سلاسل بشرية بمدينة مأرب تضامنا مع الشعب الفلسطيني ودعما لقطاع غزة - صور وزير الخارجية يستقبل الرحالة اليمني منير الدهمي بالرياض الضالع.. القوات المشتركة تدمر مرابض قناصه المليشيا وتحرز تقدما ميدانيا تفاصيل لقاء وزير الدفاع ومحافظ حضرموت باللجنة الأمنية بالمحافظة محكمة الجنائية الدولية تصدر أوامر اعتقال بحق نتنياهو وجالانت وتكشف عن أسبابها المنطقية عاجل: وزير الدفاع الأمريكي: سنعمل على انتزاع قدرات الحوثيين في اليمن مليشيا الحوثي تحول محافظة إب لقادتها ومشرفيها القادمين من صعدة وعمران عاجل:حريق هائل يلتهم هايبر شملان العاصمة صنعاء نقابة المعلمين اليمنيين تدين الاعتداء السافر على المعلمين في شبوة وتطالب بتحقيق عاجل ''أكد أنه لا أحد فوق القانون''.. أول مسئول كبير يحيله رئيس الحكومة للتحقيق بسبب قضايا فساد ومخالفات
- الدور الرئيسي الذي تلعبه السعودية منذ أكثر من عامين لمنع انزلاق اليمن في حرب أهلية وسعيها لانتشاله من أزمته الراهنة ومواقفها الرسمية المؤكدة على أمن واستقرار ووحدة اليمن، يفترض معه أن العلاقات بين البلدين تمر بأفضل حالاتها ،إلا أن ما يتعرض له المغترب اليمني في السعودية من إساءات و انتهاكات وترحيل قسري ،إضافة الى الأخبار المتواترة عن خروقات سعودية لاتفاقية جدة الحدودية ، كلها تطورات تشير إلى خلاف ذلك وتوحي بوجود أزمة غير معلنة بين البلدين او بالأصح تدل على وجود إشكالية مزمنة تحول دون تطور العلاقات بينهما .
- من اجل فهم الأحداث الأخيرة لابد من النظر إليها من منظور أوسع يشمل العلاقات بين اليمن والسعودية و التطورات الداخلية في كلا البلدين وفي المنطقة ومدى تأثيرها على العلاقات بينهما، وسأحاول إيضاح ذلك في عدة نقاط وكما يلي:
- أولا طريقة تعامل السلطات السعودية المهينة مع إخواننا المغتربين على أراضيها غالبا ما تستفز مشاعر اليمنيين بمختلف أطيافهم وانتماءاتهم لما فيها من قسوة وظلم وانتهاك لأبسط حقوق المغترب الإنسانية والمادية ،وقفزاً على وشائج القربي والدين والجوار والتاريخ المشترك .
- كما أن توجه الرياض الحالي لترحيل عشرات الالاف من اليمنيين فيه نكران وجحود للدور الكبير الذي لعبه المغترب اليمني في تشييد البنية التحتية للمملكة ،وإذا ما قارنا طريقة تعامل دول الخليج الأخرى كالإمارات او قطر سيما في الفترة الأخيرة يظهر لنا حجم الظلم والغبن الذي يتعرض له اليمني في السعودية، ومثل هذه الإجراءات تساهم في تعميق الشعور بالكراهية التلقائية في اللاوعي اليمني تجاه النظام السعودي،كما أن الحديث عن علاقات متميزة وحميمة في ظل هذا الوضع ليس سوى كلام في الهواء .
- وفي المقابل تمثل تصريحات وزير المغتربين في الأيام الماضية بشأن العراقيل التي واجهها تقريره المرفوع الى مجلس الوزراء قبل 6 أشهر، المتضمن جملة من التوقعات التي ستحدث وتؤثر على العمالة اليمنية الموجودة في السعودية، ومقترحات لمعالجة هذه المسائل ،تلاها عراقيل أخرى داخل المجلس لإقرار 9 نقاط تصحيحية لأوضاع المغتربين اليمنيين في المملكة كان قد بحثها القهالي مؤخرا مع الأمير أحمد بن عبدالعزيز وتجاوب الأخير معها، ،تمثل هذه التصريحات إدانة صريحة لحكومة باسندوة وتحملها مسئولية جزء كبير من معاناة المغتربين الحالية .
-لعل أسوأ ما في اتفاقية جدة الموقعة عام 2000م لترسيم الحدود بين البلدين عدم تضمينها فقرة تنص على معاملة الرياض لليمنيين العاملين على أراضيها كالسعوديين ،كما كان عليه الحال في اتفاقية الطائف ،واكتفى الوفد اليمني حينها بوعود شفهية من نظيرة السعودي بشأن ذلك .
- صحيح ان الإجراءات السعودية الأخيرة لا تستهدف العمالة اليمنية فقط وإنما تشمل جميع الجنسيات العاملة على أراضيها ممن لا تنطبق عليهم شروط قانون العمل المعدل ،إضافة إلى ان هذه التعديلات تأتي ضمن توجه الحكومة السعودية لمعالجة مشكلة البطالة المتصاعدة بين شبابها ،والحرص على الحيلولة دون تحولها الى أداة لوصول الربيع العربي إليها .
-إذ تعتبر هذه الإجراءات شأن سعودي داخلي وليس فيها أي انتهاك للاتفاقيات مع بلادنا ،لكن ذلك لا يغير من حقيقة أن المغترب اليمني سيكون الأكثر تضررا من هذه الإجراءات ،والتي ستؤثر سلبا على صورة المملكة في الشارع اليمني ،كما أنها تصب لمصلحة القوى المناهضة للسعودية داخل اليمن ،وهو ما يعني تقويضاً عملياً للجهود الايجابية التي تقوم بها القيادة السعودية لمساعدة بلادنا وإفشالا لسياستها المتبعة تجاه اليمن، وهو ما يثير التساؤل هل يعقل أن السعودية لا تدرك ذلك ؟.
- إدراك القيادة السعودية بذلك يجعلها مطالبة بالتدخل لوقف أي إجراءات قد تضر بمصالحها في بلادنا ،كما أن خصوصية العلاقات بين الشعبين والدور الكبير الذي تلعبه الجالية اليمنية في الاقتصاد السعودي ،يجعل من البديهي معاملتها للجالية اليمنية بشيء من التميز عن باقي الجاليات المتواجدة على أراضيها .
-أما بالنسبة للأخبار المتواترة عن استحداثات جديدة للسعودية على الحدود فان الرواية الرسمية اليمنية تدحض ذلك ، حيث أكد محافظ الجوف في تصريح له عدم وجود أي توغل سعودي في الأراضي اليمنية بناء على تقرير لجنة من الاستخبارات اليمنية والسلطات الأمنية زارت المناطق الحدودية ، مشيراً أن ما يحدث على الحدود هو قيام السلطات السعودية بمسح طريق ترابي واقع خلف علامات الترقيم من الجانب السعودي.
- يبدو أن هذا المسح هو مقدمة لاستئناف السلطات السعودية بناء سياج امني على الحدود كانت قد بدأت العمل فيه العام 2009م بهدف الحد من عمليات التسلل والتهريب، التي ارتفعت وتيرتها لدرجة ان بلادنا احتلت المرتبة الأولى عربيا قبل نحو عامين كترانزيت لتهريب السلاح والمخدرات الى الدول الأخرى طبعا اغلبها يذهب الى السعودية إضافة الى تزايد ظاهرة تهريب الأطفال والاتجار بالبشر من اليمن إلى السعودية .
- من الواضح ان السعودية وجدت نفسها مضطرة أمام هذه التطورات لبناء السياج الأمني في الجزء التابع لها من المنطقة المخصصة للرعي على الشريط الحدودي البالغة 20كم خاصة مع ضعف قدرة الحكومة اليمنية في ضبط حدودها بل وفقدانها السيطرة على غالبية تلك المناطق خلال العامين الماضيين ،كما أن حكومة باسندوة لم يصدر عنها أي تحرك ملموس لاستعادة السيطرة على الحدود وضبط الحركة فيها ،المهم أن الإجراء السعودي رغم أنه يعتبر انتهاكا لاتفاقية جدة الحدودية ،لكن الرياض في الواقع تقيم السياج الأمني على أراضيها.
- مما لاشك فيه أن أكثر المتضررين من السياج الحدودي هم مهربي السلاح والمخدرات والبشر ،والمرجح أن مثل هذه العمليات الكبيرة التي تدر على أصحابها ملايين الدولارات لا يمكن أن تتم من جانب واحد،وان هناك شركاء لهذه العصابات في الجانب الأخر من الحدود من أصحاب المال والنفوذ .
-يبدو أن لوبي التهريب على جانبي الحدود يلعبون دورا غير مباشرة في توتير العلاقات بين قيادات البلدين بهدف إفشال أي جهود أمنية مشتركة للحد من التهريب على الحدود وبصورة تذكرنا بدور لوبيات السلاح والنفط في الولايات المتحدة على صناعة القرار الأمريكي.
- رغم أن المعطيات السابقة تظهر ان ماتقوم به السعودية ليس بالصورة التي تحدثت عنها بعض وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي ،الا أن الواضح سعي قوى لاستغلال هذه التطورات لضرب العلاقات اليمنية السعودية عبر شن حملة إعلامية مكثفة ضد السعودية ،تقدم فيها صورة مضخمة وغير دقيقة للإجراءات السعودية على الحدود ،وكذا تستغل الخدمة التي وفرتها السلطات السعودية بتعاملها اللا انساني والمهين مع من تقوم بترحيلهم في حملتها لتأليب الشارع اليمني ضد النظام السعودي.
-اعتقد جازما ان دافع غالبية القوى المشاركة في الحملة على السعودية ليس نابع عن حرصها على السيادة اليمنية او تفاعلا مع معاناة والآم المغتربين بقدر ماهو استغلال لفرصة متاحة لتصفية حساباتهم مع النظام السعودي وخدمة لمصالحهم وأجنداتهم الخاصة.
- كانت وسائل الإعلام المحسوبة على الحوثي والحراك في مقدمة الوسائل الإعلامية المحرضة على السعودية ،وإذا كان من المتوقع استغلال إعلام الحوثي والبيض تلك التطورات لاستهداف السعودية بحكم حالة العداء معها ،ومحاولة للتأثير على علاقات صنعاء بالرياض ،الا أن الغريب في الأمر مشاركة وسائل إعلام محسوبة على الرئيس السابق في هذه الحملة التحريضية، وفي اعتقادي أن السبب راجع الى وجود إعلاميين موالين للحوثي ومتعاطفين مع الانفصال في تلك الوسائل.
- الأكثر غرابة من ذلك مشاركة بعض الوسائل المحسوبة على الإصلاح وعلي محسن في مهاجمة السعودية ،فأخبار اليوم مثلا نشرت الأسبوع الماضي تقريرا يتهم فيه السعودية بدعم الانفصال ، في حين تتصدر الصفحة الثانية لثورة التغيير في اليمن المحسوبة على الإصلاح قائمة الصفحات الإخبارية على الفيسبوك من حيث متابعة ونشر الأخبار الخاصة بالمغتربين والإساءات التي يتعرضون لها،كما شارك كتاب إصلاحيين كعلي الجرادي مثلا في الحملة ضد السعودية .
-في اعتقادي ان ذلك يأتي ضمن تداعيات توتر علاقات السعودية مع جماعة الإخوان المسلمين في اليمن ومصر ودول أخرى ،خاصة مع الدعم القطري الكبير الذي تقدمه الدوحة لقيادات الإخوان في الدول العربية بما فيهم إخوان اليمن ،وهناك حملة كبيرة في الإعلام السعودي ضد الإخوان ،وكان للإصلاح نصيب منها ،حيث انتقد كتاب سعوديين سياسة الإصلاح في الجنوب على خلفية الأحداث التي وقعت في عدن في فبراير الماضي
- وفي سياق متصل لا ننسى انه من حين لأخر تتناقل وسائل الإعلام اليمنية أخبار عن برود في علاقات السعودية بالرئيس هادي ،تارة بسبب انزعاج الرياض من علاقات هادي المباشرة بواشنطن وتارة أخرى بسبب المرونة التي يتعامل بها هادي مع جماعة الحوثي .
- اذا ربما يفسر انزعاج الرياض من تحالف الإصلاح مع الدوحة والحساسية المفرطة من أي تقارب يمني مع قطر ،وكذا تحالف هادي مع واشنطن بعيدا عن أنظارها ،البون الشاسع بين الموقف الرسمي للمملكة المؤكد باستمرار على دعم يمن واحد،وبين تغاضيها عن نشاط وتحركات قيادات الحراك الانفصالي الرافضة للحوار وللوحدة اليمنية ،وحرصها في استخدام الجنوب كورقة ضغط وابتزاز لصنعاء.
-تفاوت بين كونها الداعم الأول للاقتصاد اليمني وبين الإجراءات التعسفية التي تمارسها بحق المغتربين ،الذين تعتبر تحويلاتهم المالية احد أهم مصادر الاقتصاد اليمني من العملة الصعبة ،تفاوت بين مختلف القرارات والبيانات الإقليمية والدولية التي كان للسعودية دور كبير في صياغتها وجميعها تؤكد على احترام سيادة اليمن على أراضيه وبين إجراءات مشبوهة ومستفزة على حدوده .
- بعيدا عن المزايدة والعاطفة الواقع يقول أن بلادنا ليس من مصلحتها بأي حال من الأحوال على الأقل في الوقت الراهن الانجرار وراء الدعوات المشبوهة الداعية الى التصعيد مع السعودية خاصة أن اليمن تمر بأخطر المراحل على الإطلاق في تاريخها ،وهى في أمس الحاجة لاستمرار الدعم الخارجي لها ولوحدتها على وجه الخصوص ،وليس خافياً الدور السعودي في بلورة هذا الموقف الخارجي.
- صحيح أن السعودية في موقفها الغير رسمي تلعب دور في ما يحدث في الجنوب ،لكنه لا يغير من حقيقة دعمها ليمن موحد ولكن مع ضمان بقاءه ضعيفاً وتحت وصايتها كونها تدرك أن تقسيم اليمن أنما هو خطوة ستنتقل عدواها اليها عاجلا ام آجلا، من هنا يمكن فهم رفض السعودية لمطالب القوى الانفصالية منح الجنوب حق تقرير المصير كأحد مخرجات مؤتمر الحوار.
- في اعتقادي أن الحملة الإعلامية ضد السعودية - والتي يلعب فيها الحوثيون دور رئيسي - الهدف المخفي منها توتير العلاقات الثنائية لعل ذلك يكون دافعاً للرياض لان تكون عقبة أمام أي توجه خارجي لمنح الجنوب حق تقرير المصير.
- وفي الاتجاه الأخر على الرياض أن تدرك أهمية إيجاد حل ملائم لمشكلة المغتربين وعدم استخدامها كورقة سياسية لان ذلك يضر بمصالحها وسياستها في اليمن ،ويساعد في تقوية وتعزيز تواجد خصومها في المنطقة على الساحة اليمنية.