بينها اللغة العربية.. واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص إطلاق نار وحرق للممتلكات.. مستوطنون حوثيون يهاجمون أهالي قرية في هذه المحافظة هل تبدأ روسيا تعبئة عسكرية استعداداً لحرب؟.. الكرملين يجيب انتصار ساحق للجيش السوداني ينتهي بالسيطرة على مدينة استراتيجية قوات الجيش تخمد هجوماً حوثياً غربي تعز عبّرت عن استنكارها لتصريحات مسؤول حكومي.. الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين بمأرب تصدر بياناً هاماً قيادي حوثي يشق عصا سيّدة ويعلن تمردة على قرار إقالته مأرب: إشهار مؤسسة جرهم للإعلام والتنمية. رئيس الحكومة ينتصر لنقابة الصحفيين اليمنيين ويلغي أي اجراءات تستهدفها 24 لاعباً في قائمة منتخب اليمن استعداداً لخليجي26 ''الأسماء''
يحل المؤتمر العام الانتخابي لنقابة هيئة التدريس بجامعة صنعاء بعد أسابيع قليلة من الآن، بعد أن أكملت كليات الجامعة انتخاب مندوبيها إلى ذلك المؤتمر، وذلك يدفعنا للحديث عن ضرورة تحري الدقة لتحديد المعايير السليمة التي نختار بموجبها الهيئة الإدارية التي ستدير النقابة للسنوات الأربع القادمة، خصوصاً أن نقابة جامعة صنعاء تعد بمثابة النقابة الأم لنقابات هيئة التدريس في الجامعات اليمنية، وعلى عاتقها يقوم معظم العمل النقابي الخاص بهيئة التدريس، وذلك للأهمية التي تمثلها جامعة صنعاء بين الجامعات اليمنية، إلى جانب وقوعها في عاصمة الدولة بعكس نقابات الجامعات الأخرى.
لذلك فنحن في هذا المقال سنتحدث عن خمسة أركان للعمل النقابي؛ نرى أنها تعد بمثابة الأسس التي يترتب عليها عمل أي نقابة مهنية، ومن ضمنها بطبيعة الحال نقابات هيئة التدريس في الجامعات اليمنية، وتتكامل تلك الأركان الخمسة في ما بينها، بحيث تؤخذ مجتمعة، ولا يغني توفر بعضها عن البعض الآخر إلا في حالة الضرورة.. وهذه الأركان يمكن ترتيبها على النحو التالي:
أولاً: التفرغ والنشاط
يعد تفرغ القائمين على أي نقابة شرط أساسي لنجاحها، ذلك أن نظرتنا إلى العمل النقابي يفترض أن تنطلق من كونه مغرماً وليس مغنماً، بحيث يكون الهدف من وجود أي شخص في الهيئة القيادية لأي نقابة متمثلاً في خدمة زملائه، وليس بغرض الشهرة، أو إضافة لقب جديد إلى سيرته الذاتية، أو حجز موقع في النقابة لهذا الطرف أو ذاك.
لكن التفرغ وحده لا يكفي مالم يقترن بالنشاط والجدية، فكم من أناس يملأ الفراغ حياتهم لكنك لا تستطيع تكليفهم بأي مهام، ولا تعول عليهم في الملمات، فهم إما في مجالس القات، أو غارقين في العسل على أسّرة غرف نومهم، وبعضهم قد يحضر معك لكنك تكتشف بأنه لا يجيد إلا التنظير والكلام بينما يتهرب من العمل، وإذا واعدته على أمر تتفاجأ حين يحين الموعد بتلفونه يجيبك: بأن الجهاز قد يكون مغلقاً أو خارج نطاق الخدمة.
ثانياً: النزاهة والحرص
من يتقدم للعمل النقابي يجب أن يتحلى بالنزاهة، لكونه سيؤتمن على أموال النقابة، وهي في نقابة هيئة التدريس تتمثل بالاشتراكات والأقساط التي تستقطع لتغطية الضمان الاجتماعي؛ والتي تصرف لأسر المتوفين وبعض الحالات المرضية، وذلك يتطلب دقة في الحسابات، مع الالتزام بالنظام الأساسي الذي ينص على اجتماع سنوي للمؤتمر العام؛ من أجل اعتماد الحساب الختامي للسنة المنصرمة، وإقرار ميزانية السنة الجديدة، وهو ما لم تلتزم به الهيئات الإدارية المتعاقبة على النقابة.
وذلك يحتم علينا انتخاب أناس يتمتعون بالصرامة في هذا الجانب، بحيث نوصل للهيئة الإدارية (القوي الأمين)، ذلك أن النزاهة وحدها لا تكفي إذا لم ترتبط بالحرص على المال العام، فلا يكفي معياراً للنزاهة أن تقول بأن بطنك نظيفة من الحرام، وأنت ترى مَن حولك يختلسون الأموال وأنت تتفرج عليهم رافعاً شعار القرود اليابانية الثلاثة: لا أرى لا أسمع لا أتكلم.. وأنا هنا أتكلم عن النقابات بشكل عام.
ثالثاً: القدرة والإخلاص
ليس كل من يمتلك التفرغ ويتميز بالنزاهة قادر على ممارسة العمل النقابي، ذلك أن العمل النقابي يحتاج إلى ملكات خاصة لا تتوفر لدى كل الناس، فالقدرة على ممارسة العمل النقابي ترتبط بالشجاعة والإصرار والصبر وسعة الصدر، ذلك أن النقابيين يصبحون بين مطرقة الجهات الرسمية وسندان زملائهم في النقابة، ومهما عملوا فلا يسلمون من غضب هؤلاء ولا يحظون برضاء أولئك.
ولعل أهم شيء نقيس عليه القدرة على ممارسة العمل النقابي يتمثل بالإخلاص والرغبة والقناعة في ممارسته، فنحن نعرف أن كثيراً من أعضاء الهيئات النقابية يقتصر حضورهم إلى نقابتهم على الاجتماع الأول الذي توزع فيه المهام، وإن حضروا بعد ذلك فهو حضور ماسخ يهدف للسلام وتسجيل حضور الاجتماعات بغرض الحصول على بدل الجلسات ليس إلا، أو بغرض منع النقابة من تصعيد أشخاص غيرهم ليحلوا محلهم.
رابعاً: عدم التسييس
التسييس لا يقصد به هنا عدم اشتغال النقابيين في المجال السياسي أو حتى عدم تحزبهم، لكننا نقصد عدم تسخيرهم النقابات لخدمة مشاريعهم السياسية، أو تنفيذ أجندة الأحزاب التي ينتمون إليها، أو الاقتصار في تقديم الخدمات النقابية على من يشاركونهم الانتماء السياسي أو الحزبي وتفضيلهم على بقية أعضاء النقابة الآخرين. ويدخل في التسييس أيضاً مجاملة الأشخاص الذين نعتقد أنهم قد منحونا أصواتهم، لأن مهمة النقابي بعد فوزه تتمثل بخدمة جميع أعضاء نقابته دون استثناء.
وعندما نتحدث عن عدم التسييس فنحن نقصد أيضاً أن يمتلك النقابي قدرة على ممارسة عمله بحيادية، بحيث يوجه نشاطه النقابي ضد كل الجهات الرسمية المتعلقة بنقابته، بغض النظر عن الانتماء السياسي لمسؤوليها؛ سواء توافق معهم أو تعارض. وأن يمتلك النقابي أيضاً قدر من الاستقلالية.. والاستقلالية هنا لا تعني عدم حمله لبطاقة حزبية، لكنها تعني قدرته على ممارسة عمله من منطلق الحق والصواب، بحيث لا يكون مجرد دمية في يد حزبه يحركه في الاتجاه الذي يريد.
خامساً: رفض التأبيد
أصبحت ثقافة التأبيد ثقافة متأصلة في المجتمعات العربية بصفة عامة والمجتمع اليمني بصفة خاصة، بحيث يسعى كل من وصل إلى موقع رسمي أو حزبي أو جماهري إلى تخليد بقائه في ذلك الموقع وعدم التنازل عنه، ولا يخفى أن ذلك يصيب تلك المواقع بالترهل والخمول، الأمر الذي جعل المجتمعات الديمقراطية المتحضرة تحدد بقاء المسؤول في هذا الموقع أو ذاك لفترات محددة؛ بما فيها المواقع التي يتم الوصول إليها عن طريق الانتخاب كالنقابات.
وقد نص التعديل الأخير للنظام الأساسي لنقابه هيئة التدريس في جامعة صنعاء على عدم جواز الترشح لعضوية الهيئة الإدارية للنقابة لأكثر من دورتين انتخابيتين. وسمعنا أن البعض يقول بأن الدورات السابقة لتعديل النظام لا تدخل بالحساب، يعني بمنطق الرئيس السابق صالح ومنظريه (تصفير العداد)، وحتى إن تمكنا من تمرير ذلك التفسير في المؤتمر العام الانتخابي القادم إلا أنه سيضع البعض في موضع صعب ومحرج، لكون أغلب أعضاء الهيئة الإدارية الحالية نحسبهم من دعاة الثورة والتغيير ضد المفاهيم والسياسات السلبية التي كرسها النظام السابق.. وذلك هو الاختبار الصعب الذي نتمنى لهم النجاح فيه.
خلاصة القول
هذه هي الأركان الأساسية التي نضمن بواسطتها نجاح أي نقابة مهنية، وهي الأركان التي يتحتم علينا وضعها صوب أعيننا في المؤتمر الانتخابي القادم لنقابة هيئة التدريس في جامعة صنعاء.. ذلك إن أردنا تأسيس نقابة تعبر عن تطلعات أعضائها وأحلامهم، إلى جانب تبنيها لعملية تطهير الجامعة من الفساد الذي عشعش فيها وباض وأفرخ، بحيث تتمكن النقابة بالتعاون مع الشرفاء في قيادة الجامعة وكادرها الأكاديمي والإداري من إخراج الجامعة إلى بر الأمان، وتستطيع أداء مهامها في التعليم والبحث العلمي وخدمة المجتمع.