المصالحة في فكر جار الله عمر
بقلم/ أحمد صالح غالب الفقيه
نشر منذ: 16 سنة و 10 أشهر و يومين
الجمعة 25 مايو 2007 06:51 ص

مأرب برس ـ صنعاء

يعتقد ليوستراوس "أن الفكر السياسي الحديث ليس نظرية خاطئة، بل أنه نظرية تحمل على الخطأ وبصفتها تلك فإن فيها انحرافاً، ذلك أن الفكر الحديث منذ هوبز يجعل القدرة، أو إرادة الإرادة، شرطاً للسلطة المطلقة. فالإرادة فيما يتعلق بها هو تأمين أمنها المطلق". يقول هوبز "تسعى السلطة بوسائلها الحاضرة إلى الحصول على خير ظاهري ومستقبلي ما، وهي بذلك تسعى لخير ما موجود خارجها، ومن ثم فإنها إرادة لا تتطلع إلا لذاتها. فهدف السلطة من الخير يبقى في داخل السلطة، ويمثل بالنسبة لنفسه غايته الخاصة. ولكن السلطة تسعى إلى الصراعات حيث تجرب نفسها وتضعها على المحك، محك التجربة. إن القول بالدولة المتجانسة والسعي نحو القدرة، هو استبعاد لكل فكر، وإلغاء لكل فرق بين الكائنات، ولا يبقى في السباق نحو السلطة المطلقة إلا إرادات متشابهة تتصارع من أجل السيطرة، ويشكل فيها كل شخص عقبة في وجه كل شخص آخر" وهو ما أظهرته حرب العام 1994 بكل جلاء.

إن تركيبة النظام في جمهورية اليمن الديمقراطية عشية حدث الوحدة تضع الشهيد جار الله عمر في موضع المفكر وليس في موضع صاحب السلطة، فإلى أي حد كان هذا المفكر السياسي قادراً على استشراف المستقبل، مع تراجع الفلسفة السائدة التي تبرر الشمولية؟ وإلى أي حد كان قادراً على استشراف مستقبل العملية الوحدوية؟ ثم إلى أي حد تمكن المفكر جار الله عمر من الاستفادة من التجارب الماضية في آفاق ما بعد حرب العام 1994؟.

إن فحص هذه الأسئلة الثلاثة ومحاولة الإجابة عليها ترتبط بعنوان هذه الورقة برباط وثيق وهو ما سنراه لاحقاً. وساعتمد في ذلك على ثلاثة موضوعات للشهيد جار الله عمر نشرت في كتاب (وطن أو لا وطن) الذي حمل الرقم واحد في سلسلة كتاب الثوري، والصادر عن صحيفة الثوري عام 2003.

 

في مقالته تعددية سياسية- دعوة مبكرة كتب جار الله عمر يقول:

"لا يليق أن يكون الحديث عن التعددية السياسية الثورية في اليمن الديمقراطية مقترناً بالحديث عن تأثير البيروسترويكا في الاتحاد السوفيتي حينها كما لو كنا ننقل التجربة السوفيتية على أي اتجاه تسير عليه.. نقلناها في عهد الحزب الواحد.. وننقلها في عهد العلانية وإشاعة الديمقراطية والسماح بالرأي الآخر كما يحدث الآن في البيروسترويكا.. بل ينبغي أن ننظر إلى مسألة التعددية كما تقتضيها ظروف النضال في بلادنا كما سبق ان أشرنا، أما البيروسترويكا فإنها جاءت في معظمها لحل معضلات التطور في الاتحاد السوفيتي، بخصوصية تجربته وظروفه.. وهي تأتي كمحاولة لحل المعضلات التي خلفتها مرحلة الستالينية.. ولهذا لا يجب أخذها حرفياً.. مع أن ذلك لا يعني نفي عالميتها، فهي إن نجحت، وحققت نتائج إيجابية، فإنها ستصبح ماركسية العصر الراهن.. وهي من هذه الناحية تكتسب صبغة عالمية".

 

تدرجية دعوة جار الله عمر نحو التعددية السياسية واقتصار هذه الدعوة في البداية على ما أسماه بالتعددية السياسية الثورية تدل على مقدار الممانعة لدى حراس الدوغما والصيغة الجامدة. ذلك أن رفض التعددية الثورية هي في الاصل صيغة استالينية وليست لينينية كما يدل عليها تاريخ التجربة السوفييتية، ويفترض بكل حزب لينيني أن يدينها طبقا لما تمخض عنه المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفييتي. 

وسترينا المقتطفات اللاحقة من كتابات جار الله عمر أن فكرة المصالحة تحتل مكان حجر الزاوية من تفكيره، فهو سينتقل من الدعوة إلى التعددية الثورية إلى الدعوة إلى تعددية سياسية واسعة كشرط لقيام دولة الوحدة.

ولابد أن جار الله عمر قد أدرك أن السلطة المطلقة عدمية بطبيعتها لأنها تلغي المجتمع كهيئة خارجية بالنسبة لها. وهي لذلك تدمر السلطة بالمعنى السياسي للكلمة. ولا شك أن أحداث يناير قد رسخت لديه هذا المفهوم. فالسلطة تكون سياسية فقط عندما تستمد معناها من علاقتها بشيء مغاير لها، وعندما لا يكون شكلها مشابهاً لمضمونها، وعندما تتطلع إلى غاية خارجية تستخدمها كمقياس. إن السلطة في فحواها السياسي هي قرار، وهي بطبيعتها قابلة للتداول، الأمر الذي يفترض علاقة في الواقع بمواضيع سياسية متمايزة وبذلك لا تكون استبعاداً أو تدميراً للآخر وإنما علاقة بالآخر ولو منفعية. إن دعوته إلى التعددية السياسية الثورية كانت محاولة مبكرة لإخراج الحزب الاشتراكي من عقلية التخندق التي ترفض حتى الشريك الثوري، كالأحزاب القومية الناصرية والبعثية، إلى إطار من التحالفات يقوم على وحدة الهدف ولو مرحلياً بدلاً من الاقتصار على التحالف مع الآخر الذي يكاد يكون نسخة من الذات فقط. ففي مقالته المعنونة (في جدلية الوحدة والديمقراطية) يقول جار الله عمر:

"إن الخطوات الرئيسية العملية للشروع في عمل وحدوي ملموس يتطلب اتخاذ الإجراءات التالية:

1- إصدار إعلان مشترك من قيادتي الشطرين يسمح بحق القوى الوطنية والديمقراطية التي دافعت عن ثورتي 26 سبتمبر و14 اكتوبر بالوجود والتنظيم وإلغاء كافة القوانين والنصوص التشريعية المقيدة لحرية النشاط السياسي والجماهيري.

2- إشراك القوى الوطنية والديمقراطية في المحادثات حول التنظيم السياسي الموحد بشكل مباشر، وفي ظل أجواء طبيعية من الممارسات الديمقراطية.

3- إشراك الأحزاب والمنظمات والشخصيات الحية والديمقراطية في عملية المحادثات حول الوحدة إلى جانب الحزب الاشتراكي اليمني والجناح الوطني والليبرالي في المؤتمر الشعبي العام، واستبعاد القوى السلفية المتطرفة منه، لأن منهجها وسياساتها تتناقضان جذرياً مع مبادئ وأهداف ثورتي 26 سبتمبر و14 أكتوبر ولأنها تمثل القوى والمصالح السابقة لقيام الثورة اليمنية. ويمكن لهذه الاحزاب والقوى والشخصيات الوطنية والإبداعية في الشطرين، ان تشكل لجنة تحضيرية وطنية تعد لعقد مؤتمر وطني عام حول الوحدة..

4- اشراك ممثلي الرأسمال الوطني الخاص من رجال الأعمال والصناعيين والتجار في المؤتمر سواء عن طريق حزبهم السياسي إذا وجد، أو بأية طريقة أخرى، يقبلون بها لاختيار ممثليهم، واشراكهم في عملية التحضير لإقامة دولة الوحدة، خصوصاً وقد أفضى الإصلاح السياسي والاقتصادي الشامل في الجنوب إلى تجاوز السياسات السابقة، حيال الرأسمال الوطني وصار مسموحاً له المشاركة في العمل والاستثمار."

وفي هذا النص لا يزال جار الله عمر يسلك طريقه التدرجي نحو الديمقراطية والقبول بالآخر بصورة تدرجية، فهو يستبعد القوى السلفية المتطرفة – حسب تعبيره – من الحوار لتشكيل لجنة تحضيرية وطنية تعد لعقد مؤتمر وطني عام حول الوحدة، ولكن بعد أن تزحزح خطابه إلى الأمام بدعوته إلى إشراك ممثلي البورجوازية في الحوار والمؤتمر. وسنرى لاحقاً كيف سيصبح المؤتمر القومي الإسلامي الذي يضم شخصيات قومية وإسلامية تشترك في قبولها بالتعددية في النظام السياسي وبالديمقراطية الليبرالية التمثيلية أسلوباً لممارسة الحكم وتداول السلطة، نموذج التحول الكبير في فكر جار الله عمر والذي سيتضح تماماً بعد حرب العام 1994.

 وربما كان الفرق بين السلطتين في الشمال والجنوب هو ما ساعد جار الله عمر إلى أن يخطو الخطوة الأكبر نحو إشراك الآخر المختلف، أياً كان، في العملية السياسية وهو فرق بين السلطتين يتلخص في أن أن إحداها سلطة مطلقة تعي طبيعتها، وأن الأخرى سلطة توتاليتارية تخبئ طبيعتها خلف عبارات مثل الجماهير والعمال والفلاحين والكادحين. ولكن وعلى الرغم من مناداة جار الله عمر بفترة انتقالية تصل إلى خمس سنوات قبل تحقيق الوحدة الاندماجية فإنه لم يحذر بما يكفي من طبيعة النظام في الشمال ومن ثم لم يطرح إمكانية إقامة وحدة كونفيديرالية كمرحلة أولى قبل الدخول إلى الوحدة الاندماجية.

 

لم أتمكن حتى الآن من الكف عن التساؤل عن الكيفية التي تم بها توليد – العملية الوحدوية – أثناء هزيمة الفلسفة السياسية الكلاسيكية للنظام في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، بحيث تم إنجازها وفق شروط أشبه ما تكون بالمغامرة. وهي التي كان يفترض أن تكون مشروعاً عقلانياً ومعقولاً بدلاً من الطابع المغامر الذي اكتسته. فالفلسفة السياسية التي كانت سائدة حتى انكسارالاتحاد السوفييتي ومعه المعسكر الشرقي كانت قادرة على تحليل النظم المحيطة بها بصورة ناجحة. ومن الواضح أن التغيير لم يحدث في تلك النظم المحيطة، وإنما في النظام في الجنوب كنتيجة مباشرة لأحداث يناير المروعة. فهل كان التغيير من العمق والشدة بحيث أدى إلى تغيير القناعات التي ولدتها التحليلات الأقدم؟ أم أن – (المغامرة) الوحدوية – كانت قفزة إلى الأمام، أو بالأحرى هروباً إلى الأمام كما وصفها الرئيس علي عبد الله صالح غير مرة؟ وفي هذا المجال يبدو الخيارالفلسطيني ومغامرته في أوسلو – التي كانت عملية هروب حقيقية إلى الأمام – في ظل المواقف العربية المعادية، مالكا لمبررات أكثر صدقية من الخيار الجنوبي اليمني. ووجه الشبه بين الحالتين أن التحليلات الكثيرة التي شخصت النظام الصهيوني قد تم القفز عليها مرة واحدة بنفس القدر الذي تم فيه القفز هنا على التحليلات السابقة لطبيعة النظام في الجمهورية العربية اليمنية.

إن هذا الانفصال بين الفكر والتطبيق ربما كان راجعاً إلى أن المفكرين يتناولون الشأن السياسي وفقاً لأسس معيارية، بينما يمارس السياسيون السياسة بشكل تجريبي، وغالباً ما ينزلقون إلى الذرائعية (البراجماتية). ويزداد هذا الافتراق بين النظرية أو الفكر وبين التطبيق في الأنظمة السياسية التي لا ترتكز على الانفتاح على الآخر. وسيكون من المفيد أن تقوم قيادات الحزب الاشتراكي بشرح وافٍ وضاف للظروف التي صاحبت الاندفاع إلى تحقيق الوحدة الاندماجية – دون أن يأخذوا بالاعتبار تحليلاتهم السابقة والتي كانت لا تزال صحيحة عشية الوحدة – حول طبيعة النظام في الشمال.

 

في النص الثالث يطرح جار الله عمر، بعد المصاعب التي اعترت مسيرة الوحدة، وقبل أشهر قليلة من اندلاع حرب العام 1994، مخاوف كثيرة مما يحتمل أن تنجر إليه اليمن في حالة قيام الحرب، وهي مخاوف مبررة ومفهومة ولكنها من جهة أخرى تجاهلت سؤال "ما العمل؟" الشهير فيما إذا اندلعت الحرب. لقد أظهرت الحرب إلى أي حدٍ كانت فكرتها غائبة عن أذهان قادة الحزب الاشتراكي بحيث بدت جاهزيتهم لها معدومة تقريباً، ما عدا بعض الخطوات المتسرعة التي اتخذت على عجل بعد بداية الحرب فعلاً.

وعلى أي حال وكما يقول كارناب "لا يوجد في العالم إلا ظواهر تظهر بشكل مباشر أو غير مباشر للتجربة وعليه فإن الاقتراح العلمي لا يمكن أن يقبل، إلا إذا شرع بعلاقة دقيقة مع ملاحظات ممكنة."

ولكن المعرفة من جهة أخرى تستعمل التعميمات والنظريات ولا تمتلك أبداً أشياء معادلة لها واقعية في العالم التجريبي. وإلى ذلك فإن الأحكام القيمية والمعيارية ليس لها قيمة معرفية، فالاستنتاجات النظرية تحتاج دائماً إلى مجابهتها بالتجربة.

ويوجد خطأ كامن لدى الذين يرغبون في تصور النظام السياسي بشكل منعزل عن طبيعة القوى الاجتماعية وهو ما يقود إلى فشل النظرية والتطبيق معاً، فمهما بلغ المرء من عبقرية فلن يستطيع إلا قراءة المسارات والاتجاهات العامة للتطور التاريخي وبقدر قليل من التوفيق. وسيظل عاجزاً تماماً عن التحديد الملموس للأحداث المستقبلية. ففي مسار تطور الأحداث هناك دائماً عدد لا نهائي من الممكنات. فقد يؤدي نجاح أو فشل عملية اغتيال ضد رجل دولة إلى تغيير التاريخ. فلا صحة أبداً إذن للاعتقاد بإمكانية عقل أو إدراك تطور المجتمع من خلال صيرورة ضرورية تتجسد في التاريخ.

ومع ذلك كله، وافتراض صحته، فإنه لابد من التأكيد على أن التجربة الإنسانية كلها قائمة في الماضي، ذلك أن الحاضر لا يستمر إلا لحظة تكفي بالكاد للانتباه له. وحتى المعرفة التجريبية تتحول إلى ماض ما أن يتم إنجازها. ومن هذا الخزان المعرفي يستمد الإنسان عناصر تساعده على استشراف المستقبل. ولذلك فإن هناك إمكانية لا بأس بها لعقل وإدراك تطور المجتمع والأحداث إذا كانت العناصر التي صنعت نتيجة ما في الماضي ماثلة الآن ولها امتداداتها في المستقبل. إنها بمعنى من المعاني معرفة تجريبية.

يقول جار الله عمر في الوثيقة التي جاءت تحت عنوان (وطن أو لا وطن):

"بعض المقترحات في الجانب السياسي

أولاً: الموافقة على المقترحات التي تقدم بها الإخوان أبو بكر العطاس والدكتور ياسين سعيد نعمان، وتحويلها إلى برنامج عمل يومي، وأن يشتق من مجموع الأوراق المعروضة على المكتب السياسي جملة من المبادرات السياسية المحددة التي تغطي كل ما يتعلق بتنفيذ وثيقة العهد والاتفاق للأشهر الستة القادمة، وتتضمن بديلي الحد الأدنى والأعلى. والتأكيد من جديد على أهمية القبول بمقترحات الحل السط التي تتقدم بها المعارضة حينما تصعب المفاوضات...

ثانياً: إعادة تصحيح الخلل الذي شاب خطابنا السياسي الإعلامي في الآونة الأخيرة بهدف تصليب وحدة الحزب الداخلية والحفاظ على تحالفاتنا السياسية، وتوسيعها، وضمان استمرارية التعاطف الخارجي الذي حظي به الحزب طوال فترة الأزمة وذلك عن طريق إخراج قضية الوحدة ووثيقة العهد والاتفاق من منطقة الخلاف بيننا وبين المؤتمر، وحصر المعركة السياسية في القضايا الإجرائية والقانونية والإدارية التي تتعلق بتنفيذ الوثيقة بما في ذلك قضية الأمن التي يدرك الجميع بأن المؤتمر الشعبي لن يفي بها، إلا في حدود معينة.. كما يتعين علينا القبل مؤقتاً بخطوات التنفيذ الجزئية التي من شأنها ولا شك أن تفتح الأبواب للتنفيذ الكامل في نهاية المطاف، لان كل تنفيذ مهما كان محدوداً سيخلق ظروفاً تساعد على تحقيق خطوات أكثر جذرية وتكاملاً، والاستفادة من كل التباينات التي قد تنشأ في أوساط الطرف الآخر عن طريق إبداء قدر أكبر من التفاهم والمرونة مع عناصره.

ثالثاً: ولما كانت الخطوات الإعلامية والسياسية التي قام بها الطرف الآخر لاضعاف عملية الاعتصامات الشعبية بإنشاء لجان الدفاع عن الوحدة المقابلة لها، قد أفلحت بعض الشيء في إحداث انقسام بين صفوف المواطنين، فغن من المتوقع أ، يواصل اتباع نفس الأساليب للتشويش على عملية تنفيذ الوثيقة، بهدف خلق حالة من التشويش الاضطراب في أذهان الناس حول الجانب الذي يتحمل مسؤولية عرقلة التنفيذ دون سواه.. ولذلك يتعين على الحزب أن يشرع من الآن في تنسيق خطواته مع المعارضة ولو في حدود معينة، بهدف الاتفاق على القيام بأعمال شعبية سلمية مشتركة في الأوساط الشعبية، والمنظمات الجماهيرية، والقبلية، وكذلك في البرلمان وبين أوساط علماء الدين بما فيذلك المبادرة إلى دعوة الشيخ سنان أبو لحوم العميد مجاهد أبو شوارب للعودة إلى العمل ضمن لجنة الحوار."

ويختم جار الله عمر هذه البنود في الجانب السياسي ببعض المقترحات العملية التي تستهدف تقوية قدرات الحزب على مقاومة عمليات الاغتيال السياسي في المحافظات الشمالية ومحافظتي شبوة وأبين فيقول:

"ولا بد في نهاية المطاف من التوصل إلى حلول وسط في هذا الشأن بما في ذلك استصدار قرارات رسمية بإعادة تعيين بعض عناصر الحزب القيادية في المحافظات وإدارات الأمن على صعيد المحافظات الشمالية، والمشاركة في إدارة محافظة شبوة وقيادة الشرطة فيها وكذا في محافظة أبين."

ثم يواصل قائلاً:

"سابعاً: مقابل اتباع الحزب للمرونة وسياسة النفس الطويل فيما يتعلق بالقضية الأمنية عن طريق القبول بالتدرج والحلول الوسط، والعودة المتدرجة للكادر إلى صنعاء والمشاركة في اجتماع الهيئات يتعين وضع قائمة من المطالب التي يتعين الحصول عليها من الطرف الآخر، كما سبق طرحها على المكتب السياسي.. بما في ذلك استصدار قرار جمهوري بجعل عدن عاصمة شتوية، وتكليف الحكومة بتوفير المستلزمات التي تجعلها صالحة لأداء دورها كعاصمة، ابتداءً من اكتوبر القادم، لما لذلك من أهمية وتأثير على التوازن السياسي والاجتماعي، وتكريماً لعدن وتشريفاً للدور الكفاحي لأبنائها."

وفي مقترحاته في الجانب الحزبي في نفس المقالة نجد ما يؤيد بوضوح ما ذهبنا إليه من أن سؤال "ما العمل؟" لم يكن مطروحاً بصورة واضحة ففيما عدا الدعوة إلى تقوية صفوف الحزب وزيادة تماسكه وإعادة المفصولين منه إلى صفوفه، يظهر البند الخامس من المقترحات أن الحزب لم يكن مستعداً أبداً لما سيكون. يقول جار الله عمر:

"بعض المقترحات في الجانب الحزبي

1- لقد شكل القرار الذي اتخذه المكتب السياسي لإعادة بعض أعضائه القياديين وغيرهم، الذين انقطعوا عن ممارسة دورهم في صفوفه، وما سبقه من حوارات بناءة، شكل ذلك القرار خطوة عملية مهمة على طريق تنفيذ التوجهات الصائبة التي أقرتها اللجنة المركزية نم قبل وسيسهم ذلك ولا ريب في تعزيز وحدة الحزب وزيادة فاعليته بين أوساط الجماهير.

ولكي تكتسب هذه الإجراءات طابع الاستمرارية والمنهجية، ينبغي أن يتواصل الحوار مع الآخرين بصرف النظر عن طبيعة العلاقة مع المؤتمر الشعب العام، وأن يُعلم بأن هذه السياسة ثابتة، ولمتملها الظروف الراهنة على الحزب، نخرجها من نطاق الفعل ورد الفعل المتوقع من قبله ضد أعضاء الحزب في المحافظات الشمالية، والضغط عليهم لأخذ مواقف معينة.

2- يتوجب على المكتب السياسي أن يقدم إلى اللجنة المركزية مقترحاً بإلغاء قرارات الفصل والطرد السابقة، وأن يظل الباب مفتوحاً لكل من يريد استعادة وضعه السابق بصوة طوعية، ومواصلة التعامل الطبيعي مع أولئك الذين لا يرغبون في العودة إلى الحزب على اعتبار أن ذلك حق لهم، وأن العودة إلى الحزب كالانتماء إليه، عملية حرة وطوعية."

وفي البند الخامس من المقترحات حول الجانب الحزبي يشير جار الله عمر إلى انعدام خطة واضحة لمجابهة إمكانية إعلان الحرب فيقول:

5- "على صعيد عمل هيئات الحزب القيادية.. في ظل الأزمة الراهنة والسبل التنظيمية والإدارية التي يتعين على الحزب اتباعها لمواجهة الحالة الاستثنائية الراهنة التي فرضتها الضرورة الأمنية، والحاجة إلى اتخاذ قرارات سياسية سريعة من ناحية وإضفاء الطابع الشامل على عمل الحزب التنظيمي، وتوفير الديمقراطية والمشاركة في عل الهيئات من ناحية أخرى، نقترح دعوة اللجنة المركزية والهيئة البرلمانية وسكرتاريات منظمات الحزب لعقد دورة استثنائية لمناقشة الأوضاع السياسية الراهنة والقضايا التنظيمية العاجلة والخروج بموقف واضح وموحد تجاه جميع القضايا محل النقاش ويكون ذلك بمثابة تدشين العمل الحزبي السياسي في المرحلة الجديدة باستراتيجية وأفق واضحين.."

ثم يختم بإصرار على استبعاد الانجرار إلى الحرب بشكل يكاد يكون مطلقاً ليقول:

"أيها الأخوة..

وفي الأخير على الحزب الاشتراكي اليمني أن يدرك أن الخيارات تضيق أكثر فأكثر والوقت يمضي بسرعة فائقة.. ودون شك فإن قسماً من الطرف الآخر غير مهتم بما سيكون عليه حال اليمن طالما وأنه يستطيع الإبقاء على مصالحه مهما كانت النتائج.. ولابد للحزب الاشتراكي اليمني أن يسمو فوق الجراح ويتجاوز بإصرار واعٍ جميع الاستفزازات والتخلي عن مجرد القيام بدور (الادعاء العام) حيال المشاكل التي يعاني منها الوطن والمسؤولين عنه، والانخراط مباشرة في الحل السياسي بصورة فاعلة وبمسؤولية كاملة تجاه مستقبل الشعب ومصير الوطن."

أتاحت ظروف ما بعد الحرب لجار الله عمر الإفصاح عن موقفه كاملاً فيما يتعلق بطبيعة العمل السياسي والممارسة السياسية في مجتمع ديمقراطي تعددي وكانت بداية لمسيرةٍ مظفرة أدت إلى قيام اللقاء المشترك الذي يعتبر جار الله عمر مهندسه الحقيقي والذي قاد لأول مرة في العالم العربي إلى تحالف سياسي بين اليسار والحركتين القومية والإسلامية على قاعدة الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة. ويظهر ذلك بوضوح في نصه الرابع والأخير المعنون (المصالحة في سبيل الديمقراطية والبناء – الأبعاد والضرورات المحلية للمصالحة في اليمن) فيقول في بنود نرى اليوم تحققها على أرض الواقع بدءاً بالبرنامج الشامل للإصلاح السياسي الذي أصدره اللقاء المشترك:

"أولاً: الاتفاق على برنامج شامل وتفصيلي للإصلاح السياسي بما يكفل تطبيق المبادئ السابقة وتطوير النظام السياسي على أسس جديدة وإزالة جميع المعوقات التي برزت خلال تجربة الأعوام الماضية وإعطاء الوقت الكافي لمناقشة كافة التفاصيل المتصلة بالتداول السلمي للسلطة والأسباب الحقيقية التي تعيق تطبيق ذلك الشعار الذي يتم ترديده من قبل الجميع باستمرار، فمن المستحيل تصديق أي ادعاء بوجود ديمقراطية حقيقية. دون التطبيق الفعلي لمبدأ التداول السلمي للسلطة. بيد أن تحقيق ذلك مرتبط أشد الارتباط بتوفير جملة من الشروط الإجراءات الأخرى أبرزها ما يلي:

(‌أ) الفصل التام بين الدولة بوصفها كياناً وطنياً عاماً وبين المؤتمر الشعبي العام باعتباره حزباً سياسياً مثل سائر الأحزاب الأخرى له ما لها وعليه ما عليها.

(‌ب) إبعاد القوات المسلحة عن الانشغال بالشئون الحزبية والسياسية وسائر القضايا المدنية بصورة تامة. وتحويلها إلى مؤسسات محترفة تؤدي مهماتها بناءً على الدستور والقانون.

(‌ج) العمل على تحييد أجهزة الدولة المركزية والمحلية وتحريم استخدام المال العام والوظيفة العامة. والالتزامات الخدمية التي تقدمها الدولة للمواطنين لتحقيق مزايا سياسية لأي حزب كان ووضع نظام خاص لإدارة الإعلام الرسمي، وتوجيه سياساته العامة بما يضمن حياده الكلي بين مختلف القوى والتيارات السياسية والحزبية، خصوصاً أثناء المعارك الانتخابية باعتباره مؤسسة وطنية ممولة من المال العام.

(‌د) إصدار القوانين اللازمة لإقامة منظمات المجتمع المدني بطريقة حرة ومستقلة. ومنع أي تدخل أو هيمنة عليها بأي شكل كان وتغيير القوانين الانتخابية وقانون شئون الأحزاب بما يلبي الحاجة إلى نظام حزبي متعدد غير مقيد. والحيلولة دون احتكار البرلمان من قبل اتجاهات سياسية بعينها. والأخذ بنظام القائمة النسبية الذي يتيح لكل التيارات السياسية والاجتماعية فرصة الوصول إلى البرلمان. وبفتح الباب واسعاً للتنافس بين البرامج السياسية المختلفة بدلاً من الوجاهات وشراء الأصوات. الأمر الذي سيؤدي إلى تعزيز التلاحم الوطني ويضعف الروح الكيانية الصغيرة ويمهد الطريق لانتقال العمل السياسي في البلاد من الصراع إلى التنافس. ومن الاحتكار إلى التكافؤ والتواجد المتشرك، وبلوغ الشرعية الكاملة التي يكون الشعب فيها هو الحكم، ومصدر السلطة ومالكها قولاً وفعلاً.

(‌ه) إجراء انتخابات محلية حرة ونزيهة لإقامة نظام الحكم المحلي ذي الصلاحيات الواسعة.

(‌و) إلغاء قانون الأحزاب وحل لجنة شئون الأحزاب والتوقف عن ممارسة تفريخ وصناعة الأحزاب لما في ذلك من تشويه وإفساد للحياة السياسية وإطلاق حرية إنشاء التنظيمات والأحزاب السياسية، وترك الشعب ليقرر بحرية مصير ومستقبل كل الأحزاب والتيارات السياسية ومن الذي يستحق البقاء من عدمه. وبدون إصلاح سياسي كهذا، فإن الديمقراطية في اليمن ستظل مظهرية وذات طابع إجرائي ليس إلاَّ، يقصد بها مخاطبة الغرب وليس ممارسة الشعب لحقه في اختيار من يحكمه.

ثانياً: يفترض في أي مصالحة قادمة أن تتوخى استنباط الحلول الملائمة للقضايا التالية:

(1) إعلان جميع القوى الأحزاب السياسية والشخصيات الاجتماعية التزامها بتطبيق المبادئ الديمقراطية والتصدي لأي محاولة تستهدف العودة إلى الاستبداد ومعارضة كل الممارسات التي تنتقص من الحياة الديمقراطية وتؤجل تطبيقها في كافة جوانب حياتنا اليومية بما في ذلك الحياة الداخلية للأحزاب السياسية وفي المجتمع والأسرة والمدرسة وعدم الترويج لبعض المظاهر السلبية مثل ظاهرة السلاح، وإدانة استخدام القوة بين اليمنيين لأي غاية كانت أو تبرير ذلك بأي شكل.

(2) التوافق على الملامح الرئيسية لخطاب سياسي وإعلامي جديد، يتسم بالعقلانية والتسامح والموضوعية في التناول، والدعوة إلى إشاعة قيم الإخاء والتسامح وحب العمل والتخلي عن المفردات المعيبة التي سبقت الإشارة إليها، وتغيير الخطاب الإعلامي الرسمي والحزبي بما يجسد الوحدة الوطنية.

(3) العمل على إعادة النظر في مناهج التربية والتعليم بصورة شاملة وإعادة قراءة التاريخ اليمني وكتابته على قاعدة الموضوعية واحترام الحقيقة بما يلبي حاجة الأجيال الجديدة للتزود بالمعارف والقيم الخيرة، ونبذ الخرافات، وعدم تمجيد الحروب وأعمال الثأر وكل ماله صلة بثقافة الحرب الأهلية التي تتجلى مظاهرها الأكثر سوءً أثناء الأزمات والصراعات العنيفة. إذ لا يمكن ضمان التخلي عن عادة ممارسة العنف في حياتنا السياسية والاجتماعية بدون قطيعة عقلية ووجدانية كاملة مع تللك الثقافات التي تمخضت عن الحروب التي جرت قبل الآن.

(4) العمل على معالجة بعض الظواهر الاجتماعية بطريقة إيجابية كالمناطقية مثلاً التي تعد ظاهرة طبيعية متكررة في كل بلدان العالم من خلال استيعاب أسبابها الحقيقية ومعالجتها بصورة بناءة دون إهمال أو مبالغة. وعلى سبيل المثال هناك قدر من الحساسيات المكتومة بين بعض مناطق اليمن التي يقل فيها التعليم والانتاج، وتحترف حمل السلاح، وتقع في الشمال والوسط وبين بعض المناطق الأخرى التي ترتفع فيها نسبة التعليم والانتاج وتقل مشاركتها في المؤسسات الرسمية وتقع في السهول غالباً، ويمكن معالجة هذه الظاهرة عن طريق رفع مستوى التعليم وثقافة العمل في الأولى، زيادة مشاركة الثانية في المؤسسات الرسمية الحكومية، وتحويل الفوارق بين المنطقتين باتجاه إيجابي عن طريق خلق روح التنافس الطبيعي. من خلال الإشادة بالنموذج الأفضل ودفع المناطق الأخرى الأقل نمواً وتعليماً للاقتداء بالمثل الذي تقدمه المناطق الأكثر تقدماً وبدون أي حساسيات، فليس هناك ما يمنع أو يضر بوحدة الوطن إذا نحن تحدثنا عن مناطق مثل حضرموت والحجرية وعدن بطريقة متميزة وإبرازها بوصفها نموذجاً ومثلاً أعلى في مستوى التعليم والإنتاج وحب العمل والانصياع للقانون وفي النسبة المتدنية لأعمال العنف ومن خلال النجاحات البارزة لبعض رجال الأعمال من أبنائها.

(5) إعادة الكوادر المدنية والعسكرية والأمنية ما دون المناصب السياسية إلى وظائفها وفقاً للقانون وشروط الخدمة وتأكيداً لإبعاد الوظيفة العامة عن الاستخدام في الصراع السياسي وعدم توظيفها للتوسع الحزبي أو لإرغام الآخرين على التخلي عن قناعاتهم الفكرية واختياراتهم السياسية والحزبية.

(6) إلغاء جميع الاجراءات الاستثنائية التي ارتبطت بالحرب.

(7) الكف عن ممارسات الاعتقالات لأسباب سياسية وبدون أوامر قضائية تستند إلى الدستور والقوانين النافذة ومنع أعمال التعذيب التي تجري في المعتقلات بهدف الحصول على المال أو انتزاع الاعترافات ويجب إجراء تحقيق علني في صحة المعلومات عن الوفيات تحت التعذيب خصوصاً باكثير والزبيدي والشيباني ومحاكمة المتسببين في ذلك وتعويض الضحايا وأسرهم في حالة ثبوت ذلك.

(8) الالتزام بتطبيق قرار العفو العام.

(9) تعويض الممتلكات التي تضررت جراء الصراعات السابقة ووضع خطط عملية لإعادة بناء ما دمرته الحرب الأخيرة عام 1994م.

(10) الكف عن عسكرة المناطق وعدم تدخل القوات المسلحة في الشئون المدنية وفي صلاحيات المحافظين وبقية الإدارات المدنية، والشئون الداخلية للأحزاب والاهتمام بأسر الشهداء وجرحى الحرب. وصرف مرتباتهم وإحاطة أسرهم بالرعاية وفقاً للقانون.

(11) إيقاف أية ممارسات تحد من حرية النشاط السياسي والصحفي والنقابي والاجتماعي ورفع الحظر عن مقرات وممتلكات الأحزاب والنقابات وإعادة أرصدتها المالية.

(12) حل المشاكل المرتبطة بالمنازل في عدن والمحافظات الجنوبية والشرقية وإعادتها أو التعويض عنها بناءً على قرار مجلس الرئاسة رقم (382) لسنة 1991م بشأن الاتجاهات العامة للمعالجة الشاملة لقضايا الإسكان في المحافظات الجنوبية والشرقية.

(13) إلغاء الأحكام التي صدرت بحق قائمة الـ16 وتشجيع جميع اليمنيين الذين دفعت بهم الأحداث للنزوح إلى الخارج على العودة إلى بلادهم، بدون استثناء وإعادة ممتلكاتهم أو التعويض عنها.

ولا يكفي القول بأن الباب مفتوح لكل من يرغب بالعودة إذ لابد من إصدار توجيهات علنية من قبل أعلى المستويات وإلزام كل مؤسسات الدولة بتنفيذها ومنعها من ممارسة الازدواجية في التعامل مع العائدين كما حصل من قبل تجاه الذين سمح بعودتهم ثم احيطوا بسلسلة من الاجراءات والوسائل التي استهدفت مضايقتهم وارغامهم على الانكفاء أو الهجرة من جديد مثل وضعهم تحت المراقبة البوليسية والتنصت على هواتفهم وعزلهم اجتماعياً بتخويف الناس من الجلوس معهم حتى في مجالس القات، ناهيك عن التضييق الوظيفي والمعيشي ومواصلة وصفهم بنفس النعوت والاتهامات المعتادة ومصادرة حقهم في التعبير عن الرأي.

(14) عقد مؤتمر قبلي وسياسي وحقوقي يصادق على وثيقة إنهاء الثأر وإلغاء المواخاة ومنع تقديم الحماية للجناة بعد حل كل مشاكل الماضي ووضع جدول زمني لتطبيق الشرع والقانون ومعاقبة كل من يحاول ممارسة أعمال الثأر بعد ذلك والتزام مسئولي الأحزاب وقادة الرأي العام وموظفي الدولة بتغيير موقفهم من قضية الثأر الذي يوحي وكأنها مشروعة وبديهية والنظر إليها ابتداءً من الآن بوصفها جريمة قتل يعاقب عليها القانون وعادة جاهلية، على أن تلتزم المحاكم وأجهزة الضبط المختلفة بعدم التطويل في المقاضاة أو الإهمال في إجراءات القبض على مرتكبي جرائم القتل التي تعد واحدة من بواعث الثأر كرد فعل على انعدام العدالة.

(15) إتاحة المجال لمؤسسات الدولة لممارسة وظائفها في تطبيق النظام والقانون، بصورة مستقلة عن الأعراف والتقاليد القبلية وإقرار أسبقية إعمال النصوص الشرعية والقانونية على العرف خصوصاً في المناطق والمدن والنواحي التي تتواجد فيها مؤسسات الدولة الإدارية والقضائية دون أن يعني ذلك منع أي تصالح طوعي محلي بين المتخاصمين فذلك أمر مشروع (والصلح خير).

(16) التداول في الأسباب التي حالت دون تطبيق النصوص الدستورية والقوانين التي يجري سنها على جميع المواطنين بصورة غير انتقائية، واستمرار الازدواجية بين الشرعية الثورية والشرعية الدستورية..."

إن كلمات جار الله عمر هذه ستظل ولوقت طويل البرنامج السياسي والاجتماعي المطلوب للإصلاح الجذري والفاعل في الساحة اليمنية وتشكل في مجموعها وثيقة في غاية الأهمية وذات طابع تاريخي ستكون لها بصماتها الواضحة على مستقبل اليمن وعلى العمل السياسي والاجتماعي في ربوعه ولوقت طويلٍ قادم.