الحرس الجمهوري بين الروح الوطنية والتبعية العائلية!!
بقلم/ محمود شرف الدين
نشر منذ: 12 سنة و 7 أشهر و 16 يوماً
السبت 07 إبريل-نيسان 2012 10:38 م

هل سيعود إلى حظيرة وزارة الدفــاع؟

لا اعتقد أن هناك أي نجاح حققه احمد علي على صعيد بناء الحرس الجمهوري عسكريا ووطنيا ؛سوى انه جعله ملكا له يسند ويحمي به تمرد أبيه وأقاربه على حكومة الوفاق ،وعلى الرئيس هادي نفسه وعلى الشرعية الشعبية والدولية؛ ولولا ذلك لما كان بمقدور حافظ معياد أن يرفض تسليم المؤسسة الاقتصادية للمدير الذي عين خلفا له بقرار جمهوري ، ولولا ما يزيد عن 50 ألف جندي في الحرس والأمن المركزي ،لما تجرأ المخلوع على سلوك كافة الوسائل والأساليب التدميرية التي عرف بها طوال سنوات حكمه حجرة عثرة أمام تنفيذ بقية بنود المبادرة الخليجية ،والعمل على عرقلة جهود حكومة الوفاق عن تنفيذ مهامها في تحقيق الأمن وبسط سلطة الدولة وقوتها على كل الأراضي اليمنية.

فالمعروف أن صالح شخص ضعيف وعاجز وجبان ولا يشكل وجوده أي خطر أو قلق على أداء الحكومة أو تنفيذ المبادرة ؛إذا ما تم إقصاء أبناءه وأقاربه من قيادة الحرس والأمن المركزي والأمن القومي ، وبناءا على ذلك فقد كان من المفترض على الرعاة الدوليين للمبادرة الخليجية إذا ما توفرت لديهم الجدية، أن يعملوا على اتخاذ السلاح الأقوى والأسرع ، والمتمثل في تجميد أرصدته المالية في الخارج ،و دعم هادي في اتجاه العمل على تحرير الجيش من سيطرت أبناء صال ح وأقاربه ، بدلاً من السعي للحصول على طلب خطي من الملك عبد الله بن عبد العزيز يترجى فيه صالح بالتخلي عن مزاولة النشاط السياسي ومغادرة اليمن .

لقد رُبي معظم أفراد معسكرات حرس العائلة على أن لا معنى للوطن والوطنية بدون (الفندم) وابنه الهمام ؛وبالتالي فان أوامرهما مهما كانت ضد الوطن وأمنه، واجب يقتضي التنفيذ ؛ ولذلك فتسليم ألوية بعتادها وعدتها للعناصر الإرهابية المسلحة المتحالفة مع والده ، القاعدة أو المسلحين والبلاطجة ، وإثارة الفتن والقلاقل ،وأعمال التقطع بين المحافظات عمل استخباري خُطط له ،ورُبي الحرس عليه ،خاصة بعد أن كشف عن أن منفذي جريمة الاغتيال الشنعاء بحق د عبد الله العزعزي في نقيل سمارة مؤخرا أفراد ينتسبون للحرس الجمهوري ، كانوا يمارسون التقطع كوسيلة ضغط قبلية لتنفيذ مطالب لهم ،وذاك أمر رتب له بدقة وعناية ، بما في ذلك نهاية الجناة والتي إما أن تكون بالرصاص على يد زملاء لهم شاركوا في الإشراف والتخطيط للجريمة عن بعد ، أو بحادث مروري يجعل الناس يقفون مذهولين من سرعة الانتقام الإلهي من القتلة وينشغلون عن التفكير والبحث عن هوية الجناة، ومن كلفهم بذلك والى أي جهة ينتمون،وإذا ما كشف عن انتماء بعضهم للحرس فسريعا ما يأتي الرد بأنهم فارون من صفوف الحرس منذ فترة طويلة تم تفريغهم خلالها للتدريب في الأمن القومي على هذه الأعمال الإجرامية ذات الطابع ألاستخباراتي .

ودليل آخر على قتل الروح الوطنية في نفوس بعض أفراد الحرس الجمهوري، الألوية والمعسكرات التي لم تحرك ساكنا تجاه الاعتداءات التخريبية التي استهدفت أبراج الكهرباء رغم إن ذلك تم بالقرب منها ، وأخرى أقيمت نقاط التقطع على بعد أمتار من تمركزها، ولم تتدخل في منعهم أو القبض عليهم ،وتسليمهم للعدالة ،وكأن الأمر لا يعنيها ؛ناهيك عن أن عددا من المسافرين أكدوا وجود متقطعين يرتدون لباس الحرس الجمهوري ضمن المتقطعين في مدخل صنعاء،لكنهم يسارعون إلى التدخل السريع حتى وان تطلب الأمر قتل كل من ينتقد احمد علي ،بل إن بعضهم يحكي بذهول وانبهار كبير عن بطولة القائد وعدالته وقدرته العسكرية وتفانيه وإخلاصه ووطنيته بشكل يثير الدهشة، وفي هذا دليل واضح على النجاح الفعلي الذي حققه نجل المخلوع في الفصل الكامل لهذا الكيان عن المؤسسة العسكرية كاملة ،وتطبيعه ليكون حرساً للعائلة وحدها ،يضمن بقاءها في السلطة ، وتوريثها للأبناء؛ مستعينا في تحقيق ذلك بنفوذه كولي للعهد بعد أبيه ،كما كان مخططا له حيث قام بالتسليح المكثف والحديث للحرس على حساب الوحدات العسكرية الأخرى، واستخدم الميزانية المفتوحة له في منح أفراده بعض الامتيازات عن بقية المجندين في الجهات العسكرية الأخرى التي انشغل قادتها في وضع خنادق العداء والكراهية ،وانعدام الثقة بينهم وبين أفراد ألويتهم العسكرية كشرط أساسي فرضه المخلوع لبقاء القائد في موقعه في حين يحظى ابنه وأبناء أخيه بحب أفراد الحرس الجمهوري كقادة مثاليين لا يهضمون حقوق أفراد معسكراتهم .

وذلك ما جعل البعض في الوحدات العسكرية الأخرى يرون في احمد علي المخلص والمنقذ لهم من مهانة الجوع ونهب الحقوق والتعرض للتعسف ،و يتمنون أن يكون وزيرا للدفاع في طريقه إلى الرئاسة ليصلهم عدله وفي ذلك ما يكشف عن تربية استخباراتية وعسكرية لأفراد الحرس تربطهم بأحمد علي ،بحيث يكونوا تحت إمرته لا أي شخص آخر،كما تقتضي إستراتيجية التوجيه العائلي للحرس، التي تضمنت أيضا ضم عدد من أولاد مشائخ القبائل وأصحاب النفوذ الاجتماعي؛ للحرس ؛من باب كسب آبائهم ،ولكي يتم من خلالهم تنفيذ ما يصبوا إليه احمد من ضرب من يعتقد أنهم يشكلون خطرا أمام توريث السلطة ،ومن ذلك مواجهة أي تحرك شعبي وثوري ضد ذلك أيضا ؛ وإذا ما حقق أبناء النافذين ما وجهوا به فإنهم وبلا شك سيحصلون على اصطفافا قبليا وراءهم وبالتالي فلن يطالهم قانون أو غيره مهما كانت جرائمهم .

أما ما نسمعه من إشادات بقدرات وبوطنية وبسالة الحرس الجمهوري ، وغيرها من الإشاعات الكاذبة بل والمضحكة التي تروج بالنجاح المزعوم لنجل المخلوع صالح كقائد عسكري في بناء هذا الحرس؛ ليكون في مواجهة الإرهاب وحماية الوطن ،وتعزيز سيادة الدولة فأمر مضحك للغاية ؛ لأنه لا وجود لما يشير إلى شئ بسيط من ذلك على ارض الواقع ، فما يجري هو أن نجل الرئيس ذو المؤهل العسكري المحدود، والتربية الأسرية القائمة على المؤامرة ، جعل من الحرس الجمهوري جيش الشعب والوطن أداة ً للتخريب والهدم ،ودعم الإرهاب،ونشر الفوضى وملاحقة الناشطين الثوريين، وتسليم المواقع والمدن للجماعات الدينية المتشددة التي نشأت في كنف نظام صالح، وأتوقع أن نسمع قريبا عن تكرار جريمة مقولة بسقوط ألوية عسكرية للحرس في أيدي مسلحين يطالبون بالانفصال في عدن أو غيرها من المحافظات ،ما لم يسارع الرئيس هادي إلى عزل أدوات صالح التدميرية في الجيش والأمن من أقارب وموالين قبل فوات الأوان .

لقد نجح الابن المدلل في تحقيق نقلة نوعية للجماعات الإرهابية من العمليات السرية بالأسلحة التقليدية واليدوية ذات النجاح النسبي المحدود إلى جعلها قوة ضاربة يعجز الجيش الوطني الذي لا يتبع العائلة عن حسم المواجهات معها ،لتنفذ عمليات علنية ذات فشل نسبي محدود ،بمنحها الصواريخ والمدرعات والدبابات والزوارق البحرية ، كما تقتضي الخطة أن يقوم عمه محمد صالح الأحمر قائد القوات الجوية أن يقدم اكبر خدمة لمسلحي صالح والقاعدة في أبين وشبوة بالحيلولة دون قدرة الحكومة نقل إمدادات عسكرية للجيش الذي يواجه القاعدة هناك بتفجير طائرة النقل العسكرية الوحيدة في قاعدة الديلمي بصنعاء ؛ على أن تكون مهمة القاعدة بحسب الخطة المرسومة إعلان المسئولية عن ذلك فقط لا غير .