كهنة الثورة والمحافظ النائم
بقلم/ محمد شمس الدين
نشر منذ: 11 سنة و 8 أشهر و 6 أيام
الإثنين 13 أغسطس-آب 2012 02:44 ص

mshamsaddin@yahoo.com

إلى متى سيظل الكهنة في حزب الإصلاح يعبثون بثورة الشباب؟ وإلى متى سيظل شباب الإصلاح المتطلعين لغد أفضل خانعين لقيادة حزبهم وهم يرونها تدمر ملاذهم السياسي الذي تجرعوا مرارة الحياة في سبيل بنائه في الوقت الذي كانت تلك القيادات شريك حقيقي في تدمير الوطن ونهب ثرواته؟

إن الحماقات التي ترتكبها قيادات الإصلاح في حق الثورة و الوطن لا تقل خطورة عن حماقات المخلوع في تدمير ما تبقى من الوطن, كما ان بقاء الكهنة على رأس حزب كبير بحجم حزب الإصلاح لا تقل خطورة على الحزب من خطورة المخلوع على المؤتمر الشعبي العام في حال استمرار بقائه على رأس المؤتمر.

ان الوقاحة التي تمارسها قيادة حزب الإصلاح دون اعتبار للمصلحة العامة، ودون اعتبار لملايين الشباب من أعضائه الصالحين، لا تقل ولا تختلف عن وقاحة المخلوع صالح في تنصيب أقاربه لقيادة الجيش والآمن ومرافق الدولة المدرة للدخل، ان العصبية الأسرية التي كرسها المخلوع خلال حكمه نراها تتحول اليوم إلى عصبية " قدما الأخوان الفاسدين " مع احترامي للملايين من شباب وأعضاء الإصلاح الذين يعتزون بحزبهم و مازالوا خارج هذه العصبية المقيتة والذين قد يجدون أنفسهم أدوات ومحللين لهذه العصبية مثلهم مثل شباب المؤتمر الذين عملوا ومازالوا محللين وأدوات للعصبية الأسرية للمخلوع. 

من الوقاحة ان يتم تحويل الثورة الشبابية ودماء الشهداء التي سالت من اجل وطن ديمقراطي خال من الفساد إلى صراع بين العصبية الأسرية للمخلوع وعصبية قدما الأخوان الممسكين بقيادة حزب الإصلاح والعصبية الطائفية التي يمثلها الحوثي، والتي ماكان للأخيرة ان تنمو وتتوسع لولا الأداء النتن للمخلوع ورفاقه من جيل ما بعد " القطرنه " حسب توصيف الزميل عبدالعزيز المجيدي لذلك الجيل.

ان الكهنة وجيل ما بعد القطرنة بقليل من قيادة حزب الإصلاح وبوقاحتهم المعهودة والمعروفة للجميع قد نصبوا أنفسهم كمرجعيات للثورة و يفصلون المعايير الثورية وتحديد أي القيادات يجب ان ترحل من السلطة وأيها تستمر دون اعتبار لمعايير الكفاءة والنزاهة كمطلب أساسي للثورة، أي وقاحة هذه التي يمررها كهنة الثورة بدفعهم لشباب الثوارة للمطالبة بإقالة محافظ حضرموت الذي تم تعيينه في نهاية عهد المخلوع، وإقالة محافظ الحديدة الذي تم تعيينه عقب ثورة الشباب، و خلال فترة زمنية حرجة يصعب خلالها تقييم أدائهما ومع انه من حقهم المطالبة بذلك، لكني اسأل لماذا يستبعد الكهنة في الأحزاب المطالبة برحيل المحافظ الحجري الذي قضاء معظم حياته محافظا وما ان دخل محافظة إلا أفسدها بعد ان استبعدوا اسمه من قائمة النظام العائلي للمخلوع ؟!

الحجري الذي قالت الصحوة موبايل ان شباب الثورة يطالبونه بإجراء إصلاحات في محافظة اب وليس الرحيل كونه ذات الشخص الذي مكن الجماعات المتطرفة من ملاحقة وابتزاز الناس في الشوارع العامة والمتنزهات بإسم الدين و الفضيلة هو ذات الشخص الذي ضاعف من إفقار وقهر أبناء الحديدة خلال توليه قيادة محافظتهم، بعد ان سلط عليهم الجماعات المتطرفة والتي مكنها من الصلاحيات المخولة بالسلطة القضائية و الأجهزة الأمنية في مخالفة واضحة للدستور والقانون فقد تولت تلك الجماعات سلطة القبض والمحاكمة وتنفيذ الأحكام بقيادة الشيخ داود الجني لمجرد الاشتباه وكان الشيخ الجني قد اعترف في احد المقابلات الصحفية بعد ان إثيرت قضية تلك الجماعات ان نشاط جماعته الخارج عن القانون والدستور كان بالتنسيق مع الحجري, ولتي لولا نباهة المحافظ احمد سالم الجبلي رضي الله عنه الذي " كان أول محافظ يقدم استقالته عقب ثورة الشباب وأول مسئول رفيع يرفض قرارتعينه كعضو مجلس شوري من قبل المخلوع" و إدراكه المبكر لخطورة تلك الجماعات وإيقاف نشاطها لشهدت محافظة الحديدة حرباً طاحنه كانت ستفوق كلفتها وأضرارها حجم دمارها أكثر بكثير مما ألحقته التي شهدتها محافظة أبين مع أنصار الشريعة فكلا الجماعتين تحمل ذات الأفكار المتطرفة, نظراً لارتفاع نسبة الفقر والكثافة السكانية العالية في محافظة الحديدة كبيئة خصبه للجماعات المتطرفة ناهيك عن الرعاية الكريمة والدعم الرسمي والسخي الذي وفره الحجري لها!

اسأل جيل ما بعد القطرنة من قادة الأحزاب السياسية وشباب حزب الإصلاح بشكل خاص وشباب الثورة بشكل عام أين اسم احمد سالم الجبلي من قائمة الثوار؟ كون الجبلي كان السباق في تقديم الاستقالة ورفض قرار المخلوع في الوقت الذي كان فيه معظم من قفزوا إلى واجهة الثورة لازالوا يعملون لصالح المخلوع ولم يلتحقوا بالثورة إلا بعد ان أدركوا ان سقوطه أصبح في حكم المؤكد,هذا على اعتبار أن تقديم الاستقالة تجب ما قبلها و أنها أصبحت صك من صكوك الثورة تم منحها لكل من تولى منصب قيادي في عهده صالح.

كما اسأل كهنة حزب الإصلاح وشباب الثورة بشكل عام وشباب الثورة في محافظة اب بشكل خاص ما هو الفرق بين خالد حمود الصوفي محافظ تعز السابق الذي طالب الثوار وأصروا على إقالته و المحافظ الحجري الذي ترعرعت عصابة نهب الأراضي وقطاع الطرق والقتلة في محافظة اب منذ أن وضع قدمه على بوابة المحافظة؟! أليس الفارق الوحيد بين الرجلين ان الأول أكل وشرب من الصحن الناصري الذي يرفض عودة من أكلوا وشربوا منه بعد تمرغهم بفساد السلطة, على عكس طبق الإخوان الذي أكدوا لنا تسامحهم مع كل من مارس الفساد والانتهازية من أعضاء حزبهم خصوصاً الأثرياء منهم.

ان المطالب التي طرحها ثوار اللواء الأخضر في وقفتهم الاحتجاجية يوم الجمعة أمام منزل الحجري والمتمثلة بإجراء إصلاحات في المحافظة وإغلاق السجون الخاصة كما ذكرت "الصحوة موبايل" بدلاً من المطالبة برحيله ورحيل الشلة التي استقدمها للعبث بالمحافظة هي خطوة عبثية من قبل الثوار مثلها مثل مقابلة شباب شعب اب لزعيم المخلوع وتسليمه درع بطولة الدوري والتي مثلت إساءة بالغة و إهانة لأبناء المحافظة في الوقت الذي يعرفون حق المعرفة ان الرجل الذي يطالبونه بالإصلاحات لن يصلحه غير المحاكمة والسجن!

لا اعرف كيف تناسى ثوار اللواء الأخضر المقولة الشهيرة التي قالها احد حكماء محافظة اب في الحجري " المحافظ نائم لعن الله من أيقظه " وكيف تناسوا الانفلات الأمني وظهور عصابات القتل والنهب وقطاع الطرق وكيف تناسوا الانتهاكات التي تعرض لها أبناء المحافظة من قبل الأجهزة الأمنية في عهد من يطالبونه اليوم بإجراء إصلاحات؟! ولا اعرف كيف تناسى شباب الثورة دور الحجري في تمييع قضية الشهيد صلاح الرعوي والشهيد هلال الحجري الذي قتل على يد عصابات نهب الأراضي التي ترعرعت في عهده,.

لا اعتقد ان الشهيد صلاح الرعوي والشهيد الحجري وعشرات الأبرياء الذين استشهدوا على يد قطاع الطرق والأجهزة الأمنية في ظل الانفلات الأمني الذي شهدته المحافظة خلال السنوات الأخيرة سيسامحون ثوار اللواء الأخضر بشكل خاص والثوار في مختلف الساحات بشكل عام على هذا الخذلان والانتقائية في التعامل مع القضايا والأشخاص والسير بالثورة بذاكرة مثقوبة قد تقود إلى إنتاج ذات القبح الذي أنتجه النظام العائلي.

اسأل عبدالوهاب الانسي امين عام التجمع اليمني للإصلاح وغيره من الكهنة أليس النزاهة وحسن الأداء هي المعايير العالمية للفصل وتولي الوظيفة العامة والمخرج الآمن للبلاد ؟! أم ان الأنسي وغيره من كهنة الإصلاح قد اعتمدوا عصبية " قدامى الأخوان " كمعيار جديد ليحل محل العصبية الأسرية التي ثرنا ضدها؟!

اعتقد ان الوقت قد حان لمواجهة كل الأطراف العابثة بأحلامنا وبأهداف الثورة الشبابية سواء كانت ممن وقفوا ضد الثورة او تلك التي التحقت بها خدمة لأهدافها الشخصية كما هو حال" قدامى الأخوان" أو تلك التي تحمل أهدف مذهبية وطائفية كما هو حال الحوثيين الذي يعملون على نسج خيوط التحالف مع من سفك دماء الثوار في الساحات, اعتقد انه أصبح على الجميع مواجهة كل الأخطاء التي ترتكبها كل هذه الإطراف.

ان السكوت عن تلك الأخطاء والحماقات بحجة وحدة الصف و غيرها من المبررات السمجة و التي لم تعد مجدية بعد ان سقط رأس النظام وتخلقت شرعية جديدة فوضها الشعب والمجتمع الدولي بإدارة البلاد كون السكوت عن عبث هذه الأطراف و التماهي معها من قبل أعضائها الصادقين وأنصارها المستقلين يعد خدمة حقيقية لمن يتولوا قيادة الثورة المضادة هذا من جانب ومن جانب, قد يؤدي إلى استمرار الدوامة التي عاشتها وتعيشها البلاد او إنتاج ذات السلطة التي خرجنا عليها و ذلك في أفضل الأحوال.

ولتذكير الكهنة وجيل ما بعد القطرنة ممن أطالوا ببقاء النظام السابق ومنحوه الحصانة بعد ان كانت الثورة كفيله بإسقاطه وإخراجه من السلطة والحياة السياسية هم ذاتهم الذي قالوا لنا أنهم قد توصلوا مع الحجري إلى اتفاق قضى بتسليمه للمحافظة عقب سقوط القصر الجمهوري بصنعاء, ومع قبول البعض لذلك الاتفاق العجيب والمضحك الذي نسجه السياسيين من جيل ما بعد القطرنة والذي لا يقل سخفاً عن الاتفاق الذي منح الحصانة للمخلوع بعد ان كان شباب الثورة قادرين على خلعه وخلع الحجري دون شرط او قيد والى الأبد بدلاً من استجداء المجتمع الدولي عزله من ممارسة الحياة السياسية مع ان ما يمارسه الزعيم المخلوع اليوم لا صلت له بالعمل السياسي بقدر ما هو تدمير للبلاد.

كما ان السياسيين من جيل ما بعد القطرنة الذين استبعدوا الحجري كمكون من مكونات النظام العائلي للمخلوع بتصرفهم هذا يؤكدوا لنا ان صالح كشخص قد رحل من السلطة, في حين ان أساليبه في نسج الحيل وتقديم الوعود والخنوع وقت الشدة والفرعنة والتنصل عن وعوده في الرخاء, قد ورثها لجيله من السياسيين بعد ان أصبحنا اليوم نستجدي الحجري القيام بإصلاحات, متناسيين فساد الحجري أينما حل وأينما رحل وما فساد ترميم قلعة القاهرة بتعز بقليل, ومتناسيين ان سماسرة الحجري في المحافظة هم من قاموا بطبخة القذرة التي ساقت شباب شعب اب لمقابلة المخلوع وتسليمه درع البطولة, مستندين في ذلك على دعم كهنة الإصلاح لكبيرهم الذي استقدمهم و سلمهم مفاصل السلطة في المحافظة.