخروج من بلاد (السعيدة) التي تحولت بفعل سياسات الطغاة إلى بلاد (الشقاء) والتعب والضنك ، حينها سيصيح علي صالح : يا جماعة ، معاكم (فيزا) سلف نروح سلف نروح نطلب الله ، مليه بجاه الله ووووو يا ناس !.

متى يتم رَدْمَ (الردمي) !

البلاطجة أنواع ، فبلطجي بسلاحه ، وبلطجي بلسانه ، وبلطجي بقلمه ، وبلطجي بأحاسيسه ومشاعره ، وأحد هؤلاء البلاطجة هو البلطجي باللسان محمد الردمي .

محمد الردمي ، المذيع في قناة اليمن ، ومدير البرامج في الفضائية ، هو نموذج مصغر للمستوى الذي وصل إليه أمثال هذا الشخص ، يرتكب الرجل في اليوم الواحد ألف خطيئة وخطيئة ، دائما ما نسمعه يبرر لقتل الناس وإزهاق الأرواح وسفك الدماء ، بلطجته الإعلامية يشهد بها القاصي والداني .

من يتذكر كيف كان الردمي قبل الثورة مجرد موظف ومذيع صغير يدرك كيف أن (القِرش) يلعب بـ(حُمران العيون) ، ويتأكد من أن الإنسان إذا تخلى عن مبادئه فإنه يصل إلى درجة (الحيوانية) ، حيث إتباع الأوامر ولو كانت على حساب حياة أرواح الناس .

في تخيلي أن هذا المسمى بـ(الردمي) هو عبارة عن (حفرة) كبيرة ، تحتوي على كل النفايات المؤذية ، وتنضح بكل أنواع القذارة ، فمتى يتم ردم هذه الحفرة المسماة بـ(الردمي) ، نداء نوجهه للوزير العمراني ، فقد مللنا وجه تلك الحفرة ، أو بالأصح وجه ذاك المسمى بـالردمي!.

أبو (الأثوار) عباس المساوئ : 

في لقاء الباحث اليمني جمال المليكي بالإعلامي عباس المساوئ في برنامج الاتجاه العاكس ، تبين مقدار التناقض العجيب بين مواقف اليوم ومواقف الأمس ، فقد كان المساوئ يتحدث بلغة ثورية تنم عن أن الرجل لا يمتلك أي ثبات على المبدأ ، فهو يتكلم عن أن الثورة قد انتصرت ، وأن علي صالح كان فاسداً ، وأن البلد كان يديرها الصعاليك ، وأن أفراد الأسرة سيرحلون من اليمن ، وأن المؤتمر ليس حزباً فعلياً ، وأنه سينتهي بانتهاء صالح إلى آخر أحاديثه ، حتى تحول البرنامج من اتجاه (معاكس) إلى اتجاه (واحد) ، كلا طرفيه يمجد الثورة ، غير أن الفارق هو في المواقف السابقة ، فمن يتذكر عباس وهو يتحدث من على الفضائيات ويمجد علي صالح تمجيداً يقترب من حد التأليه يدرك مقدار حقارته ، رغم أنه أنكر ذلك وقال أنه لا يمجد الأشخاص ، وأنه كان يدافع عن هيبة دولة ، يا عباس ، بطِّل لك البِعْساس ، لقد ميزت هذه الثورة أفراد الخير من أوكار الشر ، وأنت كنت أحد تلك الأوكار ، وما حزني إلا علي شيء وحيد فيك ، وهو بعض الكلمات العربية الفصحى التي تتقنها ، والتي جعلتك تتباهى بنفسك ، وتتحول إلى (بوق) من أبواق النظام ، بس بوق بالفصحى !.

عباس تحول في الاتجاه المعاكس إلى ثائر (قُح) ، بل ووصل به الكلام عن فساد الرئيس وعن صعاليك الحكم أن فاق (أبو الثوار) في الكلام ، كل هذا بعد أن كان عباس (أبو الأثوار) ولا زال حتى الآن ، إنها العقليات التي تضع أنفسها أحذية أمام الحاكمين ، كانوا من كانوا ، وإلى أي جهة انتموا ، تلك الشخصيات لا يهمها ذلك ، فقط يفتخرون بأنهم أحذية للحاكم ، وأن الحاكم ينتعلهم ليل نهار !.  

الصوفي..خربتها يا حمود !

حمود الصوفي ، محافظ تعز الذي ليس له من الامر شيء سوى إطاعة قيران والعوبلي وضبعان ، ثلاثي الحقد الأسود على محافظة النقاء والطهر الأبيض ، هذا الرجل – من باب التفاؤل – سقط سقوطاً كبيراً وفشل فشلاً ذريعاً في إيقاف حملة القتل المنظم على تعز ، وخاصة بعد محرقة الساحة ، ولما فشل توقع الجميع أن يبادر حمود إلى الاستقالة والانضمام إلى الثورة ، خاصة بعد كلامه عن محاسبة المسؤولين عن المحرقة ، ولكن بعد عودة حمود من رحلته العلاجية – المزعومة – عاد الرجل وأعلن انضمامه إلى مثلث الحقد ، فأصبح رابعهم....(حمودهم) !.

عاد حمود ومن ثم عاد ليخرج من اليمن ، ذهب ليدافع عن القتلة في المحافل الدولية ، أنكر كل الجرائم ، قال إن كل ما يحدث في تعز هو بسبب الثورة ، وأن قوات الحرس والأمن المركزي لم تقم بقتل أحد ، وأن القصف العنيف الذي يدوي في جنبات المدينة سببه عناصر الإخوان واللقاء المشترك ، وأن القتلى في الشوارع هم من قتلوا أنفسهم ..إلى آخر كلامه (المدعَّس) !.

ولكم فرحتُ بالمنظر الذي كان عليه حمود حينما دخل عليهم أولاد الشهداء وهم يبكون في مأدبة الغداء مع جمال بن عمر في تعز ، فما أن بدؤوا بالكلام حتى طأطاً حمود رأسه ، وأحنى الصوفي هامته ، وشعر بالذنب ، وكما يقال (أذن السارق تطن) ، فقد (طنَّت) أذن حمود ، وجعلته يشعر بالخزي والعار مما فعله ومن معه ، فوقف صاغراً قزماً أمام (عملقة) الأطفال !

يا حمود ، إرحل فقد نالت منك تعز كل القهر والجوع والفقر والمرض والقصف بمختلف الأسلحة وحتى القمامة المتكدسة ، إرحل فقد لفظتك تعز ، وتعز لا تلفظ إلا (الغُثاء) ، إرحل فقد خربتها يا حمود !.