كر وفر الثورة المصرية
بقلم/ سلطان الذيب
نشر منذ: 12 سنة و 5 أشهر و 21 يوماً
الثلاثاء 26 يونيو-حزيران 2012 04:54 م

لمصر دور ريادي وحضاري وتاريخي وديني فهي المكان الذى احتضن الأنبياء والأرض التي سارت خطوات الأنبياء والرسل عليها.

لقد تتابعت على أرض مصر حضارات متعددة فكانت مصر مهداً للحضارة الفرعونية، وحاضنة للحضارة الإغريقية والرومانية ومنارة للحضارة القبطية، وحامية للحضارة الإسلامية.

مصر الحديثة أيضا هي المنشأ لمعظم الثقافات والتيارات والأحزاب في الوطن العربي، وهي البوابة الأولى للعرب، وما من شك أن نهضتها هي نهضة العرب، فهي عامل مؤثر وهام في المنطقة بموقعها وعدد سكانها وتاريخها الكبير.

وإن كانت تراجعت كثيرا في الفترة الماضية فلأنه أعتلى عرشها من لم يخف الله فيها وفي شعبها فعاث فيها فسادا وأهلك الحرث والنسل ..

في يوم 25 يناير كانت مصر مع موعد بثورة سلمية من أجمل الثورات وأروعها في العصر الحديث، وما هي إلا ثمانية عشر يوما حتى سقط الفرعون الأكبر وتم إيداعه في السجين ليأخذ جزاء ما عملته يداه طيلة ثلاثون عام ..

سقط الفرعون ولكن هامان وجنودهما لم يسقطوا بعد، وعملوا بمكر ودهاء كبيرين للاستيلاء على الثورة والعبث بأحلام المصريين الذي تاقت نفوسهم للحرية والعدالة ولبناء مصر الحديثة ...

لقد استطاع العسكري وبترويج من وسائل الاعلام الرخيصة أيهام الناس بأنه حامي حمى الثورة وحارسها وبأنه.. وأنه ، ولكنها كانت الخدعة الكبرى والكذبة العظمي فصدقوه الجماهير وأحسنوا به ظنا، ولكن الواقع الذي غفل عنه المصريين أن الثورة لم تنجح بعد، وأن النظام الذي ثاروا عليه لم يسقط سواء شخص فيه وأن نظامه لا زال يحكم بعدته وعتيدة وأن شيئا ما لم يتغير ...

مرت الأيام وعرف الشعب لعبة العسكري واستيقظ بعد غفوة بعد أن استدرجهم وأوقعهم في أخطاء فادحة اضرت بوحدتهم وثورتهم وحتى الاسلاميين كانوا أكثر من غرهم ضحية مكر وخديعة وتسريبات العسكري ...

ودخلت مصر معركة الفر والكر بين الجماهير والقوى الثائرة من جهة وبين العسكري وفلول النظام من جهة أخرى، وتوالت الايام حتى وصل الامر كما رأينا مسرحية اخراج الرجل القوي والمرشح الانتخابي ذوي الشخصية الكاريزمية والذي كان متوقعا أن يحضا بشعبية كاسحة خيرت الشاطر وأيضا الشيخ ابو اسماعيل وتمت مقايضتهم مع عمر سليمان وكأنه لم يرشح نفسه ‘لا لأداء هذه المهمة...

ثم يصيغ البرلمان قانون العزل السياسي والذي أرى أنه أخطأ لتأخره في اصدار ذلك القانون فكان من المفروض أن يكون من أول مهام البرلمان بعد انعقاده .. صدر القانون لكن العسكري لم يروق له ذلك خوفا على مرشحة المفضل شفيق فلم يطبق القانون وقالوا بعدم شرعيته..

ثم جاءت المهزلة الكبرى حل البرلمان الذي انتخبه الشعب وأنفقت عليه مصر من عرق ابنائها ملايين الدولارات وكأنها لعبة أطفال حين يبنون ببيوت رملية اسرع ما تأتي الريح وتهدمها... ضاربا بملايين الجماهير الذي أعطوا ثقتهم لهذا المجلس عرض الحائط وبأحكام قضائية افقدت القضاء هيبته واستقلاليته..

وآخر الضربات في جسد الثورة المصرية ما سمي بالإعلان الدستوري المكمل والذي سماه المصريين المكبل بحيث حصن العسكري نفسه وحفظ له الصلاحيات القوية على حساب صلاحيات رئيس الجمهورية المنتخب ..

وتمت الاعادة في الانتخابات المصرية بين الدكتور مرسي والفريق شفيق وانتظرها الجميع مصريين وعرب بفارغ الصبر، وبلغ التوتر امده وزلزلت القلوب وتسمرت العيون أمام الشاشات واحتشدت الناس حتى كان اعلان اللجنة الانتخابية بفوز مرسي رئيس لمصر فضجت الجماهير في الميادين والشوارع والبيوت وارتفعت الأصوات فرحا بالفوز والنصر في مصر وغيرها .. حدث لم يسبق له نظير في تاريخ مصر الحديث منه والقديم ولا في بلاد العرب جمعا رئيس مدني منتخب من عامة الشعب وبنسبة معقولة ودعت الجماهير نسبة 99% وإلى غير رجعة..

إنه فعلا حدث تاريخي وبداية لمرحلة جديدة إن شاء الله يحق للعرب جميعا أن يفرحوا به ..لقد سئمت الشعوب العربية سياسة الرؤساء العسكر وصلفهم وتخبطهم وانبطاحهم أمام الشرق والغرب، الأمة بحاجة الى رئيس يتكلم باسمها ويعبر عن رأيها ويخطب ودها لا لأجل شرق ولا غرب، ولذلك ما أن رأينا رئيس اللجنة يتلو فوز الدكتور مرسي إلا وخر الميدان عن بكرة ابيه ساجدا لله وفرحا بالنصر، موقف لم يسبق له مثيل فوالله لن يُخاف على مصر بعدها وإن مكر الماكرون، فالله أراد شيئا ولا راد لإرادة الباري جل في علاه..

أنا متأكد أن كل الترتيبات كانت تجري لتفويز شفيق بأي شكل كان، وكان ذلك واضح من تأخر الإعلان عن النتيجة إلى الأحد، وحتى في الخطبة العصماء التي سردها خطيب اللجنة الانتخابية فاروق سلطان كانت كلها توحي بأن الفائز هو شفيق، وكأنها كانت معدة مسبقا قبل أن تغير اللجنة رأيها مؤخرا، ولكن ضغوط الجماهير في الميدان، والخوف من فقدان السيطرة على الوضع حيث أن تقارير المخابرات كانت تتوقع ثورة عارمة وحالة غضب وهيجان في حالة إعلان فوز شفيق...

 وخاصة أن حملة مرسي قامت بإعلان النتائج مبكرا وبإثبات المحاضر والوقائع بتوقيعات القضاة وبدقة منتهية تحسب للحملة، كل هذا جعل العسكر واللجنة يراجعوا أنفسهم ويعلنوا النتيجة كما هي..

ثم جاء خطاب الرئيس الشرعي الأول لمصر، خطاباً كان موفق فيه الى درجة كبيرة، كان خطاب تشع منه الانسانية والأخلاق الفاضلة رئيس يخاطب شعبه وأمته بكل ود وحب، مردد يا أهلي وعشيرتي، فكان صادقا يخرج من قلب رئيس مصر ليستقر ويؤثر في قلوب ابنائها ومحبيها خطابا متواضعا، رد فيه الرئيس سبب الفوز لله ثم للشهداء ولجماهير الشعب وهذا هو الاعتراف بالفضل لأهل الفضل ..

وأخيرا سأختم بهذه الإمضاءات 

إهداء

يجب أن نهدي هذا النصر والانجاز لمن كان لهم سبب في هذه الثورات ومن كانوا وقودها وهم : 1- روح ابوالعزيزي2- الجماهير الثائرة 3- قناة الجزيرة -4 الأخوان فيسبوك وتويتر5- ميدان التحرير وساحات التغيير..

بشارة :

تاريخياً أشد ما تكون الأمة ضعفاً وفي أحلك الظروف وأصعبها وأشدها ظلمة يشع نور النصر من قبل مصر .. وصلاح الدين والمظفر قطز شاهدان على ذلك ...

توصية :

أعتقد أن المرحلة القادمة يجب أن تكون مرحلة تسامح وتصالح و مشاركة كل القوى الوطنية للنهوض بمصر، فمصر لم تعد تحتمل اكثر من هذا وهي بحاجة لسواعد كل ابنائها بمختلف اتجاهاتهم وانتمائتهم، وعلى كل الأطراف الاستفادة من الاخطاء السابقة وعدم تكرارها ..

ختاما:

هنيئا لمصر وهنيئا للعرب بأول رئيس مدني منتخب بانتخابات شرعية وحقيقية..ووداعاً للفرعنة والفراعنة ومرحبا بالشورى والديمقراطية....