رسالة إلى الثوار
بقلم/ د عبدالله الحاضري
نشر منذ: 12 سنة و 7 أشهر و 25 يوماً
الخميس 29 مارس - آذار 2012 01:03 م

مازلت أعتقد أن الثوره اليوم تمر بمرحلة عبورها الثوري وهي أخطر مرحلة تمر بها الثورات على الإطلاق ذلك أن هذه المرحله قد تستغرق فتره زمنيه طويله من المحتمل أن تتجاوز العشر السنوات إنها المِحك الحقيقي التي ستُبين المدى التي وصَلتْ إليه الثوره في تحقيق هدفها الموضوعي وهو تغيير الإنسان فالثورة التي لاتُغيّر الإنسان ليست بثوره فبدون هذا التغيير تتحول الثوره إلى أطلال ثوره والت...غير الشكلي إلى حلم ومانتج عن الحسم الثوري من تغيير سياسي ماهو إلا خيال سُرعان ماسيزول وينكشف عَوَارُهْ بمراره كما حصل بالإمس القريب حين ظهر الرئيس السابق مُدججاً بالسلاح والقوات وبجوار الرئاسه ليُقيم طقوس عيد ميلاده, أحسَّ اليمنيين بهذا الحدث أنهم كانوفي حُلم إستيقضو منه ليدركوا ان الثوره إذا لم يتم تَدارُكها فستصير إلى لاثوره تماماً كما حدث لثورة 26سبتمر,إنَّ التجربة الثوريه اليوم تمر بمُنحنى تاريخي خطير ستؤثر نتيجتُه على كُلّ يمني وبالضرورة كُلّ عربي بمُقتضى الإيقاعات اليوميه والتفاعُلات بين ثورات الربيع العربي والترابط الامحسوس بين أبجديات الأحداث في الوطن العربي الذي غيّرتُه طبيعة التغيُّرات العلميه والفنيه والإحتكاكات الحضاريه في الفترات التاريخيه الماضيه ،فأصبح من الاستحالة بمكان تقييم الأحداث والأشياء بالمعايير والمقاييس الوطنيه فحسب ومن هذا المُنطلق كان لابُدَّ من وضع أُسس وقواعد تتناسب ومع المرحله الثوريه أعني مرحله تغيير الإنسان كمُقتضى من مُقتضيات العبور الثوري وفقاً لمشروع حضاره فيجب أن نتذكّرأن الانسان اليمني بحاجه ماسه لتغيير خصائصه الاجتماعية وفقاً لحقائق التاريخ التي أودعت في تكوينه خُلاصة تجارب أجداده الحضاريون السابقون, بهذا الإيداع وحده يستطيع الإنسان اليمني إتخاذ موقف مُحدد مِن قضية ما قد تُفرض عليه -سلباً أوإيجاباً- فمن المُتعارف عليه علمياً أن الإنسان كائن حساس يحمل في جيناته كل تجارب من سبقوه فتخضع بالضروره كل تصرفاته وحركاته وسكناته بل وحتى نضرته للاشياء والأحداث الى قانون ومعادلات شكّلها فيه تاريخ أسرته ومجتمعه ومحيطه الثقافي ومما لاشك فيه أنّ الضرورة الثوريه والتاريخيه ستُدخل الانسان اليمني في خِضَّمْ تجربه إجتماعيه جديده فيجب ان ندقق في تاريخ جهازه الحضاري لنحدّد مدى قُدرته وصلاحيته في الإنتاج والإبداع من جديد, إن تغيير الانسان هدف ثوري وعلى الثوار أن يدركوا أن هذه المرحله هي مرحلة التغيير وعليهم أن يبدأو بفرض معطيات مشروع ثقافي فاعل مُنتِج وسطي معتدل وصدق الله القائل (إنَّ الله لايُغيرمابِقومٍ حَتّى يُغيرومابأنفُسهِمْ) إن مرحلة العبور الثوري تقتضي منا الفصل الموضوعي بين المُنتَج السسياسي والإجتماعي فمهما كانت الإشكاليه في المُنتَج السياسي فيجب أن نعلم ان ذلك ناتج من الإشكاليه في المُنتج الاجتماعي والعكسُ غير صحيح وفي نفس الوقت يجب أن نعلم أن التغيير وفقاً لهذه المُعطيات ضروره إجتماعيه وطنيه داخليه يجب ان تتوافق مع البُعد الحضاري الدولي ومع طبيعة المتغيرات على المستوى الإنساني أعني أنّه يجب أن نُحدد موقفاً ثقافياً مُعيناً من المستوى الحضاري الغربي وماهية علاقتنا به وما أروع ماقاله أستاذُنا مالك بن نبي -رحمه الله - حين قال (إن اليابان وقفت من الحضاره الغربيه موقف التلميذ ووقفنا منها موقف الزبون إنه استورد منها الأفكار خاصه ونحن استوردنا منها الاشياء خاصه إنه خلال سنوات يُنشئ حضاره وكنا نشتري بضاعة حضارة فكان البون بيننا شاسع والخلاف جوهري ) فأنا أعتقد انه يجب علينا أن ندرس افكار حضاره انطلقت ولها من الظروف الإجتماعيه والماديه مالنا وفي تصوري أن التجربه الماليزيه جديره بالدراسة والتدقيق في معطياتها فهي تجربه يمكن أن نتعلم منها كيفية وضع أسس دخول حضارة إن التوافق في المُعطى الداخلي والخارجي للمشروع الإجتماعي اليمني هو ضرورة ثوريه حتى لا نَظّل أسرى للمُتغيرات السياسيه ونتوه عن الهدف الإستراتيجي للثوره وهو التغيير الإجتماعي والوصول الى مستوى حضارة فكُل حركه ثوريه ما قد تفقد غايتها إذا لم تُفرق بين الغايه ذاتها والوسيله وستضل رهينة لمحض الصُدفه ولا تأتي بأي نتائج مُحدده وفقاً لبرنامج زمني, الهدف الثوري في غايته هو الوصول باليمن الى بدايات طريق حضارة وما المشروع السياسي إلاوسيله لهذا الهدف وليس غايه في ذاته, ومن هنا يجب القول إن لدينا سنتان نختبرفيه قدراتناعلى التغييرالمنشود على المستوى الإجتماعي من الداخل والقدره على الإستفاده من مشروع دولي حضاري قائم متوافق ولو نسبياً مع مُعطيتنا الثقافيه والإجتماعيه على مستوى الخارج, يجب أن يخرج الثوار ولو بشكل جزئي من الإعتصامات ولتكن اليمن كُلها هدف للثوره وليكن العالم مدرسه يستفيد منها الثوار يجب أن يكون الثوار على مستوى عضمة الثوره وأن يتجاهل وتصرفات شيوخ الماضي حتى وإن إحتفلوا بأعياد ميلادهم كُل يوم,إن الاستمرار في الإعتصامات بشكل كُلي يمنحُ أعداء الثوره حُريّة المُناوره والقُدرة على المُبادئه وفي نفس الوقت تضلُ حركة الثوار مُحدده بالرُقعه الجُغرافيه للإعتصامات فيفتقدون بذلك إلى القُدره على التّوسع الثوري ونزع زِمام المُبادئه من المُتربصين بالثوره إن السعي لتحقيق الهدف الموضوعي للثوره يقتضي من الثوار المُراجعه الشامله لإنماطهم التكتيكيه في صراعهم السلمي فوسائل الإنجاز الثوري غير وسائل العبور الثوري..

والله من وراء القصد