الحراك أكبر من أن تسقطه الأقلام المرتعشة
بقلم/ صالح ناجي الحربي
نشر منذ: 12 سنة و 4 أسابيع
الثلاثاء 28 فبراير-شباط 2012 07:11 م
 

في البداية أود التأكيد على المسائل التالية ::-

* أنا مع رفض الفوضى والعنف أي كان مصدره وكذلك التعسف والإرهاب أي كان نوعه ، وعدم الرضاء بالحلول الأمنية للقضايا المختلف عليها ، ومع احترام كل أشكال العمل السلمي الديمقراطي الحضاري .

* مقاطعة الانتخابات الرئاسية في 21 فبراير لم تكن موجهه ضد الثورة الشبابية الشعبية السلمية التي هي ثورتنا جميعا ونعتز بها أيما اعتزاز .

* كما ولم تكن المقاطعة موجهه ضد فخامة الرئيس هادي الذي نتمنى له كل التوفيق ليكون رجل هذه المرحلة الحرجة داعيين الجميع للتعاون معه وعدم جعله كبش فداء أو جسر عبور إلى حقبة تاريخية لاحقة .

* كنا نعرف حق المعرفة بأن هادي سينجح طالما وهو المرشح الوحيد والتوافقي مهما كانت نسبة المقاطعة لأن النجاح مرهون بأغلبية أصوات المشاركين وليس بأغلبية المقيدين في السجلات وهو أمر سهل تحقيقه ويساعد في ذلك أن البلد كلها تعتبر دائرة واحدة والناخب من حقه أن يدلي بصوته في أي مكان وليس فقط في موطنه الانتخابي المقيد اسمه فيه .

* كانت المقاطعة السلمية تهدف لإيصال رسالة للقوى السياسية والاجتماعية الفاعلة في المجتمع وإلى الوسطاء رعاة المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية لكي يعلموا أن إهمال المبادرة وتجاهلها للقضية الجنوبية لا يعطي أي مؤشر إيجابي مطمئن لحلها حلا حقيقيا .

* لست مع التطرف يسارا أو يمينا ولا مع المكايدات التي لا تخدم قضايانا العامة وأفضل التحليق بعقلانية وواقعية وموضوعية مع كل العقلاء بما يحقق الأهداف المثلى للجميع ، حيث ليس من المنطق القول بأن الحراك الجنوبي فشل أو سقط أو القول بأن الانتخابات الرئاسية المبكرة فشلت ، فالانتخابات حققت غايتها والحراك أوصل رسالته .

* إن الأصوات التي جمعت من المحافظات الجنوبية بحسب اللجنة العليا للانتخابات لا تعني في أي حال نسبة الرضاء بالوضع الحالي أو أنها تقلل من أهمية القضية الجنوبية أو أنها معادية للحراك ، فمن الناس من صوت تعاطفا شخصيا مع فخامة الرئيس هادي ومنهم من كان شغوفا في إنها حقبة تاريخية غير مأسوف عليها والبقية الباقية هي أصوات ضباط وأفراد القوات المسلحة والأمن المنتشرون في طول وعرض الجنوب وكذلك عشرات الآلاف من العسكريين واللجان الأمنية الذين تم حشدهم لحماية الصناديق خصيصاً في المحافظات الجنوبية.

ثم أعود إلى الموضوع وأقول: إن ماحصل يوم 21 فبراير من أحداث فعل ورد فعل شيء يؤسف له وكان نتاج لأخطاء وتجاوزات اشتركت فيها جهات كثيرة تمثلت في بعض الاختراقات وأججت لها التهديدات والحشود العسكرية الاستثنائية التي سبقت موعد الاقتراع والاستفزازات ومحاولة حشد المواطنين بالترغيب والترهيب، وساهمت المكابرة المتبادلة وسواها من السلوكيات والأفعال الغير مسئوله في توتير الأعصاب ومعالجة الخطأ بالخطأ.

ومع استنكارنا لما حصل من سفك دماء بريئة إلا أننا لا نقبل بتشويه صورة الحراك السلمي الجنوبي من خلال الحملة الإعلامية الظالمة الموجهة ضده في بعض وسائل الإعلام والتصريحات والمقالات التي يستشف منها إعادة إنتاج الخطاب المستهتر بالقضية الجنوبية والمعادي للحراك السلمي وهو نفس الخطاب الذي ضل سائدا خلال فترة ما بين حرب 1994م حتى عشية بدء ثورة التغيير مطلع العام الفائت 2011م .

لا نستغرب أن نسمع أو نقرأ بعض الشتائم التي تصدر عن أناس عهدنا فيهم صفات التعالي وعدم القبول بالآخر ، لكن الغريب أن تأتي من أناس يفترض أنهم من النخبة المثقفة ، فمثلا رئيس اللجنة العليا للانتخابات القاضي الحكيمي في كلمته التي أعلن بها النتائج كما جاء في صحيفة أخبار اليوم قال أن الذين قاطعوا الانتخابات إذا لم تلاحقهم السلطات لتقديمهم للعدالة فإن التاريخ لن يغفر لهم ، الم يكن التصويت حق شخصي للمواطن يا فضيلة القاضي لا يجوز إرغامه عليه أو منعه منه ؟ وهل تناسيت أنك قاضي قبل أن تكون رئيس لجنة ؟

ثم يأتي الأخ عبد الفتاح البتول بموضوعه الصحفي بعنوان ( نجح الوفاق الوطني وسقط المشروع الإمامي والحراك الانفصالي ) وهل يعتقد أن الحراك سيسقط بمجرد إجراء انتخابات معظمها سفري وبالتهريب ؟

مع أن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والمحلية التي جرت خلال الفترة منذ عام 1997م حتى عام 2006م كلها لم تسقط الحراك ولم تلغ القضية الجنوبية أو تقلل من وهجها .

ونقرأ للأخ محمد اللوزي ما قاله عن الحراك الجنوبي وعن البيض والعلاقات مع إيران وتفنن بتكرار عبارة ( اللامنتمي ) في أكثر من مكان في الموضوع إياه وكأنه يشكك بالانتماء الوطني للأخ المناضل علي سالم البيض الذي هو أكبر من أن يتطفل عليه أي كان ممن لا يفقهون معان الانتماء والوطنية ، ويعرف الجميع أن علي البيض هو أول من صرح في وجه الطاغية علي عبد الله صالح في زمن القداسة الفجة .

وحتى عضوة اللوردات البريطاني السيدة ( البارونه ) حرضوها وجعلوها تعتقد أن الحراك حاول اغتيالها يوم 21 فبراير في خور مكسر ومعها الوزيرتان الفاضلتان ( حورية مشهور وجوهرة حمود ) حيث تبين ذلك الاعتقاد من خلال تصريحاتها المتعددة .لكن الجواب الشافي جاء على لسان المناضلة حورية مشهور وزيرة حقوق الإنسان في تصريح لوكالة الأنباء السعودية أعادت نشرة بعض الصحف الأهلية اليمنية حيث نفت الوزيرة ما تردد حول استهداف أو محاولة اغتيال وقالت إن تلك مبالغة إعلامية وأن كلما هنالك انه حدث إطلاق نار خارج المركز الذي تواجدن فيه وردت عليه قوات الأمن وانتهى الأمر.

وحول كل ذلك وسواه أجد نفسي مضطرا لطرح بعض الأسئلة على من يقومون بالحملة الإعلامية ضد الحراك المجرد أن فيصل منه ساهم في إطلاق الأعيرة النارية يوم 21فبراير 2012م : -

1 – الم يكن لقبائل تعز الأحرار شرف المساهمة في حماية الساحات الأمر الذي جعل قوات النظام تحسب ألف حساب قبل أن تقدم على أي عمل قمعي ضد الثوار ؟

2 – الم يكن لقوات الفرقة الأولى مدرع وبقية وحدات الجيش الحر الموالي للثورة شرف المساهمة في حماية الساحات في صنعاء وخارجها الأمر الذي قلل من حجم الخسائر التي كانت متوقعة على شكل قتلى وجرحى ومعتقلين ؟

3 – إذا كانت ساحات ثورة التغير قد تطلبت جيشا كبيرا من العساكر والقبائل المسلحة لحمايتها عند اللزوم وبمجرد مرور أقل من شهرين منذ انطلاقها .. فكيف تستكثرون على شباب الحراك الجنوبي بعد مرور أكثر من خمسة أعوام من النضال السلمي أن نكون لديهم عشر أو عشرون قطعة سلاح شخصي يدافعون بها عن شبابهم العزل في الساحات عند الضرورة القصوى ؟

4- ما هي المعايير لديكم في تمييز العمل الإرهابي من العمل الثوري إذا كان قاصمهما المشترك استخدام السلاح عند الضرورة ؟ مع فارق الكم والنوع .

5 – ألا تروا بأن ما حصل في المحافظات الجنوبية يوم 21 / 2 لا يستحق كل هذه الزوبعة إذا قارناه بما حصل في أحد مراكز م / البيضاء حيث قتل رئيس اللجنة الإشرافية ورئيس اللجنة الأمنية وآخرين ؟ ثم لماذا لم تشتروا من قريب أو بعيد لعناصر القاعدة وجماعات أنصار الشريعة التي لم تصل الصناديق إليها ؟

وفي الختام ولكي نخلق شيء من الثقة المفقودة بيننا أنصح بضرورة التخلي عن العقلية الشمولية والاستفادة من دروس الثورات . والله الموفق والمعين .

*برلماني سابق وأحد مؤسسي الحراك السلمي الجنوبي