إنهيار متواصل للعملة المحلية أمام الريال السعودي في عدن اليوم بقنابل وصورايخ خارقة للتحصينات… ضربة جوية قوية في قلب بيروت وترجيح إسرائيلي باغتيال الشبح عربيتان تفوزان بجوائز أدبية في الولايات المتحدة قوات كوريا الشمالية تدخل خط الموجهات والمعارك الطاحنة ضد أوكرانيا هجوم جوي يهز بيروت وإعلام إسرائيلي: يكشف عن المستهدف هو قيادي بارز في حزب للّـه مياة الأمطار تغرق شوارع عدن خفايا التحالفات القادمة بين ترامب والسعودية والإمارات لمواجهة الحوثيين في اليمن .. بنك الاهداف في أول تعليق له على لقاء حزب الإصلاح بعيدروس الزبيدي.. بن دغر يوجه رسائل عميقة لكل شركاء المرحلة ويدعو الى الابتعاد عن وهم التفرد وأطروحات الإقصاء الانتحار يتصاعد بشكل مخيف في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي.. طفل بعمر 14 عاما ينهي حياته شنقاً تقرير دولي مخيف....الإنذار المبكر يكشف أن اليمن تتصدر المركز الثاني عالميا في الإحتياج للمساعدات الإنسانية
عاد 11 فبراير هذه المرة في ظل غياب تعز التي لا ندري أين توارت هذه المرة ،حيث توزع دمها بين هذا وذاك وهنا وهناك لتعود إلى سباتها التاريخي الذي تحول هذه المرة إلى تيه غريب لا يليق أن يعقب ثورة كانت تعز ساحتها الكبرى.
في السنوات العجاف التي سبقت 2011 كان غياب تعز مفهوماً ، في ظل تسيد الإمام المكرفت والعائلة والقبيلة ، وما نتج عن هذا الاستيلاء على الدولة من نمو للنزعات المريضة في المحافظات الجنوبية وصعدة ، وغابت تعز لأنها لا تنهض إلا في ظل نهوض المشروع الوطني الجامع ، ولا يزهر وعيها إلا بقيامة اليمن ، وقد فعلت ذلك في انتفاضتها الكبرى أثناء الثورة الشعبية السلمية ، وكان ذلك تأكيداً للمنطق التاريخي الذي يحكم حركتها ، وتثبيتاً لطابعها الوطني المرتبط بالوطن اليمني الكبير نهوضاً وارتكاساً ، حيث رافقته إلى القمة في ستينيات وسبعينيات الثورة في شمال اليمن وجنوبه سياسةً وغناءً وأناشيد وطنية ومواقع متقدمة في كل ساحات الفعل الوطني ، وهبطت معه إلى القاع مع توحش القبيلي المتخلف الذي التهم اليمن واستباح تاريخها وأوصد الباب أمام تطورها ليفتحه أمام عائلته وعصبته الأقربين الذين تقاسموا اليمن أرضاً وإنساناً.
كل ذلك كان مفهوماً، غير أن عودة تعز إلى الشتات والدوخة التاريخية لا تستقيم مع ثورة شعبية سلمية خاضتها في كل تركيبتها السكانية وخاضتها في كل ساحات اليمن وليس فقط ساحتها الكبرى بمشاهدها البشرية الهائلة التي أعادت الأمل لكل اليمنيين.
في تعز اليوم نفر يخرج للاحتفال بيوم الولاية «الإمامة» التي وصمت أجداده بتهمة كفار التأويل وتعاملت معهم كعبيد ورعية واحتقرت ذواتهم ووجودهم وانتماءهم لهذه الأرض اليمنية التي كانوا ومازالوا صمغها ولاصقها ومدماك هويتها الوطنية وجوهرها.
الحوثي العنصري وتياره يمثلون بـ35 مقعداً ، بينما ساحة الثورة الكبرى تعز لا اعتبار لها في مؤتمر الحوار الوطني.
لو أن التمثيل في هذه الفعالية الوطنية تأسس كاملاً على أساس مدني يأخذ معاييره من الأحزاب والنقابات والمنظمات المدنية والفعاليات المهنية والقانونية لكان ذلك مقنعاً للجميع.
غير انه ثَبّت الانقسامات الوطنية الجزئية وقدمها كأطراف معنية : الحراك الجنوبي ، و50 % للجنوب ، وتمثيل للتيار الزيدي المذهبي العنصري ، وأغفل بقية الأطراف المعنية التي كان ينبغي أن تأخذ بالاعتبار طالما وقد انحرف المعيار في صعدة والجنوب.
أما إذا أخذت مدنية وسط اليمن « تعز / الحديدة / إب / ريمة / عتمة / حراز » وفسرت مدنيتهم ورفضهم الاصطفافات المناطقية والمذهبية والعنصرية والشطرية ، ونبذهم لاستخدام لغة السلاح ، فسّر ذلك كضعف يبرر تجاهلهم ،فذلك مؤشر مخيف لا يبشر بيمن جديد ولا بدولة مدنية ، بل بتغليب لمعايير التخلف والجهل والعصبية.
نعود إلى حالة التوهان وانعدام الوزن التي يعبث في ظلها بعض النفر المنتسبين لتعز ، وفي هذا الوادي نشاهد هؤلاء النفر المدوخين يروجون لتأييد تجزئة اليمن وتقسيمها إلى دويلات ، مجاراة للحراك الجنوني !!
ونتابع مواصلة اللوبي القديم معركتهم ضد تعز محولين التخفي هذه المرة خلف الاسم الذهبي للمحافظ والبيت التجاري المحترم ، اللوبي الذي لن يكون ممكناً نجاح المحافظ من دون تغييره ، فقد انتظر أبناء تعز سنوات طويلة من أجل التغيير وليس من أجل تثبيت الوضع القائم وشرعنته وإعادة غسيل اللوبي القديم.
لا يمكن فهم هذا الجنون ، لا من زاوية الانتماء الوطني ومعاييره ، ولا حتى من باب المصلحة الواقعية واستحقاقاتها.
فأبناء تعز لا وجود لهم من دون يمن ديمقراطي موحد ومستقر. وأبناء تعز لا مصلحة لهم في النزعات المريضة الشطرية والمذهبية العنصرية، ولا يجدون أنفسهم في القذارات الما قبل وطنية، وميدانهم الحقيقي هو العمل الشريف والمهني والكفاءة والعلم والتفوق.
يبقى أن نقول إن الانحرافات الصغيرة لبعض النفر في تعز باتجاه الحوثي والانفصال هي الاستثناءات التي تؤكد القاعدة الصلبة ؛ أن تعز هي المعادل الموضوعي للهوية اليمنية العظيمة ، وأن تعز هي صمغ اليمن ولاصق هويتها ، وأن اليمن العظيمة يمن أسعد الكامل والحضارات الكبرى ستنتصر في نهاية المطاف مهما كانت مرارة الواقع وجسامة التحديات.