صراعات الداخل انتقلت لطلابنا في الجزائر!!
بقلم/ د. محمد حسين النظاري
نشر منذ: 11 سنة و 10 أشهر و 20 يوماً
الخميس 03 يناير-كانون الثاني 2013 12:05 ص
  

على وزن المحاكاة التي تحدث في دولنا العربية الشعب يريد، الشعب قرر، الشعب اعتصم، الشعب يريد ترحيل هذا أو ذاك.. يتكرر المشهد من جديد للطلاب الدارسين في خارج الوطن، فجميع الطلاب لهم مشاكل –ينبغي التعاطي معها وحلها- وبالتأكيد نقر بوجود مشاكل واختلالات في بعض سفاراتنا وملحقياتنا الثقافية، ولكن هل من المعقول اختزال كافة الطلاب الدارسين في دولة بعينها على مجموعة طلاب؟ يهدفون لأغراض شخصية في إسقاط الملحق أو ترحيل السفير.

الذي يسمع عن طلابنا في الجزائر من وسائل الإعلام المختلفة سيخرج بحصيلة واحدة مفادها أنهم معتصمون منذ ما يقارب الأربع سنوات، أي منذ تعيين الملحق الأستاذ رشاد شائع، ومن الصدف ان فترة تعيينه في الملحقية تزامنت مع دخولي للجزائر لتحضير الدكتوراه في 30 أكتوبر 2008م، وحتى خروجي منها في 11 سبتمبر 2012م بعد حصولي على الدكتوراه.. ثلاث سنوات وبضعة أشهر قضيتها في ذلك البلد المضياف، ومنذ وصولي تعرفت على طلاب في الماجستير والدكتوراه لهم من أربع سنوات، ويوم تخرجي غادرت الجزائر وهم ما زالوا في الدراسة أي 4 سنوات بالإضافة ل3 سنوات وبضعة أشهر، ومع هذا نجدهم اول من يضربون ويعتصمون وينادون بالرحيل لغيرهم من ان رحيلهم عن الجزائر بعد ان أثقلوا كاهل الدولة بمنح كان أولى بها غيرهم من الطلاب.

أنا هنا لا أدافع عن الملحق أو السفير –مع احترامي لشخصهما – وهو نفس الاحترام الذي أكنه لكافة الطلاب الدارسين بالجزائر.. وكنت قد كتبت أثناء دراستي وناشدت الوزراء المتعاقبين على التعليم العالي سرعة المجيء للجزائر للتعرف على هموم الطلاب وحل مشاكلهم، وناديت بمحاسبة الملحق ومعاونيه في حال ثبت تورطهم بمخالفات، بالمقابل إنهاء ابتعاث الطلاب الذي لهم أضعاف الفترة التي قضاها الملحق نفسه، لأن المشاكل عادة لا تأتي إلا عبر أناس لا يشغلون أنفسهم بالتعليم بل بأمور أخرى.

العجيب ان من بين من ينادون برحيل السفير والملحق طلاب اعرفهم حق المعرفة كان يسبحون بحمدهم ويهللون لهم، ولكن ما ان تعارضت مصالحهم بدأ الهجوم في ابتزاز ينم عن أن الذي يقوم بهذا العمل ليسوا طلاب حقيقيون أتوا لتحصيل العلم فقط، وليس لتشكيل فروع أحزاب ومنظمات ورابطات واتحادات، لا يستفيد منها الطلاب في شيء سوى المرتبطون المباشرون بتلك الهيئات.

العمل الحزبي يجب ان يرتبط بالداخل، أما ان ننقل مساوئنا الحزبية إلى خارج البلاد فتلك هي المصيبة التي يعاني منها الطلاب غير المتحزبين، وقد كانت نقطة الخلاف الدائمة بيني وبينهم ان الحزبية والانتماء اليها ينبغي ان نتركه عند سلم الطائرة.

كثرت المذكرات التي يقال ان هيئة مكافحة الفساد قد أصدرتها بحق الملحق ومساعديه، وهذا ما نسمعه منذ عامين، فإذا كانت تلك الأوامر حقيقية فلماذا لا يتم تنفيذها والتحقيق بها لدى الجهات المختصة؟ أما ان يقال أنها صدرت منذ عامين، ولم تفعل فإن هذا الأمر يدخل في القلب الريبة والشك من صحة أقوال البعض في هذا الجانب.

اكره المناطقية وامقتها في الداخل فكيف بنا إذا تفشت وازكمت رائحتها النتة أنوفنا في الخارج، تحديداً هذا الذي يحدث، اما باسم المحافظات الشمالية أو الجنوبية، وإما بدواعي انا سيد وأنا أحق بالولاية من غيري، وإما بإسم هذا مع –الثورة وهذا ضدها-.. الغريب ان الذين يقولون ان السفير كان وما زال يقف مع الرئيس السابق تناسوا انه أول من قدم استقالته وأعلنها بعد جمعة الكرامة في قناة العربية، فكيف يضحك علينا البعض بأقاويل ينفيها الواقع، ولا تستقيم مع المنطق.. كما ان الذين يقولون بأن الملحق موالي للنظام السابق، وفي نفس الوقت يعمل لصالح الحراك.. أي منطق هذا الذي يريدنا البعض ان نصدقه.

كثرت الشكاوي ايضاً بخصم الملحق للشهر الذي يلي شهر ما بعد التخرج، وكنت من بين الذين تم القطع عليهم، وامتثلت للقانون، وعندما عدت ذهبت لوزارة المالية، ووجدت فعلاً ان القانون يقول بهذا، وان الملحق ملزم سنوياً برد الوفر إلى الوزارات والجامعات المعنية... صحيح ان القانون جائر وان الطالب يجب ان يتحصل على ربع إضافي لان يبقى يتابع أوراقه لأشهر بعد التخرج، ولكنه القانون الذي تستند إليه الملحقية، والذي ينبغي على الجهات المختصة تغييره مراعاة لظروف الطلاب.

يشتكي الطلاب من صعوبة التسجيل، ولكنهم بالمقابل لا يظهرون للآخرين ان نظام التعليم العالي في الجزائر قد تغير منذ ثلاث سنوات بحيث تم دمج الدبلوم والماجستير والدكتوراه في نظام واحد يسمى ال ام دي، والذي يتوجب على الطالب دراستها سوية، مع ضرورة حصوله على معدل عالٍ... وهذا النظام لا يخدم اطلاقاً طلابنا، والذين عليهم تغيير وجهتهم العلمية مع النظام المعمول به في بلادنا، لأنهم يواجهون مشاكل في المعادلة أثناء عودتهم لليمن، وطلابنا لا يبينون للعالم المتابع لقضيتهم ان الطلاب الجزائريين أنفسهم يعانون من النظام الجديد الذي جاء وبالاً عليهم.

قضية المعادلات الخاصة بطلابنا الدارسين بالجزائر تؤرق الطلاب، وكنت من بين الذين انتظروا عامين كاملين للحصول عليها، ولكن النظام الجزائري لا يمنحها إلا لمن تنطبق شهادات تخرجهم من اليمن او غيرها مع شهاداتهم، ولكن التقصير الحاصل من سفارتنا وملحقيتنا انهم لم يستطيعوا إقناع الجانب الجزائري ان يطبقوا هذا النظام على الطلاب الواصلين بعد صدوره... بحيث يتم معادلة الذين درسوا قبل ذلك، فلا يعقل ان توافق الجهات الجزائرية على دراسة طلابنا، ثم إذا ما أكمل احدهم الدكتوراه حجزوا شهادته لأنه لا يحمل معادلة، مع أن الخطأ ليس خطأ الطالب بل الجهة التي وافقت على ان يدرس فيها، وهنا نناشد الأخ المهندس هشام شرف وزير التعليم العالي على حل هذه المعضلة في أسرع وقت، فهي أهم من مسألة التسجيل ذاته، على اعتبار ان هؤلاء الطلاب قد تخرجوا وبقيت شهاداتهم بدون مصادقة وزارة التعليم العالي الجزائرية لعدم حصولهم على معادلات .

نرفض تماماً ان يهان الطالب اليمني في أي مكان، ولكننا ايضاً نرفض ان تصبح سفاراتنا مكاناً للاعتصام ومرتعاً للفوضى، فإذا كنا لا نرضى ابداً بأن يتدخل الأمن الأجنبي لإخراج طلابنا من سفاراتهم، فإننا نتمنى من الطلاب تقديس ذلك المكان لأنه قطعة من الوطن.. وأريد أحدكم ان يرشدني للحل، كيف ستتصرف اذا كنت مسئولا في إحدى السفارات واعتصم مجموعة من الناس في مكتبك، ومنعوك من ممارسة عملك، فإما ان تتركهم وتخرج وتقفل عليهم الباب خوفاً على الأوراق والأموال، وعندما ستتهم بأن قد سجنتهم، وإما ان تبلغ الخارجية اليمنية لتأذن لك بأن يتدخل الأمن لحراسة السفارة وتأمينها وإخلاءها من المعتصمين، وحينها ستكون في نظر البعض قد ارتكبت جريمة كبرى، فكيف ستتصرف أخي الفاضل ان كنت في ذلك الوضع؟.

كانت وما زالت تصلني رسائل عديدة عبر بريدي من الجزائر من كافة الأطراف، وقد وصلتني رسالة أخير ممهورة بتوقيعات طلاب يقولون أنهم من المناطق الجنوبية والشرقية، وأنهم يقفون الى جوار السفير والملحق، وان استهدافهم يتم وفق مناطقية مطلقة.. بين كل ما يأتينا من الجميع أجدني في حيرة من امري كيف ان البعد المناطقي انتقل من الداخل للخارج ليصنع صراعا خفياً في السابق، بدء يظهر الآن ليهدد وحدة صف الطلاب، فهل نبتعد عن كل ما يفرقنا خاصة ان التفرقة تغذيها الأحزاب، ليضيع الطلاب بينهم.

نطالب مجلس النواب سرعة إرسال لجنة مختصة من لجنته المختصة بالإضافة للوزارات المعنية، إلى الجزائر، لمعرفة ما يدور بها ومحاسبة الذين يتسببون في تشويه سمعة بلادنا سواء أكانت الملحقية، أو الطلاب، وبغير تلك اللجنة ستبقى الأمور مجرد ادعاءات تنشر في وسائل الإعلام المختلفة... واللجنة وحدها هي من ستطلع الرأي العام بمن هم الطلاب الحقيقيون الدارسون في الجزائر من الذين أصبحوا سفراء فوق العادة ويمثلون بوطننا بدل ان يمثلونه.. أتمنى ان يكون الانتقاد على ما ورد بنّاء عبر هذا موقعنا -مأرب برس- لا ان يكون كالعادة مليئا بالسب والشتم الذي يعبر عن شخصية قائله فقط.